في تأبين شهداء ناحية ابي صيدا في محافظة ديالى
في تأبين شهداء ناحية ابي صيدا في محافظة ديالى
بسمه تعالى
قُدِرَ للمؤمنين الموالين لأهل بيت النبوة في محافظة ديالى ان يكونوا راس الحربة في مواجهة الإرهاب و التكفير و حرب الإبادة التي شنها أحفاد الخوارج وبني أمية وناصبي العداء لأهل البيت (عليهم السلام )
على كل من تمسك بالعروة الوثقى ووفى لرسول الله (صل الله عليه واله وسلم ) بمودته في قرباه .
وقد تحمل هؤلاء الشرفاء ما تحملوا من التضحيات بالنفس والمال و الولد و الأهل وسائر ما يملكون ،حتى اللقمة التي يتقوتون بها ، ولم يتخلوا عن واجبهم الذي اختارهم الله تعالى له فصانوا حرمة العقيدة ووطّدوا أركانها وردّوا كيد الباغين والمارقين .
وكان تفجير أمس في ناحية أبي صيدا نموذجا للسم الزعاف الذي تقذفه القلوب السوداء القاسية فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، والذي اودى بحياة العشرات من الأبرياء وإصابة عشرات آخرين .
لقد كان ضمن الشهداء بعض العاملين الرساليين الذي ثبتوا أيام المحنة و واصلوا الليل والنهار في حفظ ثغور أهل الحق ولم يصبهم الوهن و الكسل ولم يدخروا جهدا في الدفاع عن الحق وأهله المستضعفين المحرومين ،وكأنهم كانوا على سباق مع الزمن ويريدون أن يثقلوا موازينهم بكل ما يسعه العمر من الأعمال الصالحة ، لان الموت كان يحفّهم من كل جانب فكانوا يسابقونه لاغتنام فرص الخير و الطاعة في كل ساحات العمل من بناء المساجد و الحسينيات وإقامة الشعائر الدينية و كفالة الأرامل و الأيتام ومساعدة المحتاجين والمتضررين ،ونشر الوعي و الثقافة وأحكام الدين ، وبناء شخصية المسلم الواقعي كما يريده أهل البيت (عليهم السلام )، هذا كله بيد وحملوا باليد الأخرى السلاح ليدافعوا عن أنفسهم و أعراضهم ومبادئهم ضد الاجتياح الهمجي للإرهاب، حتى كسروا شوكته وردّوه على الأعقاب .
وفي نصرة واضحة من الاحتلال للإرهاب، قام الغزاة باعتقال هؤلاء الشرفاء وتغيبهم بالسجون مدة طويلة حتى منّ الله عليهم بالفرج، فخرجوا أكثر تمسكاً بمبادئهم وتماسكاَ في نصرة الحق و المستضعفين ،وبقي الإرهابيون المجرمون يتربصون بهم حتى غدروا بهم وهم يستعدون لإقامة احتفال مهيب في ذكرى منقذ البشرية من الأوغاد و الظلمة و المستكبرين والمجرمين .
فالإمام المهدي ( أرواحنا له الفدى) هو المعزّى الأول باستشهاد مثل هؤلاء الجنود الأبطال الممهدين لدولته المباركة فقد اقرّوا عينه الشريفة بجهادهم وجهودهم ، ونقسم عليه بالله تبارك وتعالى وبأجداده الطاهرين أن يتلقّاهم بعين الرضا وان يضمّهم في كنفه ويحميهم من كل هول وينقلهم إلى روح وريحان وجنة نعيم .
إن الشهداء {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} ( آل عمران 170- 171).
وفي الرواية إن والد الصحابي جابر ابن عبد الله الأنصاري لما استشهد في معركة اُحد بين يدي رسول الله ( صل الله عليه وآله وسلم ) ولاقى ربه قيل له اطلب ما شئت ، قال اطلب أن أعود إلى الدنيا لأقتل من جديد لِما رأى من الكرامة التي أعدها الله تعالى بفضله للمستشهدين في سبيله .
فطوبى لهؤلاء النبلاء الذين لم يكفهم أن قدمّوا كل شيء في حياتهم حتى قدمّوا حياتهم نفسها فخرج أحدهم من هذه الدنيا خفيفاً بل معدماَ من حطامها، بل قد أثقلته الديون ، لكن ميزانه ثقيل بالأعمال الصالحة .
نسأل الله تعالى أن يُنزل السكينة والطمأنينة والصبر على قلوب والديهم، وان يقّر أعينهم بهذه القرابين العزيزة، وان يجعل من هؤلاء الشهداء نبراساً للعاملين الرساليين ومصابيح هدى تضيء الدرب للأمة وتدلهم على الصراط المستقيم في هذا الزمن الصعب الذي كثرت فيه دروب الضلال وأساليب الفساد و الخداع .
وإنا لله وإنا اليه راجعون .
محمد اليعقوبي
9/ شعبان / 1431هـ
22/ 7 / 2010 م