خطاب المرحلة (690)إني أحامي أبداً عن ديني

| |عدد القراءات : 105
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

إني أحامي أبداً عن ديني([1])

عاشوراء مدرسة حافلة بالمواقف النبيلة، بل كل موقف في ذلك اليوم مدرسة مليئة بالمواعظ والعبر، ولنأخذ الدروس اليوم مما كان يرتجز به ابو الفضل العباس ابن أمير المؤمنين (C) وهو يقاتل الفسقة الظالمين وكان يقول:

إني أحامي أبداً عن ديني

 

وعن إمام صادق اليمين([2])

 وهذا الشعار الذي أطلقه (A) يتضمن عدة رسائل:

1- إنه أراد بهذا الموقف نصرة الدين وحمايته، وهذه الحماية لها اشكال متعددة أحدها القتال اذا تطلب الامر، كالذي حصل يوم عاشوراء.

(ومنها) رد الشكوك والشبهات التي توجه إلى الدين وإنقاذ الناس منها ومن وسائل الضلال والانحراف والفساد التي أصبحت متاحة لكل أحد بواسطة أجهزة التواصل.

(ومنها) نشر الدين واقناع الناس به وهداية الضالين والمنحرفين بالعودة إلى الله تبارك وتعالى فقد أمرنا بذلك من خلال قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى: 11), ويراد بالنعمة الدين وولاية أمير المؤمنين (A) بدلالة عدة آيات كقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة: 3).

(ومنها) التفقه في الدين ونشر الحوزات العلمية في كل المجتمعات وإقامة الشعائر الدينية في اصقاع الأرض.

2- انه قبل أن يتصدى لحماية الدين لابد أن يكون متمسكاً به حافظاً له في نفسه وإلا فان (فاقد الشيء لا يعطيه) ففي هذا الشعار دعوة إلى التمسك بالدين والثبات عليه مهما كانت المغريات أو الضغوط النفسية والاجتماعية فان كل تلك المعاناة بعين الله تبارك وتعالى وقد ورد عن رسول الله (9): (يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر)([3]).

3- ولا بد أن نفهم من الدين معناه الواسع الشامل للعقائد والأحكام الشرعية والاخلاق والسلوك والمعاملات, فللدين رأي في كل تفاصيل الحياة لتنظيمها وجعلها هادفة مثمرة تصلح النفس والمجتمع وتسعدهما، فالصلاة والصوم والحج مظاهر دينية ولكنها ليست الدين كله فلا يكفي أن يكون صائماً مصلياً لكنه لا يلتزم بالشريعة في معاملاته أو في سلوكه وتعامله مع الآخرين {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء: 65).

4- ان نصرته (A) للدين وحمايته له والدفاع عنه وظيفة ابدية دائمة, لأنه وهب نفسه لله تعالى وكرّس حياته وكل وجوده له سبحانه {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (الأنعام: 162-163), وليس موقفه حالة وقتية نابعة من الحماس والاندفاع أو التعصب للأهل والعشيرة أو جرياً مع السلوك الجمعي، أو طلباً لمغنم ما أو استجابة لنزوة أو هواء وغير ذلك.

5- ان الالتزام بالدين والتمسك به لا ينفك عن اتباع القيادة الحقه فلا يمكن أن يدعي الإيمان بالرسالة ويخالف الرسول ويعصيه، فمن حماية الدين ونصرته حماية القيادة الحقة ونصرتها والالتزام بتعاليمها، والقيادة متمثلة بالمعصومين (D) في زمن حضورهم وبنوابهم في زمن الغيبة وهم مراجع الدين المخلصون العاملون الصادقون مع الناس.

فمن الأوهام والشبهات الباطلة الدعوة إلى ترك اتباع علماء الدين وتقليدهم والأخذ عنهم فان ذلك يعني هجران الدين والابتعاد عنه إلى الضلال, لأن الدين إنما يؤخذ منهم كما يرجع الناس في أي مجال إلى المختصين فيه.

فهذا الشعار الذي رفعه أبو الفضل العباس (A) يتضمن كل هذه الالتزامات (التمسك بالدين والثبات عليه، حماية الدين ونصرته والدفاع عنه، وان نفهم الدين بمعناه الواسع الشامل لكل شؤون الحياة، وان يكون هذا الالتزام أبدياً دائماً وليس حالة عابرة، والالتزام بنصرة القيادة الدينية والدفاع عنها).

والملفت أن الحسين (A) حينما برز لقتال الأعداء كرّر في رجزه نفس الشعار حينما كان يقول:

أنا الحسين بن علي
احمي عيالات أبي

 

آليت أن لا أنثني
امضي على دين النبي
([4])

فرسالته (A) المضي على الدين الذي أقامه رسول الله (J) والثبات عليه وحمايته ونصرته، ولو قرأنا عاشوراء بعين البصيرة والوعي لاستفدنا منها ما لا يحصى من الدروس بفضل الله تعالى وتأييده.

 

 

 



([1]) من حديث سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) مع حشد كبير من الشباب الذين أنهوا معايشة ايمانية في النجف الأشرف وآخرين وفدوا على سماحته بمناسبة قرب حلول شهر محرم الحرام يوم الخميس 28/ ذو الحجة/ 1443هـ- الموافق 28/7/2022م.

([2]) بحار الأنوار- العلامة المجلسي: ٤٥/٤٠.

([3]) الأمالي - الشيخ الطوسي: ٤٨٥/ح30.

([4]) بحار الأنوار- العلامة المجلسي: ٤٥/٤9.