القبس/56{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} سورة التوبة:49

| |عدد القراءات : 356
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا)

موضوع القبس: فتنة توظيف العناوين الدينية لأهواء شخصية

معنى الآية باختصار:أن من المنافقين من يقول لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أئذن لي في ترك الجهاد والتخلف عن جيش المسلمين الذاهب مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لقتال الروم في تبوك ويبرّر ذلك بأن تكليفه بالجهاد يوقعه في المعصية ومخالفة الأمر الشرعي ويسبب له الفتنة عن الدين فيجيبه الله تعالى بأنه بسلوكه المخادع هذا قد وقع في الفتنة عن الدين وارتكب معصية كبيرة.

والآية الكريمة تكشف عن حالة منافقة يسقط فيها بعض افراد المجتمع المسلم الذين يتبعون أهواءهم ويكون همُّهم إرضاءَ أنانياتهم فإنهم حينما يريدون التنصل من مسؤولياتهم الاجتماعية وعدم أدائهم لواجباتهم تجاه دينهم وأمتهم أو يريدون تحقيق مكاسب شخصية فأنهم يسوّقون أعذاراً بعناوين دينية متظاهرين بالورع والخوف على الدين لإقناع الآخرين ومحاولة خداعهم (وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (البقرة:9).

وكشاهد على ذلك نذكر الحادثة التي نزلت فيها الآية الكريمة بحسب ما ذكره أرباب الحديث والسير والتأريخ وذلك أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لما بلغه اجتماع الروم في بلاد الشام لغزو المدينة والقضاء على الإسلام قرّر الذهاب لهم لمواجهتهم في عقر دارهم فاستنفر المسلمين وحثّهم على الجهاد فاستجاب له عدد كبير من أهل المدينة وقبائل العرب التي دخلت الإسلام رغم العسرة التي كان المسلمون فيها وقعد قوم من المنافقين وغيرهم (ولقي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الجد بن قيس - وهو من وجوه بني سلمة من بطون الخزرج وكان من المنافقين -  فقال له:يا أبا وهب الا تنفر معنا في هذه الغزاة لعلك ان تحتفد - أي تستخدم - من بنات الأصفر - وهم الروم - ؟ فقال:يا رسول الله إن قومي ليعلمون أنه ليس فيهم أحد أشد عجباً بالنساء مني، وأخاف إن خرجت معك أن لا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر فلا تفتنِّي وائذن لي أن أقيم([1])، وقال لجماعة من قومه:لا تخرجوا في الحر، فقال ابنه:تردّ على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وتقول ما تقول؟ ثم تقول لقومك لا تنفروا في الحر؟ والله لينزلنّ الله في هذا قرآناً يقرؤه الناس إلى يوم القيمة، فأنزل الله على رسوله في ذلك: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} ثم قال الجد بن قيس أيطمع محمد أن حرب الروم مثل حرب غيرهم؟ لا يرجع من هؤلاء أحد أبداً)([2]) . فادعى هذا الشخص أنه يخاف على دينه لو أمره رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بالجهاد من فتنة النساء الروميات أو من فتنة الانتصار ومكاسبه عموماً أو من ويلات الحرب فيضعف أمامها أو أنه يخشى ترك أهله وأمواله فيطلب من النبي (صلى الله عليه واله وسلم) الإذن له بترك الجهاد حتى لا يقع في المخالفة، ولكنه بتخاذله ونفاقه وقع في الفتنة التي زعم أنه يريد تجنبها.

وتضمنت آية أخرى ما ظاهره العتاب لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) على إعطائه (صلى الله عليه واله وسلم) الإذن بالتخلف عن الجهاد، لكنها قدّمت أولاً الدعاء له بالعفو قال تعالى (عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) (التوبة:43) ولو جعلهم (صلى الله عليه واله وسلم) على المحك ولم يأذن لهم، حتى يفتضحوا وينكشف عزمهم على المخالفة وتقاعسهم عن أداء الواجب حتى لو أمرهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بالخروج ولكيلا يجعلوا الإذن غطاء لشرعنة ارتكابهم هذه المعصية الكبيرة، قال تعالى(وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً) (التوبة:46)، وروى علي بن إبراهيم في تفسيره عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسيرها (تعرف أهل العذر والذين جلسوا بغير عذر) ([3]).

فأريد من هذا الخطاب الموجّه إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) تنبيه الأمة إلى أن هذه الأعذار لا تنطلي على الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه واله وسلم) لكن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لكرم أخلاقه ستر عليه ورأى عدم الفائدة في خروجه بل إن وجوده وأمثاله ضارٌّ بجيش المجاهدين( لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (التوبة:47)، فترك الله تعالى نبيه (صلى الله عليه واله وسلم)  ليتصرف وفق ما تقتضيه أخلاقه الكريمة ثم أنزل ما يفضح أولئك المنافقين فتحقق بالنص الإلهي ما لم يتحقق لو لم يسبقه التصرف النبوي.

ولخطورة هذه الفتنة فقد أخرّ الله تبارك وتعالى التنبيه عليها لما بعد ظروف المعركة، ولولا حكمة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لاستطاع هذا المنافق أن ينشر فتنته في المجتمع لأنه غلّفها بإطار ديني تنخدع به فئة من الناس (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ)، نعم هناك معذورون عن الجهاد ذكرتهم الآيات الكريمة وليس هؤلاء المتخاذلون منهم.

وفي مقابل هؤلاء المتخاذلين كان المؤمنون الصادقون سبّاقين لطاعة الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه واله وسلم) من دون تردد ومناقشة (لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) (التوبة:44).

هذه الحالة المنحرفة للهروب من المسؤولية وتبرير مخالفة أوامر الله تعالى وتسخير الواجهات الدينية لتحصيل المصالح الشخصية موجودة على كل المستويات، وأخطرها على الإطلاق ما حصل بعد رحيل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حيث برّر الانقلابيون مخالفتهم لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في وصيته بأمير المؤمنين (عليه السلام) بأنهم خافوا الفتنة إن أمرّوا علياً (عليه السلام) ولم يتصدوا هم للسلطة وخلافة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فقالوا تارة ((ان قريشاً كرهت ان تجتمع فيكم - أي بني هاشم - النبوة والخلافة، فتجحفون على الناس))([4]) وقالوا ((فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت))([5])، وكأنّ الآية الكريمة تفضح نوايا الانقلابيين وما عزموا عليه قبل وقوع الحدث بسنتين تقريباً وقد كشف الله تبارك وتعالى محاولاتهم العديدة في إخفاء الحق لكن الله تبارك وتعالى أظهره وأتمه في يوم الغدير، قال تعالى (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ)(التوبة:48) فجاء الحق وظهر أمر الله في يوم الغدير وهم كارهون معاندون (وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) (التوبة:45).

أيها الأحبّة الكرام

لقد ذكّرتهم السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بهذه الآية الكريمة فقالت (عليها السلام):(فلما اختار الله لنبيّه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ظهر فيكم حسكة النفاق) الى أن قالت (عليها السلام) (زعمتم خوف الفتنة (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) فهيهات منكم وكيف بكم وأنى تؤفكون وكتاب الله بين أظهركم؟ أموره ظاهرة وأحكامه زاهرة وأعلامه باهرة وزواجره لائحة وأوامره واضحة وقد خلفتموه وراء ظهوركم، أرَغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) )([6]) .

ثم بيّنت (عليها السلام) لهم خطورة الفتنة التي أحدثوها فقالت (ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة والدلالة ومهبط الروح الأمين والطبين([7]) بأمور الدنيا والدين (أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ)([8]) فتبيّن السيدة الزهراء (عليها السلام) لهم أنهم بفعلهم هذا سقطوا في قعر الفتنة وإن ادعَّوا أنهم يريدون وقاية الأمة منها ففضحت زيف دعاواهم ونواياهم الحقيقية وعظم جنايتهم على حاضر الأمة ومستقبلها حيث جّر هذا الانقلاب الويلات والكوارث على الأمة من تحريف الدين وسفك الدماء وهدر الأموال وتسلط الأشرار وتشريد الصالحين وضياع القيم والمبادئ الإنسانية وغير ذلك([9]).

وقد اعترف قادة الانقلاب بأن ما جرى في السقيفة كان فتنة تمزّق الأمة وتؤدي الى انحرافها عن طريق الصلاح والكمال لكنهم ادّعوا أنها مرّت بسلام قال عمر في كلمته المشهورة التي تناقلها المؤرخون وكتاب السير([10]) (ان بيعة أبي بكر كانت فلته وقى الله شرها فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه)([11]) وقال ابن الأثير في معنى الحديث ((أراد بالفلتة الفجأة، ومثل هذه البيعة جديرة بأن تكون مهيّجة للشر والفتنة فعصم الله من ذلك ووقى، والفلتة:كل شيء فُعل من غير رويَّة وإنما بُودِر بها خوف انتشار الأمر))([12]).

وقد زرعوا هذه الفكرة في اذهان الناس لتضييع الحقيقة مما دعا الأئمة الى بيانها، روى الشيخ الكليني في روضة الكافي بسنده عن ابي المقدام قال قلت لأبي جعفر الباقر (عليه السلام):ان العامة يزعمون ان بيعة ابي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضا لله عز ذكره، وما كان الله ليفتن أمة محمد (صلى الله عليه واله وسلم) من بعده، فقال أبو جعفر (عليه السلام) أوما يقرأون كتاب الله، أوليس الله يقول:(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران:144)([13]).

وأي فتنة أعظم من تصدي غير المؤهلين لقيادة الأمة والتسلط على رقاب الناس في ذلك الزمان وفي كل زمان سواء بالخداع والمكر أو بالتضليل الإعلامي أو بالانقلابات العسكرية أو عبر الانتخابات المزورة أو باستخدام المال السياسي المسروق من قوت الشعب فينتشر الفساد والانحلال وتسرق ثروات الشعب وتهدر كرامته وتسفك الدماء المحرّمة وتشيع الفوضى ويختل النظام والأمن وتضيع العدالة الاجتماعية ويؤول أمر البلاد الى الخراب.

إن هذه الفئة المتخاذلة والمتقاعسة عن أداء واجباتها هي نفسها التي كانت تواجه أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما كان يستنهضهم لجهاد الباغين بالأعذار الواهية من الحر والبرد ففضحهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وكشف عن حقيقة نفاقهم بقوله (فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ قُلْتُمْ هَذِه حَمَارَّةُ الْقَيْظِ أَمْهِلْنَا يُسَبَّخْ عَنَّا الْحَرُّ وإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ هَذِه صَبَارَّةُ الْقُرِّ  أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبَرْدُ كُلُّ هَذَا فِرَاراً مِنَ الْحَرِّ والْقُرِّ فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ والْقُرِّ تَفِرُّونَ فَأَنْتُمْ واللَّه مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ)([14]) .

إن فتنة هذه التبريرات تكون أخطر حينما تُغلّف بدعوة دينية كما في دعوى هؤلاء المنافقين الذين ذكرتهم الآية فأنهم يريدون التفريق بين الرسول والرسالة فيعصون الرسول ويزعمون أن ذلك من حرصهم على الالتزام بالرسالة كادعائهم الخوف من الفتنة عن الدين أو دعوى أصحاب السقيفة خوفهم على الناس من الارتداد ومن تمزق المجتمع، وكأنهم أعلم من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيما ينبغي فعله وكأنهم يتهمونه في عدم إرادة صلاح الأمة، أو أنهم  أعلم من الله تعالى بمصالح العباد وأحرص منه سبحانه على الدين وأحكامه قال الله تعالى مستنكراً ذلك منهم(قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الحجرات:16) ويذكرهم الله تعالى بأن نواياهم الحقيقية لا تخفى على الله تعالى وانه سبحانه يميز بين الحقائق والادعاءات (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) (البقرة:220) .

وختمت السيدة الزهراء (عليها السلام) تحذيرها بالعاقبة التي ذكرتها الآية الكريمة (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) فهم محاطون بالنار من جميع الجهات ولا يستطيعون التخلص منها، والتعبير باسم الفاعل (لمحيطة) الذي يدل على فعلية الاتصاف يعني انهم الآن واقعون حقيقةً في نار جهنم التي أججّوها بمعاصيهم([15]) الا انهم لغفلتهم لا يشعرون بها ككثير من الحقائق التي هم غافلون عنها (لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (ق:22).

ويمكن أن يكون معناها إن الكافرين صائرون حقيقة إلى هذه النتيجة فالتعبير باسم الفاعل يفيد الوقوع الأكيد لهذه النتيجة الآن أو في المستقبل.

أو إن إحاطتها بهم بلحاظ الأسباب والمقدمات أي انهم الآن محاطون بأسباب الوقوع في جهنم وهي الذنوب (بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:81)، وقد أحاطت بهم ذنوبهم على مستوى النيات والأفعال.

إن هذه الحالة التي تحذّر منها الآية الكريمة لا تختص بواجب الجهاد بل سائر المسؤوليات الشرعية حيث تجد الذين في إيمانهم نقص وفي قلوبهم شك يقدمون أعذاراً واهية لا تخفى على من يستمع إليها وربما سوّقوها بعناوين دينية وقد يكون صاحبها ممن له اطلاع على الفقه فيغلفها بمصطلحات دينية لتمريرها لكن أعذارهم ونواياهم الحقيقة لا تخفى على الله تعالى ولا على الواعي الفطن، أعاذنا الله تعالى وإياكم من الفتنة.

 



([1]) وفي رواية ابن إسحاق ((فاعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه واله) وقال:قد أذنت لك)

([2]) تفسير نور الثقلين:2/632 ح 169 عن تفسير علي بن ابراهيم

([3]) تفسير القمي: 269.

([4]) المراجعات للسيد شرف الدين:350 وقد نقله عن شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد:3/107 والكامل لابن الاثير:3/24 في أحوال عمر

([5]) تاريخ الطبري:3/289

([6]) الاحتجاج للطبرسي :1/ 131

([7]) الطبين:الفطن الحاذق العالم بالاشياء

([8]) الاحتجاج للطبرسي:1/138

([9]) راجع تفصيل ذلك في موسوعة (خطاب المرحلة:1/217) خطاب بعنوان (ماذا خسرت الأمة حينما ولّت أمرها من لا يستحق) وفي تفسير (من نور القرآن:1/208) في ذيل قوله تعالى Pأَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْO (آل عمران:144).

([10]) مثل تاريخ اليعقوبي وشرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد والامامة والسياسة لابن قتيبة والصواعق المحرقة لابن حجر والملل والنحل للشهرستاني.

([11]) بحار الأنوار:30/448

([12]) النهاية في غريب الحديث والأثر:3/467 مادة (فلت)

([13]) نور الثقلين:1/164 ح 1015.

([14]) نهج البلاغة:نهج البلاغة:1/70

([15]) وفي الحديث إن رسول الله (صلى الله عليه واله) كان قاعداً مع أصحابه فسمعوا هدّة عظيمة فارتاعوا فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) أتعرفون ما هذه الهدّة، قالوا:الله ورسوله أعلم، قال:حجر ألقي من أعلى جهنم منذ سبعين سنة وصل الآن الى قعرها وسقوطه فيها هذه الهدة فما فرغ من كلامه الا والصراخ في دار منافق من المنافقين قد مات وكان عمره سبعين سنة فكبّر رسول الله (صلى الله عليه واله) وعلم الحاضرون أن الحجر هو ذلك المنافق الذي كان يهوي في جهنم مدة عمره فلما مات استقر في قعرها (حكاه السيد عبدالله الجزائري في كتاب (التحفة السنية:17) عن كتاب اليقين للفيض الكاشاني:2/1002، أقول:أصل الحديث رواه مسلم في صحيحه ص 1007 رقم 2844 .