إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا - إباحة زواج المثليين نموذجاً

| |عدد القراءات : 1388
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا[1]

 إباحة زواج المثليين نموذجاً

نشرت قناة بي بي سي على صفحتها([2]) تقريراً لمحرّرها لشؤون الصحة جاء فيه ((مع التقدم في العمر يصبح الحيوان المنوي أكثر عرضة للأخطاء الوراثية بشكل يزيد من خطر الاصابة بالتوحّد والانفصام وغيرها من الأمراض)) ونقل ذلك عن كيفن سميث الاستاذ بجامعة ابرتاي في دندي في المملكة المتحدة وقال: ((إن الزيادة الطفيفة في خطر الاصابة بالأمراض له  تأثير كبير على مستوى الامة بكاملها وأنه يجب أن يثير الأمر قلقنا على نطاق المجتمع، فالتأثير حقيقي وواضح ويجب أخذ سن الابوّة بشكل أكثر جدية، وتأثيره على الجيل القادم من الأطفال)).

عندما اطلعتُ على هذا الخبر إنقدحت في ذهني عدة امور:

1-    عظمة تشريعات الإسلام والأسرار الكامنة فيها إذ يكشف هذا الخبر عن جانب من الحكمة في الحث على الزواج المبكر لتحصيل إنجاب سليم قوي مضافاً الى المصالح الاخرى كتحصين النفس والاستقرار ورفع مستوى الوعي بالمسؤولية وتحصيل المُعين على الدنيا والاخرة ونحو ذلك، ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه واله): ما بُنِيَ في الإسلام أحبُّ الى الله عز وجل من التزويج)[3] فالمساهمة في بناء الزوجية أحبّ الى الله تعالى من سائر مشاريع البناء الاخرى حتى المساجد، لأنه مشروع دائم العطاء والتوسّع جيلاً بعد جيل حتى يأتي عصر الظهور وإذا بك تقدَم الآلاف لنصرة الإمام (عليه السلام) ببركة ذلك الزواج. فلا يقصّر أحد في تشجيع مشاريع الزواج وتيسير امورها والإنفاق عليها من الحقوق الشرعية وغيرها.

2-   حماقة الغرب وضحالة تفكيره بالرغم مما يظهر من جبروت علمي وتكنولوجي، فماذا طرح من حل ليتجنب هذا الاحتمال في ضعف الانجاب وإصابته بالأمراض إذا تأخر الزواج بدل أن يستجيب لنداء الفطرة والدين ويدعو الى الزواج والإنجاب المبكرين، نقل التقرير عن عالم الأحياء المذكور ((إن الشباب في سن 18 يجب أن يجمّدوا حيواناتهم المنوية ويستخدموها لاحقاً، لتجنب مخاطر الإنجاب في الكبر)) وقال: ((إن بنوك الحيوانات المنوية يجب أن تكون متوفرة))، والغريب أن ينشر هذا المقترح في دورية اسمها "الأخلاق الطبية".

وخير تعليق على هذا المقترح ما نقله التقرير عن ألن باسي استاذ أمراض الذكورة في جامعة شيفيلد بقوله ((هذه واحدة من أسخف الاقتراحات التي سمعتها منذ وقت طويل)) ووجه استخفافه:

أ‌-     ((لأن الحيوانات المنوية لمعظم الرجال لا تتجمد بشكل جيد وهو أحد أسباب قلة المتبرعين بالحيوانات المنوية، لذا فمن يجمد حيواناته المنوية في سن الـ 18 ويعود ليستخدمها لاحقاً سيتطلب من زوجته الخضوع لعملية تلقيح صناعي أو أكثر)).

ب‌-          الكلفة الاقتصادية حيث قدرت اجرة حفظ الحيوانات المنوية بـ 150 – 200 جنيه استرليني في العام.

ج‌- ما نقله عن الاستاذ آدم بالين رئيس الجمعية البريطانية للخصوبة من أن خصوبة الحيوانات المنوية أقل من الجديدة مما يعني الاعتماد على التلقيح الصناعي، أي أنه يجعل من الإنجاب عملية اصطناعية مما يعطي إحساساً كاذبا بالأمان إذ أن التكنولوجيا لا تضمن إنجاب طفل.

3-  وتذكرت منقبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) فيها سبْقٌ علميٌ له (عليه السلام)  وهو باب مدينة علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمنقبة ترتبط بهذا الاكتشاف العلمي فقد روى الإمام الصادق (عليه السلام) قال (أتى عمر بامرأة تزوجها شيخ ، فلما أن واقعها مات على بطنها، فجاءت بولد فادّعى بنوه أنها فجرت ، وتشاهدوا عليها ، فأمر بها عمر أن تُرجم ، فمر بها علي ( عليه السلام ) فقالت : يا بن عم رسول الله  إن لي حجة. قال: هاتي حجتك ، فدفعت إليه كتابا فقرأه، فقال : هذه المرأة تعلمكم بيوم تزوجها، ويوم واقعها، وكيف كان جماعه لها، ردوا المرأة. فلما أن كان من الغد دعا بصبيان أتراب ودعا بالصبي معهم، فقال لهم : العبوا حتى إذا ألهاهم اللعب قال لهم: اجلسوا، حتى إذا تمكنوا صاح بهم، فقام الصبيان وقام الغلام فاتكأ على راحتيه، فدعا به علي (عليه السلام) وورّثه من أبيه وجلد إخوته المفترين حداً حداً. فقال له عمر : كيف صنعت؟ قال ( عليه السلام ) : عرفت ضعف الشيخ في اتكاء الغلام على راحتيه)[4]

هذا هو الإسلام في سمو تشريعاته وعظمةِ أئمتهِ وقادتهِ ويدرك أعداؤه ذلك ويدركون النعمة العظيمة التي يتنّعم بها المسلمون ويعلمون تفاهتهم وحماقتهم وجاهليتهم وان حاولوا تلميع صورتهم بالنفخ والتهريج للتقدم التقني فلذلك ما انفكوا عن الكيد للإسلام والمسلمين وشن الحروب عليهم ليسلبوهم هذه النعمة العظيمة قال تعالى: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ) (البقرة 217) تارة بالحروب العسكرية واخرى بالتشويه والتسقيط والاستهزاء والخداع واخرى بنشر الفساد والانحراف واخرى بصنع نماذج منفّرة مقزّزة تسمّى بالإسلام مثل داعش والقاعدة ليستحي المسلمون من التحدث بالإسلام كل ذلك للضغط على المسلمين حتى يتخلوا عن نعمة الإسلام العظيمة حسداً لكم، والحسد تمنّي زوال نعمة من مستحق لها، وربما من كان مع سعي في إزالتها وقال تعالى (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم) (البقرة 109) وقال تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ) (النساء 54) والفضل هو الإسلام والقرآن والنبي واله المعصومون (عليهم السلام) وبركاتهم الكثيرة.

وربما سمعتم بآخر مظاهر انحطاطهم وهو إصدار المحكمة العليا في الولايات المتحدة حكماً يوم الجمعة 26/6/2015 يقضي بمنح الحق للمثليين جنسياً في كافة الولايات المتحدة، وهو الحكم الذي وصفه رئيسهم اوباما بأنه انتصارٌ لأمريكا وانتصارٌ للحب. وتدّعي امريكا انها القوة العظمى في العالم وان باستطاعتها الهيمنة عليه وقيادته ويوجد عدد كبير من المنبهرين بالقوة الامريكية المقتفين لآثارها، لذا احتفل الملايين في عدة دول بهذا الانتصار.

أرأيتهم كيف يتبجحون بما تستنكف حتى الحيوانات الهمجية عن فعله وممارسته ناهيك عن منافاته للفطرة الإنسانية والغريزة المودعة؛ فهبطوا الى ما دون البهيمية وعادوا الى الجاهلية الرعناء (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) (النمل 55) فكانوا مصداقاً لقوله تعالى (إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (الفرقان 44) متذرّعين بالحرية وهي حقٌ مقدّس منحه الله تعالى لعباده لكنها لا تعني الفوضى العارمة في اتباع الشهوات والخروج عن القوانين العقلائية. فشوّهوا بسلوكهم الشائن هذا العنوان الجميل، وهل من الحرية أن يُترك المصاب بمرض فتاك معدي يتحرك في المجتمع كيف يشاء ويلوّث الآخرين ويصيبهم بمرضه، أم يُحْجَرْ عليه ويُعالج حتى يشفى، علماً أن الأمراض الأخلاقية والاجتماعية أشد فتكاً من الأمراض الجسدية.

إن هذا القرار عارٌ على من أصدره ومن رضي به ومن أيده بسكوته عن استنكاره، وإننا لنشعر بالحياء والخجل أمام خالقنا العظيم ونحن نرى جملة من المحسوبين علينا نحن البشر يتجرأون على حدوده بهذا الانتهاك الفظيع، ونسبّح ربنا وننزهه عما يفعل الظالمون.

فتمسكوا بإسلامكم أيها الأحبة وحافظوا على التزامكم وارفعوا رؤوسكم شامخين واشكروا الله تعالى على ما هداكم اليه.

 



[1] حديث سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) مع حشد كبير من الزوار الذين وفدوا لتعزية سماحته بمناسبة ذكرى استشهاد امير المؤمنين (عليه السلام) مساء يوم الاربعاء 21 رمضان 1436 المصادف 8/7/2015

[2] بتاريخ: 25/6/2015 – 8 رمضان/1436

[3] وسائل الشيعة: كتاب النكاح، ابواب مقدماته، باب 1 ح 4

[4] الكافي : 7 / 424 / 7 ، تهذيب الأحكام : 6 / 306 / 850 كلاهما عن أبي الصباح الكناني ، من لا يحضره الفقيه : 3 / 24 / 3254 عن الأصبغ بن نباتة ، المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 369 كلاهما من دون إسناد إلى المعصوم.