خطاب المرحلة (67)...دروس وعبر في اليوم العالمي لمكافحة الأيدز

| |عدد القراءات : 3981
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

دروس وعبر في اليوم العالمي لمكافحة الأيدز (1)

 بسم الله الرحمن الرحيم

 جعل المجتمع الدولي هذا اليوم –الأول من كانون الأول- يوماً عالمياً لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة المعروف اختصاراً بالأيدز، وجعل يوم عالمي لقضايا البشرية المهمة كالمرأة والأم والبيئة والعمال والقدس والتوبة حالة ايجابية في حياة الأمم؛ لأن مثل هذه القضايا تتطلب تخصيص يوم لها في السنة على الأقل يستوقف العلماء والمفكرين والمتخصصين والمسؤولين عن هذه القضية أو تلك لإجراء مراجعة لها، ابتداءً من تشخيص المشكلة وتحليل أسبابها إلى كيفية علاجها والآليات التنفيذية للحل وإجراء التحليلات والإحصائيات والدراسات لكل هذه المراحل.

ومرض الأيدز من المشاكل الكبيرة التي تعاني منها البشرية وتسبب لها التعاسة والشقاء والفناء، فيوجد في العالم اليوم –عام 2004- أكثر من (30) مليون إصابة بهذا المرض الذي يفتك بحياة (8-10) آلاف إنسان يومياً أي أكثر من ثلاثة ملايين سنوياً، فهو السبب رقم واحد في قائمة أسباب الموت يتقدم على ضحايا الحروب والمجاعات وحوادث السيارات والطائرات وغيرها، وقد وقفت الدول المتقدمة فضلاً عمن هو دونها عاجزة عن مواجهة هذا المرض واعترفوا بفشلهم في القضاء عليه بل الحد منه.

إننا في هذا اليوم نريد أن نتوقف عند عدة دروس وعبر مستفادة من ابتلاء البشرية بهذا المرض الفتاك:

1- إن الغرب مهما بالغ في تفوقه في العلوم والتكنولوجيا والطب حتى صنع هالة مقدسة حوله ويُسعى لإلزام العالم كله باتباعه، يبقى عاجزاً أمام فايروس لا يرى بالعين المجردة فلا يستطيع القضاء عليه بل ولا الحد من انتشاره، ووَقفَ هذا الفايروس الضئيل كالمارد يحطم جبروتهم وطغيانهم مصدقاً قوله تعالى [مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ] (العنكبوت:41) وقوله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ] (الحج:73) فلا ينبغي للمؤمنين أن يغتروا بهم ولا أن يتخذوهم أولياء أو يذوبوا في حضارتهم الزائفة.

2- إن السنن الإلهية جارية في هؤلاء الأقوام الذين استكبروا عن المنهج الإلهي القويم وعصوا شريعة الله تبارك وتعالى، فلا بد أن يتعرضوا لما جرى على الأمم السابقة لهم وقد مرت بهم مرحلتان(1) وهما:

الأولى: مرحلة الأخذ بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ويعودون إلى الله تبارك وتعالى وقد مروا بويلات وكوارث أحدها الحرب العالمية الثانية التي قتلت (41) مليوناً من البشر من الحلفاء غير دول المحور. فإذا لم ينفع البلاء في استغفارهم وتوبتهم.

جاءت الثانية وهي مرحلة الاستدراج وإغداق النعم والإغراق في الترف واللهو والملذات التي تسبب الغفلة وقسوة القلوب، وقد وصف الله تبارك وتعالى هذه الحالة عندهم بقوله [حَتَّى عَفَوا] أي تعافوا وأصبحوا في سعة من الحال وعافية وهي المرحلة التي عاشها الغرب خلال العقود الماضية فراحوا يتفننون في اختراع المتع والملاهي والملذات، ويعقدون المباريات والمهرجانات والاحتفالات الصاخبة لها، وقبل أن يملوا حالة اوجدوا غيرها وامتلأت جيوبهم وبطونهم من خيرات الأرض حتى راحوا يحرقون الفواكه ويرمون اللحوم في البحر ليحافظوا على أسعار السوق في حين يتضور ملايين البشر جوعاً حتى الموت.

وحينئذٍ تأتي مرحلة الأخذ والفناء والقضاء عليهم وها هو ذا مرض الأيدز احد النذر لفنائهم. وتتوالى عليهم الأزمات الخانقة([1]) التي تهدد أسس حضارتهم وتنسف أبنيتهم من القواعد.

وقد وردت الإشارة إلى هذه السنن في مواضع عديدة من القرآن الكريم ومنها قوله تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُون، ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ] (الأعراف : 94-95) فقوله تعالى: [إلا أَخَذنَا ..] يشير إلى المرحلة الأولى وقوله تعالى: [ثُمَّ بَدّلنَا ..] إلى الثانية وقوله تعالى: [فَأَخَذنَاهُم.. ] إلى المرحلة الثالثة ما لم يتداركوا أمرهم ويرجعوا إلى الله تعالى.

3- إن الغرب يتشدق كثيراً بحماية حقوق الإنسان ونشر المنظمات الإنسانية في العالم، بينما يدير وجهه عن تقديم الدعم المناسب لمواجهة هذا المرض بحرب عالمية واسعة للقضاء عليه، وقد اعترف الأمين العام للأمم المتحدة بتنصل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب الأخرى عن تعهداتها بتمويل هذا المشروع الإنساني والتخفيف عن آلام المصابين رغم أنها أنفقت أضعاف هذا المبلغ لتمويل حملتها ضد ما يسمونه بالإرهاب وأمثالها من الحروب التي يصطنعونها ويخلقون المبررات لها رغم أن ضحايا الإرهاب المزعوم لا يتجاوز عشر معشار ضحايا الأيدز، فهم إذن لا يهتمون بالمبادئ الإنسانية ولا حل مشاكل البشر ورفع معاناتهم وإنما يحكمهم الربح والخسارة المادية ومواجهتهم لمرض الايدز لا تدرّ عليهم أرباحاً ولا مكاسب.

4- إن أكثر الدول ابتلاءً بهذا المرض والتي تتواجد فيها أكثر الإصابات هي تلك الواقعة في وسط وجنوب إفريقيا تليها أمريكا اللاتينية ثم الولايات المتحدة وأوربا، وأقل الشعوب تعرضاً للإصابة هم المسلمون وتكاد تكون بلادهم خالية منه إلى وقت قريب حين انساق البعض منهم وراء شهواته وتقليد الغرب في نمط حياته، حيث نقلت الأنباء خبر موت (588) بمرض الأيدز في المملكة العربية السعودية (النشرات الإخبارية ليوم 30/11/2004)، وهذا يكشف عن دور الدين خصوصاً الإسلام في حماية المجتمعات المؤمنة به والمحافظة على تقاليده الموروثة من الانحراف والشذوذ وما يؤدي إليه من أخطار، وهذا يبرز أثر القيم الروحية في توفير حياة سعيدة مطمئنة للإنسان عكس ما يتصور البعيدون عن الله تعالى من أن السعادة تتحقق بإشباع الغرائز والشهوات.

والمتنفذون المهيمنون على المصالح والشركات في الغرب يعادون الإسلام والمسلمين لأنهم يعرفون هذه الحقيقة ويدركون سرّ قوة المسلمين بتمسكهم بالإسلام؛ لذا فإنهم لا يتوانون عن الكيد لهم وبث الفتن وإشاعة الفساد والانحراف والتشكيك في العقائد قال تعالى: [وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ] (البقرة: 120) ولا يتورعون للوصول إلى أهدافهم الشيطانية عن سلوك أي سبيل، ومنها ما حصل في العراق في ظل الحصار أيام النظام المقبور عندما أرسلت إحدى دول أوربا الغربية شحنة من الحقن التي تعطى للنساء عند وضع الحمل إذا كانت فصيلة الدم بين والدي الطفل مختلفة وكانت ملوثة بمرض الأيدز.

وهذه الأخبار تدق ناقوس الخطر أمام المسلمين وتلفت نظرهم إلى شكل من أشكال العدوان الذي يمارسه الغرب المستكبر ضدهم، فهو -أي الغرب- لا يفتر عن الكيد لهم -أي المسلمين- والتخطيط للقضاء عليهم وكسر شوكتهم وتجريدهم من عقائدهم وأخلاقهم بنشر وسائل الدمار والفساد والفسق والفجور فيهم ليستعبدهم ويسلب ثرواتهم.

5- إن عجز الغرب عن مواجهة هذا المرض الفتاك قد يكون له علاقة بالظهور المبارك الميمون للمهدي المنتظر (عليه السلام)، من حيث أن الأخبار دلت على نزول السيد المسيح (عليه السلام) لتأييد الإمام (عليه السلام)، ولما كانت معجزته الرئيسية شفاء المرضى من الأمراض المستعصية وإحياء الموتى، فستكون معالجته (عليه السلام) لمرضى الايدز بل لموتاه حجة بالغة على اتباعه للتصديق به وبدعوته المباركة.

وهذه مجرد أطروحة قابلة للنقاش، وإلا فإن الرحمة الكبيرة التي يحملها الإمام (عليه السلام) للبشر جميعاً من أتباعه ومن غيرهم لا تسمح بان يترك البشرية معذبة وتعيش الشقاء، بل يتدخل لإنقاذها ولكن ماذا يفعل لها إذا اختارت الشقاء بنفسها كما قال تعالى [أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ] (الزمر:19).

6- مصداقية الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) مما يكشف عن جانب من استحقاقهم لإمامة الأمة والتبليغ عن الله تعالى، ولنحلّل بهذه المناسبة حديثاً مروياً عنهم (سلام الله عليهم) فقد روى الشيخ الصدوق (رضي الله عنه) في الخصال وفي ثواب الأعمال والمحاسن للبرقي عن الإمام الصادق (عليه السلام) والحديث وارد في الآثار المترتبة على ارتكاب فاحشة الزنا، ومن المعلوم أن السبب الرئيسي للأيدز هي الممارسات الجنسية غير المشروعة، قال (عليه السلام): (للزاني ست خصال، ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة: أما التي في الدنيا فيذهب بنور الوجه ويورث الفقر ويعجل الفناء وأما التي في الآخرة هو سخط الرب وسوء الحساب والخلود في النار)([2])، وحين تطبق هذه الخصال على نتائج وأعراض مرض الايدز سيكون المطابقة بدرجة دقيقة.

أما ذهاب نور الوجه فمن عدة جهات([3]):

أ- إن المصاب بالأيدز يكون شاحب الوجه وبسبب ضعف الجهاز المناعي عنده فانه يكون عرضة للإصابة بكافة الأمراض مما يجعل بدنه سقيماً عليلاً.

ب- إن من لوازم الوقاية من الأيدز عزل المصاب به اجتماعياً مما يجعله كئيباً شاحباً ذليلاً ومعذباً؛ لأن من طبع الإنسان الأنس بالآخرين لذا جعلوا من وسائل التعذيب في السجون الزنزانة الانفرادية.

جـ- إن التكاليف الباهظة لمعالجة المرض تستنفد كل ما عند المصاب من أموال مضافاً إلى عزله عن القيام بالأعمال بشكل طبيعي مما يجعله ذليلاً يطلب مساعدة الآخرين ويستجدي عطفهم.

د- إن البعيدين عن طاعة الله تبارك وتعالى يعيشون خواءً روحياً والروح -كالجسد- تحتاج إلى غذائها فالنقص فيه يجعله في هزيمة نفسية وتمزق داخلي عبر عنها الله تبارك وتعالى بقوله [وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً] (طـه: 124).

هـ- إن المصاب بهذا المرض يكون خائفاً قلقاً لخطورة مرضه وانتهائه بصاحبه إلى الوفاة غالباً فيبقى هذا الهاجس يرعبه ويجعله شاحباً خائفاً.

وأما أنه يورث الفقر فمن عدة جهات:

أ- إن المرض أكثر ما يصيب الشباب الذين يتراوح أعمارهم (15-45) سنة وهي الشريحة التي تبني البلد وتثري المجتمع بالعطاء والإنتاج، والمرض يقعدهم عن العمل فيفتقرون في أنفسهم ويعطلون نشاط الأمة.

ب- كلفة المعالجة الباهظة التي تستنفد كل الإمكانيات المادية، فان الوصفة الطبية للعلاج غالية الثمن وتتطلب مواظبة يومية على مدى سنين فإذا ضربت كل ذلك في عدد المصابين بالمرض حصلت على أرقام مرعبة من المبالغ.

جـ- عزوف أصحاب الأموال عن الاستثمار في المناطق الموبوءة بالمرض وفرارهم منها.

وهذه المعاني والتداعيات الاجتماعية تفسِّر أيضاً ما ورد من النصوص الشريفة في أن الأمم العاصية تحبس عنهم السماء قطرها والأرض بركاتها. ومصداقٌ لقوله تعالى [وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ] (النحل:112).

وأما تعجيل الفناء فمن أكثر من جهة:

أ- إن النتيجة الحتمية للمصاب بهذا المرض هو الموت في فترة تتراوح بين عدة أشهر إلى عدة سنوات.

ب- إن أكثر ما يصيب المرض هي الفئة العمرية (15-45) سنة وهو عمر الإنجاب الطبيعي، فموتهم يعني حرمان الأمة منهم ومن العدد المحتمل الذي يفترض أنهم ينجبونه حتى يقطع دابرهم ويهلك نسلهم وعن مثل هذا قال تعالى في قوم لوط [قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ، وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ، فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ، وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ] (الحجر : 63-66) وهي حالة ليست خاصة بقوم بل تشمل كل الأمم المعرضة عن الشريعة الإلهية [وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ] (هود:83).

جـ- إن مرض الأيدز معدي فهو ينشر سبب الموت بسرعة.

د- إن المصاب بالأيدز يعيش حالة من الحقد على الآخرين والحسد لهم ويعاني من عقدة الحقارة تجاههم خصوصاً عند شعوره بالنهاية فيندفع للانتقام من الآخرين ويسبب الموت والفناء لهم أيضاً.

إن مثل هذه الدراسة الاجتماعية والتفسير الإنساني (الأنثروبولوجي) لنصوص المعصومين (عليهم السلام) تبين عظمتهم (عليهم السلام) وصدق دعوى اصطفائهم من الخالق المدبر، وتساعد بشكل كبير على إقناع غير المنتمين إلى مدرستهم بالرجوع إليهم، وهو الأسلوب الذي ينفعنا في الحوار الحضاري القائم اليوم. كما أنها تقدّم رؤية دقيقة وفلسفة لمشاكل البشرية وآثارها وتداعياتها وكيفية معالجتها، فهذا النموذج الذي قدمناه للتفسير يعتبر دعوة للمفكرين والكتاب والعلماء لإثراء الفكر الإنساني بهذه المعارف والعلوم المأخوذة من النبع الصافي.

من هذا كله يتحصل أن البشرية إذا أرادت أن تعيش بسعادة وسلام وطمأنينة فعليها  العودة إلى الله تبارك وتعالى والالتزام بشريعته [وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] (الأعراف:96) وهنا يأتي العتاب بل الإنذار من الله تبارك وتعالى [أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ، أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ،  أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ] (الأعراف:97، 98، 99) وسلسلة الآيات طويلة تبدأ من الآية 93 من سورة الأعراف وما بعدها وهي جديرة بالتأمل والتدبر وكسائر آيات القرآن ليصحو الإنسان من غفلته فلا تفوتنكم.

أسأل الله تعالى أن يوقظنا من نومة الغافلين وأن يهدينا الصراط  المستقيم ويجعلنا من المتمسكين بحبله المتين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

محمد اليعقوبي

18 شوال 1425 الموافق 1/12/2004



(1) كلمة ارتجلها سماحة آية الله الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) في وفد حزب الفضيلة الإسلامي من محافظة ميسان الذي زاره يوم الأول من كانون الأول عام 2004 أعيد تنقيحها وكتابتها، وألقاها سماحته من خلال قناة النعيم الفضائية في نفس المناسبة عام 2011.

(2) راجع بحث (الجاهلية الحديثة وأسلوب مواجهتها)، وقد مر في الجزء الأول من هذا الكتاب.

([3]) وآخرها –اليوم عام 2011- الأزمة المالية التي أنهكتهم ودفعت شعوبهم إلى التظاهر والاحتجاج والمطالبة بنظام اقتصادي جديد للعالم وخرج عشرات الآلاف في ألف مدينة من شرق الأرض وغربها يوم 15/10 من هذا العام لرفض النظام القائم.

([4]) الخصال: 1/331، باب الستة، الحديث 3، المحاسن: 1/192 الحديث 326.

([5]) تجد تفاصيل هذه الفقرات في كتاب عن الايدز للمهندس علي جمعة، طبع ضمن سلسلة (نحو مجتمع نظيف).