خطاب المرحلة (560) بالإرادة يمكن تغيير العادة

| |عدد القراءات : 786
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
 

بسمه تعالى

بالإرادة يمكن تغيير العادة([1])

توجد أمثال يتداولها الناس تشكّل خطورة على تفكيرهم وسلوكهم وتؤثر في عقلهم الباطن ويرددونها ويتمسكون بها من دون أن يعوا خطورتها، مثلاً قولهم (من شبَّ على شيء شاب عليه) ومثله (العادة التي في البدن لا يغيّرها الا الكفن) وترى كثيراً ممن يُطالب بإصلاح عادة جرى عليها أو يراد تغيير حالات وتقاليد اجتماعية متوارثة فيجابّه بهذه الامثال وكأنها أدلة وحجج دامغة ذات مصداقية لترك هذه المحاولات.

وهنا تكمن خطورة مثل هذه الامثال لأنها تتحول إلى مبررات للعجز والتكاسل والاستسلام للعادة من دون محاولة لمعالجتها، بل تتحول إلى سلاح بيد من يريد أن يرسخ هذه العادات في سلوك الفرد أو المجتمع.

وفي الحقيقة فإن هذه الامثال باطلة بدليل ان الله تعالى بعث الأنبياء والرسل وانزل الشرائع السماوية لتغيير الانسان وإصلاحه وتهذيب نفسه وسلوكه ولو كانت هذه الامثال صادقة لانعدمت الفرصة لأي عمل تغييري، وإن كل العقلاء يستنكرون هذه الامثال لأن كل الأمم تضع برامج للتربية والتعليم وتحسين الاخلاق وهذا يعني إمكانية تغيير ما اعتاد عليه الانسان.

خذ مثلاً شهر رمضان الذي انقضى قبل عدة أسابيع فأنه يغيِّر ما اعتاد عليه الانسان خلال أحد عشر شهراً من نمط غذائي أو حياتي وما إن يحل هذا الشهر الكريم حتى يمتنع الانسان من الأمور المحلّلة التي كانت مباحة له طاعة لأمر الله تعالى فيستجيب لهذا الأمر بلا أي كلفة ولا مقدمات طويلة.

وهكذا ترى شخصاً قد اعتاد على التدخين خمسين سنة مثلاً ثم ينهاه الطبيب عنه فتراه يمتنع مباشرة، أو شخصاً يسرف في المأكولات فازداد وزنه إلى درجة مضرّة بصحته فيُطالب بتقليل الوزن ويوضع له نظام غذائي صارم فيغيّر عادته مباشرة ويلتزم بهذا النظام وهكذا.

وكل ما يحتاجه الانسان هو العزم والإرادة لإحداث التغيير وحينئذٍ سيعينه الله تعالى وييسّر له ويحقق نتائج مذهلة لا يتوقعها فبعض الشباب يشتكي من ابتلائه بعادة سيئة كالنظر إلى النساء ويظّن انه غير قادر على تجاوز هذه الحالة، لكنه لما اقتنع بخطأ هذا الفعل وعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة تولد عنده عزم على الترك وإرادة قوية للتغيير ونقصد بكلامنا طبعاً تغير العادة السيئة، اما العمل الصالح فيحث الشارع المقدس على المواظبة عليه والالتزام به وإن لم يكن واجباً، ففي حديث عن الامام الصادق (×) قال (لا يقضي شيئاً من صوم التطوع الا الثلاثة أيام التي كان يصومها في كل شهر، ولا يجعلها بمنزلة الواجب الا أني أحبّ لك أن تدوم على العمل الصالح)([2]). وهكذا ورد في صلاة الليل فأنه يستحب لمن فاتته قضاؤها في اليوم التالي كالواجبة لأجل أن يسجَّل في المداومين عليها فيبعثه الله مقاماً محموداً.



([1]) من حديث سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) مع حشد من طلبة السادس العلمي الذين استفادوا من مبادرة سماحته بفتح كافة الجوامع والحسينيات والمكاتب والمؤسسات لاستضافتهم وخدمتهم خلال استعدادهم للامتحانات العامة وتوفير أسباب الراحة لهم فجاءت هذه المجموعة من الكوت لتقديم الشكر لسماحته يوم الخميس 5 / ذو القعدة / 1439 المصادف 19 / 7 / 2018.

([2]) وسائل الشيعة: 10/223، أبواب من يصح الصوم منه، باب 21 ح 2