الدعوة الى نصرة مبادئ الشهداء

| |عدد القراءات : 537
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

الشهداءُ أجلُّ من التأبين([1])

إنقدح في ذهني وأنا أتابع بألم خبر استشهاد سماحة آية الله الشيخ نمر النمر وتداعيات الحدث بيت من قصيدة للمرحوم الشيخ صالح الكواز في شهداء كربلاء يوم عاشوراء قال فيه:

خُذ في ثنائهم الجميل مقرّظا ً

فالقوم قد جلّوا عن التأبينِ([2])

فالشهداء لا تقام لهم مآتم التعزِية والرثاء والتأبين بل محافل الثناء والتكريم والإشادة بمآثرهم والثناء على جميل مواقفهم.

لقد علمتُ عن قرب ان الشهيد كان يطلب الشهادة مصمماً عليها، وكان بوسعه دفع القتل عن نفسه بثمن لكنّه كان عازماً على نيلها حتى اتخذه الله تعالى شهيداً (ويتخذ منكم شهداء)(140 آل عمران)، وفاجأنا الخبر لأن مساعي كثيرة بعدة مستويات وبعدة اتجاهات بُذلت لتغليب صوت الحكمة والحق والإنصاف والتوقف عن تنفيذ حكم الإعدام وحصلت وعود بذلك أيام الملك السابق لكن الأمور تغيّرت في عهد السلطة الحالية وارتُكِبت هذه الحماقة الجاهلية المملوءة بالظلم والجور.

ولم تكتَفِ  السلطات السعودية بقتله مادياً بإعدامه بل قتلته معنوياً بزجّه في قائمة من عتاة الإرهابيين المجرمين ليوحوا بوحدة التهمة، وبين الشهيد وبينهم كما بين الثريا والثرى، فقد كان يؤمن بالعمل السلمي في السعي لتحقيق مطالب الطبقات المحرومة وينهى عن العنف ويلتزم بحفظ النظام العام ، وليست هذه جريمة يعاقب عليها، وكان على السلطات أن تفتح باب الحوار وان تستمع بإنصاف إلى هذه المطالب وتستجيب لكل ماهو حق وعدل، فهذا هو الذي يحبب الحكومات إلى الشعوب ويديم وجودها، أمّا إسكات صوت الشعوب المطالبة بحقوقها بالقتل والسجن والتعذيب والحرمان من حقوق الإنسان فإنه يولد العنف ويزيد من الهوّة السحيقة ويفتح الثغرات لاختراق الأعداء.

لقد آلمنا أيضا التوظيف السياسي للحادث من قبل بعض المحتجين على الفعل والمطالبين بالثأر واستغلالهم الفرصة لتصفية الحسابات مع الخصوم الداخليين والخارجيين، مما أنسى أصل القضية والتعاطي الحكيم معها، فكانت هذه الأفعال إساءة للشهيد.

إن الوفاء للشهداء لا يكون بالحركات الاستعراضية والبيانات الهزيلة  والكلمات التي لا واقع لها على الأرض، وإنما بنصرة مبادئهم التي ضحوا من اجل تحقيقها واقتفاء أثرهم والمضي على ما مضوا عليه، كما نردد في زيارة أعاظم الشهداء كأبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين ( عليه السلام) (أَشْهَدُ وأُشْهِدُ اللهَ أنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى بِه الْبَدْرِيُّونَ، وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ، الْمُنَاصِحُونَ لَهُ فِي جِهَادِ أَعْدَائِهِ، الْمُبَالِغُونَ فِي نُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ، الذَّابُّونَ عَنْ أَحِبَّائِهِ)([3]).

نسأل الله تعالى أن يتقبل من ذوي الشهيد ومن عموم المؤمنين الموالين هذا القربان الكريم ويسدّ هذه الثلمة.

 

محمد اليعقوبي – النجف الأشرف

23/ ربيع الأول/ 1437

4/1/2016

 

 


 

[1] ) تحدثّ سماحة المرجع الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) بهذه الكلمة أمام حشد كبير من فضلاء وأساتذة الحوزة العلمية الذين يحضرون بحثه الشريف.

[2] ) الدر النضيد للسيد محسن الامين : 310

[3] ) مفاتيح الجنان : 435