بادر الى التوبة فأنها تصعب بالتأخير-التورط بأموال الناس نموذجاً

| |عدد القراءات : 944
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بادر الى التوبة فأنها تصعب بالتأخير

التورط بأموال الناس نموذجاً

قال الله تبارك وتعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء:17)

فالمطلوب المبادرة الى التوبة وإصلاح الحال لان الاستمرار على الخطأ والخطيئة يصعّب العودة ويعقّد الوضع، من وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبن مسعود (لاتقدِّم الذنب ولا تؤخر التوبة، لكن قدِّم التوبة  وأخرّ الذنب)[1] .

ولنأخذ مثلاً أحد الذنوب الكبيرة التي كثر الابتلاء بها وهو الدخول في اعمال الظالمين طمعاً بالاستفادة من دنياهم، سواء كان هؤلاء الظلمة قادة سياسيين او رؤساء عشائر او زعماء جماعات القتل والخطف والابتزاز وقبض الرشاوي ونحو ذلك، وقد وردت الروايات الكثيرة في الحرمة المغلّظة في أعمالهم، منها عن ابي بصير قال (سألت ابا جعفر الباقر (عليه السلام) عن أعمالهم فقال لي: يا أبا محمد، لا ولا مدة قلم، ان أحدهم (أحدكم) لا يصيب من دنياهم شيئاً الا اصابوا من دينه مثله)[2].

فالحذر الحذر من الدخول في شيء من ذلك ومن تورّط فعليه بالإسراع في الخروج منها والا فان الرجوع الى الحق سيكون صعباً، روى الشيخ الكليني بسنده عن حميد قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): اني ولّيت عملاً فهل لي من ذلك مخرج؟ فقال: ما أكثر من طلب المخرج من ذلك فعسر عليه، قلت: فما ترى؟ قال: ارى ان تتقي الله عز وجل ولا تعد)[3].

ولكي نعرف كيف يصعب الحل ويصبح ثقيلاً جداً على النفس الاستجابة اليه، نقرأ الرواية التالية من الكافي بسنده عن علي بن ابي حمزة قال (كان لي صديق من كتاب بني أمية فقال لي: استأذن لي على أبي عبدالله (عليه السلام) فاستأذنت له، فأذن له، فلما ان دخل سلم وجلس، ثم قال: جعلت فداك أني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالاً كثيرا، وأغمضت في مطالبه، فقال أبو عبدالله (عليه السلام): لو لا ان بني أمية وجدوا لهم من يكتب ويجبي لهم الفيء ويقاتل عنهم  ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا الا ما وقع في أيديهم. قال: فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال: ان قلت لك تفعل؟ قال: أفعل، قال له فأخرج من جميع ما كسبت في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدقت به، وانا أضمن لك على الله عز وجل الجنة، فاطرق الفتى طويلاً ثم قال له: لقد فعلت جعلت فداك. قال بن ابي حمزة: فرجع الفتى معنا الى الكوفة فما ترك شيئاً على وجه الأرض الا خرج منه حتى ثيابه التي كانت على بدنه قال: فقسمت له قسمة واشترينا له ثياباً وبعثنا اليه بنفقة، قال: فما اتى عليه الا أشهر قلائل حتى مرض، فكنا نعوده، قال: فدخلت يوماً وهو في السوْق[4] قال: ففتح عينيه ثم قال لي: يا علي وفى لي والله صاحبك، قال: ثم مات فتولينا أمره، فخرجت حتى دخلت على أبي عبدالله(عليه السلام)، فلما نظر الي قال لي: يا علي وفينا والله لصاحبك، قال: فقلت صدقت جعلت فداك هكذا والله قال لي عند موته.)[5]

 



[1] - مكارم الاخلاق ص 29، بحار الانوار: 77/104 ح 1

[2] - الوسائل:17/179 أبواب ما يكتسب به باب 42 ح 5

[3] - الوسائل: 17/189 الباب 45 ح 5

[4] - أي حالة الاحتضار ونزع الروح فكأنها تُساق لتخرج من البدن

[5] - وسائل الشيعة: 17 / 199 ، أبواب ما يكتسب به، باب 47 ح 1