يوم النزاهة والعدالة والنظام الأمثل للحكم
بسم الله الرحمن الرحيم
يوم النزاهة والعدالة والنظام الأمثل للحكم([1])
يمكن أن نسمي هذا الأسبوع (بين الثامن عشر من ذي الحجة والخامس والعشرين منه) بأسبوع أمير المؤمنين (عليه السلام) وإن كانت الأيام كلها تشهد لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالمناقب والفضائل، حتى أحدهم سُئل عن فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ما أقول في رجل كانت له في ليلة واحدة ثلاثة آلاف منقبة، قيل له وكيف كان ذلك قال: أليس أن سلام الملائكة على الإنسان منقبة، وقد روينا أنه في ليلة معركة بدر حينما أرسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً ( عليه السلام) ليجلب الماء من آبار بدر التي سيطر عليها المشركون وفي طريق عودته كانت تأتي ريح عاصف تأخذ القربة من يده وتريق ماءها على الأرض وتكرّرت الحادثة ثلاث مرات وفي الرابعة أوصل الماء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه وسأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن سبب تأخره ( وكم سائلٍ عن أمره وهو يعلمُ ) وشرح له الحال قال (صلى الله عليه وآله وسلم) والصحابة يسمعون: اعلم يا علي أن الريح الاولى كان فيها جبرئيل وألف من الملائكة نزلوا للسلام عليك وكان في الثانية والثالثة ألفان آخران مع ميكائيل واسرافيل.
لكن العادة جرت بتحديد أيام للاحتفال بعظماء الأمم والقضايا المؤثرة في مسيرة حضارتها. وقد شهد هذا الأسبوع كما هو معلوم بيعة الغدير وتنصيب أمير المؤمنين (عليه السلام) ولياً وهادياً وإماماً للأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي الرابع والعشرين والخامس والعشرين منه تصدّق أمير المؤمنين بالخاتم و باهَلَ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) به وبزوجه الصديقة الطاهرة الزهراء وولديه الحسنين ( سلام الله عليهم أجمعين ) نصارى نجران ونزلت سورة ( هل أتى) أو ( الدهر) أو ( الإنسان) في حقّهم.
وسائلٍ هل أتى نصٌ بحق عليٍ أجبته (هل أتى) نص بحق علي
وتوجد مناسبة أخرى قلَّ من يلتفت إليها وهي مناسبة إعادة حقه في الخلافة الظاهرية ـ كما يعبّرون ـ وبيعة الناس له بإجماعٍ لم يكن له نظير، قال ابن الأثير في تاريخه (الكامل): قتل الخليفة عثمان يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة وبويع لعلي (عليه السلام) يوم الجمعة الخامس والعشرين سنة 35 للهجرة، ويوم تسلّم أمير المؤمنين (عليه السلام) الحكم هو بحق يوم العدالة والنزاهة والمبادئ والفضائل ونظام الحكم الأمثل وإقامة دولة الحق والعدل لو وجد من استثمر تلك النعمة وحافظ عليها وعمل على إدامتها وصيانتها، وكان من كلماته (عليه السلام) لمّا بويع بالخلافة معلناً إعادة الأموال العامة والعقارات والأراضي الزراعية التي أقطعها عثمان لحاشيته ومستشاريه وأقربائه ( ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مالٍ أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شيء، والله لو وجدته قد تزوج به النساء، وملك به الإماء، لرددتُه،فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل، فالجور عليه أضيق)([2]) وقال (عليه السلام) في تفسير تصدّيه لإدارة شؤون الأمة ( اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان، ولا التماسَ شيءٍ من فضول الحطام، ولكن لنردَّ المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، فيأمَنُ المظلومون من عبادك، وتقام المعطّلة من حدودك)([3]) فإذا وجد يوم أو أسبوع يستحق أن تحتفل به الإنسانية يوماً للعدالة والنزاهة والشفافية مع الأمة وإعادة الحق إلى نصابه فهو يوم الخامس والعشرون من ذي الحجة الذي يُتوّج أسبوع أمير المؤمنين(عليه السلام).