(ضيافة الاشقاء) سلسلة حكايات من بلادي

| |عدد القراءات : 1843
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

سلسلة حكايات من بلادي

 يكتبها : الميالي

 ضيافة الاشقاء

 أقلعت الطائرة من بغداد الى عمّان السابعة صباحا..وعلى متنها ثلاثة مئة شاب يحلمون بالاموال في وظيفة ترفع عوزهم وتمنحهم وأسرهم حياة أفضل..في عراق كلّه دماء ودموع وأمراض ومحن.

 

وبدأت الدورة..تحت إشراف ضبّاط أردنيين وأمريكيين..ومجندات من الطرفين،وشعارها(من أجل شرطة عراقية كفوءة تحفظ النظام وتخدم البلد)..وسرعان ما كانت المهزلة ..وانكشف المستور. واتضح أنها دورة لغسيل المخ والشرف والعقيدة.

 

سألونا أوّل الأمر في امتحان علينا اجتيازه:هل أنّ الله حجر أم ذكر أم أنثى!!وكانوا يضحكون..والامريكي يتفرّس الوجوه وينتظر الردّ..وكرروا علينا مراراً:لو وجدتم شاباً وفتاة يمارسان الزنى.. فلا تتدخّلوا بتاتاً..وواجبكم أن تحرسوهما فقط.. وتوفروا لهما الحماية.. أمّا طعامنا  فكان سمّاً.بمعنى الكلمة..فمن البيض الفاسد في وجبة الفطور..الى لحم الخنزير وقت الظهيرة..الى الى..

 

وكلّها مدفوعة الثمن من نفط العراق.. ومن خيرات البلد..ومن ثروات المحرومين والمستضعفين..وهاهم أبناء العراق كريشة في مهبّ الريح.. من أجل لقمة العيش.. التي يسدّون بها رمقهم ورمق أسرهم.

 

وكانوا يسألوننا بخبث:ماذا تعني لكم النجف؟ولماذا المرجعيّة؟وعلام الصبر أمام هجمات الآخرين ضدّكم؟لماذا لاتردّون الصاع صاعين؟لماذا تسكتون والآخرون يذبحونكم؟لماذا؟ لماذا؟...أحقاد لإشعال الفتنة..

 

وانتهت ألايام السود..وعدتُ في شوق الى وطني ..وهاأنذا أنظر الى السحاب يحيط باطائرتي من كلّ جانب..

 

سألت نفسي في طريق العودة:تُرى..هل يعلم المسؤولون عندنا مالذي يجري في معسكرات الخارج؟ تُرى ..لو كانوا يعلمون ويسكتون فبماذا نصفهم؟ تُرى ..لو كانوا لايعلمون بالمرّة ..فماذا نقول عنهم؟..وتذكرت أمي التي تركتها على فراش المرض.. ودعواتها لي قبل الخروج من المنزل..وتذكرت أبي الذي مات أيام الحصار..وآخر اللحظات مع خطيبتي ياسمين.. ودموعها وهي تودّعني..وصورتها المنقوشة على جدران قلبي..وشممتُ رائحة الوطن..وحاصرتني وجوه العراقيين الطافحة بالقهر والحرمان..وتذكرت أصدقائي..واخواني وجيراني ..وبكيت على العراقيين بحرقة.