خطاب المرحلة (571) (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)

| |عدد القراءات : 1738
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
 

بسم الله الرحمن الرحيم

 (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)([1])

(الشورى:30)

حقيقة قرآنية تكشف عن واحدة من السنن الإلهية الجارية في العباد، فالمصيبة هي النازلة والنائبة التي تحل بالإنسان وسُميت بذلك لأنها تصيب الإنسان المقصود والمستهدف بها وتحقق الغرض المطلوب كما يصيب السهم الهدف بدقة، وسياق الآية ظاهر في كون المراد من (كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) خصوص السيئات والمعاصي وستأتي الإشارة إلى احتمال آخر بإذن الله تعالى، والباء سببية.

فيكون معنى الآية ان المصائب التي تنزل بكم أيها الناس في دينكم أو أنفسكم أو أهليكم أو أموالكم أو امتيازاتكم وسائر ما أنعم الله به عليكم من نعم معنوية ومادية هي بسبب بعض ما صدر منكم من الذنوب وليس كلها، لأن الله تعالى (يَعْفُو عَن كَثِيرٍ) ابتداءاً بالفضل أو جزاءاً على عمل صالح، قال تعالى (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) (النساء:31).

وكون المصائب بسبب افعالكم لا يلغي كونها من عند الله وبإذن الله لأنه تعالى مسبب الأسباب ومدبّر الأمور فالأسباب طولية، فالمصائب تقع بسبب أفعال العباد المباشرة وغير المباشرة لكن بإذن الله تعالى وبفعل القوانين التي جعلها الله تعالى للموجودات ولو شاء سبحانه لدفع عنهم (وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) لكن الله تعالى يتركهم أحياناً أهدافاً للسهام التي اعدّوها هم لأنفسهم لتصيبهم بفعل القوانين الطبيعية التي جعلها الله تعالى، كمن يسقط من شاهق بفعل الجاذبية الأرضية فتتكسر عظامه فان ما أصيب به نتيجة فعله ولو شاء الله تعالى لعطّل قانون الجاذبية كما عطّل قانون الاحراق للنار التي اوقدت للنبي إبراهيم (×) لكن حكمة الله تعالى اقتضت جريان قانون الجاذبية لتستقر الحياة وتنتظم، قال تعالى (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) (التغابن:11).

ومن هنا يتضح الفرق بين السيئة التي فيها رفع يد وعدم دفع من الله تعالى وبين الحسنة التي هي بتوفيق وتمكين مباشر من الله ومن عند الله قال تعالى (وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً * مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ) (النساء:78-79).

وقد أضاف الله تعالى مزيداً من فضله بأن جعل هذه البلاءات التي تمرّ على الانسان بسبب أفعاله أو أفعال المجتمع كفارة لذنوبه وعلواً في درجاته، لذا دلَّت بعض الروايات على ان هذه الآية من أكثر الآيات الكريمة التي تعيد الأمل والرجاء إلى العاصين لما تضمنّته من البشارة بسقوط الكثير من الذنوب بالمصائب والبلاءات أو العفو والمغفرة ابتداءاً بإذن الله تعالى ففي مجمع البيان والدر المنثور عن علي (×) قال (قال رسول الله (|) (خير آية في كتاب الله هذه الآية: يا علي ما من خدش عود ولا نكبة قدم الا بذنب، وما عفا الله عنه في الدنيا فهو أكرم من أن يعود فيه، وما عاقب في الدنيا فهو أعدل من ان يثني على عبده)، وروي عن أمير المؤمنين (×) قوله (إني احدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم أن يعيه: ما عاقب الله عبداً مؤمناً في هذه الدنيا الا كان أحلم وأجود وأمجد من أن يعود في عتابه يوم القيامة)([2]).

فالآية فيها تطمين بكرم الله تعالى ورحمته اذ إن ما يحل بهم من مصائب هو بعين الله تعالى وفيه تخفيف للذنوب والاوزار التي تثقل الظهر، والله تعالى شفيق رؤوف بعباده فيختار لهم الحال الذي يناسب صلاحهم، ففي مجمع البيان: روى أنس عن النبي (|) عن جبرئيل عن الله جل ذكره (إن من عبادي من لا يصلحه الا السقم ولو صححته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه الا الصحة ولو اسقمته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه الا الغنى ولو أفقرته لأفسده، وذلك أني ادبّر عبادي لعلمي بقلوبهم).

وفيها تحذير أيضاً من اقتراف المعاصي لأنها ستكون سبباً لتعرضهم لمزيد من البلاء في الدنيا فاذا أرادوا دفع هذا البلاء أو تقليله فليتجنبوا أسبابه وهي الذنوب، فهذا التحذير رحمة أخرى بالإنسان وشفقة عليه، روي عن أمير المؤمنين (×) قوله (توقوا الذنوب، فما من نكبة ولا نقص رزق الا بذنب حتى الخدش والكبوة والمصيبة، قال الله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم، فما زالت نعمة ولا نضارة عيش الا بذنوب اجترحوها ان الله ليس بظلام للعبيد، ولو أنهم استقبلوا ذلك بالدعاء والإنابة لما نزلت، ولو أنهم إذا نزلت بهم النقم وزالت عنهم النعم فزعوا إلى الله عز وجل بصدق من نياتهم ولم ينهوا ولم يسرفوا لأصلح لهم كل فاسد ولرد عليهم كل صالح.)([3]) وعن الامام الصادق (×) (إن العبد اذا كثرت ذنوبه، ولم يكن عنده من العمل ما يكفّرها، ابتلاه بالحزن ليكفرها)([4])  وعلى هذا فالآية عامة للمؤمنين والكافرين.

وهنا تثار عدة أسئلة حول مضمون الآية:

الأول: كيف نطّبق الآية على ما يصيب الأنبياء والائمة (^) من البلاءات وهم معصومون من الزلل والذنب؟ أو الأطفال الذين هم دون سن التكليف مثلاً؟ والجواب يمكن أن يكون بوجوه:

1.     ان يقال ان المعصومين (^) خارجون من موضوع الآية وهم الناس الذين يكونون عرضة للمعاصي بعد ان علمنا ان المقصود بها المصائب التي تحصل بسبب الذنوب فالمخاطب بها من يجوز صدور المعصية منه، والأئمة (^) معصومون منها فهم خارجون من الخطاب أصلاً أي تخصصاً لا تخصيصاً.

وان بلاءاتهم تكون لرفع مقاماتهم عند الله تبارك وتعالى ففي الكافي بإسناده عن علي بن رئاب قال (سألت أبا عبدالله (×) عن قول الله عزوجل (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أرأيت ما أصاب علياً وأهل بيته (^) من بعده أهو بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال (×): إن رسول الله (|) كان يتوب إلى الله ويستغفر في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخصُّ اولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها) وفي قول النبي (|) لسبطه الحسين (×) ( إن لك عند الله مقامات لن تنالها الا بالشهادة)([5]).

فبلاءاتهم (سلام الله عليهم) مشمولة بخطاباتها المناسبة فقد ورد عن أميرالمؤمنين (×) قوله (إن البلاء للظالم أدب وللمؤمن امتحان وللأنبياء درجة وللأولياء كرامة)([6]) وهذا مستفاد من الحوار الذي جرى بين الامام زين العابدين (×) والملعون يزيد، حينما أُدخل أهل بيت النبي (|) على يزيد فقال للإمام السجاد (×) متشفياً شامتاً: يا علي: ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم) فأجاب (×) (كلا، ما نزلت هذه فينا، إنما نزل فينا (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (الحديد:22 –23) فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا من أمر الدنيا ولا نفرح بما أوتينا)([7]). فيمكن ان يكون البلاء للتزهيد في الدنيا وزيادة التبصرة في حقيقتها.

2.     ان يقال ان الخطاب في الآية ليس موجهاً لأفراد الناس بما هم افراد أي لكل فرد على حدة بل بما هم مجموع فالعموم هنا مجموعي وليس استغراقياً، أي أن ما أصابكم كمجتمع من بلاءات خاصة أو عامة كالمجاعة والزلازل والفتن الداخلية والعدوان الخارجي ونحو ذلك هي بسبب ما صدر من بعضكم من معاصي وسكوت أو رضا بعض آخر فأصاب البلاء الجميع بلا استثناء حتى من لم يكن من هذين القسمين ويكون البلاء رحمة للمؤمنين ونقمة على الكافرين، وحينئذٍ يكون ضمير (كم) في (أصابكم) أعم من (كم) في (أيديكم) لان الأول يشير إلى الكل والثاني إلى البعض، وتكون حينئذ الآية بمعنى قوله تعالى (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الأنفال:25) وقوله تعالى (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41). وفي الحديث الشريف عن محمد بن عرفة قال (سمعت أبا الحسن الرضا (عليه‌السلام) يقول: لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم.)([8]).

3.     أن نقول كأطروحة ان (مَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) تشمل الحسنات أيضاً فتكون المصائب التي تقع على الصالحين هي بما كسبت أيديهم ولكن من الحسنات لأنها تثير حسد الأعداء وتوغر صدورهم ويزين لهم الشيطان الانتقام من الصالحين بألوان الظلم والعدوان قال تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ) (النساء:54) فتكون اصابتهم في سبيل الله على يد أعداء الله ويكون للآية حينئذٍ دور في تخفيف الآم ومعاناة الصالحين والعاملين الرساليين بأن ما يصيبهم نتيجة نجاحهم وتألقهم.

الثاني: ان المعروف ان الدنيا دار عمل ولا حساب، والآخرة دار حساب ولا عمل فكيف حصل الجزاء في الدنيا؟ والجواب يكون بأكثر من وجه أيضاً:

1.     ان هذا المعنى المعروف صحيح في الجملة وعلى القاعدة الا أنه ليس بشكل مطلق ولا يمنع من حصول جزاء في الدنيا تخفيفاً على العبد واشفاقاً عليه حتى لا يتعذب بها في الآخرة كما أسلفنا والأول لا يقارن بالثاني كما في دعاء أمير المؤمنين (×) المعروف بدعاء كميل (وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفِي عَنْ قَلِيلٍ مِنْ بَلاءِ الدُّنْيا وَعُقُوباتِها..) (فَكَيْفَ احْتِمالِي لِبَلاءِ الآخِرَةِ وَجَلِيلِ وُقُوعِ المَكارِهِ فِيها، وَهُوَ بَلاءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ..)، أو تحذيراً للعبد حتى يراقب نفسه أكثر ويجتنب المعاصي.

كما أن الانتقال إلى الآخرة لا يمنع من استمرار العمل ووصول الأجر على العمل ففي الحديث الشريف (اذا مات المؤمن انقطع عمله الا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)([9]) و قال النبي (|) (من سن سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء)([10])  .

2.     ان هذه المصائب ليست جزاءاً للأعمال وإنما هي آثار طبيعية لها اقتضتها العلاقات الوثيقة والسنن الكونية الرابطة بين المخلوقات والقوانين اذ تؤكد الآيات الشريفة ان الناس كلما وافقوا النظام الكوني وانسجمت طاعتهم للقوانين التشريعية مع انقيادهم للقوانين الكونية فانهم سينالون بركات كثيرة وان خالفوها أصابتهم الكوارث قال تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) (الأعراف:96).

ويظهر هذا الارتباط الوثيق من قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:11) فأن حالهم في جميع نواحي الحياة المادية والمعنوية يتغير من الصلاح إلى الفساد وبالعكس بحسب سلوكهم هم في هذا الاتجاه او ذاك.

هذا بغضّ النظر عمّا تقتضيه بعض الاستثناءات أحياناً كالابتلاء لرفع الدرجات أو اغداق النعم للاستدراج (ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) (الأعراف:95).

الثالث: ان مقتضى الآية حينئذٍ عدم بقاء ذنوب على الناس لأنها بين مكفّرة بالمصائب أو مُعفى عنها فلا يؤاخذون على ذنب في برزخ او قيامة وهو خلاف ما دلّ على وجود العذاب والمؤاخذة في القبر وفي القيامة، قال تعالى (وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (آل عمران:185) وقال تعالى (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) (النحل:61) فكل مظلمة وذنب يؤاخذ بها في البرزخ أو القيامة الا ما غفرت بالتوبة أو تذهب بحسنة أو بشفاعة في الآخرة ونحو ذلك، ويزداد الاشكال في الكافرين باعتبار شمول الآية للمؤمنين والكافرين.

والجواب:

1.     لا مانع من الالتزام بعدم بقاء ذنوب على من محصّهم البلاء وطهرهمّ في الدنيا ولو لخصوص المؤمنين بفضل الله تعالى وكرمه وقد ورد هذا المعنى في بعض الروايات كقول النبي (|) (لا يزال البلاء في المؤمن والمؤمنة في جسده وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة)([11])  .

2.     ان الآية لا تفيد هذا المعنى لأنها بصدد بيان الترابط بين الذنوب وآثارها الوضعية في الدنيا بإصابته بأنواع البلاء وليست بصدد بيان المجازاة على الأفعال مع ملاحظة العفو عن كثير بلطف الله تعالى وكرمه حيث جعل اسباباً لتكفير الذنوب والعفو عنها كالصدقة والدعاء والاستغفار وفعل الحسنات ونحو ذلك.

وفي الختام ينبغي الانتباه إلى ان هذه المعنى للآية لا يبرّر الاستسلام للمصاعب والمشاكل وعدم السعي لمعالجتها وإزالتها بإذن الله تعالى على أساس أن الله تعالى أرادها أن تكون كذلك فهذا فهم غير مستقيم، وإنما على المؤمن التوسل بالأسباب لدفع الضرر والاذى والسوء، فاذا لم ينجح في دفعها لاحظ المعنى المذكور في الآية وحينئذٍ تحصل له حالة الندم على فعل المعصية فيستغفر منها ويعقد العزم على عدم العودة إليها.

فتكون الآية وسيلة تربوية ناجحة لعودة الانسان إلى رشده وإعادة الأمل إليه، وتكشف عن مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية.



([1]) كلمة ألقيت يوم الجمعة 8 / ربيع الأول / 1440 المصادف 16 / 11 / 2018

([2]) نور الثقلين: 4/580 ح 94

([3]) نور الثقلين: 4/ 582 ح 101 عن كتاب الخصال في باب الاربعمائة.

([4]) أصول الكافي: ج 2، كتاب الايمان والكفر، باب تعجيل عقوبة الذنب، ح 2

([5]) ينابيع المودة لذوي القربى، للقندوزي،ج3،ص46.

([6]) بحار الانوار: 81 / 198

([7]) نور الثقلين: 4 / 580 عن تفسير علي بن إبراهيم.

([8]) وسائل الشيعة: ٢١١٣٠

([9]) البحار: ج2 ص22 ، جامع الأخبار: ص105

([10]) جامع أحاديث الشيعة - السيد البروجردي - ج ١٤ - ص ٢٧

([11]) بحار الأنوار: 67 / 236 ح 54 وأحاديث أخرى في ميزان الحكمة: 3/385