كلمة العلامة الحجة الشيخ حيدر اليعقوبي التي القيت في المؤتمر التأبيني الذي عقد في كربلاء

| |عدد القراءات : 4435
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

كلمة العلامة الحجة الشيخ حيدر اليعقوبي التي القيت في المؤتمر التأبيني الذي عقد في كربلاء المقدسة بمناسبة ذكرى استشهاد السيد الصدر (قدس سره)

الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على اشرف المرسلين ابي القاسم محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين.

يقول الله تعالى((ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم ، بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ، وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقران ومن اوفى بعهده من الله ، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)). هذه هي البيعة المقدسة ، بين الله رب العالمين وبين صفوة خلقه وخيرة عباده ، انها بيعة على الطاعة من اجل التكامل العام فضلا عن التكامل الخاص ، وهي عهد متبادل بين الانسان الحقيقي وبين خالق الوجود ، واي عهد اجل واجمل من هكذا عهد حينما يحصل الفرد على وعد الهي بالجنة، مع بشرى ربانية بالفوز العظيم..

انها بالتاكيد سعادة كبرى لا يتذوقها الا من اتى الله بقلب سليم.

فاذا تذكرنا كلمات السيد الشهيد (قده) وهو ينادي في مسجد الكوفة :(انني اذا ذهبت فسوف اذهب وضميري مرتاح) ندرك عندئذ ان هذا العالم الرباني قد استشعر تلك السعادة، ونال ذلك الوعد الالهي المقدس ((ومن اصدق من الله قيلا)). وكيف لايكون كذلك وهو الذي قاتل في سبيل الله تعالى قتال الحكماء، فنشر رياحين الايمان وعبقات التقوى في قلوب اكلها الصدأ، وعقول غلب عليها العمى. فلا يوجد ادنى شك عند أي منصف بان السيد محمد الصدر (قده) اعاد للعراقيين نبض الحياة الاسلامية واحيا شعائر الله تعالى على هذه الارض الطاهرة متحدياً بذلك قوى الظلم والجبروت، لا تأخذه في الله لومة لائم ولايهزه كيد الحاسدين ، وخذلان المتخاذلين ولان شابه جده الحسين u في عمره حين الاستشهاده وفي استشهاد ولديه معه فقد شابهه قبل ذلك بصرخته ضد الباطل وغربته في معركته وتضحيته في سبيل الله تعالى.

وفي الحقيقة فانني احببت في هذه العجالة ان اذكر بعض الخصائص الاخلاقية عند السيد الشهيد (قده) لكي نتعرف اكثر على شخصية هذا المرجع العظيم الذي قلدناه في امورنا الشرعية والمفروض ايضا ان نقلده في اخلاقنا وتربيتنا وتصرفاتنا الخاصة والعامة.

فالتقليد ليس كما يفهمه البعض ممن يشرب السكائر في نهار شهر رمضان بحجة انه يقلد السيد الشهيد مع العلم ان السيد الشهيد (قده) لا يدخن اصلا ولله الحمد!! وانما التقليد ان نتخلق باخلاق السيد محمد الصدر (قده) وان نلتزم بسيرته وسلوكه في التعامل مع الاخرين او مع الاحداث.

التقليد هو ان نطبق المباديء التي نادى بها السيد الشهيد وهي مباديء المعصومين عليهم السلام وهي ايضاً قل كل شي مباديء الله تعالى وقد ورد في الحديث (تخلقوا باخلاق الله).

وعلى أي حال فقد امتاز السيد المولى بخلق خاص نذكر بعضه باختصار.

1-         التزامه التام بمنهج المعصومين عليهم السلام فهو ينطق بأقوالهم ويتحرك على حسب توجيهاتهم عليهم السلام فهو من اخلص الناس لهم واشدهم تمسكا بهم قربة الى الله تعالى.

2-         تضحيته في سبيل الدين فهو لا يفكر بمصالح شخصية بل هو لايعرف مثل هذه المصالح وانما غاية ما يفكر به ويطمح لتحقيقه انما هو مصلحة الدين ومصلحة المجتمع الاسلامي اذكر جيداً في احدى المرات انه دعى الى توحيد المرجعية واعطى مقترحا بان يجتمع المراجع ليختاروا واحدا منهم بشرط ان لا يختاروه هو (قده) فهل رايت تضحية وايثارا اكثر من هذا؟

3-         حبه ورعايته لعموم المؤمنين على اختلاف مستوياتهم واتجاهاتهم فهو يحرص على زيارة معارفه حتى وان كانوا فقراء ويحرص ايضا على زيارة العلماء في مكاتبهم او اثناء مجالس التعزية في محرم او شهر رمضان وكان مكتبه يغص بالفقراء وذوي الحاجات حتىانه في بعض الاحيان يصرف الوارد كله في نفس اليوم فكانما واسى بذلك جده امير المؤمنين u حينما كان يكنس بيت المال في كل يوم.

4-         ارتباطه التام بالله عزوجل حتى انه كان يردد بكثرة ( يا مدبري ولست ادري) وكان ينصح بعض الاشخاص قائلا (حبيبي صانه وجها واحدا يكفيك الوجوه)

5-         حرصه على مراجعة الناس للحوزة العلمية في جميع التفاصيل حتى انه كان يأمر بذلك في كل صغيرة وكبيرة وكان يقول بان المجتمع يعيش في فوضى عارمة اذا لم يتمسك بالحوزة الشريفة مع انخفاض تعدد المستويات العلمية والثقافية والسياسية والاخلاقية لعلماء هذه الحوزة المقدسة التي يرعاها الامام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ببركاته والطافه.

6-         حرصه الشديد على عدم التعلق بالاسماء والعناوين الشخصية وانما يكون التعلق بالله تعالى وبخط المعصومين عليهم السلام باعتباره هو الصراط المستقيم حتى انه يركز في اذهان الناس مقولته (قده):( انا لست مهماً بدمي ولحمي) ومقولته الاخرى (لاتقولوا ذهب السيد محمد الصدر، انما الدين باق، وهو في ذمتكم) الى اخر هذه الاقوال الشريفة التي كانت تصدر من فؤاد صادق وفم طاهر فكانت تسري مباشرة الى القلوب العطشى والعقول المنفتحة فتتلقاها وتحيا بها وتعيش اثارها ونفحاتها.

هكذا كانت الجماهير تتفاعل مع السيد الشهيد فهي التي وجدت فيه الاب الحنون والعالم الصادق والفقيه الناطق والسياسي الحكيم والعارف المخلص فعاشت في كنفه احلى ايامها..

والحمد لله رب العالمين

                                                                1/ذق/1425

                                                                                   حيدر اليعقوبي