خطاب المرحلة (121)... إذا لم يحترق السياسيون بالنار فإنهم لا يحلّون مشاكل البلاد

| |عدد القراءات : 6415
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

إذا لم يحترق السياسيون بالنار فإنهم لا يحلّون مشاكل البلاد

 اجتمع عدد من طلبة جامعة الصدر الدينية في النجف الأشرف عند سماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) ([1]) عقب الحادث المروع الذي وقع في الكوفة صباح ذلك اليوم حيث قام مجرم بتفجير سيارته في مجمع للعمال فقتل أكثر من ستين وجرح أكثر منهم، وقد تساءل هؤلاء الطلبة عما يمكن عمله لحل هذه المشكلة فقال سماحته:

أن الحل متوقف على قناعة السياسيين المتصدين للحكم وصدقهم في إرادة الحل،  أما إذا بقوا على سلوكهم الحالي الذي لا يبالي بأرواح المواطنين ولا بتخريب البلد، والمهم عندهم سرقة أموال الشعب ومداراة مصالحهم الشخصية والحزبية فإنه ستبقى المشكلة.

وحينما أقول هذا فإنه لا يعني أن هؤلاء السياسيين الذين لا يفترقون عن أمراء الحرب الذين شهدناهم في عدة دول من العالم في العقود الأخيرة يمتلكون الحل، فإنهم عاجزون عن قيادة أنفسهم وكبح جماح شهواتهم وأهوائهم ومطامعهم فكيف يحلون مشاكل الناس ويصلحون حالهم، وإنما أقول هذا لأنهم سبب المشكلة ومتى ما جنبونا شرورهم فإن الأمور ستعود إلى نصابها فهم سبب المشكلة لا سبب الحل، وقد رأينا كيف أن قناعة الفرقاء في الحرب الطائفية في لبنان بعد خمسة عشر عاماً من قتل العباد وتخريب البلاد أنهت الحرب في يوم واحد عندما اجتمعوا في الطائف. 

ومن النفاق و الاستخفاف بمشاعر الناس اجتماع هؤلاء السياسيين على موائد الطعام الفاخرة التي تظهرها شاشات التلفزيون في حين يتضور الملايين جوعا وبلا مأوى وتراهم يتبادلون الضحكات وأحياناً القبلات ، إذن فلمن تنتمي هذه الجماعات المسلحة التي تنشر القتل والدمار والرعب في الشارع ومن الذي يؤويها ؟ ومن الذي يقدم الدعم المادي واللوجستي؟ ومن الذي يدافع عنهم حينما يقعون في أيدي القضاء ويضغط لإصدار العفو عنهم ؟ في حين يقع الأبرياء في السجون ظلماً و عدواناً من دون أن يدافع عنهم احد.

فما دامت النار لم تحرق هؤلاء السياسيين ولم تضُر بمصالحهم الشخصية وتبقى مقتصرة على الأبرياء البائسين، فإنهم سوف لا يحلون المشكلة وسيبقون يطمعون في تحقيق مكاسب أكثر على حساب الفرقاء الآخرين باستمرار هذه الويلات والكوارث، وهذا من شر البلاء الذي ابتلينا به أن يفتقد هؤلاء لكل المشاعر الإنسانية والإسلامية والوطنية ولكل حرص على المواطن ورحمة بالضعفاء والمساكين والمحرومين.

أننا الآن لسنا بصدد بيان سيناريوهات الضغط على السياسيين لكي يجتمعوا ويحلوا المشكلة، وإنما نقول إننا نستطيع ذلك إذا تم حرمان الجهات السارقة لأموال الشعب وأمراء الحروب من هذه الثروة التي يسيل لعابهم لها ويسفكون الدم الحرام من أجلها ونحوها من الخيارات التي أحلاها مرّ.

ولكن قد لا يجد الشعب طريقاً أمامه بعد اليأس من إيجاد الحلول إلا ارتكاب أحداها (وما حيلة المضطر إلا ركوبها). وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وفي نهاية حديثه أوصى سماحة الشيخ اليعقوبي الفضلاء وطلبة العلوم الدينية بتفقد عوائل الشهداء وزيارة المصابين والتبرع بالدم وتقديم المساعدات المادية والمعنوية والعينية.



([1]) يوم الثلاثاء 22/ج2/1427 المصادف 18/7/2006.