المرجع اليعقوبي يحذّر من الوقوع في معاملة الغبن الاختياري ويدعو الى استثمار كل فرص الطاعة في هذه الحياة

| |عدد القراءات : 243
المرجع اليعقوبي يحذّر من الوقوع في معاملة الغبن الاختياري ويدعو الى استثمار كل فرص الطاعة في هذه الحياة
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

 

 

بسمه تعالى

المرجع اليعقوبي يحذّر من الوقوع في معاملة الغبن الاختياري ويدعو الى استثمار كل فرص الطاعة في هذه الحياة

 

الاربعاء 9 رجب الأصب 1444
الموافق 1/2/2023

 

حذّر سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) من تفويت فرص الطاعة وتضييع العمر بما لا خلاق له في الاخرة ولا وزن، مؤكداً ان كل ثانية من حياة الانسان يمكن ان يحولها الى طاعة عظيمة ورصيد معنوي كبير، كما لو شغلها بتسبيحة او ذكر معيّن، وقد لا يستغرق اكثر من ثانية واحدة من وقت الانسان، لكنها يمكن ان يكون لها دور خطير في حسابه يوم القيامة عندما تتساوى حسنات الانسان وسيئاته، فيحتاج الانسان الى حسنة لترجيح كفّة الحسنات، فيتحسّر على ثوانٍ يتمنى لو كان استثمرها في تسبيحة من عمره الكثير الذي أضاعه من دون فائدة فيشعر بالغبن والحسرة.

 

جاء ذلك خلال درس تفسير القران الكريم الاسبوعي الذي يلقيه على جمع من طلبة الحوزة العلمية بمكتبه في النجف الأشرف في ضوء الآية الكريمة ('يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ) (التغابن:9).

 

وأوضح سماحته (دام ظله) ان معنى الغبن (ان تبخس صاحبك في معاملة بينك وبينه بضربٍ من الإخفاء) ويوم التغابن هو أحد اسماء يوم القيامة يوم ظهور الغبن والحسرة وما يترتب على ذلك من خسارة وندامة ومن اوضح مصاديق هذه المعاملة هي الصفقة التي عقدها الله تعالى مع عباده حينما جمعهم في عالم الذر (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِىٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُواْ بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَآ ۛ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَٰفِلِينَ) (الأعراف:172)

 

فأخذ تعالى العهد على عباده ان يعبدوه ويطيعوه وان يكون لهم جميع ما في الأرض، على ان يسيروا وفق منهجه الرباني، ولهم الجنة التي عرضها السماوات والأرض، فمن وفى بهذه الصفقة ونال جزاءه الأوفى فهو الفائز وأما المغبون فهو في حسرة في هذه الصفقة لأنه لم يلتزم بتعهداته فيها وفرّط في امتيازات واستحقاقات تلك المبايعة.

 

وتطرق سماحتُهُ الى أشكال ووجوه اخرى من الغبن منها ظهور الجزاء يوم القيامة للمؤمنين والكافرين المكذبين بشكل لم يتوقعه كلا الفرقتين فالفريق الاول يرى من السعادة والحبور والتكريم مالم يخطر ببالهم اما الفريق الثاني فسيرون من العذاب والهوان والذلّة ما لم يكونوا يحتسبون.

 

ومنها ايضاً هو ان التغابن والبخس يمكن ان يكون بين المُضلّين واتباعهم، فالمضلّون أبعدوا اتباعهم عن الهدى والحق، والاتباع خدعوا قادتهم بالطاعة والانقياد الاعمى فزادهم عتواً واستكباراً.

 

ثم لفت سماحتُهُ الى شكل آخر من اشكال الغبن يحتاج الى التفات وتأمّل، وهو ان نفس المؤمنين يشعرون بالغبن ايضاً لأنهم سيكتشفون بعد ارتفاع حجاب الغفلة عن ابصارهم أنهم فوّتوا على أنفسهم فرصاً عظيمة للطاعة ولو استثمروها لحصلوا على درجة اعلى ومقاماً أرفع وقربٌ متزايد من رضوان الله تعلى واولياءه العظام، فمن لم يتقدم باستمرار ويزيد اعماله الصالحة فإنه مغبون ففي الحديث (من تساوى يوماه فهو مغبون) وفي الحديث (فإن المغبون من حُرِم قيام الليل)

 

وهو المعنى الذي اشار له السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) في إحدى رسائله السرية الى سماحة المرجع (دام ظله) ايام اقامته الجبرية في منتصف ثمانينات القرن الماضي وطبعت في كتاب (قناديل العارفين) حيث قال (قدس سره) فيها: ( وأما الندم فهو للمؤمن لا للكافر، إن الكافر سوف يلهو بآلامه المبرحة في النار وأما  المؤمن فسيعض شفته ندماً من أنَّه قضى حياته في الدنيا (وهي بيت الطاعة)، يطفّر كالقُبّرة ولم ينل الّا هذا المقدار من الثواب.

 

وختم سماحتُهُ (دام ظله) درس التفسير بذكر مصداقين عمليين من الواقع المعاش للغبن ربما يغفل عنهما شطر كبير من الناس الاول هو عدم استفادتهم من العمر الاضافي الذي يعطى لهم لاكتساب المزيد من الحسنات وهو ما اشير اليه في الحديث الشريف (اذا مات الانسان انقطع عنه عمله الا ثلاث، علم ينتفع به، صدقة جارية، ولدٌ صالح يدعو له) فيستطيع الانسان بلطف الله تعالى ان يستمر في اكتساب الحسنات حتى بعد وفاته.

 

 والثاني هو ترك الوصية، فقد ورد في الحديث الشريف عن الرسول (صل الله عليه واله وسلم) :(ان الله تعالى تصدّق عليكم عند وفاتكم بثلث اموالكم، زيادة لكم في اعمالكم)

 

وهي فرصة إضافية لاستمرار العمل الصالح واستمرار الرحمة الالهية ونزول البركات حتى بعد الارتحال عن هذه الدنيا وانقطاع العمل.