المقبول وغير المقبول من الحداثة

| |عدد القراءات : 2183
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
ان مما يستفاد من سيرة الأئمة (عليهم السلام) انهم يستعدون ويتخذون الاجراءات اللازمة لمواجهة التيارات الفكرية التي تهدد كيان الامة كما روي عن الامام العسكري (عليه السلام) كيف علم احد مواليه التصدي لمحاولة الفيلسوف الكندي الذي كان يكتب في (متناقضات القرآن) - بحسب زعمه - والرواية موجودة في كتاب (دور الأئمة في الحياة الاسلامية).
ومن التيارات الفكرية التي يوشك ان تعصف بثقافة الامة ومبادئها (الحداثة) التي اجتاحت اوربا منذ عقود وهم يتحدثون اليوم عن (ما بعد الحداثة) فعلى الامة ان تعرف موقفها من هذا المفهوم.
فان اريد بالحداثة تجديد آليات العمل ووسائله فهو مقبول فقد كان الإنسان يتنقل بواسطة الحيوانات واليوم يمتطي الطائرات التي تسير اسرع من الصوت والقطارات السريعة أو كان يستعمل السيف في القتال واليوم يستعمل قاذفات القنابل الضخمة والصواريخ العابرة للقارات وكذا في مجال تقنية تبادل المعلومات والاتصالات وغيرها وهذا التحديث ضرورة انسانية فهو مقبول.
وان اريد بالحداثة الانقلاب على المبادئ الانسانية العليا التي عمل الانبياء (عليهم السلام) والمصلحون والعلماء على ترسيخها لدى البشر على مدى تاريخ طويل وتغييرها إلى افكار ونظريات من صنع البشر لتوظيفها في خدمة اهدافهم الشيطانية وتحقيق تسلطهم على الشعوب ونهب ثراواتها فهذا غير مقبول ويجب الوقوف في وجهه بقوة والتنبه له.
وهم يخلطون الاوراق ليمرروا مشاريعهم الخبيثة على الشعوب المستضعفة فيضربوا لها امثلة من الحالة المقبولة على ضرورة الحداثة لكنهم حين التطبيق يتجهون نحو الحالة الثانية غير المقبولة وهم بهذه الطريقة يشككون في خلود شريعة الاسلام وخاتمية النبوة المحمدية وان هذا غير معقول رغم انهم يؤمنون بفكرة الخاتمية لحضارتهم الزائفة التي تنخر في جسمها الامراض النفسية والاجتماعية فألفوا كتاب (نهاية التاريخ).

انهم يجهلون أو يتجاهلون ان للانسان حاجات ثابتة لا يمكن ان تتغير كنزوعه إلى الكمال وحبه للفضيلة ورفضه للظلم وهذه هي الحاجات التي عالجتها الشريعة الخالدة اما الحاجات المتحركة القابلة للتطور فقد حدد الاسلام اطرها العامة وترك تفاصيلها إلى الإنسان نفسه ليقنن حياته بحسب جهده وامكانياته وموقعه من سلم الحضارة والانسانية والتي سميت بمنطقة الفراغ فالاسلام لم يقف عند شكل الحاجة المتحركة كلزوم ركوب الحمير والابل للتنقل حتى يمكن ان يتجاوزه الزمن وبهذا الفهم وبهذه البصيرة سنقف ثابتين لا تهزنا مثل هذه الضلالات والفتن.

*وقد نشر في الصفحة الثالثة من العدد (22) من صحيفة الصادقين الصادر بتاريخ 26 ربيع الاول 1426 الموافق 5 آيار 2005.