في ذكرى السيد عبد الوهاب الطالقاني شهيد إنتفاضة شهر صفر/ 1977

| |عدد القراءات : 2974
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

في ذكرى السيد عبد الوهاب الطالقاني شهيد إنتفاضة شهر صفر/ 1977[1]

الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على خير خلقه المعبوث رحمة للعالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

كنت عام 1977 طالباً في الدراسة الإعدادية في بغداد وكان والدي الشيخ موسى (رحمه الله) يقيم كعادته مجالس الوعظ والإرشاد الحسيني في شهر صفر/ 1397 في مناطق متعددة من بغداد خطيباً واعظاً ذاكراً لفضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومصائبهم.

وكان في تلك الأيام منشّداً بقوة إلى ما تغلي به النجف الأشرف من روح الولاء لأهل البيت (عليهم السلام) والاندفاع الشجاع لمقاومة محاولات السلطة الجائرة للقضاء على الشعائر الحسينية، وكان (ره) يتتبع الأخبار ويحفي السؤال عنها، وكنّا نطّلع من خلال ذلك على تطورات الأحداث في النجف.

وكان اسم المرحوم الشهيد السيد عبد الوهاب الطالقاني من ألمع تلك الأسماء وأمضاها موقفاً حتى بلغنا نبأ اعتقاله واستشهاده مع ثلّة من الذين مضوا على طريق ذات الشوكة وصانوا الدين ورسالة أهل البيت بدمائهم وضحوا بزهرة دنياهم وشبابهم شوقاً للقاء الأحبة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين).

ومنذ ذلك اليوم أحببت هذا الشهيد المؤمن الصابر المحتسب، وأحببت موكب (علي بن الحسين) الذي أسّسه في النجف ليكون رائداً في الإحياء الواعي للشعائر الحسينية والحركة المنظمة وتوسيع قاعدة المشاركة، بعيداً عن الأطر الحزبية والجماعات التنظيمية، لكنه تفوّق عليها في همّته وشعاراته الواعية وإجهاره بعقائده الحقّة وقيادته للجماهير النجفية في المناسبات الدينية لأهل البيت (عليهم السلام) أو لإظهار مكانة المرجعية الدينية وعمق تأثيرها في الناس.

وقد عرفت المرجعية الدينية وعلماء الحوزة العلمية له هذا الإخلاص والحركة المباركة فأشادوا به، وأيّدوا حركته، وأمدوا نشاطاته بالدعم المادي والمعنوي.

لقد مرّت الأمة في تلك الأيام من صفر عام 1397/ شباط- 1977/ في أوج عنفوان السلطة وتفرعنها بمنعطف مهم في حياتها ومفترق طريق، أما أن تسير نحو المجد والخلود والبقاء ورضا الله تبارك وتعالى والنبي وآله (صلى الله عليهم أجمعين) بما يتطلب ذلك من تضحيات جسيمة، أو المضي في حالة الخنوع والاستسلام ظناً منها أن ذلك يخلصها من بطش النظام وقسوته مع ما فيه من محق لهويتها ودينها وإلغاء لوجودها.

وفي مثل هذه المنعطفات تجتمع شياطين الجن والإنس وتحشد كل قواها لتصدِّ الناس عن طريق الحق وتقودهم إلى طريق الضلال والانحراف (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (الأعراف:16- 17).

وفي مثل تلك اللحظات الحاسمة تحتاج الأمة بشدة إلى الرجال الذين ملئوا معرفة وإخلاصاً وشجاعة لتتغلب على هذه الشياطين ووسوستها للنفوس الأمّارة بالسوء، ولتدل الأمة على طريق الهداية والصلاح، وكان الشهيد السيد عبد الوهاب الطالقاني وإخوانه البررة وبدعم كامل من المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) أبطال ذلك الزمن الصعب، وأسّسوا بذلك للضربات المتلاحقة التي وُجِّهت للنظام حتى أصبح خاوياً وسقط بلا مقاومة تذكر عام 2003.

فالأمة مدينة بوجودها وحياتها واستقامتها على الصراط لأولئك الصادقين الذين وفوا بما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا.

(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص/5)

 

محمد اليعقوبي- النجف الأشرف

 5/ ج1/ 1433

28/3/2012



[1] تنادى جمع من الأدباء والكتّاب في النجف الأشرف لإحياء ذكرى شهداء انتفاضة النجف الأشرف في الزيارة الأربعينية صفر/1397 الموافق شباط/1977، وقد طلب صاحب المشروع من سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) كتابة خاطرة عن المرحوم الشهيد السيد عبد الوهاب الطالقاني فاستجاب سماحته بهذه الكلمة.