القيادة الربانية ومسؤولية معالجة تبعات العمل الرسالي

| |عدد القراءات : 309
القيادة الربانية ومسؤولية معالجة تبعات العمل الرسالي
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

القيادة الربانية ومسؤولية معالجة تبعات العمل الرسالي

أكد سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) إن الله تبارك وتعالى يتكفل بالدفاع عن المخلصين من عباده ويُحبط ويٌفشِل كل محاولات أعدائهم للنيل منهم بالتشويه والتسقيط والافتراء، بل بإزالة آثارها وبتغيير قناة المضلّلين.

         وأشار سماحتُهُ (دام ظله) خلال درس تفسير القرآن الكريم الأسبوعي الذي يلقيه على طلبة الحوزة العلمية الشريفة بمكتبه في النجف الأشرف في ضوء الآية الكريمة {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] إلى أهمية أن تولي القيادة الرسالية الاهتمام بمعالجة التبعات المتوالدة من العمل الرسالي لئلّا تكون عائقاً عن التبليغ ونشر مبادئ الإسلام العظيمة وتقدمه.

         وقد ناقش خلال الدرس سماحتُهُ بعضاً من الوجوه التفسيرية التي أفادها جملة من أعلام السلف الصالح (من أعلام الطائفة) خاصة في بيان معنى مدلول الآية الكريمة {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} إذ إن المعنى المعروف من الذنب هو معصية الله تعالى وإن المغفرة هي رفع استحقاق المؤاخذة والعقاب، ولا يمكن بمجال فهم الآية الكريمة على ظاهرها، لأنها تنسب صدور الذنوب من النبي (صلى الله عليه وآله) ولأننا نعتقد انه (صلى الله عليه وآله) معصوم منها على جميع المستويات الصغيرة والكبيرة قبل النبوّة وبعدها بحسب الأدلّة العقلية والنقلية وقد أدبّه ربه بقوله تعالى {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام: 15] كما أنه على هذا المعنى لا يبدو الارتباط بين الفتح وغفران الذنوب مع ما يمكن أن يقال بأنّ التعهد بمغفرة ما تأخر من الذنوب أي المستقبلية التي لم تقع أغراءٌ بالمعصية.

         وقبل نهاية الدرس خَلُص سماحتُهُ إلى نتيجة مفادها إن المناسبة بين الفتح ومغفرة الذنب مبنيّة على المعنى الواسع للذنب، فإن المستكبرين وأصحاب الامتيازات يعتبرون مواجهة النبي (صلى الله عليه وآله) وخروجه على نظامهم الاجتماعي وسعية الدؤوب لتحرير الناس من استعبادهم ما تسبب في قتل ساداتهم وإذلالهم، من أعظم الذنوب لذلك فهُم يشنون عليه الحرب بكل أشكالها العسكرية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية، ويمارسون أقذر أساليب التشوية والتسقيط والافتراء لإبعاد الناس عنه، فلمّا فتح الله تعالى لنبيّه في الحديبية وما تلاه من فتح مكة، تلاشت كل تلك الحروب وظهر زيف الادعاءات وانكشف حقيقة الإسلام ونبيّهُ العظيم لكل المغفلين والمُظلّين ومحا الله تعالى آثار كل تلك الذنوب التي نُسِبت إليه (صلى الله عليه وآله) وفق القوانين الظالمة للمشركين.

         أما دلالة المغفرة المذكورة في الآية فالظاهر انها على نحو الوعد وليس الحكم والالتزام أي على نحو شرط الفعل وليس شرط النتيجة لحاجتها إلى الاستغفار المستمر وإلا فإنه لا يبقى موضوعٌ لقوله تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] وبذلك يندفع إشكال الإغراء بالمعصية.

         والمراد بما تأخر التبعات الاجتماعية اللاحقة التي تحصل بسبب استمرار الرسالة المباركة وأتباعها وأضرارها على إصلاح الواقع الفاسد، فتحصل تلقائياً تبعات جديدة.

         وفي ختام درسه التفسيري لفت سماحتُهُ إلى أن الأجوبة المتقدمة كانت بلحاظ ما ورد من إشكال على الآية الكريمة {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}، إذ إن الإشكال يكون أوسع واضح وسيحتاج حينئذٍ إلى أجوبة أخرى في موارد إقرار المعصومين (عليهم السلام) واعترافهم الوارد في الادعية والمناجاة، وكان سماحتُهُ قد قدّم عشرة أجوبة لفهم مثل هذه الكلمات في محاضرة سابقة.