المؤتمرات النسوية

| |عدد القراءات : 2051
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

 

المؤتمرات النسوية (*)

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

 

يسأل الامامُ الصادق (ع) أحد اصحابه فيقول له (أتجلسون وتتحدثون؟ فقال الرجل: نعم يا ابن رسول الله (ص) قال (ع) تلك المجالس احبُّـها فأحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا) وعن احد اصحاب الامام الباقر (ع) قال: قال لي ابو جعفر الباقر: أتخلون وتتحدثون وتقولون ما شئتم (ويتضح من السؤال ما كان يعانية الائمة (ع) وشيعتهم من ضغط السلطات الجائرة ومراقبتهم لهم) قلت: أي والله، فقال: أما والله لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن (*) ورغم ان الخطباء يذكرون مثل هذه الروايات ويفسرونها بإنها تتعلق بالمآتم الحسينية والمجالس التي تتعلق بذكر مناقب أهل البيت (عليهم السلام) ومصائبهم –وهو صحيح- إلاّ أنها ليست مقتصرة عليها فيمكن ان نفهم هذه الروايات بمعناها الواسع والشامل لكل المجالس التي تبين معالم مدرسة اهل البيت (ع) وفقههم وأخلاقهم ومناقشة القضايا التي تهم أتباعهم ومؤتمركم هذا من أوضح مصاديق هذه المجالس لإحياء الأمر والذكر ابتداءاً من الاسم المرتبط بالمصطفى والزهراء(صلوات الله عليهما) ومروراً بمضمون الأحاديث والنقاشات والخطابات وإنتهاءأ بما ينبثق عنه من توصيات وقرارت .

 

فالأئمة يحبون مثل هذه المجالس ويأمرون بإحيائها ويتمنون لو كانوا مشاركين معكم فيها ويظهر حرصهم الشديد على إقامتها بأي صورة حتى في إقسى فترات الضغط والمراقبة وخنق الحريات.

 

وحينما نتحدث في مثل هذا المؤتمر النسوي فإن موضوعات عديدة يمكن ان تكون محوراً ًللحديث فمثلاً يمكن أن نتحدث عن دور المرأة في بناء العراق الجديد فإنه كما تعرفون فإن المرأة يراهن عليها الإسلاميون وأعداؤهم على السواء لان كلا الطائفتين يعلمان انهم لو كسبوا المرأة سيكسبون الجولة لأن المرأة من حيث العدد تمثل نسبة تصل (58%) وهي تمتد أكثر من ذلك من حيث التأثير لأنها الام والاخت والزوجة والبنت، وانتم تعلمون ان المرأة اذا صلحت صلح المجتمع واذا فسدت –والعياذ بالله- فسد المجتمع وهذا المحور من الحديث تناولته في كتاب (دور المرأة في العراق الجديد) فلا نكرر.

 

ويمكن ان نتحدث عن القضايا التي تواجهها المرأة وتشخيص الايجابيات والسلبيات حتى نعمل على تكريس الايجابيات ومعالجة السلبيات فمثلاً على الصعيد الاجتماعي تواجه المراة عدة قضايا كتعسف الزوج في استعمال حق القيمومة والمشاكل داخل العوائل وازمة السكن وانتشار ظاهرة العزوبية والعنوسة بحيث ان ارقام الشباب والشابات غير المتزوجين بلغت حدوداً مرعبة وكثرة الأرامل والمطلقات وهكذا وعلى الصعيد الاخلاقي نجد الهجمة الشرسة لنشر الرذيلة والفساد والتحلل من خلال الوسائل التقنية الجذابة والمثيرة التي دخلت كل شيئ ابتداءاً من جهاز الستلايت الى الاعلانات الدعائية المنتشرة في الشوارع الى الصور المنتشرة في اكثر الحاجات الى الصحف والمجلات وغيرها وهذا يشكل تياراً ضاغطاً يدفع نحو الانحراف الذي لا يقف عند حد الا بمقدار ما يعصم الله تعالى.

 

كما ان توجهات المرأة اصبحت بعيدة عن الهدف الحقيقي والاتجاه الصحيح للتعامل فصارت تهتم بالزينة الظاهرية وتتباهى بأفخر الثياب والحلي ومواد التجميل والمصوغات ونحوها وهذه مشكلة كبيرة.

 

ومن سوء التقدير ان تجعلوا انفسكم معياراً لخطورة مثل هذه القضية فتهوّنوا منها لأنكن بفضل الله مؤمنات واعيات ملتزمات ولكن انظروا الى كل انماط ومستويات التربية للمجتمع.

 

وفي جانب التعليم فإننا نواجه جهلاً واسعا وامية متفشية خصوصاً في العشائر والارياف والمدن الصغيرة وحتى مراكز المحافظات وتصل في بعض المناطق الى مئة في المئة حيث لا توجد امرأة واحدة متعلمة

 

وفي جانب الصحة نجد امراضاً خبيثة تنتشر بفعل مخلفات الحرب واليورانيوم المنضب واستعمال المواد السمّـيّـة في صيد الطيور والاسماك وتردي الاوضاع الصحية والخدمات بحيث تختلط احيانا مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، كما انتشرت حالات العقم والإسقاط بشكل يدعو الى القلق والشك والريبة في ان مؤامرة تحاك ضد هذا الشعب لقطع نسله خصوصا اذا انضم الى انتشار ظاهرة عدم التزوج، وكل هذه مشاكل ستراتيجية علينا ان ندرسها بدقة ونشخص مكامن الخلل ثم نضع الخطط الكفيلة بعلاجها.

 

وعلى الصعيد الفكري فإننا نشهد حملة واسعة لتشويه الافكار وتضليل الآراء من اجل تنفير المرأة من دينها و اخلاقها وآدابها الاجتماعية ودعوتها الى التحرر من كل هذه المعايير لتصبح دميةً يتلهى بها الرجال فيسقطان معاً ويكونان آلة للمستكبرين ليحققوا مصالحهم اللامشروعة فنجد ثلة من المتحللات صنائع شياطين الانس والجن (يوحي بعضُهم الى بعضٍ زُخرُفَ القولِ غُرُوراً) ويصيدون بشباكهم السذّج والجهلة من النساء رغم ضحالة وسطحية ما يتبجحون به وإمكان الرد عليه بيسر وسهولة لو توفر عند المقابل شيئ من الثقافة والوعي. ومن الكتب النافعة في هذا المجال (فلسفة تشريعات المرأة) وغيرها.

 

 واما من الناحية الاقتصادية فنجد العوز والحرمان وعدم وجود الكفيل مما يدعو المرأة الى الخروج والعمل في مهن لا تناسبها وتجعلها بين نارين نار الحاجة والعوز والفقر ونار المتحكمين بالعمل ويدعونها الى اشباع غرائزهم البهيمية والتخلي عن شرفها ودينها. هذا غير المشاكل التي تحصل بسبب الاحتكاكات والمداخلات وتضييع الاسر والبيوت وتفكك العائلة.

 

فهذه كلها مشاكل كبيرة قد لا تبدو صورتها المرعبة واضحة الآن لأن مجتمعنا ما زال متماسكاً ومحتفظاً بأخلاقه ودينه لكنها قنابل موقوتة يمكن ان تنفجر في أي لحظة وتنهي هذه التركيبة المنسجمة لمجتمعنا وتقوده نحو الانحلال والضياع والتشتت كما حصل في اكثر الدول الاسلامية العربية القريبة منا فضلاً عن الغربية والامم الاخرى ما لم نحتط للامر ونحسب له حسابه ونضع الخطط الاستتراتيجية لمعالجته.

 

 واني اعلم بوجود ثلة مباركة من الاخوات الرساليات ضمن هذا المؤتمر في مختلف الاختصاصات وقادرات على احاطة هذه القضايا بالعناية الكافية ( وقُـل اعمَلوا فَسَيَرَى اللهُ عملَـكم ورسولُهُ والمؤمنون).

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(*) مقدمة الكلمة  التي تحدث بها سماحة الشيخ دام ظله في المؤتمر العام لرابطة بنات المصطفى وجامعة الزهراء للعلوم الاسلامية .

 

(*) لم يقل  الامام  كل تلك المواطن لأنه يعلم أن بعض مجالس شيعته لا تخلو من أحاديث مخالفة للشرع كالغيبة  والنميمة وتسقيط المؤمنين والكذب ونحوها فاحذروا ونزهوا مجالسكم من كل ما يشينها .