لا تيأسوا من اصلاح الارهابيين المُغَرّر بهم قبل قتالهم
بسمه تعالى
الاحد 14/ صفر /1436
الموافق 7 /12/2014
لا تيأسوا من اصلاح الارهابيين المُغَرّر بهم قبل قتالهم
دعا سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) الى عدم الاقتصار على اسلوب الصِّدام والاستئصال في المواجهة مع التنظيمات الارهابية لأن آخر الدواء الكيّ كما قيل في الكلمة المشهورة، وانما علينا ان نسير معه بخط موازٍ له من خلال الحوار والاقناع بعدم سلامة الطريق الذي انتهجوه وعبثية الغاية التي يريدونها وضلالة الذين غَرَّروا بهم وخدعوهم.
وعلل سماحته ذلك بأن الكثير ممن التحقوا بهذه التنظيمات خصوصاً من الدول المتحضرة تعرضوا لغسيل دماغٍ وتشويهٍ للحقائق وخداعٍ بعناوين مقدسة تستهوي الشباب المتحمس المندفع، فهؤلاء غير أصحّاء وحالهم كحال سائر المرضى الذين تجب رعايتهم والشفقة عليهم وتشخيص عللهم ووصف الدواء المناسب لهم.
وقال سماحته لدى استقباله علماء الدين واساتذة الجامعات ـ وهم من السنة والشيعة ـ الذين شاركوا في ملتقى الطف العلمي والثقافي الدولي الذي دأبت على إقامته كلية الآداب في الجامعة المستنصرية ببغداد وعقدت نسخته السادسة في الاسبوع الماضي تحت شعار (نهضة الامام الحسين عليه السلام مقاومة للإرهاب ودعوة للإصلاح): "ان من الدروس التي استفدناها من ثورة الامام الحسين (عليه السلام) هو عدم اليأس من إصلاح الاخر وهدايته مهما اعتقدنا فيه التحجّر والانغلاق، لذا خطب الامام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء عدة خطب في الجيش المعادي كما القى أصحابه كحبيب بن مظاهر وزهير بن القين ومسلم بن عوسجة المعروفين لدى أهل الكوفة بأنهم قمم في الدين والاخلاق والمعرفة عدة خطبٍ اخرى في القوم طمعاً في توبتهم وعودتهم الى الرشد والصلاح.
وقبلهم قام الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) بنفس المحاولة مع الخوارج قبل بدء معركة النهروان وحاججهم وبعث اليهم ابن عمه عبد الله بن عباس الموصوف بانه حَبر الامة وترجمان القرآن وكانت النتيجة توبة ثلثي جيش الخوارج – أي ستة الاف من مجموع الجيش البالغ تسعة الاف- وتركهم للمعركة وهم المعروفون بالتكفير والتحجّر وحكمهم بالضلال واستحقاق القتل على كل من لا يعتنق عقيدتهم".
ان الاسلام النقي لو عُرض بأصالته وقوة حججه قادرٌ على إعادة انتاج عقول هؤلاء وإزالة ما علق في أذهانهم من أوهام وشبهات وضلالات ومساعدتهم على الاندماج من جديد في المجتمع وتطبيع حياتهم الاجتماعية، وحينئذ سنربح كثيراً بإعادتهم الى الصواب وحماية بلادنا وابنائنا وثرواتنا من التدمير والضياع في هذه الحروب العبثية التي يصنعها ويحرّكها اصحاب الاجندات الشيطانية.
ومن الشواهد التاريخية على هذه القدرة العظيمة للإسلام تأثر المغول المتوحشين الذين هجموا على بلاد المسلمين وملأوا الارض والماء بجثث القتلى لكنهم بعد جيل واحد فقط من احتلال العاصمة الاسلامية بغداد دخلوا في الاسلام وحملوا رايته واعتنق كثيرٌ منهم مذهب اهل البيت (عليهم السلام).
ان كثيراً من هؤلاء المخدوعين عادوا الى بلادهم نادمين ويحاول غيرهم التخلص من هذه الورطة التي وقعوا فيها بعد ان اطلعوا على وحشية زعمائهم وبراءة الاسلام من افعالهم([1]) وبعد ان اكتشفوا حقيقة امرهم وان الجهاد والدولة الإسلامية وامثالها من المصطلحات البرّاقة ماهي الا خدعة وغطاء للتغرير بشباب المسلمين بمساعدة شبكات دولية مموّلة بالأموال الطائلة، فإذا استطعنا نشر هذه الحقائق وتعزيزها بشهادات العائدين واضفناها الى محاولات الهداية والإصلاح التي أشّرناها فإننا سنتمكن بفضل الله ولطفه من إصلاح كثيرين بأذن الله تعالى.
وأوصى سماحته بان تكون الثقافة القرآنية هي المعتمدة في هذا الحوار قبل اي مصدر آخر لأن القرآن متفق عليه ولأن الاخر الذي يغسل أدمغة هؤلاء الشباب المغرر بهم يأتيهم من طريق فتح المدارس القرآنية وتعليم اللغة العربية فيخدعهم ويصوّر لهم انه اصل الاسلام ومعدنه وهو لا يُحسن من القران إلا شكله ورسمه.
وفي نهاية حديثه أشاد سماحته بإقامة مثل هذه المؤتمرات وهذه الفعاليات التي تعبّر قراءة واعية لنهضة الامام الحسين (عليه السلام) من دون التقليل من شأن باقي القراءات، فالحسين (عليه السلام) ليس حكراً على أحد .. مؤكداً في الوقت نفسه على أهمية النظر الى الطرق الاخرى في أحياء ذكرى الامام الحسين (عليه السلام) .
وقال (دام ظله): إن تفاعلنا مع يوم واحد من حياة الامام الحسين الشريفة وهو يوم عاشوراء أثمر عن هذا النتاج العظيم وهذه الاثار المباركة التي شهدها العالم كله .. فماذا يمكن ان تفعل 57 عاماً من عمره الشريف اذا قرأناها من زوايا متعددة ؟