المعاملات المحرمة
(مسألة 5): المعاملات المحرمة ستة:
(1) بيع المسكر المايع والكلب غير الصيود والخنزير والميتة وغير هذه الأربعة من الأعيان النجسة يجوز بيعه على الأظهر، إذا كانت له منفعة محللة كالعذرة للتسميد، وإن كان الأحوط تركه. نعم يمكن أخذ مبلغ المال إزاء رفع اليد عنها.
(2) بيع المال المغصوب.
(3) بيع ما لا مالية له كالسباع على المشهور، الظاهر جوازه، إذا كانت لها منفعة محللة مقصودة.
(4) بيع ما تنحصر منفعته المتعارفة في الحرام كآلات القمار، واللهو.
(5) المعاملة الربوية.
(6) المعاملة المشتملة على الغش، وهو على نوعين: (أولهما) مزج المبيع المرغوب فيه بغيره مما يخفى من دون إعلام كمزج الدهن بالشحم، (ثانيهما) إظهار الصفة الجيدة في المبيع مع أنها مفقودة واقعاً كرّش الماء على الخضروات لتبدو طازجة، ففي النبوي: >ليس منا من غش مسلماً، أو ضره، أو ماكره< وفي آخر: (من غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه، وسد عليه معيشته، ووكله إلى نفسه).
(مسألة 6): لا بأس ببيع المتنجس القابل للتطهير كالفراش، وكذا غير القابل له مع عدم توقف منافعه المتعارفة السائغة على الطهارة كالنفط، أما مع توقفها عليها، فيجوز البيع إذا قصدت منه منفعة محللة معتد بها.
(مسألة 7): يجب على البائع إعلام المشتري بنجاسة المتنجس إذا تسبب عدم الإعلام في توريط المشتري والتغرير به، كما لو باع له ماءً متنجسا فتوضأ به، والأحوط الإعلام مطلقاً، إلا إذا كان الإعلام موجباً لسخرية المشتري لعدم مبالاته بالدين ونحوه.
(مسألة 8): لا يجوز بيع لحم الحيوان المذبوح على وجه غير شرعي وكذلك جلده وسائر أجزائه التي تحلّها الحياة فانه في حكم الميتة.
(مسألة 9): يجوز بيع الجلود واللحوم والشحوم ومشتقاتها إذا احتمل أن تكون مأخوذة من الحيوان المذكى ـ وان لم يجز الأكل منها ما لم يحرز ذلك ـ والأحوط مع عدم إحراز تذكيتها إعلام المشتري بالحال بنفس الشرط والاستثناء المذكورين في (المسألة 7). وتحرز تذكية اللحم ونحوه فيما إذا وجدت عليه إحدى الإمارات التالية:
1. يد المسلم مع اقترانها بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية كعرض اللحم للأكل وإعداد الجلد للبس والفرش.
2. سوق المسلمين سواء أكان فيها بيد المسلم أم مجهول الحال.
3. الصنع في بلاد الإسلام، كاللحوم المعلبة والمصنوعات الجلدية من الأحذية وغيرها.
(مسألة 10): ما يستورد من البلاد غير الإسلامية وسائر ما يؤخذ من يد الكافر من لحم وشحم وجلد يجوز بيعه إذا احتمل كونه مأخوذاً من الحيوان المذكى مع إعلام المشتري بالحال ـ كما سبق ـ ولكن لا يجوز استعماله فيما يشترط فيه كونه من حيوان مذكى مثل الأكل منه ما لم يحرز تذكيته ولو من جهة العلم بكونه مسبوقاً بإحدى الأمارات الثلاث المتقدمة، ولا يجدي في الحكم بتذكيته إخبار ذي اليد الكافر بكونه مذكى، وهكذا الحال فيما يؤخذ من يد المسلم إذا علم انه قد أخذه من يد الكافر من غير استعلام عن تذكيته.
(مسألة 11): بيع المال المغصوب باطل، ويجب على البائع ردّ ما أخذه من الثمن إلى المشتري.
(مسألة 12): إذا لم يكن من قصد المشتري إعطاء الثمن للبائع، أو قصد عدمه لم يبطل البيع إذا تحقق القصد الجدّي منه، ويلزمه إعطاؤه بعد الشراء وكذلك إذا قصد أن يعطي الثمن من الحرام.
(مسألة 13): يحرم بيع آلات اللهو المحرم مثل بعض الآلات الموسيقية، والأحوط لزوماً الاجتناب عن بيع المزامير التي تصنع للعب الأَطفال، وأما الآلات المشتركة التي تستعمل في الحرام تارة وفي الحلال أُخرى كالراديو والمسجل والفيديو والتلفزيون فلا بأس ببيعها وشرائها كما لا بأس باقتنائها واستعمالها في منافعها المحللّة، نعم لا يجوز اقتناؤها لمن لا يأمن من انجرار نفسه أو بعض أهله إلى استخدامها في الحرام. أما الأشياء التي تنحصر منفعتها بالمحرم كبعض الصور والأقراص المدمجة فلا يجوز بيعها وشراؤها.
(مسألة 14): يحرم بيع العنب والتمر إذا قصد ببيعهما التخمير، ولا بأس به مع عدم القصد وإن احتمل البائع أن المشتري سيستعمله فيه.
(مسألة 15): يحرم تصوير ذوات الأرواح من إنسان وغيره إن كان مجسماً كالتماثيل المعمولة من الحجر والشمع والفلزات إن أريد من صنعها مضاهاة الخالق أو اتخاذها هياكل للعبادة، والأحوط تحريم صنع مجسمات ذوات الأرواح مطلقاً، وأما غير المجسم فلا بأس به، كما لا بأس باقتناء الصور المجسمة وبيعها وشرائها وان كان يكره ذلك.
(مسألة 16): لا يجوز شراء المأخوذ بالقمار، أو السرقة، أو المعاملات الباطلة. ويجب على المشتري أن يردّه إلى مالكه.
(مسألة 17): لا يجوز بيع أوراق اليانصيب وشراؤها إذا كان بقصد تحصيل الربح والفوز بالجائزة، وأما إذا كان دفع ماله عند شراء البطاقة بقصد الإعانة على أمر مشروع، كبناية مدرسة أو جسر أو نحو ذلك فلا بأس به، وعلى كلا التقديرين فالمال المعطى لمن أصابت القرعة باسمه ــ إذا كان المتصدي لها شركة غير أهلية ــ من المال المجهول مالكه فلابد من مراجعة الحاكم الشرعي لإصلاحه، وأما إذا كان المتصدي شركة أهلية فلا بأس بالتصرف في المال المعطى إلا أن يعلم كونه من المال المحرّم.
(مسألة 18): الغش حرام مطلقاً، أما المعاملة فقد تفسد، إذا كان الغش على نحو إظهار الشيء خلاف جنسه كما لو اتفق على شراء الذهب فأعطاه ما يسمى بـ(شبه الذهب)، وقد لا تفسد فيما إذا كان الغش على نحو خلط الشيء بغير جنسه كالدهن المخلوط بالشحم، وحينئذٍ إذا كان البيع شخصياً أي وقع على ذات الشيء الموجود، كأن يقول: بعتك هذا الكيلوغرام من الدهن، فالمعاملة بمقدار الشحم الموجود فيه باطلة، وما قبضه البائع عوضاً عنه لا ينتقل إليه، وللمشتري أن يفسخ البيع بالنسبة إلى الدهن الموجود فيه وأما اذا كان المبيع كلياً كما لو باع كيلوغراماً من الدهن في الذمة فأعطاه من المخلوط فللمشتري أن يرده ويطالب البائع بالدهن الخالص.
(مسألة19) الربا نوعان، الأول: الربا المعاوضي وهو مختص بالمكيل والموزون، والثاني الربا القرضي وهو جارٍ في كل ما يقترض اذا اشترط إرجاعه مع زيادة.
(مسألة 20): يحرم بيع المكيل والموزون بأكثر منه، كأن يبيع طناً من الحنطة بطنين منها، ويعم هذا الحكم ما إذا كان أحد العوضين صحيحاً والآخر معيباً، أو كان أحدهما جيداً والآخر رديئاً، أو كانت قيمتهما مختلفة لأمر آخر، فلو أعطي الذهب المصوغ وأخذ أكثر منه من غير المصوغ فهو رباً وحرام.
(مسألة 21): لا يعتبر في الزيادة أن يكون الزائد من جنس العوضين، فإذا باع طناً من الحنطة بطنٍ منها ودرهم فهو أيضاً رباً وحرام، بل لو كان الزائد من الأعمال، كأن شرط أحد المتبائعين على الآخر أن يعمل له عملاً فهو أيضاً رباً وحرام. وكذلك إذا كانت الزيادة حكمية كأن باع طناً من الحنطة نقداً بطنٍ منها نسيئة.
(مسألة 22): للتخلص من الربا إذا أراد مبادلة مقدار من المكيل أو الموزون بأزيد منه من نفس المكيل أو الموزون، كما لو أراد بيع كيلوين حنطة من نوعية غير مرغوبة بكيلو من الحنطة الجيدة المرغوبة فيوجد أكثر من حل:
1. أن يجري المعاملة بعمليتين فيبيع الكيلوين بمبلغ ثم يشتري بنفس المبلغ الكيلو الآخر فيتحقق المطلوب.
2. زيادة شيء مع الطرف الأقل كأن يبيع الكيلوين المذكورين بالكيلو المقابل مع منديل أو قلم أو كتاب ونحوها. أو بأن تكون الزيادة في الطرفين وتكون الزيادة متغايرة.
(مسألة 23): يجوز بيع ما يباع بالطول أو المساحة، أو العد، كالأقمشة والكتب والجوز بأكثر منه، كأن يبيع عشر جوزات بخمس عشرة جوزة، وهذا الحكم مطلق نقداً ونسيئةٍ مع اختلاف الجنس، أما مع اتحاده فالأولى تجنبه نسيئةٍ، كما لو باع دورة كتاب نقداً بدورتين من نفس الكتاب والطبعة بعد مدة معينة.
(مسألة 24): الأوراق النقدية بما أنها ليست من المكيل والموزون لا يجري فيها الربا المعاوضي فيجوز بيع بعضها ببعض مع اختلاف الجنس نقداً ونسيئةٍ، لكننا حددنا في بيع العملة بغيرها إلى أجل أن لا يزيد الفرق بين السعر النقدي والمؤجل عن 3% شهرياً، فإذا كان سعر الورقة فئة مئةِ دولار بمئةِ ألف دينار عراقي نقداً فلا يزيد سعر بيعها مؤجلاً بعد شهر عن (103) آلاف دينار وقد شرحنا تفصيل هذه التعاملات في استفتاء خاص بعنوان أحكام بيع الدولار بالآجل. ولا يجوز بيع الدينار العراقي مثلاً بمثله مع الزيادة في الذمة، وأما تنزيل الأوراق فلا بأس به نقداً بمعنى أن المبلغ المذكور فيها إذا كان الشخص مديناً به واقعاً جاز خصمها في المصارف وغيرها بأن يبيعه الدائن بأقل منه حالاً ويكون الثمن نقداً.
(مسألة 25): العبرة في كون المبيع من المكيل أو الموزون هو العرف الجاري في البلد، فلو كان الشيء مما يباع في بلد بالكيل أو الوزن يجوز بيعه نقداً بأكثر منه في البلد الذي يباع فيه بالعد، نعم إذا كان من المكيل أو الموزون في غالب البلدان فالأولى تعميم حكمه إلى البلدان الأخرى، وما يختلف حاله في البلاد من غير غلبة فحكمه في كل بلد يتبع ما تعارف فيه، فلا يجوز بيعه بالزيادة في بلد يباع فيه بالكيل والوزن، ويجوز نقداً فيما يباع فيه بالعدّ، وأما إذا اختلف حاله في بلد واحد فالأحوط وجوباً عدم بيعه فيه بالتفاضل.
(مسألة 26): لو لم يكن العوضان من جنس واحد، جاز أخذ الزيادة كأن يبيع طناً من الأُرز بطنّين من الحنطة.
(مسألة 27): الأحوط عدم جواز التفاضل بين العوضين المأخوذين من أصل واحد. فلا يجوز بيع كيلوغرام من الجبن بكيلوغرامين من الحليب. كما لا يجوز التفاضل في بيع الناضجة من فاكهة بغير الناضجة منها. وقد أعطينا في بعض المسائل السابقة عدداً من الحلول.
(مسألة 28): تعتبر الحنطة والشعير من جنس واحد في باب الربا، فلا يجوز بيع طن من أحدهما بطنين من الآخر، وكذا لا يجوز بيع طن من الشعير نقداً بطن من الحنطة نسيئة.
(مسألة 29): تحرم المعاملة الربوية مطلقاً حتى مع غير المسلم وقد استثنى المشهور جملة موارد منها:
1. بين المسلم والكافر حربياً كان أو ذمياً.
2. بين الوالد وولده.
3. بين الزوج وزوجته.
والظاهر أنها ليست استثناءات وإنما هي موارد لجواز أخذ الزيادة لعناوين خاصة بموردها وليس مطلقاً، فيجوز أخذ الزيادة من الكافر الحربي ومن الكافر الذمي لأنه يرى صحة هذه المعاملة فتجري فيه قاعدة الإلزام.
أما بين الوالد وولده، أو الزوج وزوجته فليست مطلقة وإنما حينما يكون أخذ هذا المال متعارفاً ولا يحتاج إلى إذن لأن (جيبهم واحد) كما يقال في لغة العامة.
(مسألة 30): يشترط في المتبائعين ستة أمور:
(1) البلوغ.
(2) العقل.
(3) الرشد.
(4) القصد.
(5) الاختيار.
(6) ملك العقد. فلا تصح معاملة الصبي والمجنون والسفيه والهازل والمكره والفضولي، على تفصيل في بعض ذلك يأتي في المسائل الآتية.
(مسألة 31): لا يجوز استقلال غير البالغ في المعاملة على أمواله وإن أذن له الولي إلا في الأمور البسيطة كبعض الاحتياجات المنزلية التي جرت عادة الناس على قيام الصبيان بها، نعم لا مانع في معاملته بمال الغير إذا كان مميزاً ومأذوناً من قبل المالك، ولا حاجة إلى إذن الولي، كما لا مانع من وساطة الصبي في إيصال الثمن أو المبيع إلى البائع أو المشتري.
(مسألة 32): إذا اشترى من غير البالغ شيئاً من أمواله ــ من غير ما استثنيناه ــ وجب رده إلى وليه، ولا يجوز رده إلى الطفل نفسه. وإذا اشترى منه مالاً لغيره من دون إجازة المالك وجب رده إليه أو استرضاؤه، فإن لم يتمكن من معرفة المالك تصدق بالمال عنه، والأحوط وجوباً أن يكون ذلك بإذن الحاكم الشرعي.
(مسألة 33): لو أكره أحد المتعاملين على المعاملة، ثم رضي بها صحت تلقائياً.
(مسألة 34): لا يصح بيع مال الغير فضولاً أي من دون إذنه، ومن دون إجازته، نعم إذا أجازه بعد ذلك صح.
(مسألة 35): يجوز لكل من الأب والجد من طرف الأب أن يبيع مال غير البالغ ومن بلغ مجنوناً أو سفيهاً أو يشتري بأموالهم، وكذا يجوز ذلك لوصي الأب والجد ولكن على الجميع مراعاة مصلحة المولّى عليهم ولا يكفي عدم المفسدة، ومع فقد الجميع يجوز للمجتهد العادل ووكيله في ذلك ــ وللعدل من المؤمنين عند عدم التمكن من الوصول إليهما او استئذانهما ــ أن يبيع أموال هؤلاء ومال الغائب أو يشتري بأموالهم إذا اقتضت مصلحتهم ذلك ومن المصلحة ما اذا كان في تركه مفسدة لهم.
(مسألة 36): إذا بيع المال المغصوب، ثم أجازه المالك صح، وكان المال ومنافعه من حين المعاملة للمشتري، والعوض ومنافعه للمالك الأصيل، ولا فرق في ذلك بين أن يبيعه الغاصب لنفسه أو للمالك.