استشعروا حضور المعصوّم عند زيارته بل مطلقاً
بسمه تعالى
استشعروا حضور المعصوّم عند زيارته بل مطلقاً([1])
ذكرت كتب السنن والمستحبات آداباً لزيارة المعصومين (عليهم السلام) فيها تمام الزيارة وحسن قبولها فيحسن التعرف عليها والعمل بها قدر الإمكان، ووضع هذه الآداب ومراعاتها امر جرى عليه العقلاء عند زيارة ذوي الجاه والشأن من امثالهم كمسؤول كبير في السلطة ويعاقب احياناً من يخالفها ويخرج عنها، فكيف لا توضع آداب لزيارة خير الخلق والحضور عند حجج الله على الخلق أجمعين.
وما اريد الإشارة اليه من تلك الآداب الإحساس الوجداني بحياة المعصوم (عليه السلام) وحضوره حينما تزوره وتخاطبه فانهم لا يحجبهم تراب القبر ولا الضريح المقام عليه، وهم احياء بنص الآية الشريفة {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران : 169] وهم سادة الشهداء وائمتهم فحياتهم اكيدة، ولذلك فان نصوص الزيارات بصيغة المخاطب وهي لا تكون الا مع حي موجود .
وهم يروننا ويسمعون كلامنا ويردّون سلامنا، لكننا محجوبون عن سماع ذلك لغفلتنا وقسوة قلوبنا وانشغالنا بأمور الدنيا وقصورنا الذاتي بسبب وجودنا المادي، لكن ذوي العقول الواعية والقلوب السليمة يفهمون لغة التخاطب وهذا ما اكدته الروايات ونصوص الزيارات ففي نص الاستئذان لدخول كل الروضات الشريفة ( اللهم اني اعتقد حرمة صاحب هذا المشهد الشريف في غيبته كما اعتقدها في حضرته واعلم ان رسولك وخلفائك (عليهم السلام ) احياءٌ عندك يرزقون، يرون مقامي ويسمعون كلامي ويردّون سلامي، وانك حجبت عن سمعي كلامهم وفتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم) ([2])
ومما يستوقفنا في هذا النص قوله (يرون مقامي) وهي تعني انهم يرون زيارتي وحضوري في مشهدهم والوقوف عندهم للسلام عليهم والاعتراف بإمامتهم، وتعني أيضا انهم يعلمون منزلتي وصورتي الحقيقية ومقامي المعلوم عند الله تعالى مهما حاولت ان احسّن ظاهري واجّمل صورتي الخارجية لكن حقيقتي لا تخفى عليهم ويعرفون بالضبط لكل شخص مقامه الحقيقي.
وإذا التفتنا الى هذه الحقيقة ووعيناها كنّا أكثر رعاية لمقتضيات الادب في حضرة المعصوم (عليه السلام) وأداء حق المولوية لحجج الله تعالى على الخلق أجمعين، فنحن لسنا فقط في حضرة الرب العزيز العليم وانما في حضرة المعصومين (عليهم السلام)، وهذا الحضور لا يقتصر على حال وجودنا في مشاهدهم المشرفة بل في جميع احوالنا، لانهم (سلام الله عليهم) لا يحدُّهم مكان وهم مطلّعون على اعمال الخلائق وهذا ما نصَّت الآية الكريمة {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة : 105] وهذا يدعونا الى المزيد من الحذر والالتفات لما نقول وما نفعل ومزيد من العمل المثمر المبارك الذي يرضي الله تعالى والمعصومين (عليهم السلام) مما فيه خير الناس وصلاحهم وسمو الشخص وكماله .
فلابد ان نستحضر هذه المعاني عند زيارة المعصوم (عليه السلام) ونتأدب بهذا الادب ومن لا يكون كذلك فانه لا يفقه معنى الزيارة كالذي يقوم به البعض من الأفعال المستهجنة كالصياح بغضب على احد ضايقه مثلاً او الخوض في احاديث لغوية لا قيمة لها، بل تصدر بعض الأفعال المنكرة أحياناً مما لا ينبغي ذكره صريحاً .
[1] ) كلمة سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) في وفد كبير من شباب المواكب الحسينية في محافظة البصرة بتاريخ الأربعاء 27/ذو القعدة /1437 هـ الموافق 31/8/2016
[2] ) مفاتيح الجنان:380