خطاب المرحلة: (449) الشعب العراقي متوحد خلف قواته المسلحة وداعم لكل مشروع وطني ناهض
بسمه تعالى
الشعب العراقي متوحد خلف قواته المسلحة وداعم لكل مشروع وطني ناهض
رحّب سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) بالسيد يان كوبيش([1]) رئيس بعثة الامم المتحدة في العراق خلال زيارته ل([2])مراجع الدين في النجف الاشرف في بداية تسلّمه لعمله خلفاً للسيد ميلادينوف، وأكّد السيد يان كوبيش على المسؤولية العظيمة التي تحملتها المرجعية الدينية ودورها البناء في حل مشاكل البلاد والحفاظ على وحدة البلد وقال انه تشرف بلقاء المرجعية لمناقشة عدة ملفات كملف النازحين الذين يبلغ مقدارهم 3 ملايين والاسراع في اعادتهم الى ديارهم وسيطرة الحكومة على الفصائل المسلحة وقال انه يرغب بالاستماع الى التوجيهات والنصائح.
وشكر سماحة المرجع كل المساعدات الدولية سواء على الصعيد الانساني او العسكري او الاستخباراتي او السياسي و الاعلامي التي تقدّم للعراق وهو يعاني من هذه الكوارث الفظيعة التي لا تكاد تحلّ واحدة حتى تبرز اضعافها وآخرها ما شهدته الايام القليلة الماضية من نزوح مئة الف من اهلنا في الانبار وتزداد مشاكل العراق تعقيداً بسبب انعكاس الصراعات الاقليمية والدولية على ارضه .
وأكّد سماحته ان يكون التعاطي مع ما يمر به العراق ايجابيا ليكون الجهد الدولي جزء من الحل لا من المشكلة، وذكر مثالين على ذلك : احدهما الايجابي : وهو الملف النووي الايراني فعندما تحققت عندهم ارادة جدية في ان يكون الحل سلمياً ومنصفاً فأنهم صبروا واصرّوا على ان يصلوا (الى حلِ حتى حققوا نتيجة) وهو الاتفاق الاخير بنقاطه العمومية التي نرجو ان تأخذ شكلها النهائي في موعدها المحدد، فتصوروا لو ان المسالة عولجت بالعمل العسكري كيف ستكون التداعيات والنتائج كارثية على المنطقة والعالم .
ثانيهما: سلبي : وهو ما حصل بعد تحرير تكريت التي اعتبرها الدواعش عاصمتهم العالمية وحشّدوا للدفاع عنها وكانت مشاركة الحشد الشعبي متميزة وحققوا انجازات كبيرة وحرروا تكريت بعد ان قدموا تضحيات جسيمة لكنها دون ما كان متوقعاً وهم متطوعون وكثير منهم لا يستلم اي راتب وربما يقاتل بسلاحه الشخصي او يشتريه المتبرعون، ولما سطرّوا هذه الملحمة الكبيرة واعادوا المدينة الى اهلها تعالت صيحات الاتهام بحرق المنازل او سرقة المحلات، فهل قطع ابناء الوسط والجنوب مئات الكيلو مترات - وضحّوا بدمائهم بلا امتيازات تصرف لهم - هل جاؤوا ليسرقوا ثلاجة او اثاثا منزلياً ؟ واين يذهبون به وهم على هذه المسافات البعيدة لجبهات القتال ؟ وقد اكد بعض الزعماء المحليين ان القائم بهذه الافعال هم بعض ابناء المنطقة نفسها للانتقام او للثأرات بين العشائر او قام بها بقايا الصداميين المتسللين مع حشد المتطوعين لتشويه صورة القوات الامنية والحشد الشعبي وهم لهم تجارب كثيرة في السلب والنهب ؟ ولو فرض ان بعض افراد المتطوعين تجاوزوا على حقوق الناس فهل يمكن لحرب ان تحصل بلا اخطاء فلماذا تعمم على الجميع؟
اننّا نحرم بشدة هذه الانتهاكات ونرفض جرائم الثأر والانتقام ونطالب بمحاسبة المسؤولين عنها ومعاقبتهم بأشد العقوبات، لكننا يجب ان نضعها ضمن دائرة المعالجات الصحيحة ؟ كالطبيب يقوم بعملية جراحية لعضو مريض فانه يستأصله فقط دون غيره ، والا سنشعِر المتطوعين بالإحباط وعدم الاندفاع في مواجهة الارهاب ونخلق فجوة عميقة بينهم وبين سكان المناطق التي جاؤوا لتحريرها حتى صوّر بعض المغرضين ان لا فرق بين الدواعش ومقاتلي الحشد الشعبي في نظر اولئك السكان فهل هذا معقول ؟
وحذَّر سماحة المرجع من محاولات اضعاف هيمنة الدولة على مؤسساتها وما يجري على الارض والانتقاص من هيبة الجيش العراقي والقوات المسلحة عموماً وكسر معنوياتهم وجعل دورهم ثانوياً من خلال التركيز على قيادات غير نظامية لا يسعنا الا ان نشكر مساعدتها ودورها في تحقيق الانجازات لكنها لا يمكن ان تكون بديلاً عن القوات النظامية، فلابد من ابراز القيادات العسكرية الميدانية التي ابلت بلاءً حسنا وتجدها حاضرة في كل المعارك في تكريت والرمادي وغيرها .
ومن جانب اخر فقد أكّد سماحة المرجع على المعالجات الفكرية والنفسية لاجتثاث منابع المنهج التكفيري المتخلف المعادي للحضارة والانسانية من خلال اقامة مؤتمرات الحوار بين علماء الدين من جميع الطوائف والاديان وقيام وسائل الاعلام الغربية بابراز الاسلام الاصيل النقي الذي يرفض هذه الممارسات الهمجية ويدعوا الى الرحمة والعدالة والمحبة والاخوة والازدهار، حتى ان الله تبارك وتعالى يخاطب نبيه الكريم (’) {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء : 107] اي انه اُرسل لمحض الرحمة وللعالمين من دون استثناء ولذا لم يحمل سيفاً في المعارك مع انه في وسطها ولا قتل احداً بيده الشريفة .
وأكّد سماحة المرجع على وحدة العراق ارضاً وشعباً وان لا خيار بديل عن الحوار والمصالحة والمصارحة والشراكة الحقيقة المنصفة للجميع وما تتطلبه من تنازلات عن بعض السقوف العالية بغير حق، وان مشاريع التقسيم مرفوضه لانها سوف لاتبقي شيئاً اسمه العراق وتدعهُ لقمة سائغة تبتلعها حيتان دول الجوار والقوى الكبرى، وان الشعب كله – عدا بعض اصوات النشاز المأجورين لاجندات خارجية – يقف وراء قواته المسلحة وكل مشروع وطني فيه عزة وكرامة العراق وشعبه .
واكّد على جميع الاطراف السياسية العراقية و التحالف الدولي والمنظمة الدولية لدعم السيد رئيس الحكومة حتى تحقيق هذه المطالب العادلة بأذن الله تعالى، حتى يأخذ العراق دوره الريادي والقيادي في بناء مستقبل سعيد ومزدهر ليس لابناءه فحسب وانما للمنطقة كلها لانه قادر على ان يقوم بدور الوسيط المقبول والمرن لحل الكثير من مشاكل المنطقة والعالم
([1] ) من جمهورية سلوفاكيا – ولد عام 1952، التحق بالعمل الدبلوماسي في سفارات دولته جيكوسلوفاكيا منذ عام 1980 في عدة دول ومنظمات كالأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومنظمة الامن والتعاون الاوربي، شغل منصب وزير الخارجية السلوفاكي من 2006-2009 .
([2] ) تاريخ اللقاء 1/رجب/ 1436 المصادف 20/4/2015