خطاب المرحلة (239)...الإساءة الأشد جرماً لمقام المرجعية

| |عدد القراءات : 2156
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save


بسم الله الرحمن الرحيم

الإساءة الأشد جرماً لمقام المرجعية ([1])

 خرجت هنا وهناك مظاهرات تندد بكلمات نابية صدرت من بعض وعّاظ السلاطين في المملكة العربية السعودية تجاه مراجع الدين الشيعة في النجف الأشرف، وهذا الموقف واحد من حقوق المرجعية على أتباعها، ونحن مع تقديرنا للنوايا الحسنة، والعاطفة النبيلة لعامة الناس الذين شاركوا فيها، نلفت النظر إلى أن الكثير من القائمين عليها هم من المتاجرين بالدين الذين يوظفون كل شيء لمصالحهم ويغلّفون تصرّفاتهم بعناوين براقة تخدع الناس وتسوقهم إلى حيث يريد أولئك الذين وصفهم الإمام الحسين (عليه السلام) (الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم،  يحوطونه ما درَّت معائشهم فإذا مُحصّوا بالبلاء قلَّ الدّيانون).

لقد مارس بعض من ينتحل التشّيع وينسب نفسه إلى مدرسة آهل البيت (عليهم السلام) أقذر الأساليب للإساءة إلى المرجعية التي لا تخدم دنياه بل تنكر عليه أفعاله البعيدة عن تعاليم آهل البيت (عليهم السلام) وتفضح زيف تلبّسه بالدين فلم  يتورعوا عن الكذب والتشويه والتسقيط وافتراء التهم وتلفيق الأمور وانطلقوا بجرائمهم هذه إلى شرق الأرض وغربها لا لشيء إلا لكي يبقوا يلعقون مع الكلاب جيفة الدنيا  - كما وصفهم أمير المؤمنين (عليهم السلام)- فهم لا يطيقون سماع صوت الواعظ الناصح المشفق الذي يذودهم عمّا يهلكهم ويهديهم إلى سواء السبيل.

 فلننظر أيهم أشد جرماً وأعظم ذنباً بإساءته إلى المرجعية؟ ذاك الناصبي البعيد الذي يثير بعدوانه الهمم للدفاع ويوحّد الصفوف ويحرّك مشاعر النصرة ويصنع من المظلوم رمزاً؟ أم هذا المنافق المرائي الذي يخدّع الناس بتدينه الزائف فيحملهم على التصديق بما يفتري ويكذب؟.

إن الجواب موجود في كتاب الله تعالى حينما أعلن بوضوح [وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ] (البقرة:191) [وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ] (البقرة:217) فالقتل المعنوي أعظم جرماً عند الله من القتل المادي، أو قتل الشخصية أشد من قتل الشخص. فما لهم كيف يحكمون؟.

إن الإمام الحسين (عليه السلام) وإن قتلته أسياف جيش عمر بن سعد على صعيد كربلاء، إلا أن الذي قتله قبل ذلك من أصدر الفتاوى في جواز قتله من علماء السوء الذين باعوا آخرتهم لدنيا غيرهم فاعتبروا الإمام الحسين (عليه السلام) خارجاً على إمام زمانه ومفرقاً لجمع المسلمين وحكمه القتل حتى قالوا (لقد قتل الحسين بسيف جده)! ولم  ندر كيف أصبح يزيد إمام الزمان وزبانيته هم جمع المسلمين؟ وبأي فتوى أبيح قتل الأطفال حتى الرضيع وسبي عقائل النبوة وغيرها من الفظائع؟.

فالذي نرجوه أن يكون الناس واعين ولا ينخدعوا بالمظاهر البرّاقة  ويغفلوا عن الحقائق والمضامين، فإن الكثير ممن أجّج المسيرات والمظاهرات استنكاراً للرسوم المسيئة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هم من أسَّس لهذه الإساءة بإصدار فتاوى القتل والتفجير والتدمير والذبح باسم الإسلام ونبيَّه البريء من هذه الجرائم والموبقات لكنهم حمّلوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الأوزار بسوء صنيعهم وأعطوا المبرّر لغير المسلمين بأن يسيئوا إلى شخصه المبارك ثم يصيحون بالويل والثبور ويتباكون للرسوم المسيئة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

من اجل هذا كان المنافقون المراؤون أشد خطراً على المجتمع الإسلامي من الكفار والمشركين، وتوعّدهم الله تعالى بأنهم في الدرك الأسفل من النار، ولذا كانت معارك أمير المؤمنين (عليه السلام) أشرس وأشد تعقيداً من معارك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن قتاله (عليه السلام) كان على التأويل الذي تشتبه فيه الأمور وتختلط الأوراق بينما قاتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على التنزيل الذي أمره واضح. 



([1] ) من حديث  سماحة الشيخ اليعقوبي مع هيئة الشباب الرسالي في الغزالية بغداد وجمع من الزوار يوم30 محرم 1431 المصادف 16/1/2010