خطاب المرحلة (130)... موقفنا من فدرالية الأقاليم

| |عدد القراءات : 1721
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

موقفنا من فدرالية الأقاليم

 

استقبل([1]) سماحة الشيخ اليعقوبي وفداً برلمانياً من كتلة الائتلاف العراقي الموحد ضمّ سماحة الشيخ خالد العطية نائب رئيس البرلمان والحاج هادي العامري والحاج عبد الكريم العنزي، وقدّم الوفد رؤية عدد من مكونات الائتلاف لمشروع فيدرالية الأقاليم ومبررات هذا المشروع.

ثم تحدث سماحته وذكرهم بإصراره على تثبيت هذا الحق في الدستور وتهديده بإفشال التصويت على الدستور إذا لم يتضمنه حرصاً على مستقبل هذا الشعب المضطهد المحروم، وذكر لهم وصيته لأبناء المحافظات منذ سقوط صدام بمسك الأرض من تحتهم وعدم إعطاء أي فرصة لتغلغل الأعداء والتحكم في شؤونهم، لمنع عودة الدكتاتورية والظلم بمجرد أن يحتل الإذاعة والتلفزيون ويطلق البيان رقم (1).

لكن فشل الكيانات السياسية التي تدعو إلى الفدرالية في الوفاء بوعودها لأبناء المحافظات الذين انتخبوهم، وعجزها عن توفير ابسط حقوق الإنسان.

ومن جهة أخرى عدم سعيها الجاد لإنجاح عمل الحكومات المحلية في المحافظات وتأهيلها لقيادة محافظاتها، فمثلا انتهت سنة 2005 من دون أن تصرف رئاسة الحكومة ميزانية المحافظات وأعيدت إلى وزارة المالية، وانتهى أكثر من نصف سنة 2006 ولم يطلق إلا جزء يسير من ميزانية المحافظات.

ومن جهة ثالثة: الخلافات والصراعات التي تتفشى بينها وتظهر بصورة وأخرى، مما أوجب مخاوف حقيقية من نشوب صراعات مسلحة على النفوذ والسلطة والثروة.

ومن جهة رابعة: فشلها في طمأنة الشعب من مخاوف الانقسام والتفكك والتخندق.

ومن جهة خامسة: فإن الشعب يرى أن بعض المشاريع تعرض لمصالح إقليمية ودولية وليست لمصلحة العراق.

ومن جهة سادسة: فإن إثارة مثل هذه المشاريع يعني الاستسلام لأهداف أعداء الشعب من خلق الفتن الطائفية والقومية وتمزيق وحدة الشعب وقطع الأمل بشعب موحد تجمعه القواسم الوطنية والتاريخية والاجتماعية والدينية.

ومن جهة سابعة: فإنه  يزيد في عزلة هذا الإقليم عربياً وربما دوليا ودفعهم إلى المزيد من العمل على إيذاء الشعب العراقي وخلق الأزمات له وإدخاله في أنفاق مظلمة.

أما تلميع صورة الوضع في كردستان من أجل التضليل وتمرير المشاريع فنحن نحبّ الخير لكل الناس، خصوصاً المضطهدين والمحرومين منهم كإخواننا الأكراد في شمال وطننا الحبيب، لكن هذه التلميع يخفي وراءه ما يخفي مما لا حاجة إلى الدخول في تفاصيله، وإذا وجد شيء من الاستقرار والازدهار فله أسبابه العديدة لسنا بصدد بيانها.

على أن التركيز على التجربة الكردية يزيد من مخاوف الانقسام والتفكك والتشرذم، فهل يريد المتحمسون للفدرالية أن تكون الحدود بين البصرة والناصرية والنجف وكربلاء وبغداد كالتي مع كردستان؟ إنه لشرٌّ عظيم... ويجب الالتفات إلى أن إقليم كردستان له حدوده الجغرافية والقومية والثقافية المتميزة أما بقية محافظات العراق فهي متداخلة ومتزاوجة ومتمازجة بشكل لا يقبل وضع الحواجز.

كل هذه العوامل وغيرها مما لا نستطيع إعلانها جعلت مشروع فدرالية الأقاليم غير مجد الآن، بل إنه يتضمن أخطارا حقيقية؛ وصحيح ما يقال أن المعروض الآن هو سن قانون تشكيل الأقاليم([2]) وليس تنفيذه على الأرض، لكن لا توجد ضمانات لعدم تفعليه بعد إقراره، فلا بد من ذكر ضمانات في نفس القانون لعدم المباشرة في تشكيل الأقاليم حتى تعمل الكيانات السياسية بجد وإخلاص على تجاوز الصعوبات المشار إليها، فنبدأ بتفعيل قانون الإدارة اللا مركزية للمحافظات، ونوفر للحكومات المحلية كل أسباب النجاح والنضج والتأهيل من ميزانية مالية كافية إلى مشاركة جادّة في اتخاذ القرارات والاعتماد على النفس والتخطيط الستراتيجي لإعمار محافظاتهم ونحوها، وأن تتخلى بعض الكيانات المستأثرة والمستبدّة عن هذه الروح التي تخلق الصدام والمقاطعة والاقتتال، ونتعوّد عمل الفريق الواحد بإنصاف وموضوعية للجميع، وأن تستعيد هذه الكيانات التي تدير وزارات مهمة ثقة الناس بها من خلال حسن الأداء وتوفير الحقوق الأساسية للشعب ومعالجة الفساد الإداري والمالي حتى يحس الشعب بقدرتها على الوفاء بوعودها.

إذ أن الشعب لا يتحمل بعد هذا أن يعلق الآمال على (جنة الدنيا) بإقامة الفدرالية ثم لا يجد لها مصداقية على الأرض فينفض يده من كل شيء.

فيجب علينا أن نعمل على تهيئة أسباب النجاح لهذا المشروع الذي هو الملاذ الأخير الذي يُلتجأ إليه عند نفاد الحلول.

أقول هذا الكلام على شكل نقاط مختصرة وقد تقدمت منّي عدة بيانات لإيضاح الموقف وتوجد أمور أخرى لا يحسُنُ البوح بها في كلام عام.

نسأل الله تعالى أن يهدينا سواء السبيل إنه نعم المولى ونعم النصير



([1]) كان ذلك يوم الخميس20/شعبان/ 1427 المصادف 4/9/2006

 ([2]) بعد شد وجذب طويلين بين الكتل السياسية في البرلمان استمر عدة أسابيع اجتمع نصف عدد أعضاء البرلمان زائداً واحد وأقروا قانون تشكيل الأقاليم يوم 17/ رمضان /1427 المصادف 11/10/ 2006 على أن لا  يعمل به قبل مرور سنة ونصف السنة، وقاطعت كتلة الفضيلة وبعض الكتل الأخرى الاجتماع.