خطاب المرحلة (128)...آمال وآلام مع بداية العام الدراسي

| |عدد القراءات : 1689
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

آمال وآلام مع بداية العام الدراسي

 

يطلّ علينا خلال هذه الأيام العام الدراسي الجديد حيث يتوجه الملايين من أبنائنا طلبة المدارس والجامعات لقطع شوط جديد من المسيرة الظافرة نحو الارتقاء والتخصص في العلم والتكنولوجيا ليساهموا في إعمار بلدهم و ازدهار شعبهم.

إن معاهد العلم هذه هي البنية التحتية الحقيقية للأمة لأنها تنتج الإنسان المتحضر القادر على بناء الحياة الحرة الكريمة، وتنتج سائر ما سمّوه (بنية تحتية) و اهتموا به وكرّسوا له ثروات البلاد من مؤسسات صناعية أو زراعية وغيرها، إنما هو ثمرة عطاء هذه المعاهد ولا يتقدم شعب ويسعد حاله إلا عندما تكتمل عنده عناصر نجاح العملية التربوية والتعليمية التي فقدنا الكثير منها في زمن النظام المقبور، وتكرّس هذا الحرمان في ظل الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال ، فلم تعد تلك الأخلاق والآداب التي نلتزم بها تجاه معلمينا وأساتذتنا ولا الأبوية والحرص والشعور بالمسؤولية التي كان يتصف بها المعلمون ، والمدارس الجامعات أصبحت بلقعاً من كل ما يساعد الطالب على تحسين مقدرته العلمية ، ويعاني الطالب الجامعي لكي يحصل على مناهجه الدراسية والمصادر التي تعينه ، أما حال الأقسام الداخلية وسائر الخدمات فهي مما لا تليق بأكثر الناس تخلفاً، فضلاً بهذه الشريحة الواعية التي يُرجى لها أن تقود البلد ، والأبنية المخصصة لألف طالب صارت تحتضن أربعة آلاف طالب أو أزيد([1]) بسبب القبول غير المدروس، وانتقال الطلبة من بعض الجامعات إلى غيرها بسبب تردي الأوضاع الأمنية وعجزهم الاقتصادي عن متابعة سير الدراسة في محافظات أخرى، هذا غير التدخل غير المقبول للأحزاب السياسية والواجهات الاجتماعية في فرض توجهاتهم وأجنداتهم مما يؤثر سلباً على الحركة العلمية ويشتت الجهود.

وإضافة إلى كل ذلك فقد كان لتردي الخدمات كالكهرباء والماء والمشتقات النفطية، وسوء الوضع الأمني حيث لا يأمن على نفسه أي أحد من القتل والخطف والتفجير وصعوبة المواصلات والاختناقات المرورية الأثر السلبي على الوضع الدراسي للطلبة والأساتذة.

ومع كل ذلك فقد كانت نتائج العام الدراسي الماضي مثيرة للإعجاب والفخر والاعتزاز، مما يعني وجود عزم وإصرار وحماس منقطع النظير لدى أحبتنا الطلبة وأولياء أمورهم الذين غضوا الطرف عن كل هذه المعاناة ووقفوا إلى جانب أبنائهم وشجّعوهم وشدّوا من أزرهم ، فبقيت الآمال تتطلع إليهم بانشراح.

كل هذه الآلام والآمال ازدحمت في أذهاننا ونحن نحتفل بحلول العام الدراسي الجديد، وانضمّ إليها الأمل بالمسؤولين الرسميين أن يلتفتوا إلى هذا الحقل المهم من حياة الأمة، ويعدّوا دراسة مستوعبة للنهوض بكل عناصر العملية التربوية والتعليمية وأن ترصد الدولة الميزانية الكافية لإنجاح المسيرة العلمية وإصلاح هذه البنية التحتية الحقيقية.

أوصي أحبائي الأساتذة والطلبة وأولياء الأمور أن لا يقصّروا في عطائهم وان يحتسبوا معاناتهم عند الله تعالى فإنه تبارك وتعالى وعد أن لا يضيع أجر من أحسن عملاً من ذكر أو أنثى وأن يستعيدوا الأيام الزاهية للمدارس والجامعات بأخلاقها ورقيّها العلمي بحجم الآمال المعقودة عليهم.

 

11 شعبان 1427

5/9/2006



 ([1])  من أمثلة ذلك المعهد التقني في الناصرية وقد علم سماحته بذلك من خلال لقائه بعمادة وأساتذة المعهد يوم 6 شعبان 1427 المصادف 31/8/2006.