مبادرة احياء حب الوطن
بسمه تعالى
أحيوا حب الوطن في قلوبكم وعقولكم
الاربعاء 26/ذح/1437
الموافق 28/9/2016
دعا سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) الشعب العراقي عموماً والشباب خصوصاً الى تأكيد حب الوطن والانتماء اليه في قلوب وعقول الناس والوقوف في وجه الذين يريدون تذويب الروح الوطنية وتقسيم البلد وتفتيته وربما منح بعض اجزاءه هدايا لهذه الدولة او تلك ثمناً لخيانتهم لأرضهم وشعبهم .
وقال سماحته لدى استقباله حشداً كبيراً من الطلبة والشباب: يجب ان نكون واعين ويقظين لمحاولات استلاب حب الوطن منّا وابراز الانتماءات والولاءات الدينية والطائفية والعرقية والقومية والجغرافية والعشائرية ونحو ذلك لمسخ الهوية الوطنية واشغال الشعب بهذه الصراعات الهامشية وخلق حالة التفتت والانقسام والتشرذم ليسهل السيطرة على الشعب وسوقهم الى تحقيق المصالح الشخصية لهؤلاء الزعماء وامراء الحروب وتحقيق اهداف اسيادهم المعادية لمصلحة الشعب والبلد.
اننا متدينون لكننا لا نرى الانتماء الديني او المذهبي او القومي لاغياً للانتماء الوطني، لان الدين لا يقوم الا بوطن يضمه ويمدّه بما يحتاجه ويأوي اليه ويحميه، خذ مثلاً رسالة الاسلام الخالدة فانه لما لم يكن وطن في بدايتها كان المسلمون شرذمة قليلة مستضعفة معذّبة محرومة (تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ)(الأنفال: 26) ولما هاجر النبي (صلى الله عليه واله ) الى يثرب واصبح للإسلام وطن وسميت يثرب بمدينة رسول الله (صلى الله عليه واله ) قامت للإسلام دولة وكيان وبسط جناحيه على الجزيرة كلها ثم امتد الى شرق الارض وغربها، فالانتماء للوطن ليس منافي للانتماء للدين بل يعززّه ويرسخه، حتى وردت الاحاديث الشريفة في ذلك، روي عن امير المؤمنين (عليه السلام) قوله (عُمرت البلدان بحب الاوطان)[1]، وروي عنه (عليه السلام) (من كرم المرء حنينه الى الاوطان)[2] وقال في سفينة البحار: روي( حب الوطن من الايمان)[3].
لاحظ كيف يذوب من لا وطن له في غيره وتمسخ هويته بحيث نستدل على مسخ هويته وانتكاس فطرته وتجرده من القيم والمبادئ بتخليه عن حب الوطن وخدمة شعبه.
هذا الامر الفطري يعيش في وجدان الحيوان الذي لا عقل له فكيف بالإنسان ذي العقل والرشد، مثلاً بعض الاسماك التي تعيش في شمال الاطلسي تهاجر الاف الكيلومترات الى جنوبه فتتزوج وتضع ثم يموت الوالدان وتعود الاسماك المولودة الجديدة الى وطنها الاصلي بنفس الطريق الذي سلكه الوالدان رغم انها لا تعرف عنه شيئاً ولم ترَ والديها.
روى لي احد تجار الحبوب انه يوجد حب اسمه (الهرطمان) يعطى غذاءاً للطيور يزرع في بلد وسعر الكيلو منه الفا دينار، وقد وجد بعض التجار شكلاً اخر من نفس الحب في بعض البلدان المجاورة بسعر الف دينار فاستورد كمية ومنّى نفسه بربح وفير، لكن المفاجئة ان اصحاب الطيور لما قدّموا هذا النوع المستورد للطيور لم تأكله واعرضت عنه ولم تقبل الا ذلك الحب البلدي.
اخذت من هذه الحكاية موعظة ودرسا في حب الوطن والانتماء اليه والوفاء له ولأهله، فليتعلم زعماء البلد خصوصا بعض (من ذوي الجنسية) الذين استبدلوا الذي هو ادنى بالذي هو خير ولم يكونوا اوفياء لبلدهم وولي نعمتهم.
[1] ) تحف العقول:207 وبحار الأنوار:75/45
[2] ) كنز الفوائد للكراجكي ص34 وعنه بحار الأنوار:71/264
[3] ) أمل الآمل:1/11، والأنوار النعمانية:2/170