زيارة باقي مساجد ومشاهد المدينة المنورة

| |عدد القراءات : 2487
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

زيارة باقي مساجد ومشاهد المدينة المنورة:

          يستحب إتيان المساجد والمشاهد كلها التي حول المدينة المنورة.

          فقد ورد في الحديث الصحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (لا تدع إتيان المشاهد كلها: مسجد (قبا) فإنه المسجد الذي أُسس على التقوى من أول يوم، و (مشربة أم إبراهيم) ومسجد (الفضيخ) وقبور الشهداء، و (مسجد الأحزاب) وهو مسجد الفتح).

          قال: (وبلغنا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا أتى قبور الشهداء قال: السلامُ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).

          وليكن فيما تقول عند مسجد الفتح:

          (يَا صَرِيخَ المَكرُوبِينَ، وَيَا مُجِيبَ المُضطَرِّينَ اكشِفْ عَنِّي هَمِّي وَغَمِّي وَكَرْبِي كَمَا كَشَفْتَ عَن نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَكَرْبَهُ وَكَفَيتَهُ هَولَ عَدُوِّهِ في هَذا المَكَانِ).

          وورد في حديث آخر أنه سُئل الإمام الصادق (عليه السلام): (أنا نأتي المساجد التي حول المدينة فبأيها نبدأ؟ فقال (عليه السلام): ابدأ بـ(قباء) فصلّ فيه وأكثر، فإنه أول مسجد صلى فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه العرصة، ثم ائتِ (مشربة أم إبراهيم) فصلّ فيها وهي مسكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومصلاه ثم تأتي مسجد (الفضيخ) فتصلي فيه فقد صلى فيه نبيك، فإذا قضيت هذا الجانب أتيتَ جانب أحد فبدأت بالمسجد الذي دون الحَرَّة فصليت فيه، ثم مررت بقبر حمزة بن عبد المطلب فسلّمت عليه، ثم مررت بقبور الشهداء).

          ولا يخفى أنه يقال للغرفة مشربة، ومشربة أم إبراهيم كانت تسكنها ماريّة القبطية زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأم إبراهيم (عليه السلام)، ومن الدور التي كان يسكنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو مسجد.

          ومسجد (فضيخ) يقع شرقي مسجد (قبا) على قرب منه وإنما سُمّي بـ(الفضيخ) لوجود نخل التمر فيه، ولهذا المسجد اسم آخر (مسجد رد الشمس) لأنه رُدّت فيه الشمس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه على ما جاء في الروايات([1]).

          وغير هذا المسجد يوجد مسجد آخر في محلة بني النضير يسمى أيضاً مسجد فضيخ وينقل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند غزوته لبني النضير صلى فيه ستة أيام.

          وفي ناحية أحد يوجد مسجد اسمه (مسجد الحرة) يقرب من حرة المدينة، ومسجد آخر في جنب جبل أحد كان مكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أيام غزوة أحد، ومسجد الأحزاب المسمى بمسجد الفتح كان أيضاً مكان صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أيام غزوة الأحزاب.

          ومن المساجد المشهورة في المدينة المنورة مسجد أمير المؤمنين (عليه السلام) ومسجد فاطمة سلام الله عليها ومسجد سلمان (عليه السلام) ومسجد القبلتين ومسجد المباهلة ومسجد الغمامة.

          وغير خفي على القارئ الكريم أن في المدينة المنورة وحواليها مساجد كثيرة شيد كل منها بمناسبة وقضية وحادثة مهمة، فكل واحدة من هذه المساجد تذكّر الإنسان بالحوادث والوقائع التأريخية المهمة التي وقعت في صدر الإسلام على يد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام وأصحابه الذين اتبعوه بإحسان.

          فزيارة هذه المساجد في الحقيقة توجب إحياء تلك المعنويات التي كان يتمتع بها المسلمون في الصدر الأول وبسببها تمكّنوا من الدفاع عن الإسلام والتوحيد والوقوف أمام الشرك والمشركين مع قلّة العدد وفقدان الإمكانات اللازمة وفي أحرج الحالات، وجعلوا كلمة الله هي العليا وكلمة أعدائه هي السفلى وتحملوا أنواع الأذى في سبيله.

          كما ونذكر أيضاً عند زيارتنا لهذه المساجد ذكريات عن حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما تحمله من ألوان المصاعب والمتاعب والأذى لأجل تبليغ رسالته السماوية الخالدة وما تحمّله أهل بيته عليهم السلام في هذا السبيل.

          ومن المناسب على الزوار المحترمين أن يصلّوا في كل مسجد ركعتين تحية المسجد ويرفعوا بعدها أكف الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى لأنفسهم ولوالديهم ولإخوانهم المؤمنين ولا سيما للمؤمنين والمسلمين الذين هم في المحنة والبلاء والعذاب في شرق الأرض وغربها.

          ومن المساجد التي ورد التأكيد بالصلاة فيها (مسجد الغدير) الواقع بين طريق مكة والمدينة لأن في هذا المكان نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) بالخلافة والإمامة من بعده بأمر من الله تعالى، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام): (يستحب الصلاة في مسجد الغدير لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أقام فيه أميرَ المؤمنين (عليه السلام) وهو موضع أظهر الله عز وجل فيه الحق)([2]).

          ولكن كما مضى سابقاً أفضل المساجد هناك بعد مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مسجد (قبا) كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (من أتى مسجد قبا فصلى فيه ركعتين رجع بعمرة)([3]).

 



([1]) راجع الكافي: ج4، ص 562.

([2]) الكافي: ج4، ص 567.

([3]) كامل الزيارات: ص 25، البحار: 97، ص 215.