خطاب المرحلة (15)... بيان باسم الجماهير للاعتراض على تأسيس مجلس الحكم

| |عدد القراءات : 4443
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بيان باسم الجماهير للاعتراض على تأسيس مجلس الحكم([1])

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

إن من أوّليات حقوق الإنسان أن يختار بإرادته من يحكمه، وقد أعلن عن تشكيل (مجلس الحكم) بتغييب شريحة كبيرة من الشعب، وقد حضر هذا الحشد المبارك ليعلن عن عدم مشروعية مثل هذه الطريقة في التعيين، مما يوجب حالة من الانفصال بين الشعب وحكومته تنذر بعواقب وخيمة على الجميع.

فكيف تتصور تشكيل حكومة في العراق بلد الإسلام ومهوى أفئدة المسلمين من دون أن تستشار المرجعية الدينية وتعرض عليها الأسماء وتبين لها صلاحيتها.

إن من يعتقد أن أمريكا هي التي حررت العراق ولها الحق في التدخل في شؤونه واهمٌ؛ لأن عملها لم يكن إلا جزءاً من عملية التغيير التي كان سببها الأساسي هو الشعب.

فنحن الذين أزلنا النظام وغيرناه حين حققنا سنة الله في عباده [إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأنفسهِمْ] (الرعد:11)، فلما تحررنا من عبادة الهوى والطاغوت وحب الدنيا وعدنا إلى إسلامنا والى عبادة الله وحده في داخل نفوسنا، حررنا الله من الخارج وفاءً بوعده السابق وسنته الجارية في عباده فسخر أمريكا أداة لهذا التغيير.

ونحن الذين أزلنا النظام حين رفضناه وقاطعناه وتركناه وحدة فسقط بلا قتال لأن بناء الطواغيت أوهن من بيت العنكبوت وإن بدا على خلاف ذلك، ولو كان نظاماً له امتداده وجذوره في الأمة لما استطاعت أمريكا ولا غيرها أن تزيله.

ومن الواضح أن أمريكا وسائر النظم المادية تقوم على أساس المصالح لا على المثل الإنسانية العليا حتى نصدق أنها جاءت لتحريرنا، نعم، ربما تلتقي مصلحتها مع مصلحة الشعب، ولكن هذا لا يعني أنها جاءت من أجله، بل على العكس فإنها جاءت لتستعبدنا وتصادر حريتنا وما رفضها المتكرر لإجراء الانتخابات إلا أول الغيث.

ويجب أن ننتبه إنّ خطرها الأخلاقي والفكري والاجتماعي علينا اشد لان فيه قتلاً للروح وللمبادئ وإفساداً للحياة الأبدية وهو أعظم من قتل الجسد قال تعالى: [وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ] (البقرة:191) أي الفتنة عن الدين، إن إصلاحنا بصلاح ديننا فما دام ديننا بخير فنحن بخير، وهم أول ما بدأوا به هو إفساد ديننا وأخلاقنا وإضلال شبابنا ونسائنا فأي تحرير جاءوا من أجله؟ وأي زمان عسير ينتظرنا منهم؟ انه بلاء تطول مدته ولا يخفف عن أهله ولا ينجوا منه إلا من عصم الله تعالى.

ومع احترامنا لأعضاء مجلس الحكم وجهادهم السياسي في القضية العراقية، إلا أنهم لم يستشيرونا في اختيار أعضائه، ولا أطلعونا على صلاحياته ومدى استقلاليته، وعمله على إنهاء الاحتلال والهيمنة الأجنبية، وقدرته على التعبير عن آمال الشعب وطموحاته والمحافظة على هويته، فإن القلق الشديد يساور هذه الجموع المؤمنة خشية ضياع دينه وأخلاقه وقيمه وقد لاحت بوادر ذلك.

إن هذه الجموع المؤمنة احتشدت هنا لتقول إن ممثلينا الحقيقيين مغّيبون، فنحن لا نعترف بشرعية أي حكومة دون إمضاء المرجعية الرشيدة، وكل ما يصدر منها باطل إلا إذا حظي بموافقة الشعب.

وقد قدمت الحوزة العلمية في النجف الأشرف مشروعاً متكاملاً لإجراء انتخابات حرة تكفل حقوق الجميع من قوميات وطوائف وأحزاب وحركات وتحل مشاكله السياسية والدستورية، فلا بد من تدارك الأمر ومحاورة قادتنا الشرعيين.

ونطالب هيئة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية بأن يكون لها دور الإشراف والرعاية لهذه الانتخابات ولمجمل العملية السياسية حتى يستعيد الشعب عافيته وينهض من جديد، وأي تقصير في هذا المجال سيكون عثرة لا تُقال وسوف لا ينساها الشعب لهذه الواجهات التي انضم إليها وآمن بمبادئها,

أسأل الله تعالى أن يتم نعمته على هذا الشعب الكريم ويحقق له أمنياته ويتولى رعايته بلطفه ويؤهله لدولة العدل الإلهي الشامل وما ذلك على الله ببعيد.

بسم الله الرحمن الرحيم

[إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً، وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً، هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً، لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً، وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً، وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً] (الفتح:1-7).



(1) نص البيان الذي كتبه سماحة آية الله الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) وتلي على المتظاهرين الذين تجمعوا في الصحن الكاظمي الشريف يوم الثلاثاء 15/ج1/1424 المصادف 15/7/2003 من مناطق بغداد تلبية لدعوة سماحة الشيخ لإعلان رفضهم لتشكيل مجلس الحكم بإشراف قوات الاحتلال، وفي اليوم التالي قام الدكتور أحمد الجلبي عضو مجلس الحكم وأحد الرؤساء الدوريين للمجلس بزيارة سماحة الشيخ في مكتبه للاستماع إلى مطالب سماحته والاستفادة من توجيهاته قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة ليترأس وفد العراق في اجتماعات مجلس الأم الدولي.