لنقرِّب يوم الظهور الميمون
بسمه تعالى
ألقى سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) بياناً بمناسبة حلول ليلة النصف من شعبان المبارك وذكرى مولد المصلح العظيم الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وفيما يلي نصه:
لنقرِّب يوم الظهور الميمون
تترقب البشرية إعلان المصلح العظيم (ارواحنا له الفداء) عن نفسه الشريفة وتزداد لهفتها للقائه وقيادته الربانية لمشروع إصلاحي شامل فقد أرهقها العدوان والظلم والاستكبار والانحراف والضلال وتسلّط الحمقى والتافهين وتحكّم مافيات الهلاك والخراب التي تدير السياسة العالمية وتمسك بخيوطها، وارّقها الخوف والقلق واليأس والإحباط والامراض النفسية.
إننا نعيش اليوم في ظل الجاهلية الثانية التي تُفهم من لحن قوله تعالى {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] فإن فيها إشارة الى جاهلية أخرى آتية، وقد انحدرت فيها البشرية الى فعل ما هو أسوأ مما قامت به تلك الأمم وجمعت كل مفاسدها وضلالاتها وزادت عليها وأضفت عليها شرعية بما تسنُّ لها من قوانين لحمايتها ومنع انتقادها ومناقشتها، كالمثلية وتغيير جنس الأطفال حتى اجازوا الانتحار تحت عنوان (القتل الرحيم) وانشأوا له عيادات طبية خاصة.
وقد كان يبعث الله تعالى انبياء ومرسلين في مثل هذه المفاصل من تاريخ البشرية حتى بلغ عددهم مئة وأربعة وعشرين ألف نبي ليستنقذوا ما يمكن إنقاذه وإعادة الرشد الى الناس والحياة الى ضمائرهم وإثارة فطرتهم السليمة، أما بعد بعثة النبي (J) خاتم الأنبياء فانه لا نبوة ولا رسالة، واوكلت وظيفة هداية الأمة وإصلاحها وقيادتها نحو السعادة والفلاح في عصر الغيبة الى ورثة الأنبياء وهم العلماء العاملون الواعون المخلصون.
اما الإصلاح الشامل الكامل وتحقق وعد الله تعالى بالتمكين واستخلاف المؤمنين والهيمنة على سائر الأنظمة الوضعية {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [الفتح: 28]، فانه يكون على يد الامام المهدي الموعود (A).
فالمأمول من إخواننا المؤمنين واخواتنا المؤمنات في سائر بقاع الأرض خصوصاً التجمع المليوني ليلة النصف من شعبان عند أبي الاحرار الامام الحسين السبط الشهيد (A) ومعهم المؤمنون المعتمرون عند الكعبة الشريفة والمسجد النبوي المطهر وزوار امير المؤمنين (A) وسائر العتبات المقدسة والبقاع المعظّمة أن يضجّوا بصدق وإخلاص ولهفه طالبين من الله تبارك وتعالى تعجيل ظهور بقيته الأعظم قرة عين الرسول واله الطاهرين (صلى الله عليهم أجمعين).
روي عن الامام الصادق (A)قوله: (فلما طال على بني إسرائيل العذاب... ضجّوا وبكوا الى الله أربعين صباحاً فأوحى الله الى موسى وهارون أن يخلصَّهم من فرعون فحطّ عنهم سبعين ومائة[1] سنة، هكذا أنتم لو فعلتم لفرّج الله عنّا. فأما إذا لم تكونوا فان الأمر ينتهي الى منتهاه)[2].
إن قضية الاستسقاء وطلب نزول المطر ليست أهم من تعجيل الظهور الميمون وقد ذُكِر في مستحبات صلاة الاستسقاء ان يخرجوا الى صحراء ويفرّقوا بين الأمهات ورضعانها والحيوانات وصغارها وان يتوبوا بصدق لتتحقق حالة الاضطرار والمسكنة والتلهف لنزول الرحمة {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62] فالمطالبة بتعجيل الظهور أولى باستحضار هذه الحالة.
ان الترقب والانتظار لمثل هذا الحدث العظيم يستلزم الاستعداد المناسب له كأي اختبار ينتظر الانسان الدخول[3] فيه، وإنما يتحقق الاستعداد بالإخلاص لله تعالى والورع والتفقه في الدين والتحلي بالأخلاق الفاضلة وطاعة القيادة الربانية الرشيدة والترفع عن الباطل وحب الدنيا وتوافه الأمور. {قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} [الأنعام: 158].
14- شعبان المبارك-1444
7-3-2023