خطاب المرحلة: (423)انتصار آمرلي ... الأسباب والدلالات

| |عدد القراءات : 2426
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save


خطاب المرحلة: (423)انتصار آمرلي ... الأسباب والدلالات 


انتصار آمرلي ... الأسباب والدلالات (1)

لقد أثلج المقاتلون العراقيون الغيارى صدورنا وأعادوا شيئاً من البسمة إلى الوجوه التي علاها الحزن والأسى، حينما توّجوا اليوم انتصاراتهم على خوارج العصر المجرمين المتعطشين للدم والخراب بتحرير مدينة آمرلي الصامدة المجاهدة وفك الحصار عن أهلها ودخول القوات الظافرة من جيش وشرطة وفصائل مسلحة وحشد شعبي لها وفتح الطرق المؤدية إليها.

          إن النصر لا شك من الله تعالى [وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ] (آل عمران:126) [إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ] (آل عمران:160) ولكن لهذا النصر أسباباً ومقدمات، منها:

1- صمود ابناء مدينة آمرلي وثباتهم وتقديم أروع صور المقاومة والتصدي للوحوش المتعطشة للدماء والخراب الذين حاصروا المدينة من جميع جهاتها أكثر من ثمانين يوماً وما انفكوا خلالها من محاولات إحداث خرق لدخولها وانزال الكارثة على اهلها ،لكن ابناء آمرلي الشرفاء الشجعان قدموا نموذجاً لشجاعة وإيمانِ وصبرِ وثبات العراقيين دفاعاً عن مقدساتهم وحرماتهم وشاركَ في تسطير هذه الملحمة الرجال والنساء والاطفال وردّوا الاعداء في كل مرة بعد إن كانوا يكبدونهم خسائر فادحة في الأشخاص والمعدات حيث استعملت الدبابات والمدرعات، وكان من بين القتلى عدد من قادتهم الاشرار وبذلك ستكون هذه المدينة الصامدة البطلة بإذن الله تعالى منعطفاً في سير العمليات المباركة لتطهير الارض من هؤلاء الارجاس وعقيدتهم الشيطانية .

2- شعور الجميع بالمسؤولية وتحمّلهم لها وقيامهم بواجبهم، ابتداءً من مراجع الدين الذين يعون دورهم الكبير والمؤثر فاتخذوا الموقف الحازم المناسب للحدث من دون مجاملة ومداهنة، إلى السياسيين الذين غلّبوا المصالح العامة على مصالحهم الخاصة وشاركوا في التعبئة العامة وتأسيس الجيش الرديف للجيش النظامي، إلى الشعب الذي هبّ لنصرة إخوانهم المستضعفين المظلومين تلبية لقوله تعالى: [وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً] (النساء:75) وللحديث الشريف: (من سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين ولم يجبه فليس بمسلم)([2]).

وهكذا توحّد الجميع حول هذه القضية فبارك الله تعالى لهم في وقفتهم وأنزل عليهم النصر.

3- الاهتمام الإعلامي الذي نالته هذه القضية بعد أن مرّت أسابيع على حصار آمرلي من تمام جهاتها من دون أن يذكرها أحد إلا أفراد قلائل كانوا يتواصلون مع أهلها عبر الهواتف ويتعرفون على احتياجاتهم وكيفية مساعدتهم وكانوا يتحركون على طيران الجيش الأبطال ليقوموا بإيصال الغذاء والدواء والسلاح الذي هم أحوج ما يكون إليه، وبقي النسيان يلفها حتى وقعت الكارثة على إخواننا المسيحيين والإيزيديين في سهل نينوى وفي جبل سنجار وسلط الإعلام عليهم وحصل تحرك دولي لمساعدتهم وإنقاذهم فشعر المتخاذلون والانتقائيون بالحرج وتحركوا باتجاه هذه المحنة، فبدأ الإعلام بتغطيتها وخرجت المظاهرات لنصرة المحاصرين والمطالبة بنجدتهم، ممّا ساهم في إيجاد موقف وطني موحّد.

4- التغييرات السياسية خلال الشهرين الماضيين والتي اقترنت بتنازلات ساهمت بفك بعض العقد وإزالة بعض العقبات وأعادت الأمل في توحيد العراقيين والمضي بمشروع وطني واسع يحفظ للجميع حقوقهم ويزيل مخاوفهم، فدفع عدداً أكبر للانخراط في عمليات تحرير البلاد.

 ولهذا النصر دلالات ومعطيات ومواعظ، منها:

1-  إن العراقيين قادرون على أن ينهضوا ويبنوا بلادهم ويحموا شعبهم ويتقدموا في طريق السيادة والحرية والازدهار والوحدة، إذا اتحدوا وأخلصوا نياتهم وشحذوا هممهم وأطاعوا قياداتهم المخلصة العاملة، ولقد حاولت بعض وسائل الإعلام والجهات السياسية في الداخل والخارج أن تنسب الإنجاز اليوم إلى مشاركة الطيران الغربي في العمليات إلا أن المراسلين الإعلاميين في ساحة العمليات نفوا وجود هذه المشاركة حتى على مستوى إلقاء المعونات الغذائية.

2-  إن المجرمين المتوحشين جبناء ينهزمون أمام صمود ذوي البصائر والعقيدة وليس لهم وسيلة إلا الولوغ في الجريمة لإرهاب الخصم وهزيمته بالرعب.

3- إن التحشيد الإعلامي وإثارة الرأي العام تجاه قضية معينة يضغط على المعنيين بها ويأتي بنتائج مثمرة، ونحن الآن أمام امتحان آخر لا يقلّ عن كارثة آمرلي وهم ضحايا قاعدة سبايكر([3]) الذين تستنهضنا دماؤهم لمعرفة تفاصيل ما جرى والمسؤولين عن الجريمة وإنزال العقوبات العادلة بهم.

4- ونعلنها صريحةً في وجوه العشائر وأبناء المدن التي دعمت الارهاب وأحتضنته وأمدّتهُ بالشباب المغرر بهم وبالمال والسلاح أن يثوبوا الى رشدهم وأن يغسلوا هذا العار الذي لحقهم حتى اقترنت عناوينهم بكل الجرائم الوحشية المرتكبة، وعليهم أن يعبّروا عن ذلك بنهضةٍ شريفة غيورة ويشاركون فيها ابناء الوطن كافة لدحر هذا الخطر الماحق، وإلا سَيُسجِّل التاريخ عليهم هذه الخيانة والغدر والروح الشريرة حيث اشتركوا مع الاغراب المتوحشين في قتل اخوانهم الابرياء من رجالٍ ونساءٍ واطفال لا لشيء إلا لأن لهم مشكلة مع هذه الجهة السياسية أو ذاك الحاكم، وإذا كانوا يعتقدون أن عندهم مطلباً حقاًّ فليحققوه بالحوار والقلوب المفتوحة.

5-    إدامة هذا الزخم المعنوي وهذا التوحد ولنستثمر هذه الأجواء الإيجابية لإنجاح المشروع الوطني.

 وأوصي أبناءنا المقاتلين أن لا يغترّوا بالنصر فينسوا ذكر الله تعالى الذي منّ عليهم به، كما حصل في بعض التجارب السابقة؛ فيُسلب النصر، وأن يبقوا يقظين حذرين [وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً] (النساء:102).

لا يحق لنا أن نسترخي ونظن أن المعركة قد انتهت لأن العدو المولغ في الجريمة سوف لا يتوقف هو وأسياده الذين يدفعونه ويموّلونه ويعدّون له الخطط، ولكن الله تعالى وعدكم بالنصر وإطفاء كل فتنة يوقدونها [كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ] (المائدة:64).

محمد اليعقوبي

النجف الأشرف

 4/ذو القعدة/1435   31/8/2014

 



([1]) صدر البيان بتاريخ 4/ذق/1435 المصادف 31-8-2014 في نفس يوم تحرير آمرلي التي يسكنها التركمان الشيعة وتقع بين تكريت وكركوك

([2]) الكافي: 1/164، بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم).

([3] ) بعد سقوط الموصل يوم الثلاثاء 11/ شعبان/ 1435 الموافق 10/4/2014 بيوم واحد سقطت تكريت مركز محافظة صلاح الدين وحاصر المسلحون قاعدة سبايكر الجوية القريبة منها حيث يتواجد الآف الجنود من المتدربين الجدد وطلبة كلية القوة الجوية وبعض المتراجعين من مدينة الموصل، فنصب الارهابيون كميناً لهم خارج القاعدة واستدرجوهم بمساعدة بعض آمري المعسكر الذين أشاعوا أمراً بالذهاب الى أهاليهم من دون توفير أي حماية لهم أو سيارات تنقلهم الى المدينة فاقتادهم المسلحون على شكل مجاميع الى حيث اعدموهم رمياً بالرصاص مكبّلي الأيدي ودفنوهم في مقابر جماعية ولا يعرف عددهم بالضبط لكن الرقم المعلن للضحايا هو (1700) وقد تجاهلت الحكومة هذه الحادثة في أيامها الأولى حتى وجّه سماحة المرجع (دام ظله) بتكثيف الإعلام عليها وابرازها بفعاليات شعبية.