المرجع اليعقوبي: الأنس بالإمام الحسين (عليه السلام) يشغل الذين اتقوا عن دخّول الجنة
المرجع اليعقوبي: الأنس بالإمام الحسين (عليه السلام) يشغل الذين اتقوا عن دخّول الجنة
بسمه تعالى
الاربعاء 1-شعبان المعظم-1444
22-2-2023
القى سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) درس التفسير الأسبوعي على جمع من طلبة الحوزة العلمية بمكتبه في النجف الاشرف في ضوء الاية الكريمة {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} (الزمر: 73).
وأستهل سماحتُهُ درسه بقول امير المؤمنين في وصف أحوال هؤلاء عندما قرأ الآية موضوع الدرس: (قد أمن العذاب، وانقطع العتاب، وزحزحوا عن النار، واطمأنت بهم الدار، ورضوا المثوى والقرار، الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، وأعينهم باكية. وكان ليلهم في دنياهم نهارا، تخشعا واستغفارا، وكان نهارهم ليلا توحشا وانقطاعا، فجعل الله لهم الجنة مآبا، والجزاء ثوابا، وكانوا أحق بها وأهلها، في ملك دائم، ونعيم قائم).
وبعد بيانه للمعنى اللغوي لكلمتي (سيق) و(الزمر) .. أوضح عدة وجوه لتفسير (سوق) المؤمنين على شكل مجاميع (زمراً)، منها: إنهم يساقون بهذا الشكل لان طاعتهم كانت جماعية كالحج وصلاة الجمعة والجماعة وزيارة المعصومين (عليهم السلام) والاعمال الخيرية وليأنس بعضهم ببعض فيعوضهم الله تعالى عن الوحشة والخذلان الذي لاقوه في الدنيا بحيث أصبحوا معزولين عن الأغلبية مجتمع أهل الدنيا.
وفي ذات السياق لفت سماحته الى الإيحاء الذي تضمنهُ التعبير (الزمر) من تأثير الانتماء الى الجماعة في سلوك الفرد وفي استحقاقه، حتى انه، يحشر الى الجنة او النار بلحاظ إنتمائه، حيث ورد التأكيد في الروايات على إن معرفة الشخص تتم من خلال معرفة الجماعة التي ينتمي لها فان كانوا من اهل الصلاح كان منهم ظاهراً وان كان من أهل الظلال كان منهم كذلك.
كما أجاب سماحته بثمانية أجوبةً عن سؤال أثير ولفت انظار الكثير من المفسرين وهو ان كلمة (سوق) تتضمن الدفع قسراً بالنسبة لأهل النار وسبب ذلك واضح لأنهم يُرغمون ويُدفعون اليها دفعاً {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} (الطور:13) الا ان سبب (السوق) الذين إتقوا الى الجنة بهذه الكيفية غير واضح- لأنهم يسرعون اليها مبادرين فقد تحققت غاية مناهم وما كانوا يأملون- ويتوجهون الى الجنة بتلهفٍ واشتياقٍ.
ومن تلك الأجوبة:
أن الذين اتقوا لمَّا يُنادى بهم لدخول الجنة يبقون في المحشر لأمرٍ ما ويتأخرون عن دخول الجنة فتحثّهم الملائكة على دخولها وهو معنى السوق.
وسبب تأخرهم قد يكون للشفاعة في ذويهم ومحبيهم {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ} (الطور: 21)
أو للوفاء بالعهد مع إخوانهم المؤمنين كما في المؤاخاة المذكورة في أعمال يوم الغدير (أن لا أدخل الجنة إلا وأنت معي)، أو لانهم - لتواضعهم وحسن ادبهم- لا يريدون سبق إخوانهم في الدخول الى الجنة فينتظرون الرفقة ليدخلوا زمراً وجماعات او لكي يُعرف قدرهم كما في الحديث الوارد في شفاعة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام).
وأنهى سماحتُهُ (دام ظله) الدرس بالجواب الثامن من الذي يرد على التساؤل الانف في الذكر.. وهو ما يُستفاد من بعض الروايات في فضل زيارة الإمام الحسين (8) ونصرته لإقامة دين الله تعالى ونشر ولاية أهل البيت (%) وهي من سيماء الذين اتقوا {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج: 32)، فقد روى زرارة عن الإمام الباقر (8) أو الصادق (8) أنه قال: (يا زرارة إذا كان يوم القيامة جلس الحسين (8) في ظل العرش وجمع الله زواره وشيعته ليبصروا من الكرامة والنصرة والبهجة والسرور إلى أمر لا يُعلم صفته إلا الله فيأتيهم رسل أزواجهم من الحور العين من الجنة فيقولون إنا رُسل أزواجكم إليكم يقلن: إنا قد اشتقناكم وأبطأتم عنا فيحملهم ما هم فيه من السرور والكرامة على أن يقولوا لرسلهن: سوف نجيئكم إن شاء الله).