القبس/165(وَهُوَ اللَّطِيفُ) سورة المُلك:13 - دلالات معنى اسم اللطيف

| |عدد القراءات : 468
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

(وَهُوَ اللَّطِيفُ)

موضوع القبس: دلالات معنى اسم اللطيف

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14) ونريد في هذا القبس أن نستوحي دلالات ومعاني اسم اللطيف الذي هو من الأسماء الحسنى وقد تكرر ذكره في القرآن الكريم كقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (الحج:63) (لقمان:16) (إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) (الأحزاب:34) وغيرها كما سياتي.

واللطيف صفة مشبهة على وزن فعيل بمعنى اسم الفاعل مثل شهيد بمعنى شاهد للدلالة على ثبات الصفة ورسوخها، ومنشأ الاسم أكثر من وجه:

الأول: إن اللطيف هو كل ما خفي عن الحواس لدقته أو شفافيته أو أي سبب آخر بحيث تعجز عن إدراكه، والله تبارك وتعالى لطيف بهذا المعنى فهو لا تدركه الأبصار وبَعُد حتى عن خطرات الظنون، وهذا المعنى ورد في قوله تعالى (وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:103) .

الثاني: إنه تعالى لطيف لعلمه بالأشياء اللطيفة أي الدقيقة وإحاطته بها وفي الحديث عن الامام الرضا (عليه السلام) قال (إنما قلنا اللطيف، للخلق اللطيف، ولعلمه بالشيء اللطيف)([1]) وهو المعنى  الذي تساءلت عنه الآية محل البحث باستنكار (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14) وفي قوله تعالى (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (لقمان:16) فهو سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

الثالث: وهو سبحانه لطيف لأن تدابيره لعباده لطيفة لا تتوصل اليها المخلوقات لذا عبَّر تعالى عن تدبيره للنبي يوسف (صلوات الله عليه) حين القاه اخوته في الجب واذا به يصبح عزيز مصر، قال تعالى (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (يوسف:100) وأمثلة تدابيره اللطيفة بخلقه تفوق حد الإحصاء في كل مخلوق فضلاً عن جميع خلقه كما في الشعر المنسوب([2]) لأمير المؤمنين (عليه السلام):

وَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيٍّ
وَكَم يُسرٍ أَتى مِن بَعدِ عُسرٍ
وَكَم أَمرٍ تُساءُ بِهِ صَباحاً
إِذا ضاقَت بِكَ الأَحوالُ يَوماً
تَوَسَّل بِالنَبِي فكُلُّ خَطبٍ
وَلا تَجزَع إِذا ما نابَ خَطبٌ

 

يَدِقُّ خَفاهُ عَن فَهمِ الذَكيِّ
فَفَرَّجَ كَربَهُ القَلبُ الشَجيِّ
وَتَأتيكَ المَسَرَّةُ بِالعَشيِّ
فَثِق بِالواحِدِ الفَردِ العَلِيِّ
يَهونُ إِذا تُوُسِّلَ بِالنَبيِّ
فَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيِّ

واللطائف القرآنية هي المعاني الدقيقة التي لا يلتفت اليها الا ذو البصيرة النافذة.

الرابع: وهو عظمت الاؤه لطيف لأنه رفيق بمخلوقاته من اللطف وهو الرفق، قال تعالى (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) (الشورى:19) والله لطيف بعباده ومخلوقاته أي رفيق بهم فينعم عليهم بما ينفعهم وما فيه صلاحهم في دنياهم وآخرتهم من حيث لا يعلمون ولا يحتسبون.

ويمكن إرجاع بعض المعاني الى بعض، فالألطاف الإلهية بالعباد خفية لا يدركونها وهم يتنعمون فيها رفقاً بهم فاللطف يتضمن معنيين: الدقة والرفق ففيه معرفة دقيقة وإحاطة بالأشياء واتخاذ التدابير الرفيقة العطوفة الودودة اللينة، ولذا اقترن اسم اللطيف بالخبير في الآيات الكريمة، لأن تحقق اللطف يستلزم الإحاطة والخبرة. في حديث عن الامام الرضا (عليه السلام) (واما الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته ليس للتجربة ولا للاعتبار بالاشياء)([3]).

الخامس: اللطف في المصطلح الكلامي هو كل ما يقرّب من الطاعة ويبعّد عن المعصية قال تعالى (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ) (الحجرات:7) من دون أن يصل إلى درجة الإلجاء وسلب الاختيار لمنافاته لاستحقاق الثواب والعقاب ولذا ورد في الرواية (لا جبر ولا تفويض، قلت: فماذا؟ قال: لطف من ربك بين ذلك)([4]).

وألطاف الله تبارك وتعالى على العبد لا تعد ولا تحصى، فخلقه وايجاده لطف إذ لو كان معدوماً لما استطاع أن يعمل ويتكامل، والهداية إلى الإيمان بالله ورسوله (صلى الله عليه واله وسلم) لطف، فلو لم يهدنا الله تبارك وتعالى لما عرفنا الطريق الموصل إلى الكمال (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) (الأعراف:43)، وأعضاء البدن لطف إذ لو لم يكن له بدن لما استطاع أن يقوم بالعبادات المقرّبة لله تبارك وتعالى، والمال لطف فبدونه لا يستطيع الإتيان بالكثير من القربات كالحج والزيارة والإنفاق في سبيل الله تعالى والتوسعة على العيال إلى مالا يحصى من الألطاف المقربة من الطاعة والمعينة عليها.

 والأدعية والمناجاة وسائر الأذكار لطف، إذ بدونها لا نعرف ماذا نقول بين يدي الله تبارك وتعالى وما هو مقتضى آداب العبودية، بل لا نعلم هل يحق لنا أن نقف بين يديه تبارك وتعالى ونخاطبه، ونحن نرى أن إنساناً وضيعاً يتبوأ موقعاً لا قيمة له كوزير أو ملك، يوضع (أتكيت) لزيارته ومحادثته والآداب الواجب إتباعها بحضرته، بينما نخاطب رب العالمين متى شئنا وبما شئنا وبأي لغة نشاء (الحمد لله الذي ادعوه فيجيبني، وإن كنت بطيئاً حين يدعوني، والحمد لله الذي اسأله فيعطيني وان كنت بخيلاً حين يستقرضني، والحمد لله الذي اناديه كلما شئت لحاجتي، واخلو به حيث شئت لسري بغير شفيع، فيقضي لي حاجتي)([5]) وهو جل جلاله يقبل علينا ويسمع منا ويبادلنا من الحب والرحمة أكثر مما نعطي، وهذا اللطف عبَّر عنه الامام السجاد (عليه السلام) في مناجاة الذاكرين بقوله (ومن أعظم النعم علينا جريان ذكرك على ألسنتنا، وإذنك لنا بدعائك وتنزيهك وتسبيحك)([6]).

ومن أعظم الألطاف الإلهية البعثة النبوية الشريفة، فقد شكلت أعظم نقلة في تاريخ البشرية لأمة كانت متهرئة متخلفة يقتل بعضها بعضاً وتتفاخر بالموبقات والجرائم كوأد البنات والزنا وشرب الخمر وهي مشتتة متفرقة أحاطت بها دول قوية تنهشها، حوت جميع المنكرات والمفاسد، فأصبحت ببركة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أمة متحضرة مدنية تقود العالم وتهدي البشرية وتقدم لبني الإنسان أعظم قانون يكفل السعادة والصلاح.

ولو لم يبعث النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وتُركت الجاهلية على حالها فإنه لا يعلم إلا الله تعالى ما صرنا إليه اليوم، إذا كان حال أولئك وهم أقرب عهداً للرسالات والديانات السماوية ولهم فرص أقل من الفساد هو ما ذكرناه  فكيف إذا طال عليهم الأمد إلى اليوم  مع تنوع أدوات الضلال والفساد والجريمة وتقنينه بالشكل المذهل الذي نعاصره.

فكل خير يصل إلينا وكل مكرمة يمكن أن توجد فينا بل كل وجودنا فنحن مدينون بفضله لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وبركات بعثته الشريفة، التي هي من الألطاف الإلهية الخاصة لهذه الأجيال، فاعرفوا حق رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وأكثروا من الصلاة عليه والدعاء له.

وهنا نشير إلى نكتة وهي أن اسم (اللطيف) يستعمل في موارد اللطف، وهذا من بلاغة القرآن الكريم حيث تنتهي الآية بما يناسب مضمونها، فإذا كان المضمون حكماً صارماً وموقفاً حازماً (كآية القطع في السرقة- فإنها تنتهي بالعزيز الحكيم، وإذا كان مورد رحمة ورفق انتهت بالرؤوف الرحيم، وعلى هذا جرت السنة الشريفة، فدققوا في الموارد التي ذكر فيها اسم (اللطيف) لتعرفوا موارد اللطف، وأوضحها في أذهانكم حديث الثقلين المشهور الذي ألزم الأمة بالتمسك بالثقلين وفيه (وقد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)([7]).

وأي لطف أعظم على الأمة بعد البعثة النبوية الشريفة من لطف الثقلين القرآن والإمامة؟

ونريد هنا أن نأخذ درسين من هذا الاسم المبارك (اللطيف):

1- إننا أمرنا بالتخلق بأخلاق الله تبارك وتعالى كما ورد في الحديث الشريف (تخلّقوا بأخلاق الله)([8]) وأن نتصف بأسمائه الحسنى، ومنها هذا الاسم المبارك (اللطيف) فإن الله تعالى لطيف بعباده يقربهم من الطاعة  ويبعدهم عن المعصية، وخصوصاً أنتم أتباع أهل البيت (عليهم السلام) فإنكم تحظون بألطاف خاصة دون غيركم لذا تجدون هذا الحماس والاندفاع والتضحية في سبيل الله تعالى مما لا يوجد عند غيركم وهذا يكشف عن هذه الألطاف الخاصة.

فلا تتهيبوا أي طاعة ولا تستصعبوها بل أقدموا عليها وأحبّوها وتشوقوا إليها فإنها مهما كانت صعبة كالحج ــ مثلاً ــ الذي يجمع مشاق كل العبادات وقد تكفل الله تعالى بتيسيره وتذليل صعوباته، وحتى لو لم تتمكنوا من أداء الطاعة فانووا فعلها فإنكم تؤجرون على النية، فقد ورد في الحديث الشريف: عن الامامين الباقر او الصادق (عليهما السلام) قال (ان الله تبارك وتعالى جعل لآدم في ذريته أن من همَّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، ومن همَّ بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه، ومن همَّ بها وعملها كتبت عليه سيئة)([9]).

وكونوا ممن يلبي دعوة الله تعالى إلى الطاعة وامتثلوا قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال:24)  وقوله تعالى (مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ) (الشورى:47)، ولا تلتفوا إلى الشيطان الذي يعمل عكس ذلك فيزيّن المعصية والفسوق ويصعّب الأعمال الصالحة ويجعل أمام الإنسان الاحتمالات والتصورات السيئة ويثير في النفس المخاوف والقلق والمثبطات (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ) (الأنفال:48) .

يضرب لنا الله تبارك وتعالى مثلاً من بني إسرائيل لأنحاء من التقاعس عن الطاعة بسبب تثبيط الشيطان،  قال تعالى حاكياً عن نبيه الكريم موسى (عليه السلام) وقومه (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ، قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ) (المائدة: 21-22).

وهذا هو موقف أغلب الناس مع الأسف، لكن الأرض لا تخلو من المخلصين الصادقين (قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (المائدة:23)، فالمطلوب منك الإقدام على الطاعة وعدم التهيب وامتلاك الحزم والشجاعة ودخول الباب كما في الآية وسيمنحكم الله تعالى القوة والغلبة وإنجاز العمل بفضله وكرمه.

فليكن كل منا لطيفاً بهذا المعنى أي يكون مقرباً للناس من الطاعة ويزينها لهم وييّسرها لهم بتهيئة اسبابها ويحثهم عليها، ويبعدهم عن المعصية ببيان مساوئها وأضرارها وأخطارها في الدنيا والآخرة ويوجد البدائل الصالحة عنها، كمن يؤذِّن لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة ودعوتهم اليها، او يشوِّق الآخرين للحضور في المساجد والمشاركة في صلوات الجمعة والجماعة لما فيها من البركات والثواب او يتبرع بأجور سيارة لنقل الزائرين الى مشاهد المعصومين (سلام الله عليهم) أو يدفع نفقات حاج او معتمر او يسعى لتزويج مؤمن ومؤمنة عفّاً عن الحرام ولم يستطيعا الزواج ونحو ذلك.

وليعرف من يعمل على عكس ذلك بانه يثبّط عزائم المؤمنين عن فعل الطاعات أنه بعيد عن الله تعالى وغير متصف بأسمائه، كما نرى من بعض المتدينين صدور بعض التصرفات المنفرة عن الدين بحيث أن البعض ممن يراد هدايتهم ودعوتهم إلى الالتزام بالدين يجيب: لا حاجة لي بالدين وانظر إلى المتدينين كيف يفعلون كذا وكذا.

وهو مخطئ طبعاً بهذا التصور، ولكن هذه النتيجة قد حصلت على أي حال.

وقد يحصل التنفير من الطاعة بأن نحمل الناس ما لا يطيقون ولا نراعي الدرجات المتفاوتة لإيمانهم، فنثقل مثلاً على الشباب المهتدي حديثاً للإيمان بقائمة طويلة من المستحبات والمكروهات ونحاسبه على بعض تصرفاته التي يمكن غض النظر عنها فينفر منها ومن الواجبات أيضاً.

إن كلاً منكم يستطيع أن يحقق صفة (اللطيف) بحسب عنوانه وموقعه ومساحة تأثيره ولا أقل من نفسه أولاً ثم أسرته وأصدقائه وزملائه في العمل، ولعل الحوزة العلمية تتمتع بأوسع الفرص من هذه الناحية، ومعها النخبة الواعية المتفقهة من أبناء المجتمع.

2- إن هذا الاسم المبارك دليل على وجود الامام المهدي المنتظر (عليه السلام) واستمرار المرجعية الدينية الرشيدة النائبة عنه (عليه السلام) بالنيابة العامة. وبيان ذلك: أن اللطف واجب على الله تعالى كما يقولون في كتب العقائد. بمعنى أنه سبحانه كتب على نفسه اللطف بعباده وقد ظهر هذا ـ فيما ظهرـ في بعث الأنبياء وإرسال الرسل وإنزال الكتب، ثم واصلها بنصب الأئمة الطاهرين (سلام الله عليهم).

ولا ينقطع اللطف بانقطاع الوجود الظاهري للأئمة (عليهم السلام) لأن أسماء الله الحسنى ثابتة له تبارك وتعالى، فاللطف يقتضي وجود امتداد لهذه السلسلة المباركة من الأنبياء والأئمة متمثلاً بالعلماء السائرين على نهجهم والمقتفين لآثارهم ولا تخلوا الأرض منهم، ومرور أربعة عشر قرناً حافلة بالأساطين منهم شاهد على ذلك وسيبقى حتى ظهور القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

وعلى هذا فمن يقول: أننا لا نحتاج إلى المرجعية وأننا مستغنون عن تقليد أحد من مراجع الدين لأن عندنا من الرسائل العملية ما يكفينا، أو أنه لا توجد مرجعية نقلدها، فمثل هذا بعيد عن الصواب ولو حللنا كلامه فإنه ينكر هذا اللطف الدائم من اللطيف الخبير والعياذ بالله.

 

 



([1]) التّوحيد للشيخ الصدوق: الجزء: 1، الصفحة: 186

([2]) اعيان الشيعة: 7/306، وفيه تخميس الأبيات للشاعر سليمان السراوي

([3]) الكافي: الجزء: 1، صفحة: 122

([4]) الكافي: الجزء 1 :،   صفحة : 159.

([5]) مفاتيح الجنان: دعاء ابي حمزة الثمالي

([6]) الصحيفة السجادية: مناجاة الذاكرين (13)

([7]) بحار الأنوار: الجزء ٣٧ - الصفحة ١١٤

([8]) بحار الأنوار: الجزء ٥٨ - الصفحة ١٢٩.

([9]) وسائل الشيعة: 1/51 أبواب مقدمة العبادات، باب 6 ح6.