من آداب التعامل مع الآخرين

| |عدد القراءات : 212
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

من آداب التعامل مع الآخرين([1])

روى الشيخ الكليني (رضوان الله تعالى عليه) بسنده عن الإمام الصادق (A) قال: (جاء رجل موسر إلى رسول الله (J) نقي الثوب فجلس إلى رسول الله (J) فجاء رجل معسر درن الثياب فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه فقال له رسول الله (J): أخفت ان يمسَّك من فقره شيء؟ قال: لا، قال: فخفت ان يصيبه من غناك شيء، قال: لا، قال: فخفت ان توسَّخ ثيابك؟ قال: لا، قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله: إن لي قريناً يزيّن لي كل قبيح، ويقبِّح لي كل حسن، وقد جعلت له نصف مالي، فقال رسول الله (J) للمعسر: أتقبل؟ قال: لا، فقال له الرجل: ولم؟ قال: أخاف ان يدخلني ما دخلك)([2]).

أقول: نستفيد من الرواية عدّة دروس:

١- يجب على الإنسان ان يتواضع لغيره، ولا يتكبر على أحد ولا يستنكف من مجالسة الفقراء والطبقات الضعيفة في المجتمع، وان لا يغتّر بما عنده من المظاهر الدنيوية الزائلة فيطغى لأنه أصبح من الأثرياء أو له موقع في السلطة أو جاه اجتماعي ونحو ذلك قال الله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (العلق: 6-7), فهذه ليست مقاييس صحيحة لكرامة الإنسان وعلّو قيمته، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات: 13).

٢- ان الشيطان يتربص بالإنسان فمتى وجد فيه ثغرة نفذ فيها أو وجده غافلاً عما يريده الله تعالى منه {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (الزخرف: 36), فهذا الرجل الغني بمجرد ان التفت الى أنانيته واستكبر واستعلى بكثرة المال تمكن منه الشيطان وارداه لولا ان رسول الله (J) تداركه.

3- ان الاعتراف بالخطأ فضيلة كما قيل فإذا اعترف بخطأه وندم على فعله فأن الله تعالى سيتكفل بمعالجة خطأه وإصلاح حاله والتجاوز عن خطيئته فلا يكابر الإنسان ويصرّ على خطأه ويحاول ايجاد المبررات لنفسه أمام الآخرين فان هذا السلوك سيجرّه إلى مزيد من الأخطاء {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} (البقرة: 206).

4- على الانسان ان يتمسك بدينه ومبادئه واخلاقه فلا يضحي بها مهما بُذِل له من ثمن نفيس بالحسابات الدنيوية، فهذا الرجل المعسر بذل له الغني نصف ماله وهو كثير الا انه أبى ان يأخذه خشية ان يصاب بالغرور والاستعلاء والأنانية.

 



([1]) موعظة مختصرة ألقاها سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) في مكتبه على حشد كبير من منطقتي المدائن والنهروان في بغداد زاروا سماحته يوم السبت 25/ ذو القعدة/ 1443هـ- الموافق 25/6/ 2022م.

([2]) الكافي: 2/262.