تحديد مؤونة السنة

| |عدد القراءات : 680
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

فروع في تحديد مؤونة السنة

 (مسألة 1529) : المؤونة المستثناة من الأرباح والتي لا يجب فيها الخمس أمران:

الأمر الأول: مؤونة تحصيل الربح : وهي كل مال يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الربح، كأجور النقل والدلال والكاتب والحارس والدكان وضرائب السلطان وغير ذلك. فان جميع هذه الأمور تخرج من الربح ثم يخمس الباقي. ومن هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح، كالمصانع والسيارات وآلات الصناعة والخياطة والزراعة وغير ذلك. فان ما يرد على هذه الأمور من النقص أو العطل باستعمالها في أثناء السنة يتدارك من الربح مثلا إذا اشترى سيارة بعشرة آلاف واستعملها للأجرة وفي نهاية السنة كان صافي واردها ثلاثة آلاف لكن قيمتها نزلت الى تسعة آلاف، اقتطع ألفاً من صافي الوارد لجبر النقصان وخمس الباقي وهو ألفان.

(مسألة 1530) : كل ما يصرفه الإنسان في سبيل حصول الربح يستثنى من الأرباح كما مر، ولا يفرق في ذلك بين حصول الربح في سنة الصرف وحصوله فيما بعد، فكما لو صرف مالاً في سبيل إخراج المعدن استثنى ذلك من المخرج، ولو كان الإخراج بعد مضي سنة أو أكثر فكذلك لو صرف مالاً في سبيل حصول الربح، ومن ذلك النقص الوارد على المصانع والسيارات وآلات الصنائع وغير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح.

الأمر الثاني: مؤونة العيال : وهي كل ما يصرفه في سنته في معاش نفسه وعياله على النحو اللائق بحاله، وفي صدقاته وزياراته وهداياه وجوائزه المناسبة له، وكذلك ما يصرفه في ضيافة أضيافه وان زادوا على المناسب لحاله، إذا لم يكن وجودهم بتسبيب منه، وأما المقدار المناسب منهم لحاله، فلا يعتبر فيه ذلك. وكذلك يعتبر من المؤونة وفاؤه بالحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة أو أداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمداً أو خطأ. أو فيما يحتاج إليه مما هو مناسب لحاله من دابة أو سيارة أو أكثر، أو جارية أو خادم، وكتب وأثاث، أو في ختان أولاده وتزويجهم ذكوراً أم إناثا، ولا يختلف الحال في المؤونة بين أن يكون الصرف على نحو الوجوب كالحج الواجب، أم الاستحباب كالزيارة، أم الإباحة أم الكراهة ما لم يكن الصرف محرما، أو يكون متعلقه محرما، فيجب الخمس فيما صرفه، بخلاف ما لو كان موضوعه محرما كإتلاف مال الغير بدون إذنه، فان العوض يدخل في المؤونة.

(مسألة 1531) : لا تصدق المؤونة إلا فيما صرف فعلاً من المال، لا على المال المذخور للصرف، فيجب الخمس بعد مصروف السنة، وان كان الباقي مالا مذخوراً للصرف.

(مسألة 1532) : إذا تبرع له متبرع بنفقته أو بعضها، لا يستثنى ذلك من أرباحه، بل يحسب ما يقابله من الربح من المال الذي لم يصرف في المؤونة، فيجب عليه تخميسه.

(مسألة 1533) : يجب أن يكون الصرف على النحو المتعارف المناسب لحاله عرفا واجتماعيا، فإذا زاد الصرف على ذلك وجب خمس التفاوت، وكذلك إذا كان الصرف سفها أو تبذيراً، ولكن إذا صرف اقل من المقدار المناسب له، وجب الخمس في الزائد كله.

(مسألة 1534) : الظاهر أن المصرف إذا كان راجحا شرعا لم يجب فيه الخمس، وان زاد عن المتعارف، كالزيادة في الصدقات والمبرات، وقضاء حاجات المحتاجين، وعمارة المساجد، وسائر الأمور النافعة للآخرين من المؤمنين.

(مسألة 1535) : رأس سنة المؤونة لمن ليس له سنة مالية، هو يوم البدء بالعمل، ويمكن حسابها من يوم ظهور الربح، ومن الراجح بل الواجب أن لا يهمل الفرد نفسه من هذه الناحية، فيجعل لنفسه رأس سنة منذ أول حياته العملية. فعند البدء بالعمل التجاري أو الصناعي أو الزراعي أو التعليم أو الطب، أو أي عمل محلل آخر يكون أول سنته المالية الشرعية، ويمكن كما قلنا تأجيل الحساب إلى أول يوم يظهر فيه الربح أو يقبض الراتب، فإذا مضت على ذلك سنة صرف فيها ما يناسب حاله من المؤونة، فان بقي لديه زائد وجب فيه الخمس قل أو كثر، سواء كان من الأثمان أو العروض مما ينقل أو مما لا ينقل.

(مسألة 1536) : يجوز للفرد أن يجعل لكل نوع من أنواع العمل بخصوصه رأس سنة، فيخمس ما زاد عن مؤونته منه في آخر تلك السنة.

(مسألة 1537) : المهم هو صدق السنة عرفا بأي تقويم كان، كالهجري أو الميلادي أو غيرهما، أو بدون أي تقويم كعدد الأيام أو الأسابيع مثلا.

(مسألة 1538) : ليس تعيين رأس السنة اختياريا للمكلف في أول حصوله، بل يتعين عند البدء بالعمل كما مر، وسيأتي أن من لم يعين له رأس سنة فسيكون ذلك له في يوم دفع أول أقساط الخمس لماله، كما أن هذا التعيين لم تثبت ولاية الفقيه عليه، بحيث يختار رأس السنة للمكلفين، فانه من الأمور الموضوعية المربوطة بأسبابها الواقعية كما اشرنا، نعم، يكون له ذلك فيما إذا فقد السبب الواقعي.

(مسألة 1539) : إذا لم يكن للفرد عمل، بان كان يعيش على نفقة شخص آخر كأبيه أو ابنه، أو على التبرعات أو الوجوه المالية الشرعية أو نحو ذلك،  كان أول سنته أول يوم يقبض فيه أول دفعة من المال، فان لم يكن قد عين له رأس سنة، كان رأس سنته هو يوم دفع أول مبلغ من الخمس، فان لم يكن له زيادة يدفع خمسها، لم يكن له رأس سنة حتى تحصل تلك الزيادة. ويجب المبادرة عندئذ إلى دفع الخمس، ومع عدمها فالأحوط له استحبابا اختيار يوم معين لجعله رأس سنة له بالاتفاق مع الحاكم الشرعي.

(مسألة 1540) : رأس سنة المؤونة لمن لا مهنة له يتعاطاها في معاشه وحصلت له فائدة اتفاقاً أول زمان حصولها، فمتى حصلت جاز له صرفها في المؤونة اللاحقة إلى عام كامل، وأما من له مهنة يتعاطاها في معاشه فرأس سنته حين الشروع في الاكتساب، فيجوز له احتساب المؤن المصروفة بعده من الربح اللاحق.

(مسألة 1541) : إذا كان الشخص مهملاً لمسألة الخمس قصوراً أو تقصيراً ولم يحاسب نفسه مدة من السنين وقد ربح فيها واستفاد أموالاً، واشترى منها أعياناً وأثاثاً، وعمّر دياراً وكوّن له أرصدة في البنوك وأموالاً مستثمرة في جهات عديدة ونحوها من الأموال، ثم التفت إلى ما يجب عليه من إخراج الخمس من هذه الأموال المنقولة وغير المنقولة، فالواجب عليه إخراج الخمس من كل هذه الأموال والموجودات ومن كل ما اشتراه أو عمّره أو غرسه مما لم يكن معدوداً من المؤونة.

أما ما اتخذه للمؤونة من هذه الأمور كدار السكن أو السيارة الشخصية أو الأثاث فلا خمس عليه إن كان اشتراه من أرباح السنة، ويجب فيه الخمس في حالتين:

أ- إذا كان المال الذي دفعه لشرائها قد جمعه في أكثر من سنة من الفاضل عن مؤونته فيخمس كل ما جمعه في غير سنة الشراء.

ب- إذا كانت العين المشتراة بقيت فاضلة عن المؤونة بعد شرائها إلى أن مرّت عليها سنة قبل دخولها في المؤونة.

(مسألة 1542) : من كان له أكثر من شكل واحد من الأعمال المذكورة في المسألة السابقة كالتجارة والإجارة والزراعة، كان لكل واحد حكمه، حتى لو اقتضى أن يكون لكل عمل عام مالي مستقل، كما يجوز له أن يجعل لنفسه رأس سنة واحدة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة ويخمّس ما زاد على مؤونته.

(مسألة 1543) : من كان بحاجة إلى رأس مال لإعاشة نفسه وعياله، فحصل على مال لا يزيد على مؤونة سنته، بحيث لو صرفه فيها لم يزد عليها، ولكنه اشتغل به للتجارة، فالظاهر انه ليس من المؤونة ما لم يصرف فيها أو قسم منه فعلا، فيجب إخراج خمسه في بدء العمل، وإلا ففي رأس السنة، مضافا إلى خمس أرباحه بعد استثناء المؤونة. وإذا نقص رأس المال خلال السنة بخسارة تجارية أمكن جبره من الربح، بخلاف ما لو نقص بالصرف في المؤونة فانه لا يجبر من الربح، ويكون الجبر من أرباح نفس السنة لا من السنين الآتية.

(مسألة 1544) : لا فرق في مؤونة السنة بين ما يصرف عينه، مثل المأكول والمشروب، وما ينتفع به مع بقاء عينه، كالدار والفرش والأواني ونحوها من الآلات المحتاج إليها. فيجوز استثناؤها إذا اشتراها من الربح. وان بقيت للسنين الآتية، ما لم تهمل لمدة عام فإنها تخرج عن المؤونة.

(مسألة 1545) : يدخل في مؤونة السنة ما يتم استعماله، كما اشرنا وما لا يتم استعماله ولكن ملكيته مناسبة لحاله الاجتماعي، كشيء من الحلي للمرأة، ومن الكتب لرجل الدين أو للمثقف، أو شيء من المعروضات والصور المناسبة لحاله، وكذلك يدخل فيها الآلات المدخرة لاستعمالات محتملة بالمقدار المناسب لحاله، وان لم تستعمل فعلا كآلة الإطفاء للحريق والفرش والأواني المذخورة للضيوف المحتمل ورودهم، وكذلك لو كانت سيارة مدخرة لنقل الضيوف، أو فسطاط مدخر لجلوسهم أو لنقل أولاده إلى المدارس أو التسوق أو أي شيء يناسب حاله، فانه يدخل في المؤونة وان لم يستعمل. نعم، إذا كان المدخر زائداً عن حاله الاجتماعي أو عن احتمال حاجته وجب فيه الخمس.

(مسألة 1546) : يجوز إخراج المؤونة من الربح، حتى وان كان له مال غير مال التجارة، وسواء كان ذلك المال مما وجب فيه الخمس أو لم يجب، فلا يجب إخراج المؤونة من ذلك المال ولا التوزيع عليهما.

(مسألة 1547) : إذا زاد ما اشتراه للمؤونة من الحنطة والشعير والسمن والسكر والشاي وغيرها، وجب عليه إخراج خمسه، أما المؤن التي يحتاج إليها - مع بقاء عينها - إذا استغنى عنها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها، إذا كان الاستغناء عنها بعد السنة، لأنها وإن أصبحت فاضلة عن المؤونة إلا أنها لا يصدق عليها أنها من أرباح السنة، كما في حلي النساء التي يستغنى عنها في عمر الشيب، وكالملابس اذا لم تعد مناسبة لحال الشخص أو جسمه، أما إذا كان الاستغناء عنها في أثناء السنة، فان كانت مما يتعارف إعدادها للسنين الآتية، كالثياب الصيفية والشتائية عند انتهاء موسمها، أو الفرش والآلات المعدة للضيوف في مواسم معينة كزوار الإمام الحسين (عليه السلام)، فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها أيضاً، وإلا وجب أداء خمسها على الأحوط.

(مسألة 1548) : إذا اشترى بعين الربح شيئا، فتبين الاستغناء عنه، وجب إخراج خمسه، والأحوط مع نزول القيمة عن رأس المال، مراعاة رأس المال وكذا إذا اشتراه عالما بعدم الاحتياج إليه، كبعض الفرش الزائدة والجواهر، أو الحلي المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة، أو المواد التي يؤجل بيعها، وكذلك البساتين والدور التي يقصد الاستفادة من نمائها وأرباحها، فانه لا يراعي في الخمس رأس مالها، بل قيمتها رأس السنة وان كانت اقل منه، ما لم يكن رأس المال غير مخمس فيجب الاحتياط بحساب أعلى القيمتين، والظاهر انه لا فرق في ذلك بين ما يشتريه بعين الأرباح، أو بالذمة ثم وفاه من الأرباح.

(مسألة 1549) : ما يدخره من المؤن، كالحنطة والدهن ونحو ذلك إذا بقي منه شيء إلى السنة الثانية - وكان أصله مخمساً- لا يجب فيه الخمس لو زادت قيمته إذا كان دفع الخمس من نفس العين، كما أنه لو نقصت قيمته لا يجبر النقص من الربح .

 (مسألة 1550) : من جملة المؤن مصارف الحج واجبا كان أو مستحبا، وإذا استطاع الحج في أثناء السنة من الربح ولم يحج ولو عصيانا، وجب خمس ذلك المقدار ولم يستثن منه، وإذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية، فان بقيت الاستطاعة بعد إخراج الخمس وجب الحج وإلا فلا، أما الربح المتممّ للاستطاعة في سنة الحج، فلا خمس عليه إلى نهاية العام، وإذا لم يحج ولو عصياناً وجب إخراج خمسه.