خطاب المرحلة (323)... تعليق حول ما نقل من تعرض أتباع الإيمو للقتل

| |عدد القراءات : 1998
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save


 بسم الله الرحمن الرحيم

تعليق حول ما نقل من تعرض أتباع الإيمو للقتل

        تناقلت بعض وسائل الإعلام([1]) خبر تعرض عدد من الشباب المقلدين لما يسمى بظاهرة (الإيمو) للقتل في بغداد و المحافظات، ولم نتأكد من مدى صحة الخبر ومصداقيته ودقة الأرقام المذكورة فيه، بعد أن نفت مصادر الشرطة وصول أي تبليغ لها أو رفع دعوى من قبل ذوي الشخص المجني عليه لهذا السبب، كما نفت مصادر مرتبطة بالطب العدلي وصول جثث مجني على أصحابها ضمن هذا الإطار.

وقد ألصقت التهمة بما وُصِفوا أنهم جهات دينية متشددة، كما حُمّلت وزارة الداخلية جزءاً من المسؤولية  باعتبار تزامن حصول موجة القتل هذه خلال الأيام الثلاثة الماضية مع بيانها في التحذير من انتشار ظاهرة الإيمو ودعوة أولياء الأمور للوقوف في وجهها و المحاسبة على عدم مراعاة الآداب الاجتماعية.

ونحن نسجل هنا النقاط التالية:

1-    إن الدين براء من ارتكاب مثل هذه الجرائم – لو صحّ وقوعها – وان من يقتل إنساناً خارج  الإطار القانوني المشروع فقد اعتدى على الله تبارك وتعالى واستخّف بحرماته، لان الإنسان خليفة الله في أرضه، وهو تعالى الذي صنعه وأوجده فلا يجوز لأحد أن يمس إنساناً بأذى، حتى أن الشخص ليس له سلطان على جسده نفسه فضلاً عن غيره، ولذا كانت جريمة القتل من أعظم الكبائر، قال تعالى: [مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا] (المائدة: 32). 

2-    إن التصرف المشروع إزاء الانحرافات الاجتماعية لا يعدو النصيحة و الإرشاد و التوعية، وبيان الآثار السيئة للانحراف ومخالفة منظومة الأخلاق و الآداب الإنسانية و الاجتماعية السامية، ولا يُكره أحدُ على عقيدةٍ ما أو سلوكٍ ما، قال تعالى: [لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ] (البقرة: 256)، وأن تكون النصيحة بلين ورفق مراعياً في ذلك الظروف التي يعيشها الآخر و منطلقاته الفكرية و الأخلاقية و الاجتماعية، قال الله تعالى مخاطباً نبيه الكريم موسى (ع) وأخاه هارون (ع) وهما يتوجهان إلى فرعون الطاغية لدعوته إلى التوحيد [اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى] (طه: 43-44) فإذا كان التصرف مع فرعون الذي ادعى الربوبية وافسد في الأرض هو هذا، فكيف يكون التعامل مع غيره؟.

3-   إننا لا نستبعد وقوف جهات وراء هذه الضجّة المبالغ فيها لها أجندة لتشويه صورة الملتزمين بالدين ومحاصرة الدين وتنفير الناس منه، بالاشتراك مع جهات لها مشاكل مع النظام السياسي الجديد في العراق وتريد إرجاع عقارب الزمن إلى الوراء، وكان لها تاريخ من الفوبيا المفتعلة كقضية (أبو طبر) التي خلقت هلعاً عاماً لدى الناس في بغداد عام 1973 تقريباً، فأطلقت لوسائل الإعلام العنان في التحريض أولاً لدفع الجهلة و المخدوعين و المتعصبين من كلا الطرفين فصّورت شباب الإيمو بأنهم واجهات للماسونية يريدون نشر الرذيلة و الشذوذ و الإباحية، لتغري بهم بعض المأجورين أو الجهلة أو المتعصبين للاستفزاز و العنف، ثم تنسب الفعل إلى جهات دينية لتحقيق أجندتها.

4-    إن الشباب معروفون بالحماس و الاندفاع وحب التميّز و التفوق و الظهور وهذه عناصر كالسلاح ذي الحدين، فيمكن جعلها عناصر محفّزة لفعل الخير و الإبداع و العطاء المثمر، ويمكن أن تكون أدوات ووسائل مؤدية إلى العنف و الصدام و التمرد على المقدسات والمجتمع و الانشقاق، لذا فإن المأمول بشبابنا أن يوظفّوا هذه الطاقات الشبابية لما فيه نفع الأمة وصلاحها وبناء مستقبلها الزاهر، وليس لاستيراد التقليعات البائسة و المظاهر المنبوذة وان لا ينسلخوا من هويتهم الفكرية و الوطنية و الاجتماعية، وان لا يقوموا بأفعال استفزازية فيها خروج فاضح على ثوابت الأمة خشية الوقوع في ردود الأفعال الانفعالية الهوجاء.

عصمنا الله تعالى جميعا من الزلل ووفقنا لما يحب ويرضى.

 

محمد اليعقوبي

15- ربيع الثاني- 1433هـ

9-3-2012



([1]) ورد في النشرات الأخبارية لبعض الفضائيات يوم 13/ع2/1433 المصادف 7/3/2012 أن عدد قتلى (الإيمو) بلغ (90) وقيل لاحقاً بأنهم (150) وأكثرهم في بغداد وبابل، لكن الذي عُرف مقتله واحد أو أكثر لأسباب جنائية تتعلق بالشرف فيما بينهم، وقد أصدر زعيم بعض الميليشيات بياناً هاجم فيه أتباع الإيمو، وطلب من الجهات المختصة القضاء عليهم.

و(الإيمو) مختصر كلمة (Emotional) وتعني الحساس أو العاطفي أو المتهيج وهي ظاهرة منتشرة في العالم ولهم نمط معين من الموسيقى وتسريحة الشعر ويرتدون ملابس سوداء وسراويل ضيقة جداً وأغطية المعصم.