المقصد التاسع... صلاة المسافر

| |عدد القراءات : 9039
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

المقصد التاسع

صلاة المسافر

وفيه فصول:

الفصل الاول

شروط القصر

تقصر الصلاة الرباعية لزوما بحذف الركعتين الأخيرتين منها في السفر بشروط:  

الشرط الاول : قصد قطع المسافة، وهي ثمانية فراسخ امتدادية ذهابا أو إيابا  أو هي ملفقة أربعة ذهابا وأربعة إيابا، سواء اتصل ذهابه بإيابه  أم انفصل عنه بمبيت ليلة أو أكثر  مادام صدق السفر عرفا متحققا. غير أن الأحوط في الملفقة  عدم إطالة المكوث. وكذا لو بدا له المكث خلال المسافة القصوى قبل إتمامها.

(مسألة 1201) : الفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة ألاف ذراع بذراع اليد، وهو من المرفق إلى أطراف الأصابع. فتكون المسافة (44) كيلو متراً تقريباً  ونصفها (22) كيلو متراً، وقد فصّلنا  المسألة في كتابنا (الرياضيات للفقيه).

(مسألة 1202) : إذا نقصت المسافة عن ذلك ولو يسيرا  بقي على التمام. وكذا إذا شك في بلوغها المقدار المذكور أو ظن.

(مسألة 1203) : تثبت المسافة بالعلم والاطمئنان والوثوق والبينة الشرعية، ولا يبعد ثبوتها بخبر العدل الواحد، بل بإخبار مطلق الثقة  وان لم يكن عادلا. وإذا تعارضت البينتان أو الخبران  تساقطا ووجب التمام  إلا مع الوثوق بأحدهما دون الآخر، فيعمل على من وثق به. ولا يجب الاختبار إذا لزم منه الحرج، بل مطلقا.

(مسألة  1204) : إذا شك العامي في مقدار المسافة شرعا، وجب عليه أما الرجوع إلى المجتهد والعمل على فتواه، أو الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام  ما لم يكن هناك حالة سابقة لأحدهما  فيبنى عليها. وإذا اقتصر على احدهما بنية رجاء المطلوبية وانكشفت مطابقته للواقع أجزأه.

(مسألة 1205) : إذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر، فظهر عدمه أعاد. وأما إذا اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة أعاد في الوقت دون خارجه.

(مسألة 1206) : إذا شك في كون ما قصده مسافة  أو اعتقد العدم  وظهر في اثناء السير كونه مسافة  قصر  وان لم يكن الباقي مسافة.

(مسألة 1207) : إذا كان للبلد طريقان، والأبعد  منهما مسافة دون الأقرب. فان سلك الابعد قصر، وان سلك الأقرب أتم. وكذا إذا ذهب من الأبعد ورجع من الأقرب وكان المجموع يحقّق المسافة لقصر الصلاة في مجموع الذهاب والإياب فإنه يقصر.

(مسألة 1208) : إذا كان الذهـــــــاب خمســـــة فراسخ والإياب ثلاثــــــة، فهو من صور التلفيق بالمسافة التي يجب فيها التقصير، مع صدق السفر كما سبق. والمهم في جميع الصور الملفقة أن لا يقل الذهاب عن أربعة فراسخ، بغض النظر عن طريق العود. فان كان كذلك قصر وإلا أتم.

(مسألة 1209) : مبدأ حساب المسافة  من سور البلد أو من منتهى البيوت  فيما لا سور له  سواء كان البلد كبيرا أم صغيراً.

(مسألة 1210) : لا يعتبر توالي السفر على النحو المتعارف فيمكن التوقف في محطات خلال السفر ويكفي قصد السفر في المسافة المذكورة، ما لم يخرج عن صدق السفر عرفاً، والمهم صدقه الفعـــــلي بحيث يكون له همــــة فعلية في الذهاب، لا مطلق الصدق.

(مسألة 1211) : يجب القصر في المسافة المستديرة، ويكون الذهاب فيها إلى منتصف الدائرة  والإياب منه إلى البلد. هذا إذا كانت في احد جوانب البلد. أما إذا كانت مستديرة على البلد  فوجوب القصر فيها محل إشكال من جهة عدم صدق السفر عرفاً على مثل هذه الحالة للمسافة المذكورة.

الشرط الثاني: قصد السفر ابتداءً واستدامة.

(مسألة 1212) : لا بد من تحقق القصد إلى المسافة في أول السير فإذا قصد ما دون المسافة وبعد بلوغه تجدد قصده إلى ما دونها أيضاً وهكذا. وجب التمام وان قطع مسافات. نعم إذا شرع في الإياب إلى البلد وكانت المسافة ثمانية فراسخ قصر وإلا بقي على التمام فطالب الضالة أو الغريم من بلد إلى بلد ونحوهم يتمون إلا إذا حصل لهم في الأثناء قصد ثمانية فراسخ امتدادية أو ملفقة كما سبق.

(مسألة  1213) : إذا خرج إلى ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة إن تيسروا سافر معهم، وإلا رجع كمن خرج من النجف إلى الكوفة مترقباً الحصول على رفقاء ليسافروا إلى كربلاء، وجب أن يتم. وكذا إذا كان سفره مشروطا بأمر آخر غير معلوم الحصول، نعم، إذا كان مطمئنا بتيسر الرفقة أو بحصول ذلك الأمر قصر.

(مسألة  1214) : لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلاً ولا أن يكون مختاراً، فلو كان تابعا كالزوجة لزوجها أو مضطراً كالمريض، وجب التقصير، والمهم في هؤلاء هو القصد الجدي للمسافة في طول هذه الاسباب، وليس للتبعية عنوان مستقل في التقصير بالرغم من كونه مطابقا للمشهور.

(مسألة 1215) : إذا شك في قصد المتبوع، بقي على التمام، والأحوط استحبابا الاستخبار منه. ولكن لا يجب عليه الإخبار. وإذا علم في الأثناء قصد المتبوع وكان مسافة قصر حتى لو كان الباقي دونها. لأن القصد الإجمالي من الاول موجود.

(مسألة 1216) : إذا كان التابع عازماً على مفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة أو متردداً في ذلك بقي على التمام. وكذا إذا كان عازما على المفارقة على تقدير حصول أمر محتمل الحصول، سواء كان له دخل في حصول المقتضي للسفر، مثل الطلاق، أم كان مانعا أو شرطا في السفر مع تحقق المقتضى له. فإذا قصد المسافة واحتمل احتمالاً عقلائياً حدوث مانع عن سفره أتم صلاته. وان انكشف بعد ذلك عدم المانع.

(مسألة 1217) : سبق أن الظاهر وجوب القصر في السفر الاضطراري، أما السفر الإكراهي كما إذا القي في قطار أو سفينة بقصد إيصاله إلى نهاية مسافة فلا قصر عليه لعدم القصد. ولو تحقق القصد كما في الاسير مثلاً وجب القصر.

(مسألة 1218 ) : إذا عدل قبل بلوغ الأربعة فراسخ إلى قصد الرجوع أو تردد في ذلك وجب التمام والاحوط وجوبا  إعادة ما صلاه قصرا في الوقت لا في خارجه. وان كان قد افطر استمر على الإفطار، وان كان العدول أو التردد بعد بلوغه الأربعة وكان عازما على العود قبل إقامة عشرة أيام، بقي على القصر والإفطار.

(مسألة  1219) : يكفي في استمرار القصد بقاء عنوان السفر وإن عدل عن موضوع خاص منه إلى آخر، كما إذا قصد إلى مكان وفي الأثناء عدل إلى غيره، إذا كان يبلغ ما مضى مع ما بقي إليه مسافة، فانه يقصر على الأصح. وكذا إذا كان من أول الأمر قاصدا السفر إلى احد البلدين من دون تعيين احدهما، إذا كان السفر إلى كل منهما يبلغ مسافة.

(مسألة 1220) : إذا تردد في الأثناء في الاستمرار بالسفر، ترددا معتدا به، ثم عاد إلى الجزم. فان لم يسر حال تردده عرفا فلا اثر له، وان كان قد سار، فان كان ما بقي مسافة ولو ملفقة قصر. وإلا أتم صلاته. نعم إذا كان طريق الرجوع مسافة قصر مطلقاً.

(مسألة  1221 ) : ما صلاه قصرا قبل العدول عن قصده لا تجب إعادته في الوقت ولا قضاؤه خارجه. وان كانت الإعادة في الوقت أحوط وجوباً إذا لم يقطع المسافة.

الشرط الثالث: أن لا يكون ناويا في أول السفر إقامة عشرة أيام قبل بلوغ المسافة أو يكون مترددا في ذلك وإلا أتم من أول السفر. وكذا إذا كان ناويا المرور بوطنه أو مقره أو مترددا في ذلك. وإذا كان قاصدا السفر المستمر، لكن يحتمل احتمالا معتدا به، عروض ما يوجب تبدل قصده على نحو يوجب أن ينوي الإقامة عشرة أيام أو المرور بالوطن. أتم صلاته، وان لم يعرض ما احتمل عروضه.

الشرط الرابع: أن يكون السفر مباحا، فإذا كان السفر حراما لم يقصر، سواء أكان حراما في نفسه كسفر الزوجة المنافي لحق الزوج بدون إذنه، أم لغايته كالسفر لقتل النفس المحترمة والسرقة والزنا ولإعانة الظالم ونحو ذلك. ويلحق به ما إذا كان السفر لترك واجب، كما إذا كان مديوناً وسافر مع مطالبة الدائن وإمكان الأداء في الحضر دون السفر. فانه يجب فيه التمام إن كان السفر بقصد التوصل إلى ترك الواجب. أما إذا كان السفر مما يتفق وقوع الحرام أو ترك الواجب أثنائه كالغيبة وشرب الخمر وترك الصلاة ونحو ذلك. من دون ان يكون الحرام أو ترك الواجب غاية السفر، وجب فيه القصر.

(مسألة 1222) : إذا سافر بقصد الصلاة تماما في السفر تشريعا كان سفره حراما ووجب عليه إتمام الصلاة فيه. أما إذا كان سفره لغرض مباح لكنه عزم على الصلاة تماماً في السفر، لم يغير ذلك من وجوب القصر عليه.

(مسألة 1223) : إذا كان السفر مباحا ولكن ركب دابة مغصوبة أو مشى في ارض مغصوبة فحكمه القصر. نعم اذا سافر على دابة بقصد الفرار بها عن المالك أثم وأتم.

(مسألة 1224) : إباحة السفر شرط في الابتداء والاستدامة فإذا كان ابتداء سفره مباحا وفي الأثناء قصد المعصية أتم. وأما ما صلاه قصراً فلا تجب إعادته، إذا كان قد قطع مسافة وإلا فالأحوط وجوباً الإعادة في الوقت دون خارجه. وإذا رجع إلى قصد الطاعة فان كان ما بقي مسافة ولو ملفقة وشرع في السير قصر، وكذا إن لم يكن مسافة ولكنه لم يقطع بعد العدول إلى المعصية شيئا من الطريق، وإذا شرع في الإياب وكان مسافة قصر، ما لم يكن متضمنا للحرام أيضاً.

(مسألة 1225) : إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل إلى المباح فان كان الباقي مسافة، ولو ملفقة، كما سبق، قصر وإلا أتم.

(مسألة 1226) : الراجع من سفر المعصية يقصر، إذا كان الرجوع مسافة، ولم يكن معصية، وان لم يكن تائبا.

(مسألة 1227) : إذا سافر لغاية ملفقة من الطاعة والمعصية أتم صلاته. إلا إذا كانت غاية المعصية تابعة ولا تكفي كباعث مستقل في تحقق السفر فانه يقصر.

(مسألة 1228 ) : إذا سافر للصيد لهوا، كما يستعمله أهل الدنيا أتم الصلاة في ذهابه وقصر في إيابه، إذا كان وحده مسافة. وأما إذا كان الصيد لقوته أو قوت عياله قصر. وكذلك إذا كان للكسب على الأظهر، نعم قد يكون حكمه التمام إذا انطبق عليه عنوان العمل. ولا فرق في ذلك بين صيد البر والبحر والجو.

(مسألة 1229) : نقل المسافر للمعصية معصية كمن ينقل شخصاً لجلب الخمر أو الزنا لأنها إعانة له على الإثم، سواء كان مجانا أم باجرة. فيجب على الناقل الإتمام في سفره مع علمه بقصد الآخر.

(مسألة  1230) : التابع للظالم أو للجائر، إذا كان مضطراً أو يقصد غرضاً صحيحاً كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصر. وإلا فان كان على وجه يعد من أتباعه وأعوانه في جوره أو فيه إعانة له على ذلك، وجب عليه الإتمام، وان كان سفر الجائر مباحا، فالتابع يتم والمتبوع يقصر.

(مسألة 1231 ) : إذا شك في كون السفر معصية أو لا بسبب الشك في كون الغرض الذي سافر من أجله معصية، فالأصل الإباحة فيقصر، إلا إذا ثبت كونه معصية بنحوٍ ما كالاستصحاب بأن كانت الحالة السابقة هي الحرمة. أو كان هناك أصل موضوعي يحرز به الحرمة، فلا يقصر. كما لو سافر لإطعام لحوم يشك في تذكيتها والأصل عدم التذكية.

(مسألة 1232) : إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلى الطاعة، فان كان الباقي مسافة وقد شرع فيها افطر، ولا يفطر بمجرد العدول. ولا ما إذا كان الباقي اقل من المسافة. وكذلك إذا كان العدول والشروع في السفر بعد الزوال. والأحوط استحبابا القضاء.

(مسألة 1233) : إذا انعكس الأمر عن المسألة  السابقة. بان كان سفره طاعة في الابتداء، فلم ينو الصوم، وعدل إلى المعصية في الأثناء وكان العدول قبل الإتيان بالمفطر وقبل الزوال نوى الصيام والأحوط له استحبابا القضاء. ولو كان بعد الزوال أو بعد تناول المفطر، وجب عليه على الأحوط الإمساك والقضاء.

الشرط الخامس: أن لا يتخذ السفر عملا له، كقيادة سيارات النقل العام والراعي والتاجر الذي يدور في تجارته، وغيرهم ممن عمله السفر إلى المسافة فما زاد، فان هؤلاء وأمثالهم يتمون في سفرهم ماداموا يخرجون في أعمالهم. وأما إذا استعملوا السفر لأنفسهم كالسفرات الخاصة لزيارة الأقرباء أو العتبات المقدسة فوظيفتهم التقصير، إلا إذا كان العمل الأساسي هو المقصود، وكان هذا الاستعمال ضمنيا.

(مسألة  1234) : كما أن التاجر الذي يدور في تجارته يتم صلاته كذلك العامل الذي يدور في عمله، كالمفتش الذي يتجول على الدوائر للمتابعة، أو ساعي البريد يتنقل لإيصال الرسائل والطرود، أو مراقب الحدود الذي يتفقد نقاط السيطرة والمراقبة والحماية ومثلهم الحطاب والجلاب الذي يجلب الخضر والفواكه والحبوب ونحوها إلى البلد، فإنهم يتمون الصلاة.

(مسألة 1235 ) : العناوين المحتملة لهذا الشرط الخامس عدة أمور:

الأمر الأول: أن يكون السفر عمله، يعني انه يتكسب بنفس السفر، كالمكاري والسائق والطيار. فمتى خرج في عمله أتم وصام، ومتى خرج لغير عمله قصر وافطر.

الأمر الثاني: أن يكون عمله في السفر، يعني أن يكون عمله متوقفا على السفر، بحيث يستحيل عادة ممارسته بدون السفر. كمن يعمل في مدينة أخرى غير المدينة التي يسكنها، كالطبيب والممرض والطالب والعسكري والموظف وأضرابهم، فإنهم إن ذهبوا إلى أعمالهم أتموا وصاموا. ولا يفرق في الطالب بين طالب العلم الديني أو العلم الأكاديمي. ممن يكون تلقى العلم دخيلا في مستقبله، وتتوقف عليه حياته. لا مجرد البحث عن مشكلة تاريخية مثلا في المصادر.

الأمر الثالث: من كان السفر جزءاً من عمله، كالوسيط التجاري الذي يأتي بالبضائع من تجار الجملة ويوزعها على بائعي المفرد، وكالأمثلة التي ذكرناها في المسألة (1234).

الأمر الرابع: أن يكون عملهم في التنقل بنحو الدوران في البلدان كمن يحمل عدة عمله ويجوب البلدان ليقدّم خدماته باجور، ومن أمثلته مصلح المكائن أو البنّاء أو الحداد وغيرهم.

(مسألة 1236 ) : ليس عنوان كثير السفر سبباً لاتمام الصلاة بمفرده وإنما العبرة في تحقق عنوان كون عمله السفر أو في السفر بغضّ النظر عن تحقق عنوان كثير السفر أو عدمه.

(مسألة 1237) : إنما يتم من عمله في السفر. إذا كان سفره من عمله، فان حصل له عمل آخر اتفاقي كالبزاز إذا أتته صفقة من اللحوم أو القصاب إذا أتته صفقة من الأقمشة. قصّر إذا لم يصدق عليه احد العناوين المتقدمة في المسألة (1235)

(مسألة 1238 ) : إذا اختص عمله بالسفر إلى ما دون المسافة فاتفق له السفر إلى المسافة أتم ما دام خارجا في عمله، كمن يعمل في سيارة للأجرة داخل المدينة لكن كان من شأنه وله الاستعداد للاستئجار إلى مدينة أخرى متى حصلت له فرصة مناسبة بحيث يراه العرف انه ممارس لعمله فانه يتم.

(مسألة 1239 ) : لا يعتبر في وجوب التمام تكرر السفر ثلاث مرات، بل يكفي كون السفر عملا  له أو عمله في السفر ولو في المرة الأولى.

(مسألة 1240) : إذا خرج في سفرات اتفاقية ولكنها مربوطة بعمله وكانت جزءاً من عمله، أتم وصام كالموظف ترسله دائرته في عمل رسمي أو العسكري ترسله وحدته في مأمورية، مادام عمل الموظف والعسكري يتطلب مثل هذا السفر، أما إذا لم يكن كذلك كالإيفادات التي توفرها الدوائر لموظفيها للتدريب أو تطوير المهارة فليست جزءاً من العمل ويكون حكمه القصر.

(مسألة 1241) : إذا كان السفر إتفاقياً في علل كسبه أو معلولاته
- أي مقدمات كسبه أو نتائجه-  قصر وافطر. كالتاجر يذهب لاستيفاء دين أو لدفعه، أو لأخذ إجازة استيراد أو في معاملة رسمية أو قضائية. كالموظف أو المدرس الرسمي يذهب لمعاملة تعيينه أو تقاعده ونحو ذلك.

(مسألة 1242) : إذا اجتمع سببان للإتمام، كان حكمه أولى بذلك، كما لو كان عمله في السفر وينوي إقامة عشرة أيام أو غير ذلك. فالمهم في الإتمام هو وجود سبب واحد له، فضلا عن الأكثر.

 

حكم الصلاة في الطريق بيـن محلّي التمام

(مسألة 1243) : من كان عمله في السفر على نحوين:

الأول: من يتخذ محل عمله وطناً آخر غير محل سكنه الذي ينتسب اليه فيقيم فيه بحيث يتفق عدم عودته إلى وطنه الأصلي في أيام التعطيل الاسبوعي او في نهاية العام الدراسي، كطالب العلوم الدينية في النجف الأشرف يتخذ مسكناً له ويبقى فيه الشهر والشهرين وإن لم يكن عنده درس، أو كالمهندس الذي توفر له الشركة مسكناً له ولعائلته في موقع العمل يمكث فيه حتى في عطلة نهاية الأسبوع، أو الطالب الجامعي الذي يتخذ القسم الداخلي وطناً ثانياً له يمكث فيه حتى لو لم تكن عنده دروس فعلية، فان مثل هؤلاء يقصرون في طريق الذهاب والإياب. ويتمون في الموطنين فقط.

الثاني: من لا يتخذ محل عمله وطناً وإنما يتواجد فيه مادام العمل مطلوباً منه فإذا لم يكن عنده عمل عاد مباشرة إلى أهله، كطلبة الجامعات الذين يرجعون إلى أهلهم بمجرد انتهاء أيام الدرس في نهاية الأسبوع فهؤلاء يتمون في طريق الذهاب والإياب. ويتمون في الموطنين.

(مسألة 1244) : إذا سافر من عمله السفر أو في السفر، سفرا ليس من عمله، كما إذا سافر المكاري للزيارة أو الحج وجب عليه التقصير. ومثله ما إذا أعطبت سيارته أو سفينته فتركها عند من يصلحها ورجع إلى أهله. فانه يقصر في سفر الرجوع على الأحوط. وكذلك لو غصبت دوابه أو مرضت فتركها ورجع إلى أهله. وأما إذا لم يتهيأ له الركاب في رجوعه فرجع إلى أهله بسيارة أو سفينة خالية.فانه يتم في رجوعه.

(مسألة 1245) : الإتمام في الرجوع يكون في حالة ما إذا كان الرجوع من عمله، أو كان قاصداً أهله مباشرة، لا ما إذا كان ذاهباً إلى سبب آخر ليس فيه ذلك كالزيارة في غير بلده ولو في طريق الرجوع بحيث يصدق عرفا قصده للزيارة لا قصده لأهله فانه يقصر. فالطالب النجفي الذي يدرس في بغداد وطريقه المعتاد يمرّ على الحلة، إذا عرّج على كربلاء للزيارة فانه يقصر في صلاته هناك.

(مسألة  1246) : إذا اتخذ السفر عملا له في شهور معينة من السنة أو فصل معين فيها، كالذي يؤجر سيارته بين مكة وجدة في شهور الحج أو يجلب الخضر في فصل الصيف، يجري عليه حكم الإتمام في المدة المذكورة.

(مسألة 1247) : المهم في الإتمام هو أن يكون عمله في السفر أو السفر نفسه، ولا دخل لزيادة السفر أو قلته في ذلك فمتعهدو نقل الحجاج (الحملدارية) الذين يسافرون إلى مكة أيام الحج في كل سنة، ويقيمون في بلدهم بقية أيام السنة. يتمون ماداموا خارجين لعملهم هذا إذا كان هذا هو عملهم الوحيد ويقضون بقية الأيام في الإعداد للموسم وجمع الحجاج وتدقيق وثائقهم، كحملدارية بلدان جنوب شرق أسيا الذين تطول فترة السفرة ومقدماتها وما يترتب عليها ثلاثة شهور تقريباً. وهذا الحكم جارٍ عليه حتى لو أصبح الفرد حملداراً لسنة واحدة.

(مسألة 1248) : الظاهر أن عنوان من عمله السفر أو في السفر، يتوقف على قصد ذلك ليكون بمنزلة المهنة له. فإذا قصد ذلك ولو لأول مرة أتم سفره. لكن على أن لا تكون هناك فترة غير معتادة أهمل الفرد فيها التردد على عمله، بحيث خرج عرفا عن كونه ممارسا له، فإذا خرج من دون تجديد قصد  المزاولة العرفية قصر. وإذا كان العمل محددا بأزمنة متباعدة نسبيا لم يضر ذلك في الإتمام مادام غير ضار بصدق العمل عرفا، فالسائق الذي يؤجر سيارته في كل شهر مرة إلى العتبات المقدسة في إيران أو سوريا يصدق عليه أن عمله هذا، لكن الذي يؤجر سيارته في الأسبوع مرة إلى كربلاء قد لا يصدق عليه أن عمله ذاك اذا كان له عمل آخر.

(مسألة 1249) : إذا أقام من عمله السفر أو في السفر عشرة أيام في بلده أو في أي بلد، أتم إذا خرج بعدئذ في عمله ولو لأول مرة. ولا ينتفي الحكم، ولا يعود إلا مع عود شرطه الذي سمعناه.

(مسألة 1250) : السائح في الأرض لفترة أو دائما يتم مع توفر شرطه بحيث يصدق انه لا وطن له. وإلا قصر. نعم، إذا كانت السياحة عملا له عرفا أتم فيها أيضاً.

الشرط السادس للقصر في السفر: أن لا يكون ممن بيته معه كاهل البوادي الذين لا مسكن لهم معين من الأرض، بل يتبعون العشب والماء أينما كانا ومعهم بيوتهم وهي الخيام والمضارب، وكالغجر الذين يتنقلون بين البلدان، وكبعض ربابنة السفن الذين يتخذون في سفنهم غرفا لإقامتهم مع عوائلهم وأثاثهم، فان هؤلاء لا وطن لهم لذا فإنهم  يتمون صلاتهم فيما إذا حملوا بيوتهم معهم للانتقال من محل سكن إلى محل آخر. ويقصرون في السفرات الأخرى كالحج والزيارة أو شراء القوت. وكذا يقصر إذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب والماء. والظاهر الإتمام في أي سفر كانوا يحملون بيوتهم معهم. دون الأسفار الأخرى.

الشرط السابع: أن يصل المسافر حال خروجه إلى حد الترخص فلا يقصر لو صلى قبله، والمراد به المكان الذي يخفى فيه شخص المسافر عن الناظر الواقف في آخر بيوت المدينة. وعلامة ذلك بشكل تقريبي أن المسافر لا يرى الشخص الواقف في نهاية البلد، ولا يسمع صوت أذانه.

(مسألة 1251) : القدر المتيقن في ثبوت حد الترخص هو الخروج من الوطن ولا يلحق به محل الإقامة والمكان الذي بقي مترددا فيه ثلاثين يوما، وكذلك كل محل كان يتم فيه كمحل عمله وغير ذلك فانه يقصّر بمجرد الخروج منه، وان كان الأحوط في مثله الجمع بين القصر والتمام لو صلى قبل حد الترخص.

(مسألة 1252) : المدار في الرؤية والسماع الذي هو حد لحد الترخص ما كان على النحو المتعارف لمن كان صحيح السمع والبصر. ولا عبرة بالضعيف منهما، كما لا عبرة بالفاقد، ولا عبرة بالأجهزة المستعملة للتقريب أو التكبير.

(مسألة 1253) : مشهور الفقهاء على أن حد الترخص كما هو ثابت في الذهاب، كذلك في العود فإذا وصله أتم. إلا أن الأقوى عدم ثبوته. فيبقى على حكم التقصير إلى حين دخوله المدينة. وخاصة في غير عنوان الوطن كمحل الإقامة أو محل العمل.

(مسألة 1254) : إذا شك في الوصول إلى حد الترخص بنى على عدمه. فيبقى على التمام إلى أن يحصل الوثوق بحصوله.

(مسألة 1255) : إذا اعتقد الوصول إلى الحد فصلى قصرا، ثم بان انه لم يصل بطلت، ووجبت الإعادة قبل الوصول إليه تماما وبعده قصرا. فان لم يعد وجب عليه القضاء.

(مسألة 1256) : إذا صلى في واسطة نقله عن عذر شرعي، فليس له أن يقصر إلا بعد الخروج عن الحد. فلو صلى قبله أتم. وأما لو صلى قبله وخرج عن الحد في أثناء صلاته، فإن لم يتجاوز الركعتين بل الركوع من الثالثة، تعين القصر، وإلا فالأحوط رفع اليد عنها واستيناف صلاة مقصورة.

(مسألة 1257) : لا فرق في طول حد الترخيص، بل في طول مسافة القصر نفسها بين أن تكون برا أو بحرا، جبلية كانت أو سهلية، مسكونة بوجود قرى أو مدن أخرى في خلالها أو غير مسكونة.

(مسألة 1258) : السفر جوا كالسفر أرضا، في مسافة القصر وحد الترخص، ووجوب الإتمام في موارده وغير ذلك. ولكن لا يعتبر السفر العمودي إلى مثل هذا المقدار حدا للقصر أو للترخص، بل يلحقه حكم الأرض التي تحته. فان كان يجب عليه الإتمام فيها أتم وان كان يجب القصر قصر.

 

الفصل الثاني

في قواطع السفر

وهي أمور:

الأمر الأول : الوطن. والمراد به المكان الذي يتخذه الإنسان مقرا له على الدوام لو خلي ونفسه إلى اجل غير محدود. بحيث إذا لم يعرض له ما يقتضي الخروج منه لم يخرج. سواء كان مسقط رأسه أم استجده، ولا يعتبر أن يكون له فيه ملك، ولا أن يكون قد أقام فيه ستة أشهر. بل ولا يعتبر فيه أن يكون الاتخاذ اختياريا، فلو كان هذا القصد ناشئا من الاضطرار أو الإكراه صح. ولكن يعتبر فيه تحقق المعنى المذكور في التعريف أعلاه. ومع الشك في صدق العنوان يبني على عدمه. وأما مع وجود القصد المشار إليه للتوطن فيتم ولو لأول صلاة.

 

إمكان تعدد الوطن

 (مسألة 1259 ) : يمكن تعدد الوطن عرفاً كالبصري الذي يطلب العلوم الدينية في النجف فيستوطن النجف مع بقاء ارتباطه بوطنه الأول البصرة فلو سألت العرف لقالوا انه من أهل البصرة يسكن في النجف، ويتردد على بلده الأصلي، وكذا المهندس البغدادي الذي يتعين في كربلاء فيتخذ سكناً له هناك ويجلب عائلته مع بقاء ارتباطه ببغداد. ويسمى الثاني بالوطن ألاتخاذي والأول بالأصلي.

(مسألة  1260) : يمكن فرض وجود أكثر من وطنين للشخص بعد تحقق معنى الوطن الإتخاذي بأن يتخذ له أكثر من وطن إلى جنب وطنه الأصلي. كالمثالين المتقدمين مع افتراض اتخاذه وطنين يمضي في كل منهما ثلاثة أيام أو أربعة في الأسبوع.

(مسألة 1261 ) : الظاهر انه يكفي في ترتيب أحكام الوطن مجرد نية التوطن، فيتم في أول يوم أو أول صلاة، كما اشرنا. وليس لابد من الإقامة مدة زائدة. إلا إذا كان المكث ضرورياً لصدق التعريف.

(مسألة 1262 ) : إذا انتفى قصد التوطن انتفى وجوب الإتمام، فإذا ورد البلدة بعدئذ من سفر وجب فيها التقصير، ولكن ليس له التقصير، قبل أن يخرج بعد العدول عن التوطن إذا كان قد صلى بهذا القصد صلاة رباعية. وإن كان الأحوط الجمع بين القصر والتمام في مثله.

(مسألة 1263 ) : يكفي في صدق التوطن قصده ولو تبعا كالزوجة والأولاد والمهم هو القصد لا التبعية إلا لمجرد كونها سببا له.

 (مسألة 1264 ) : الظاهر عدم جريان أحكام الوطن على الوطن الشرعي. وهو المكان الذي يملك فيه الإنسان منـزلا قد استوطنه ستة أشهر فصاعدا. بل حكمه حكم غيره في القصر والتمام.

(مسألة 1265 ) : إذا حدث له التردد في التوطن في المكان بعدما كان وطنا أصليا أو اتخاذياً. ففي بقاء حكم الوطن إشكال. إلا أن الأظهر هو بقاؤه ما لم يعزم على الترك والإعراض.

(مسألة 1266 ) : العبرة في الوطن هو القصد، وليس مسقط الرأس أو البلد الذي يلقب به أو الذي تسكنه أسرته أو عشيرته. أو الذي كان قد سكنه مدة طويلة ولا غير ذلك.

 (مسألة 1267) : إذا اعرض عن الوطن وتركه خرج عن حكم الوطن ولو كان له الرغبة في العود إليه.نعم، لو عاد إليه رجع إليه الحكم ومن هنا يتضح انه يمكن تغيير الوطن عدة مرات باعتبار القصد مادام جديا وعقلائياً.

(مسألة 1268) : إذا ورد إلى بلد عمله لغير عمله فالأحوط له التقصير. وإن كان الأحوط من ذلك قصد الإقامة أو الجمع.

(مسألة 1269) : إذا كان محل عمله دون المسافة الشرعية، كان أولى بحكم الإتمام.كما لو كان الإنسان وطنه النجف، وله محل في الكوفة يخرج إليه كل يوم ويرجع ليلا، فانه يتم في النجف والكوفة معا. وإذا خرج من النجف قاصدا محل العمل وبعد الظهر يذهب إلى بغداد يجب عليه الإتمام في الكوفة. وإذا رجع من بغداد إلى النجف ووصل إلى محل عمله تم. مع قصد العمل لا لمجرد العبور في السفر خلال البلد. لا ذهابا ولا إيابا. وإلا قصر فيه اعني في الكوفة، وكذلك الحكم لأهل الكاظمية إذا كان لهم محل عمل في بغداد وخرجوا منها إليه، ثم سافروا إلى كربلاء مثلا.

(مسألة 1270) : الوطن هو البلد واسعا كان أم صغيرا والمهم المنطقة التي تسمى عرفا باسمه، وان كان الظاهر انتهاءه عرفا بانتهاء البيوت، وعدم انطباقه على المزارع والمعامل والقصبات التي حوله.كما إن محل قصد الإقامة هو ذلك، وحد الترخص يحسب منه أيضاً. ولا عبرة بالأحياء من داخل المدينة الواحدة.

(مسألة 1271) : إذا كانت بلدتان أو منطقتان مختلفتين في التسمية عرفا، فهما بحكم الاثنين وان اتصلتا كالكاظمية وبغداد أو النجف والكوفة، فيعتبر في الخروج من أي منهما باتجاه الأخرى حدها العرفي دون حدها الإداري.

الأمر الثاني، من قواطع السفر: العزم على الإقامة عشرة أيام متوالية في مكان واحد أو العلم ببقائه المدة المذكورة فيه وان لم يكن باختياره، والليالي المتوسطة داخلة دون الاولى والأخيرة. ويكفي تلفيق اليوم المنكسر عن يوم آخر، فإذا نوى الإقامة من زوال اليوم الاول إلى زوال اليوم الحادي عشر منه وجب التمام، والظاهر ان مبدأ اليوم هذا طلوع الفجر، فإذا نوى الإقامة من طلوعه كفى في وجوب التمام نيتها إلى غروب اليوم العاشر.

(مسألة 1272) : يشترط وحدة محل الإقامة عرفا. فإذا قصد الإقامة في مكانين عرفا بقي على القصر فضلا عن الأكثر. كالنجف والكوفة أو بغداد والكاظمية.

(مسألة 1273) : لا يشترط في قصد الإقامة قصد عدم الخروج من سور البلد أو بيوته، بل إذا قصد الخروج إلى ما يتعلق بالبلد من الأمكنة. مثل بساتينه ومزارعه ومقبرته ومائه ونحو ذلك من الأمكنة التي يتعارف وصول أهل البلد إليها، لم يقدح في صدق الإقامة فيها.

(مسألة 1274) : يشكل الخروج إلى حد الترخص، فضلا عما زاد مما هو دون المسافة. كما إذا قصد الإقامة في النجف الأشرف مع قصد الخروج إلى مسجد الكوفة أو السهلة، وان كان الأظهر عدم انقطاع قصد الإقامة إذا كان الخروج قليلا زمانا لا يؤثر على اعتبار ذلك النهار من العشرة المطلوبة للإقامة فلا يزيد عن خمس أو ست ساعات ونحوها. بحسب طول النهار.

(مسألة 1275) : إذا قصد الإقامة إلى حصول أمر غير محدود بزمان مثل ورود المسافرين أو انقضاء الحاجة أو نحو ذلك مما هو متوقع له.وجب القصر وان اتفق حصوله بعد عشرة أيام، وإذا نوى الإقامة إلى آخر الشهر أو إلى يوم الجمعة الآتية أو إلى عيد الأضحى، كفى في صدق الإقامة مع إحراز العشرة أيام. فلابد له من التعرف على المدة قبل الدخول في الصلاة الرباعية أو الصوم، ولا يكون مقيما شرعا إلا إذا أحرز العشرة أيام. ففي حال التردد لأجل الجهل بالزمان الآخر،كما إذا نوى المسافر الإقامة من اليوم الحادي والعشرين إلى آخر الشهر، وتردد الشهر بين الناقص والتام وجب فيه القصر وان انكشف كمال الشهر بعد ذلك.

 (مسألة 1276) : تجوز الإقامة في البرية، وحينئذٍ يجب أن ينوي عدم الوصول إلى ما لا يعتاد الوصول إليه من الأمكنة البعيدة. وخاصة فيما زاد عن مقدار حد الترخص من محل إقامته. إلا إذا كان زمان الخروج قليلا كما تقدم.

(مسألة 1277) : إذا عدل المقيم عشرة أيام عن قصد الإقامة، فان كان قد صلى فريضة رباعية تامة بقي على الإتمام إلى أن يسافر.وإلا رجع إلى القصر سواء لم يصل أصلا أو صلى صلاة غير مقصورة كالصبح والمغرب. أو كان في الأوليتين من الرباعية، بل ما دام لم ينته من الرباعية الأولى في سفره. وكذلك يرجع إلى القصر حتى لو فعل ما لا يجوز للمسافر فعله من الصوم الواجب والمستحب والنوافل ونحوها.

(مسألة 1278) : إذا صلى بعد نية الإقامة فريضة تماما نسياناً وغفلة عن قصد الإقامة ثم عدل فالأحوط له الجمع بين القصر والتمام. أما من صلى تماما في مواطن التخيير، أو فاتته الصلاة بعد نية الإقامة فقضاها تماما خارج الوقت. فضلا عما إذا قضى صلاة تامة مما فاته في الحضر.فانه يرجع في كل ذلك إلى القصر.

(مسألة 1279) : إذا تمت مدة الإقامة لم يحتج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة، بل يبقى على التمام إلى أن يسافر. وان لم يصل في مدة الإقامة فريضة تماما لعذر أو لغير عذر. بل حتى لو عدل بعد تمام العشرة إلى السفر، بقي على التمام حتى لو لم يصل فريضة تامة على الأقوى.

(مسألة 1280) : لا يشترط في تحقق الإقامة كونه مكلفا، فلو نوى الإقامة وهو غير بالغ، ولكنه عاقل مميز، ثم بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الأيام وان قلت عن العشرة. ويصلي قبل البلوغ تماما أيضاً. وكذا إذا كانت المرأة حائضا حال النية، فإنها تصلي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماما. بل إذا كانت حائضا كل العشرة يجب عليها التمام، ما لم تنشئ سفراً.

(مسألة 1281) : إذا صلى تماما ثم عدل،لكن تبين بطلان صلاته رجع إلى القصر. وإذا صلى الظهر قصرا، ثم نوى الإقامة فصلى العصر تماما، ثم عدل عن الإقامة ثم تبين له بطلان إحدى الصلاتين فانه يرجع إلى القصر.ويرتفع حكم الإقامة.

(مسألة 1282) : إذا صلى بنية التمام، وبعد السلام شك في انه سلم على الاثنتين أو الثلاث أو الأربع، لم يعتن بالشك وبنى على التمام، وكفى ذلك في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة. وكذا يكفي في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة  بعد السلام الواجب وقبل فعل المستحب منه أو قبل الإتيان بسجود السهو أو الأجزاء المنسية وان كان الاحتياط الاستحبابي بخلافه. ولكن لا يترك الاحتياط إذا عدل قبل صلاة الاحتياط أو في أثنائها. وأما إذا عدل بعدها فلا إشكال.

(مسألة 1283) : إذا دخل في الصلاة بنية القصر، فنوى الإقامة في الأثناء أكملها تماما ولو نوى الإقامة بعدها لم تجب الإعادة وإذا نوى الإقامة فشرع بنية التمام فعدل في الأثناء، فان كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمها قصرا، وان كان بعده بطلت.

(مسألة 1284) : المهم في نية الإقامة أو السفر هو القصد القلبي، مهما كان سببه، دون التلفظ أو الإخطار. كما أن المهم فيهما هو العزم الجدي بعد التروي، فان كان عازما على احدهما وحصل التشكيك كفى في البقاء على حكم السابق إلى أن يعزم على الآخر.

(مسألة 1285) : إذا عدل عن نية الإقامة،وشك في أن عدوله كان بعد الصلاة الرباعية التامة أم قبلها. فان كان محرزا لالتفاته إلى ذلك خلال الصلاة كفى تذكر عدد ركعاتها، فان كانتا اثنتين فقد عدل قبلها وان كانت أربعا فقد عدل بعدها. وان لم يكن محرزا لذلك أو لم يكن محرزاً لعدد الركعات بنى على العدم، بان يرتب آثار القصر، كما لو لم يكن قد صلى رباعية.

(مسألة 1286) : إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم، وعدل بعد الزوال قبل أن يصلي تماما، فالأحوط له أن يبقى على صومه ويقضيه، وأما الصلاة فيجب فيها القصر،كما سبق. فلا يجزيء منه صوم اليوم التالي إذا بقي على نفس الحال، بل يكون مسافرا يجب عليه الإفطار.

الأمر الثالث، من قواطع السفر: أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوما متردداً. من دون  عزم على الإقامة عشرة أيام، سواء عزم على إقامة تسعة أو اقل أم بقي مترددا. فانه يجب عليه القصر إلى نهاية الثلاثين يوما. وبعده يجب عليه التمام إلى أن يسافر سفرا جديدا. ولو لصلاة واحدة.

(مسألة 1287) : المتردد في الأمكنة المتعددة يقصر، وان بلغت المدة ثلاثين يوما.

(مسألة 1288) : إذا تم الشهر على المتردد، وأصبح مقيما، ثم خرج إلى ما دون المسافة جرى عليه حكم المقيم عشرة أيام إذا خرج بمقداره فيجري فيه ما ذكرناه فيه. وأما إذا خرج إلى ما دون المسافة قبل تمام الشهر فيجب عليه التقصير. ما لم يحصل له قصد الإقامة.

(مسألة 1289) : إذا تردد في مكان تسعة وعشرين يوما أو نحوها ثم انتقل إلى مكان آخر وأقام فيه مترددا تسعة وعشرين يوما أو نحوها وهكذا. فانه يبقى على القصر في الجميع إلى أن ينوي الإقامة في مكان واحد عشرة أيام أو يبقى في مكان واحد ثلاثين يوما أو يسافر سفرا مربوطا بعمله.

(مسألة 1290) : يكفي تلفيق المنكسر من يوم آخر هنا،كما تقدم في الإقامة.

(مسألة 1291) : في كفاية الشهر الهلالي إشكال. لكن الأظهر انه إذا كان كاملا كان مجزءاً. كما لو دخل في المكان قبل طلوع الشمس من يومه الأول وبقي إلى غروبها من اليوم الأخير ولو كان ناقصا. وأما إذا كان شهرا تلفيقيا فالأظهر لزوم إكمال ثلاثين يوما.


 

الفصل الثالث

في أحكام المسافر

 (مسألة 1292 ) : تسقط نوافل الظهرين في السفر. وفي سقوط نافلة الفجر والعشاء إشكال، ولا باس بالإتيان بها برجاء المطلوبية. وأما صلاة الليل فمطلوبة.

(مسألة 1293) : يجب القصر في الفرائض الرباعية بالاقتصار على الأوليين منها كما سبق، عدا الأماكن الأربعة كما سيأتي. وإذا صلاها تماماً في مورد القصر، فان كان عالما بالحكم بطلت ووجبت الإعادة أو القضاء. وان كان جاهلا بالحكم من أصله، بان لم يعلم وجوب القصر على المسافر، لم تجب الإعادة فضلا عن القضاء. وان كان جاهلا بالحكم لجهله ببعض الخصوصيات الموجبة للقصر. كما لو ظنّ أن عنوان السفر يزول عنه لو أقام عشرة أيام في البلد حتى لو أنشأ منه سفراً جديداً، ومثل أن سفر المعصية غير موجب للقصر، حتى بعد التوبة ونحو ذلك، أو كان جاهلا بالموضوع بان لا يعلم أن ما قصده مسافة - مثلا- فأتم، فتبين انه مسافة، أو كان ناسيا للسفر أو ناسيا أن حكم المسافر القصر فأتم. فان التفت أو علم في الوقت أعاد وان علم أو تذكر بعد خروج الوقت فالظاهر عدم وجوب القضاء عليه.

(مسألة 1294) : الصوم كالصلاة فيما ذكر، فيبطل مع العلم ويصح مع الجهل، سواء كان الجهل بأصل الحكم  أو الخصوصيات أو بالموضوع. وان التفت أو علم بوجوب القصر خلال النهار وجب عليه الإفطار ويقضيه.

(مسألة 1295) : إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الصور، ووجبت الإعادة أو القضاء، حتى في موارد التخيير.

(مسألة 1296) : إذا دخل الوقت وهو حاضر وتمكن من الصلاة تماما ولم يصل ثم سافر حتى تجاوز حد الترخص والوقت باق صلى قصرا، وإذا دخل عليه الوقت وهو مسافر وتمكن من الصلاة قصرا ولم يصل حتى وصل إلى وطنه أو محل إقامته صلى تماما، فالمدار على زمان الأداء لا زمان حدوث الوجوب، وان كان الأحوط استحباباً ضم الاحتمال الآخر إليه.

(مسألة 1297) : إذا فاتته الصلاة في الحضر قضى تماما ولو في السفر، وإذا فاتته في السفر قضى قصرا ولو في الحضر. وإذا كان في أول الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا أو بالعكس راعى في القضاء حال الفوات وهو آخر الوقت، فيقضي في الأول قصرا، وفي العكس تماما.

 

فروع في موارد التخيير

(مسألة 1298) : يتخير المسافر بين القصر والتمام في الأماكن الأربعة الشريفة، وهي المسجد الحرام ومسجد النبي (صلى الله عليه واله)  ومسجد الكوفة وحرم الحسين (عليه السلام). والتمام أفضل والقصر أحوط، والأحوط عدم إلحاق مكة والمدينة بالمسجدين فضلا عن الكوفة وكربلاء وان كان لا يخلو الإتمام في مكة والمدينة من وجه، وفي تحديد الحرم الحسيني الشريف إشكال، والأحوط الاقتصار على ما حول الضريح المقدس  على مشرفه أفضل الصلوات والسلام.

(مسألة 1299) : لا فرق في المساجد المذكورة بين أرضها وسطحها والمواضع المنخفضة فيها كبيت الطشت في مسجد الكوفة.

(مسألة 1300) : لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور فلا يجوز الصوم في الأماكن الأربعة.

(مسألة 1301) : التخيير المذكور استمراري، فإذا شرع في الصلاة بنية القصر،يجوز في الأثناء الإتمام. وبالعكس إذا لم يفت محل العدول.

(مسألة 1302) : لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد والمشاهد الشريفة.

(مسألة 1303) : لا يختلف الحكم بالتخيير في أي شكل من إشكال السفر، حتى لو كان مترددا في الإقامة إلى شهر،كما لا يختلف تعين التمام فيها مع الحكم به في غيرها،كما في قاصد الإقامة عشرة أيام أو المسافر لعمله أو الذي انتهى به الشهر مع التردد.

 

(مسألة 1304) : يختص التخيير المذكور بالأداء، ولا يجري في القضاء. فلو كانت صلاة فائتة وقضاها في احد الأماكن الأربعة قضاها كما فاتت ولا يتخير. ولو فاتت الصلاة من المسافر وهو موجود في احد الأماكن الأربعة، كما لو انتهى به الوقت هناك دون صلاة عن عذر أو غير عذر، فانه يقضيها قصرا ولا يتخير حتى لو أراد قضاءها في احد الأماكن الأربعة على الأقوى.