خطاب المرحلة (689){سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} في من رفض التسليم بحديث الغدير

| |عدد القراءات : 87
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} (المعارج:1)

في من رفض التسليم بحديث الغدير([1])

قال الله تبارك وتعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} (المعارج:1-3).

{سَأَلَ} بمعنى طلب واستدعى {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (الشورى: 23), أي لا أطلب، وقوله تعالى: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} (الدخان: 55), كقولنا (سألته شيئاً) أي طلبته منه، وهو يأخذ مفعولين، وليس بمعنى استفهم واستفسر، لأن الثاني يتعدى بـ(عن)([2]).

فيكون المعنى دعا داعٍ بعذاب على نفسه مستعجلاً إياه، وهذا الطلب منهم كان سخرية واستهزاءً وتكذيباً، ومحاولة لإظهار عجز رسول الله (J) عن تنفيذ ما يتوعدهم به مستغلين حلم الله تعالى وطول اناته في غضبه، وإعطائه أطول فرصة للمذنبين كي يتوبوا ويثوبوا إلى رشدهم رحمة بهم، وتعظيماً لمقام رسول الله (J) {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الأنفال:33).

 وقد تكرر منهم هذا الاستدعاء للعذاب الإلهي كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} (ص: 16), وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (يونس:48)، وقوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} (الحج: 47), وقوله تعالى: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} (الشعراء: 204), وكانوا يوهمون أنفسهم وأتباعهم بأنهم على الحق وان ما نقله النبي (J) من وحي السماء هو باطل - والعياذ بالله - ويتباهلون على ذلك {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (الأنفال: 32).

فتؤكد الآية الكريمة ان العذاب واقع صدقاً وحقاً كقوله تعالى في آية أخرى {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} (الطور: 7-8) لكن دار الحساب والجزاء هي الآخرة.

كما يظهر من باقي الآيات الكريمة ان هذا العذاب مختص بالكافرين لا يدفعه عنهم دافع ولا ينفعهم شيء {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} (الأنعام: 158), أما المؤمنون فيمكن أن يدفع العذاب عنهم بتوبة أو شفاعة أو عمل صالح يكفرَّ به عن سيئاتهم {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (النساء: 31)، وهذا العذاب يكون بأمر الله تبارك وتعالى.

{ذِي الْمَعَارِجِ} وهو موضع العروج أي الصعود مرتبة بعد مرتبة كما في المجمع, والمعارج جمع مِعَرج, والاظهر انها معارج الملائكة, أي مقامات الملائكة التي يتوجّهون منها الى قربه تعالى، وهي درجات متصاعدة يعرج اليها الملائكة عند رجوعهم إلى الله سبحانه على ما يفسّره قوله بعد {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} (المعارج: 4), فله سبحانه معارج الملكوت ومقاماتها المترتبة علواً وشرفاً بحسب قربهم من الله سبحانه وليست بمقامات وهمية واعتبارية([3]).

 وقيل انها المقامات المعنوية التي يرتقي فيها السالكون للقرب من الله تعالى أعم من ان تكون للملائكة أو للمؤمنين، وتختار الآية الكريمة هذا الاسم من الأسماء الحسنى([4])  للتعبير عن الاستعلاء والهيمنة والتسلط على هؤلاء الجهلة التافهين وللاشعار بكثرة مراتب القرب من رضاه وثوابه، فان المعارج من خصائص منازل العظماء، قال تعالى: {لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} (الزخرف: 33), ولكل درجة من درجات المعارج قوم عملوا لنوالها قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: 11).

ويأمر الله تعالى نبيّه بأن لا يستفزَّه تحدّيهم واستكبارهم فيستعجل لهم العذاب {وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} (الأحقاف: 35), فان الله تعالى لا يعجل لظلم العباد، وهنا تقول الآيات التالية من السورة {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا} (المعارج: 5-7), فان المدة القصيرة الفانية التي يمهلهم الله تعالى فيها ليستدرجهم لا قيمة لها في عمر الزمن الطويل وفي مقابل الحياة الاخرة الباقية، ولا تستحق أن تكون ثمناً لمعصية الله تعالى وتحصيل عقابه الأكيد، لكنهم لجهلهم وقصر نظرهم يرون يوم الانتقام بعيداً وكأنه لا يقع فيغترون ويتمادون في باطلهم، ولكنه سرعان ما يتحقق وعد الله الصادق، وفي هذا دعوة إلى عدم تضييع العمر القصير في توافه الأمور واستثماره في طاعة الله تعالى.

وقد دلّت الروايات الكثيرة من كتب الفريقين([5]) على ان السائل المقصود هو النعمان أو النضر بن الحارث الفهري حين رفض التسليم لأمر النبي (J) بمبايعة أمير المؤمنين (A) ولياً لأمر الأمة من بعده في واقعة الغدير المشهورة, فقد روى الطبرسي في مجمع البيان بسنده عن الحاكم الحسكاني - صاحب شواهد التنزيل- بسنده عن سفيان بن عيينه عن جعفر بن محمد الصادق(C)، عن آبائه(D) قال: (لما نصب رسول الله (J) علياً (A) يوم غدير خم وقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه)، شاع ذلك في البلاد فقدم على النبي (J) النعمان بن الحارث الفهري. فقال: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلاة والزكاة فقبلناها ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت: (من كنت مولاه فعلي مولاه)، فهذا شئ منك أو أمر من عند الله؟ فقال: بلى والله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله. فولى النعمان بن الحارث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فرماه الله بحجر على رأسه فقتله وأنزل الله تعالى: {سَأَلَ سٰائِلٌ بِعَذٰابٍ وٰاقِعٍ})([6]).

وروى الشيخ الكليني (قده) في الروضة بسنده عن أبي بصير قال: (بينا رسول الله (J) ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين (A) فقال له رسول الله (J): إن فيك شبهاً من عيسى بن مريم, ولولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم, لقلت فيك قولاً لا تمر بملا من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة قال: فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلاً إلا عيسى ابن مريم فأنزل الله على نبيه (J) فقال: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ -يعني من بني هاشم- مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} (الزخرف: 57-60), قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك إن بني هاشم يتوارثون هرقلاً بعد هرقل فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الانفال:33), ثم قال له: يا بن عمرو إما تبت وإما رحلت؟ فقال: يا محمد بل تجعل لسائر قريش شيئاً مما في يديك فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم، فقال له النبي (J): ليس ذلك إلي ذلك إلى الله تبارك وتعالى، فقال: يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة ولكن ارحل عنك فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضخت هامته ثم أتى الوحي إلى النبي (J) فقال: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ - بولاية علي- لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ},  قال: قلت: جعلت فداك إنا لا نقرؤها هكذا، فقال: هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد (J), وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة (B), فقال رسول الله (J), لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به قال الله عز وجل: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ})([7]).

وأورد ابن تيمية في كتاب (منهاج السنة)([8]) وغيره([9]) اشكالاً على هذه الروايات بأن سورة المعارج مكية وان واقعة الغدير حصلت في السنة العاشرة من الهجرة، فلا يصح ان تكون نازلة في هذه الواقعة.

ويمكن جوابه بوجوه:

1- ان تقسيم السور إلى مكية ومدنية وترتيب السور بحسب تاريخ نزولها لم يرد الينا بطريق معتبر, وإنما هي في الغالب اجتهادات من العلماء فلا تكون حجة، وقد تثبت في بعض الموارد بمقتضى قرائن ترجّح هذا أو ذاك كما لو عرف سبب نزولها وتاريخ الواقعة التي نزلت فيها.

2- ولو قلنا بأن السورة مكية بشهادة السياق ونحوه، فإن كثيراً من السور المكية تضمنت آيات مدنية وهذا مثبت في بعض نسخ المصحف الشريف فلتكن الآيات منها.

3- ما قيل من ان الآيتين من هذه السورة {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (المعارج: 24-25), مدنيتان([10]) ويراد منهما الزكاة المفروضة وقد وجبت في المدينة وهما جزء من مقطع لا يقبل التفكيك أوله {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} إلى قوله تعالى: {فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} (المعارج: 22-35), ((ومدنية هذه الآيات الواقعة تحت الاستثناء تستدعي ما استثنيت منه وهو على الأقل ثلاث آيات، قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} (المعارج: 19), إلى  قوله: {مَنُوعًا} (المعارج: 21), على ان قوله: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ} (المعارج: 36), متفرع على ما قبله تفرّعاً ظاهراً وهو وما بعده الى آخر السورة ذو سياق واحد فتكون هذه الآيات أيضاً مدنية.

 ومن جهة أخرى: مضامين هذا الفصل من الآيات تناسب حال المنافقين الحافين حول النبي (J) عن اليمين وعن الشمال عزين، وهم الرادّون الى بعض ما أنزل الله من الحكم وخاصة قوله: {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ} (المعارج: 38), وقوله: {عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ} (المعارج: 41), الخ، وموطن ظهور هذا النفاق المدينة لا مكة، ولا ضير في التعبير عن هؤلاء بالذين كفروا فنظروا ذلك موجود في سورة التوبة وغيرها))([11]).

 أقول: هذا الوجه مبني على ما ذكره من إرادة الزكاة الواجبة، لكن توجد لدينا روايات عديدة تشير إلى أن هذا الحق المعلوم غير الزكاة المفروضة كما في موثقة سماعة عن ابي عبد الله (A) في حديث قال: (ولكن الله تعالى فرض في أموال الأغنياء حقوقاً غير الزكاة فقال سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (المعارج: 24), فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه في ماله)([12]).

4- المروي([13]) ان السورة نزلت عند دعاء السائل {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (الأنفال: 32), فهو ناظر إلى ما جاء في سورة الأنفال التي هي مدنية فسورة المعارج مدنية متأخرة عن سورة الأنفال.

5- ان بعض السور والآيات تنزل أكثر من مرة عندما يتكرر الموجب لها، فلعل قوله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ} نزل أول مرة في مكة جواباً على ما ذكرته جملة من الآيات المتقدمة عن استعجال المشركين العذاب، فيكون موضوعها عاماً، شاملاً لكل موقف استهزاء بالحق وتكذيب به، ثم نزلت نزولاً خاصاً من باب التطبيق في قضية الفهري، فما ذكرته الروايات من ان الآيات نزلت في هذه القضية يراد به النزول الخاص، كما في رواية([14]) أبي بصير عن الإمام الصادق (A).

وأفادت بعض الروايات أنها نزلت في أبي جهل يوم بدر, فقد روى القمي في تفسيره أنه (لما اصطف الخيلان يوم بدر رفع أبو جهل يده، فقال: اللهم اقطعنا للرحم وآتنا بما لا نعرفه فأجئه العذاب، فأنزل الله تبارك وتعالى {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ})([15]).

وأورد ابن تيمية إشكالاً آخر بأن الله تعالى قال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الأنفال:33), فكيف نزل العذاب بهذا السائل؟

أقول: وهو إشكال واهٍ لأن المرفوع عن الأمة هو عذاب الاستئصال ونحوه واما العقوبات الفردية النازلة على الأشخاص عقوبة لتماديهم في الظلم فأنها غير مشمولة بالآية وقد دعا النبي (J) على جماعة وأراه الله تعالى استجابة دعائه كقتل النضر بن الحارث يوم بدر, وهو ممن روي عنه أنه قال: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ}([16]) (الأنفال: 32), ونحو ذلك وتوجد إشكالات أخرى لا تستحق الاطالة في عرضها والاجابة عليها([17]).

جعلنا الله تعالى من المسلّمين لأمره المطيعين لحججه والثابتين على الإسلام وولاية امير المؤمنين (A) وأولاده المعصومين (سلام الله عليهم اجمعين).

 



([1]) كلمة القاها سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) بمناسبة عيد الغدير/ 1443هـ- الموافق 18/7/2022م.

([2]) ذكرت بعض التفاسير أن الباء هنا بمعنى (عن) كما في قوله تعالى: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} (الفرقان:59), وذكروا قول علقمة شاهداً:              

فإن تسألوني بالنساء فإنني            خبير بادواء النساء طبيب

فيكون السؤال بمعنى الاستفهام، ويمكن أن يفيد معنى الاستعجال كما في قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} (الحج: 47)، وقوله تعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا} (الشورى:18)، ومن بلاغة القرآن تعدية {سَأَلَ} بالباء ليصلح الفعل لمعنى الاستفهام والدعاء والاستعجال. (التحرير والتنوير:29/144).

([3]) الميزان في تفسير القرآن: 20/7.

([4]) روى في الدر المنثور (8/278) أن سعد بن أبي وقاص سمع رجلاً يقول: (لبيك ذي المعارج فقال: إنه لذو المعارج، ولكنّا كنّا مع رسول الله (J) لا يقول ذلك) أقول: وينافيه ما ورد في استحباب التلبية عند الاحرام بالقول: (لبيك ذا المعارج لبيك) (الكافي: 4/235)

([5]) نقل العلّامة الأميني (رضوان الله تعالى عليه) في سفره القيّم (موسوعة الغدير: 1/239-246) عن ثلاثين من علماء أهل السنة المشهورين نزول الآية في هذه الواقعة.

([6]) مجمع البيان: 10/529، البرهان: 10/31/ح10.

([7]) الكافي: 8/57/ح18، البرهان: 10/29/ح6.

([8]) منهاج السنة: 4/13.

([9]) كالألوسي في روح المعاني: 29/88.

([10]) نسبه في (مجمع البيان: 10/65) إلى الحسن.

([11]) الميزان في تفسير القرآن: 20/6.

([12]) الكافي: 3/498/ح8، البرهان: 10/34.

([13]) أخرجه الآلوسي في (روح المعاني: 29/88) عن جملة من اعلام مفسري العامة.

([14]) الكافي: 1/349/ح47، البرهان: 10/29/ح5.

([15]) تفسير القمي: 2/385, نور الثقلين، ج5، تفسير سورة المعارج: ح8.

([16]) الدر المنثور: 8/277.

([17]) أوردها ملخصة في تفسير الأمثل (14/426), وأجاب بحقائق تاريخية ناصعة في الغدير: 1/247 – 266.