المبحث الثالث: الوضوء
المبحث الثالث: الوضوء
وفيه فصول:
الفصل الاول
في أجزائه وكيفيته
أجزاء الوضوء أربعة: غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين.
فهنا أمور:
الأمر الأول: غسل الوجه:
يجب غسل الوجه ابتداءً من قصاص شعر الرأس إلى نهاية الذقن طولاً، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً ولا يجب أزيد من ذلك إلا بعض الأطراف من باب المقدمة العلمية، أي أنّ هذا الفعل يؤتى به مقدمة لحصول العلم بتحقق المقدار الواجب، ويجب الابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل فالأسفل عرفاً ولا يصح أن تكون حركة الغسل من الأسفل إلى الأعلى ولو حصلت فلا يحتسبها من أفعال الوضوء، نعم، لو ردَّ الماء منكوساً ونوى الوضوء بإرجاعه إلى الأسفل صح وضوؤه.
(مسألة 80) : غير مستوي الخلقة لكبر الوجه أو صغره أو لطول الأصابع أو قصرها يرجع إلى متناسب الخلقة المتعارف بالنسبة، وكذا لو كان أغمّ قد نبت الشعر على جبهته أو كان أصلع المقدم فإنّه يرجع إلى المتعارف.
(مسألة 81) : الشعر النابت في ما دخل في حد الوجه كالحاجبين والأشفار وبعض العارضين يجب غسل ظاهره، ولا يجب التخليل إلى الشعر المستور فضلاً عن البشرة المستورة ويغسل الشعر الرقيق النابت في البشرة معها وكذلك الشعرات الغليظة التي لا تستر البشرة.
(مسألة 82) : لا يجب غسل باطن العين والفم والأنف ومطبق الشفتين والعينين.
(مسألة 83) : الشعر النابت في الخارج عن الحد كبعض شعر الرأس إذا تدلى على ما دخل في الحد لا يجب غسله، وكذا المقدار الخارج عن الحد وإن كان نابتاً في داخل الحد كمسترسل اللحية.
(مسألة 84) : إذا بقي مما في الحد شيء لم يغسل ولو بمقدار رأس إبرة لا يصح الوضوء، فيجب أن يلاحظ آماق وأطراف عينيه حتى لا يكون عليها شيء من القيح أو الكحل المانع، وكذا يلاحظ حاجبه أن لا يكون عليه شيء من الوسخ، وأن لا يكون على حاجب المرأة وسائر وجهها من بعض مواد الزينة مما له جرم مانع.
(مسألة 85) : إذا تيقن من وجود ما يشك في مانعيته وحاجبيته عن الغسل أو المسح يجب تحصيل اليقين أو الاطمئنان بزواله أو بوصول الماء إلى البشرة من خلاله بحيث يصدق عليه غسلها عرفاً، ولو شك في أصل وجود المانع وجب الفحص عنه على الأحوط إلا مع الظن بعدمه أو كون عدمه هو الحالة السابقة له.
(مسألة 86) : الثقبة في الأنف كموضع الحلقة أو الخزامة لا يجب غسل باطنها بل يكفي غسل ظاهرها سواء أكان فيها الحلقة أم لا.
الأمر الثاني: يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، ويجب الابتداء بالمرفقين ثم الأسفل منهما فالأسفل عرفاً إلى أطراف الأصابع، بمعنى أن تكون حركة الغسل نحو الأسفل، والمقطوع بعض يده يغسل ما بقي، ولو قطعت من فوق المرفق سقط وجوب غسلها. ولو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما وكذا اللحم الزائد والإصبع الزائدة، ولو كانت له يد زائدة فوق المرفق ولم يعلم الأصلية منهما فيغسلهما معاً وإن علمها لم يجب غسل الزائد.
(مسألة 87) : المرفق مجمع عظمي الذراع والعضد ويجب غسله كله مع اليد ولا يجب غسل شيء من العضد إلا من باب المقدمة العلمية.
(مسألة 88) : إذا كان مقطوع اليدين من فوق المرفقين سقط وجوب غسل اليدين والمسحات الثلاث ووجب على الأحوط غسل الوجه مع النية.
(مسألة 89) : إذا دخلت شوكة في اليد لا يجب إخراجها إلا إذا كان ما تحتها محسوباً من الظاهر فيجب غسله حينئذ ولو بإخراجها.
(مسألة 90) : الوسخ الذي يكون على الأعضاء إذا كان معدوداً جزءاً من البشرة لا تجب إزالته كبعض العاملين في الأحياء الصناعية حين تصبح بعض الدهون جزءاً من بشرته، وكذا بعض عمال البناء حين تصبح بعض المواد الإنشائية جزءاً من أيديهم ولا يمكن إزالتها بالجهد الاعتيادي، وكذلك الجلد الميت المتصل بالبشرة كبيراً كان أو صغيراً، وكذلك الدم الذي قد يصبح جزءاً من البشرة بعد مدة من خروجه، وكذلك الدواء إن أصبح منها، وكذلك ما يُعد لوناً للبشرة وليس له جرم عرفاً كالوشم.
(مسألة 91) : لا يجب العمل بما عرف مؤخراً بالوضوء التقطيعي الذي يراد منه تجزئة اليد الى مناطق ثلاث او اربع واكمال غسلها على الترتيب بدعوى تحقيق شرط الغسل من الاعلى الى الاسفل.
(مسألة 92) : الوسخ تحت الأظفار إذا لم يكن زائداً عن المتعارف لا تجب إزالته إلا إذا كان ما تحته معدوداً من الظاهر، وإذا قص أظفاره فصار ما تحتها ظاهراً وجب غسله مع إزالة الوسخ.
(مسألة 93) : إذا انقطع لحم من اليدين وجب غسل ما ظهر بعد القطع على الأحوط، ويجب غسل ظاهر ذلك اللحم أيضاً ما دام لم ينفصل وإن كان اتصاله بجلدة رقيقة، ولا يجب قطعه أيضاً ليغسل ما تحت تلك الجلدة وإن كان هو الأحوط وجوباً لو عد ذلك اللحم شيئاً خارجياً ولم يحسب جزءاً من اليد كما لو ماتت القطعة المتدلية.
(مسألة 94) : الشقوق التي تحدث على ظهر اليد من جهة البرد أو بسبب آخر إن كانت وسيعة يُرى جوفها وجب إيصال الماء إليها مع الإمكان على الأحوط وإلا فلا. ومع الشك فالأحوط استحباباً الإيصال.
(مسألة 95) : ما ينجمد على الجرح ويصير كالجلد من دم أو دواء أو غيرهما لا يجب رفعه وإن حصل البرء، ويجزي غسل ظاهره وإن كان رفعه سهلاً.
(مسألة 96) : الدملج والخاتم ونحوها إن كان يصل تحتها الماء فلا إشكال وأمّا إن كان الدملج ضيقاً كفى تحريكه، وأمّا الخاتم الضيق فالأحوط نزعه.
(مسألة 97) : يجوز الوضوء بماء المطر كما إذا قام تحت السماء حين نزوله وقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه مع مراعاة الأعلى فالأعلى، وكذلك بالنسبة إلى يديه وكذلك إذا قام تحت الميزاب ونحوه، وكذلك إذا احتاج الجريان إلى مساعدة الكف، ولكن ينبغي لهذا المكلف أن يلاحظ:
أولاً: عدم إراقة الماء الزائد على يده اليسرى بحيث يصيبها الماء بعد الاطمئنان بالاستيعاب. وكذلك اليد اليمنى إن لم يمسح بها اليسرى.
ثانياً: عدم وصول ماء المطر إلى محالّ المسح إلا مع الاهتمام بتجفيفها جيداً بالمقدار اللازم الذي يأتي في أحكام المسح.
(مسألة 98) : إذا شك في شيء أنّه من الظاهر حتى يجب غسله أو الباطن فلا يجب غسله فالأحوط استحباباً غسله ما لم يكن مسبوقاً بكونه ظاهراً فيجب.
الأمر الثالث: يجب مسح مقدم الرأس وهو ما يقارب ربعه مما يلي الجبهة ويكفي فيه تحقق عنوان المسح طولاً وعرضاً ولو بحركة بسيطة، ويستحب أن يكون عرض الماسح قدر ثلاثة أصابع والأحوط وجوباً أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل ويكون بنداوة الكف اليمنى بل الأحوط وجوباً بباطنها.
(مسألة 99) : يكفي المسح على الشعر المختص بالمقدم فلا يجب ما يفعله البعض من تفريق الشعر حتى يمسح على جلد الرأس، نعم، لا يصح ان يكون الشعر على منطقة المسح من غيرها بأن يكون شعره طويلاً وقد سرحه على منطقة مقدم الرأس، فلو كان كذلك فجمع وجعل على الناصية لم يجُز المسح عليه، وكذلك لو حصل عليها شعر من أحد الجانبين أو من الخلف.
(مسألة 100) : لا تضر كثرة بلل الماسح وإن حصل معه الغسل.
(مسألة 101) : لو تعذر المسح بباطن الكف مسح بظاهر الكف، فإن تعذر مسح بالذراع.
(مسألة 102) : يعتبر أن لا يكون على الجزء الذي يتحقق به الواجب من الممسوح بلل ظاهر مانع عن تأثر الممسوح برطوبة الماسح ولا بأس بالرطوبة القليلة غير المانعة عن ذلك.
(مسألة 103) : لما كان الواجب هو المسح بالبلل المتبقي على اليدين فلا بد من مراعاة عدم وصول ماء زائد إليهما قبل المسح، ولو وصل إلى بعضها كإصبع أو إصبعين فليمسح بالبعض الآخر.
(مسألة 104) : لو جف ما على اليد من بلل لعذر أخذ من بلل حاجبيه وأشفار عينيه ومن شعر لحيته الداخل في حد الوجه، بل من سائر مواضع الوضوء على الأقوى، ومسح به.
(مسألة 105) : لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحرًّ أو غيره فالأحوط وجوباً الجمع بين المسح بالماء الجديد والتيمم، هذا مع انحصار الماء أو ضيق الوقت، وأمّا بخلاف ذلك فله أن يقطع الوضوء ويستأنفه من جديد على أمل عدم الجفاف.
(مسألة 106) : لا يجوز المسح على العمامة والقناع وغيرهما من الحائل وإن كان شيئاً رقيقاً لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة.
الأمر الرابع: يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين وهو مفصل الساق ويكفي تحقق عنوان المسح عرضاً، والأحوط وجوباً مسح اليمنى باليمنى أولاً ثم اليسرى باليسرى وإن كان الأقوى جواز مسحهما سوية، نعم، تقديم اليسرى بالمسح أو النكس فيه أو المسح باليد الأخرى مما لا ينبغي فعله.
(مسألة 107) : حكم العضو المقطوع من الممسوح حكم العضو المقطوع من المغسول، وكذا حكم الزائد من الرجل والرأس وحكم البلل وحكم جفاف الممسوح والماسح كما سبق.
(مسألة 108) : لا يجب المسح على خصوص البشرة، بل يجوز المسح على الشعر النابت فيها أيضاً، إذا لم يكن خارجاً عن المتعارف وإلا وجب المسح على البشرة.
(مسألة 109) : لا يجوز المسح على الحائل كالجورب إلا لتقية، ولو حصلت الصلاة في ظرف التقية صحّت وإلا فعليه إعادة الطهارة، أمّا إذا كان المسح على الحائل لضرورة فلا يُكتفى به ويُضم إليه التيمم.
(مسألة 110) : لو دار الأمر بين المسح على الجورب والغسل للرجلين للتقية اختار ما هو الأقرب إلى تكليفه مع موافقته للتقية كما لو كان الغسل متضمناً للمسح ولو بماء جديد وإلا فيتخيّر الأوفق بالتقية.
(مسألة 111) : يعتبر عدم المندوحة - أي عدم وجود خيار آخر- في تحقق التقية، فلو أمكنه ترك التقية وإراءة المخالف عدم مخالفته لم تشرع التقية، ومن الخيارات المفتوحة أمامه الزمان الآخر والمكان الآخر أو بذل مالٍ لرفع التقية، إلا أن يستلزم بذله حرجاً وضرراً، ونفس الكلام يأتي في تحقق حالة الاضطرار.
(مسألة 112) : إذا زال المسوغ لغسل الرجلين بعد الوضوء لم تجب الإعادة ما دامت التقية متحققة وتجب بزوالها وبزوال سائر الضرورات إلا إذا كان بنحو تغير الموضوع، كمن سقط عنه غسل اليد لأنّها مقطوعة ثم ركبت له يد اصطناعية بعد الصلاة.
(مسألة 113) : لو توضأ على خلاف التقية خلالها فالأحوط وجوباً الإعادة ولو بنحو التقية.
(مسألة 114) : لا يجب في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع ويمسح على الكعبين بالتدريج، بل يجوز وضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المفصل ويجرّها قليلاً بمقدار صدق المسح مع المحافظة على المسح على كل ارتفاعات وانخفاضات القدم بالمقدار الواجب.
الفصل الثاني
في وضوء الجبيرة
يراد بالجبيرة قطعة القماش أو الألواح التي يلف بها العضو لوجود جرح أو قرح أو كسر فيه أو مرض يضر معه وصول الماء إليه، ويعمم حكمها إلى كل حاجب عن وصول الماء يكون على العضو بحيث يصعب إزالته وتسبب له حرجاً ومشقة، كالعاملين في تصليح المكائن والسيارات أو البناء فإنّ أيديهم تكتسب قشرة من الزيوت والمواد التي يشق تنقية الجلد منها، وهكذا.
وحكم من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة أنّه إن تمكن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء مع إمكان الغسل من الأعلى إلى الأسفل
- أي بإزالة الحاجب عموماً- وجب، وإن لم يتمكن لخوف الضرر والحرج اكتفى بالمسح عليها، وكذلك لو لم يمكنه إيصال الماء إلى ما تحت الجبيرة، ولو أمكنه المسح على البشرة مسح عليها، ولا بد من استيعابها بالمسح إلا ما يتعسر استيعابها به كالخلل التي تكون بين الخيوط ونحوها.
ويلاحظ في الاكتفاء بوضوء الجبيرة إضافة إلى ما تقدم من وجود ضرر أو حرج ومشقة في إيصال الماء إلى البشرة، تحقق الشروط التالية:
1- أن لا تكون الجبيرة أو العصابة نجسة بأن تكون طاهرة ولو ظاهرها ولا تضر نجاسة ما هو داخل الجبيرة.
2- أن لا تكون الجبيرة أو العصابة زائدة على الحد المتعارف سمكاً ومساحة وهو عادة أوسع من محل الإصابة بقدرٍ ما.
3- أن تكون مباحة فلا يجوز المسح على الجبيرة أو العصابة المغصوبة وإلا فوظيفته التيمم.
4- أن يكون العضو المتضرر بماء الوضوء من أعضاء الوضوء نفسه، فلو تضرر بماء الوضوء عضو من غيرها فلا يجوز له الاكتفاء بوضوء الجبيرة وتنتقل وظيفته إلى التيمم.
(مسألة 115) : إذا كانت الجبيرة نجسة فبالإمكان وضع مادة كقطعة قماش طاهرة عليها والمسح عليها وإلا تعين التيمم.
(مسألة 116) : الجروح والقروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم، وإن لم تكن معصّبة - أي كانت مكشوفة - وكانت في مواضع الغسل فإن أمكن غسلها مع سائر العضو وجب، وإن لم يمكن غسل ما حولها ومسح عليها - إن كانت طاهرة ولا يتضرر بهذا المقدار- وإلا فيضع قطعة قماش طاهرة عليها ويمسح عليها، وإذا كان غسل أطرافه بالمقدار المتعارف ضررياً أو كان نجساً ولا يمكن غسله فوظيفته التيمم.
(مسألة 117) اذا كانت الجبيرة زائدة عن الحد المتعارف فيجب تصغيرها إن أمكن، وإلا فوظيفته التيمم إن لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم، وإلا فوظيفته الجمع بينه وبين وضوء الجبيرة.
وخلاصة احكام هذه الحالة وامثالها ان من كان تكليفه الوضوء الجبيري ولم يتمكن منه بشكل صحيح - لكون الجبيرة ازيد من المتعارف كما في هذه المسألة ونحوها- انتقلت وظيفته الى التيمم إن لم تكن الجبيرة في اعضاء التيمم، وإلا فوظيفته الجمع بين الوضوء والتيمم وبصورة عامة فإن ضم التيمم إلى الوضوء الجبيري على كل التقادير الواردة في المسائل المتقدمة واللاحقة شيء حسن وسبيل للنجاة بإذن الله تعالى.
(مسألة 118) : إذا كان العضو المصاب بالجرح أو القرح مكشوفاً أي غير معصب وكان في مواضع المسح وكان مستوعباً لتمام الموضع، فإن تمكن من المسح عليه وجب وإن لم يتمكن أمّا لضرر أو لنجاسة فوظيفته التيمم.
(مسألة 119) : إذا كان العضو مصاباً بكسر - وليس بجرح أو قرح - وكان مكشوفاً، فإن كان غسل الموضع المصاب ضررياً فوظيفته التيمم وليست وظيفته غسل ما حول العضو كما في حالة الجرح والقرح، وإذا كان الكسر المكشوف في موضع المسح فإن أمكن المسح عليه توضأ اعتيادياً وإلا فوظيفته التيمم، ولذا يجب التفريق بين ما لو كان العضو المكشوف المتضرر فيه جرح أو قرح أو فيه كسر.
(مسألة 120) : إذا كان على العضو المصاب جبيرة ولم يكن بإمكانه حلها لأنّها محكمة الشد أو لها طريقة فنيّة لتركيبها ولا يتيسّر له حلها وشدها وبنفس الوقت لا يستطيع تسريب الماء إلى العضو مع وجودها فيجب المسح عليها، إذا لم يكن العضو المعصَّب من الأعضاء المشتركة بين الوضوء والتيمم وإلا يتيمم ويتوضأ معاً.
(مسألة 121) : الجبيرة أو العصابة قد تكون في الأعضاء المختصة بالغسل وهي الوجه واليدان، وقد تكون في الأعضاء المختصة بالمسح وهي مقدم الرأس والقدمان، وقد تكون في الأعضاء المشتركة بين الغسل والمسح وهي الكف، ففي الحالة الأولى يكون المسح على الجبيرة بديلاً شرعاً عن غسل ما تخفيه من البشرة وهو العضو المغسول، وفي الحالة الثانية يكن بديلاً شرعاً عن المسح على ما تستره من البشرة وهو العضو الممسوح، شريطة أن لا يبقى منه مقدار مكشوف يكفي للمسح، والأحوط وجوباً ضم التيمم إليه أيضاً وإذا بقي منه مقدار يكفي للمسح مسح عليه.
وفي الحالة الثالثة يمسح على الجبيرة عند غسل العضو، ويمسح بها بعد ذلك بدلاً عن المسح بالبشرة إذا لم يبقَ منه مقدار مكشوف يكفي المسح به.
(مسألة 122) : اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي يجري عليها حكم الجبيرة إذا كان لاصقاً تعسر إزالته أو أصبح معدوداً جزءاً من البشرة كالعاملين في الحي الصناعي والبناء، أمّا الحاجب اللاصق اتفاقاً كالقير وبعض الأصباغ فإن أمكن رفعه وجب، وإن لم يمكن فإن كان في غير مواضع التيمم وجب عليه التيمم وإلا جمع بين الوضوء عليه والتيمم.
(مسألة 123) : يختص الحكم المتقدم بالجبيرة الموضوعة في موارد الجرح أو القرح أو الكسر، وأمّا في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو لألمٍ، أو ورم ونحو ذلك فلا يصح الاكتفاء بالوضوء الجبيري وإنّما يضم إليه التيمم.
(مسألة 124) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال غير غسل الميت كما كان يجري في الوضوء وفق الصور التالية:
الأولى: إذا كانت الحالة حالة كسر وكان مكشوفاً، فحينئذٍ إن كان غسل العضو المصاب المكشوف ضررياً فوظيفته التيمم، وإن لم يكن ضررياً وجب عليه الغسل بالطريقة الاعتيادية.
الثانية: نفس الحالة السابقة وكان الكسر مجبوراً فوظيفته الاغتسال مع المسح على الجبيرة.
الثالثة: إذا كانت الحــــالة جرحـاً أو قرحــاً وكان مكشوفاً فعليه التيمم، والأحوط ضم الوضوء الجبيري إليه بغسل ما حوله ويمسح على الموضع أو يضع قطعة قماش طاهرة يمسح عليها.
الرابعة: كالحالة الثالثة وكان الجرح أو القرح معصباً فوظيفته الغسل مقتصراً على غسل ما ظهر مما ليس عليه الجبيرة، ولا يجب عليه نزعها وفكها إلا إذا توقف غسل الأطراف عليه كما إذا شغلت الجبيرة حجماً أكبر مما هو مألوف ومتعارف ولا يترك الاحتياط بالمسح على الجبيرة.
ونعيد التذكير بأن الأحوط في مثل حالات الجبائر المذكورة وغيرها الجمع بين الغسل بالكيفية السابقة والتيمم.
(مسألة 125) : الجبيرة على العضو الماسح بحكم البشرة، فيجب المسح ببلتها وإذا كان بعض الماسح مكشوفاً فيمسح به.
(مسألة 126) : الأرمد إن كان يضره استعمال الماء مطلقاً تيمم، ولا يجزيه غسل ما حول العين ويحسن ضمُّه إلى التيمم، نعم، إذا صدق عليه الجرح أو كانت العين مغطاة بالدواء فيجري عليها حكم الجبيرة.
(مسألة 127) : ذو الجبيرة إذا كان يأمل الشفاء خلال الوقت أو تقليل موانع الوضوء، لزم تأخيره، فإن حصل ذلك توضأ بحسب حاله، وإن لم يحصل توضأ الوضوء الاضطراري، وله أن يتوضأ ويصلي أول الوقت بقصد احتمال استمرار العذر، فإن لم يرتفع أجزأه وإلا وجبت الإعادة، وإن لم يكن يأمل الشفاء ولو بالاطمئنان أو الوثوق، ولا تقليل المانع، أجزأته المبادرة إلى الوضوء، فإن زال العذر بدون احتساب خلال الوقت وجبت عليه الإعادة.
(مسألة 128) : إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أو المسح في فواصلها.
(مسألة 129) : إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة، فإن كان وجود الجبيرة بالمقدار المتعارف مسح عليها، وإن كان أزيد من المقدار المتعارف وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل، ومسحه إذا كان مما يمسح، وإن لم يتمكن من رفعه، أو كان فيه حرج أو ضرر على الموضع السليم نفسه وجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه، وإلا جمع بينه وبين الوضوء وهو الأحوط في الحالة التي سبقته أيضاً.
(مسألة 130) : إذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح على الجبيرة التي عليها أو يريد وضعها عليها، وأمّا إذا كانت الأطراف المتضررة أزيد من المتعارف فالأظهر أنّه يتعين عليه التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه، وإلا فالأحوط الجمع بينه وبين الوضوء.
(مسألة 131) : لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح، أو نحوه حدث باختياره - على وجه العصيان أو غيره- وبين أن لا يكون كذلك.
(مسألة 132) : إذا كان ظاهر الجبيرة طاهراً لا يضره نجاسة باطنها، ما لم تكن النجاسة سارية إلى رطوبة الوضوء، فالمتعين عندئذٍ منع السريان ولو بلفها بخرقة أخرى طاهرة والمسح عليها.
(مسألة 133) : محل الفصد - هو موضع زرق الإبرة ونحوها في الوريد وغيره لسحب الدم أو الحجامة ونحوها- داخل في الجروح، فلو كان غسله مضراً يكفي المسح على قطعة القماش التي عليه، إن لم تكن أزيد من المتعارف، وإلا حلها وغسل المقدار الزائد ثم شدها، وأمّا إذا لم يمكن غسل المحل - لا من جهة الضرر بل لأمر آخر كعدم انقطاع الدم مثلاً- فلا بد من التيمم، ولا يجري عليه حكم الجبيرة.
(مسألة 134) : إذا كان ما على الجرح مغصوباً لم يجز المسح عليه، بل يجب رفعه وتبديله، وإن لم يمكن التبديل وجب تصحيح حالة الغصب وبراءة الذمة مقدمة للوضوء، وإن كان ظاهره مباحاً وباطنه مغصوباً مسح على الظاهر إلا إذا عد ذلك تصرفاً في الباطن المغصوب فلا يجوز.
(مسألة 135) : لا يشترط في الجبيرة خلال الوضوء أن تكون مما تصح فيه الصلاة، فلو كانت حريراً أو ذهباً أو جزءاً مما لا يؤكل لحمه من الحيوان لم تضر بوضوئه، ولكن يجب تغييرها عند الصلاة مع الإمكان وإن لم يمكن كانت الصلاة مجزية فالذي يضرّ هو نجاسة ظاهرها أو غصبيته على ما مرَّ.
(مسألة 136) : إذا أمكن رفع الجبيرة وغسل المحل ولكن كان موجباً لفوات الوقت، عدل إلى التيمم.
(مسألة 137) : ما دام خوف الضرر باقياً بشكل معتدٍّ به جرى حكم الجبيرة، وإذا ظن البرء وزال الخوف وجب رفعها.
(مسألة 138) : الدواء الموضوع على الجرح ونحوه إذا اختلط مع الدم وصار كالشيء الواحد ولم يمكن رفعه بعد البرء بأن كان مستلزماً لجرح المحل وخروج الدم، فإن تحققت الاستحالة التي هي من المطهرات بحيث لا يصدق عليه الدم وصار كالجلد أمكن تطهيره والوضوء عليه كالبشرة العادية، وإن لم يستحل كان كالجبيرة النجسة، فإن أمكن غسل ما حوله وجب، وإلا وضع عليه خرقة طاهرة ومسح عليها، ولا يترك الاحتياط بضم التيمم.
(مسألة 139) : إذا كان العضو صحيحاً، لكنه كان نجساً ولم يمكن تطهيره لمرض كالورم أو لضيق الوقت أو لقلة الماء أو لأي سبب، لم يجرِ عليه حكم الجرح بل يتعين التيمم.
(مسألة 140) : لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة ما دامت على المقدار المتعارف له، كما لا يجوز وضع شيء آخر عليها مع طهارة الظاهر، إلا أن يعد جزءاً منها عرفاً بعد الوضع.
(مسألة 141) : الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث وكذلك الغسل معها.
(مسألة 142) : إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة فعمل بالجبيرة، ثم تبين عدمه في الواقع، لم يصح الوضوء ولا الغسل، وإذا اعتقد عدم الضرر فغسل ثم تبين أنّه كان مضراً وأنّه كانت وظيفته الجبيرة، صح وضوؤه وغسله، إلا إذا كان الضرر بحيث كان تحمله حراماً شرعاً، وكذلك يصحان لو اعتقد الضرر ولكنه ترك الجبيرة وتوضأ أو اغتسل ثم تبين عدم الضرر، ولكن الصحة في هذه الصورة تتوقف على تحقق الطاعة منه لله تبارك وتعالى وليس التمرد على الحكم الشرعي لان الوضوء من العبادات التي لا تصح إلا مع قصد القربة لله تبارك وتعالى. ولو تبين في مثل ذلك الضرر فالأقوى صحة وضوئه وغسله مع توفر قصد القربة وعدم صدق التهلكة، ولكن الأحوط استحباباً ضم التيمم على أي حال.
(مسألة 143) : في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيري أو التيمم، ولم يكن هناك أصل معين للوظيفة كاستصحاب حالة الجرح، فالأحوط وجوباً الجمع بينهما، وهو الأحوط على كل حال.
الفصل الثالث
في شرائط الوضوء
وهي أمور:
منها: طهارة الماء وإطلاقه وإباحته وعدم استعماله في التطهير من الخبث. بل ولا من رفع الحدث الأكبر لاستعماله في الأغسال الواجبة بأصل الشرع إذا تمكّن من ماء آخر على الأحوط استحباباً كما تقدم في المسألة (37) .
(مسألة 144) : إذا وُجِد عند المكلَّف ماءان، أحدهما مطلق والآخر مضاف وكلاهما طاهر ولكنهما تشابها ولم يميز بينهما، فعليه أن يتوضأ بكليهما معاً حتى يحصل له العلم بصحة وضوئه، وأمّا إذا كان أحدهما نجساً والآخر طاهراً، أو أحدهما مباحاً والآخر مغصوباً، فوظيفته التيمم، ووجب الاجتناب عن كلا الماءين معاً، إلا إذا علم المكلف بنجاسة أحدهما المعلوم لديه بالخصوص أو بغصبية أحدهما كذلك، فعندئذٍ لا مانع من استعمال الآخر.
ومنها: طهارة المحل المغسول والممسوح ورفع الحاجب عنه.
ومنها: إباحة الفضاء الذي يقع فيه الغسل والمسح على الأحوط وجوباً. والأظهر عدم اعتبار إباحة الإناء الذي يتوضأ منه مع الانحصار به فضلاً عن عدمه، فإنّه وإن كانت وظيفته مع الانحصار التيمم، لكنه لو خالف وتوضأ بماء مباح في إناء مغصوب أثم وصح وضوؤه من دون فرق بين الاغتراف منه دفعة أو تدريجاً والصب منه، نعم، لا يصح الوضوء الارتماسي في الإناء المغصوب إذا صدق التصرف فيه، وأمّا حكم مصب الماء الذي يسقط عليه ماء الوضوء، فان كان غسل العضو بالماء مقدمة لوصوله اليه فهو كحكم الاناء فيصح الوضوء وإن أثم.
(مسألة 145) : يكفي طهارة كل عضو قبل غسله أو مسحه، ولا يجب أن تكون كل الأعضاء قبل الشروع طاهرة، في الوضوء فضلاً عن الغسل، وأمّا تطهيره بنفس الغسل الوضوئي فهو مشكل لا يترك معه الاحتياط بالترك، ولا يضر تنجيس عضو بعد تمام غسله أو مسحه وإن لم يتم الوضوء وإن كان الأحوط استحباباً خلافه.
(مسألة 146) : إذا توضأ في إناء الذهب أو الفضة صح وضوؤه من دون فرق بين صورة الانحصار وعدمه، ولو توضأ بالارتماس فيه فالصحة مشكلة.
ومنها: عدم المانع من استعمال الماء لمرض أو عطش يخاف منه على نفسه أو على نفس محترمة، بل على حيوان غير مضر مما له مالية عرفاً سواء كان له أو لغيره ممن تصان ملكيته، وإذا خالف وتوضأ في حالة الخوف على الغير صح وضوؤه مطلقاً، وإن كان الخوف على نفسه فإن كان الضرر خطيراً بدرجة يحرم على المكلف إيقاع نفسه فيه فإذا توضأ في هذه الحالة بطل وضوؤه، وإن كان الضرر دون هذه الدرجة فخالف وتوضأ صح وضوؤه.
(مسألة 147) : إذا توضأ في حال ضيق الوقت عن الوضوء، فإن قصد به المقدمية لهذه الصلاة التي ضاق وقتها رغم علمه بأنّ وظيفته التيمم لضيق الوقت بطل وضوؤه لعدم وجود النية المخلصة في طاعة الله تعالى، وإن كان جاهلاً بضيق الوقت أو قصد غاية أخرى كالكون على الطهارة أو استحباب الوضوء على كل حال صح حتى مع العلم بضيق الوقت.
(مسألة 148) : لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف أو المتنجس أو مع الحائل بين صورة العلم والعمد أو الجهل أو النسيان، وكذلك الحال إذا كان الماء مغصوباً، فإنّه يحكم ببطلان الوضوء حتى مع الجهل أو النسيان إن كان هو الغاصب حقيقة. وأمّا لو كان الغاصب غيره فالأقوى عدم صحة وضوئه عندئذٍ إلا مع عدم نهي المالك. ولا يفرق في كل ذلك بين ما إذا كان المغصوب الماء أو الإناء أو المكان أو الفضاء أو المصب.
(مسألة 149) : بناءً على صحة وضوء غير الغاصب في المسألة السابقة فإذا التفت غير الغاصب إلى الغصبية أثناء وضوئه صح ما مضى منه، ويجب تحصيل الماء المباح للباقي على وجه لا تفوت معه الموالاة. ولكن إذا التفت إلى الغصبية بعد الغسلات وقبل المسح أو خلال المسحات، فيجوز له المسح بما بقي من الرطوبة، وإن كان الأحوط استحباباً له إعادة الوضوء.
(مسألة 150) : اذا دخل المكان الغصبي غفلة أو نسياناً ثم التفت ولكنه توضا حال خروجه، بحيث لا ينافي الفورية، فالظاهر صحة وضوئه، وكذلك لو دخل عصياناً ثم تاب وتوضا حال الخروج.
(مسألة 151) : مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف ويجري عليه حكم الغصب، فلا بد من تحصيل العلم العرفي برضا المالك أو إذنه ولو بالفحوى أو شاهد الحال.
(مسألة 152) : يجوز الوضوء والشرب والاغتسال من الأنهار الكبار المملوكة لأشخاص معينين، سواء كانت قنوات أو منشقة من نهر وإن لم يعلم رضا المالكين، بل وإن علم منعهم لأنّه ليس لأصحاب مثل هذه القنوات منع الآخرين من ذلك، وكذلك الحال في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً فإنّه يجوز الوضوء والجلوس والصلاة والنوم ونحوها فيها، ولا يناط ذلك برضا مالكيها، نعم، في غيرها من الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب فيجب الاجتناب عن التصرف فيها بمثل ما ذُكر إن ظن كراهة المالك أو كان قاصراً.
(مسألة 153) : الحياض الواقعة في المساجد أو المدارس أو الحنفيات المستعملة فيها إذا لم يعلم كيفية وقفها واختصاصها بمن يصلي فيها أو على الطلاب الساكنين فيها أو عدم اختصاصها، فالأقرب جواز الوضوء ونحوه مما يعد مقدمة بسيطة للصلاة. أو ما كان بمقداره، نعم، لو كان التصرف أكثر كالغسل أو غسل الثياب لم يجُز إلا مع جريان العادة به بحيث يكشف عن عموم الإذن.
(مسألة 154) : إذا علم أو احتمل أنّ الماء في حوض المسجد وقف على المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر، ولو توضأ بقصد الصلاة فيه ثم بدا له أن يصلي في مكان آخر بطل وضوؤه لانكشاف عدم الإذن فيه، وكذلك إذا توضأ بقصد الصلاة في ذلك المسجد ولكنه لم يتمكن من ذلك أو توضأ منه غفلةً أو باعتقاد عدم الاشتراط.
ومنها: النية، وهي أن يقصد الوضوء بهذه الأفعال وليس التنظيف أو التبريد أو اللهو والعبث أو غيرها ولابد أن يكون الدافع للفعل هو ابتغاء وجه الله تعالى بأي نحو من الأنحاء كطلب الثواب أو دفع العقاب أو امتثال أوامره حباً له، ويعتبر في هذا الدافع أن يكون كافياً لتحريكه إلى الوضوء من دون أن ينضم إليه حافز آخر كالذي ذكرنا، وحينئذ لا باس أن تنقدح في نفسه رغبات أُخر إضافة إلى نيته المخلصة كالتنظيف وإزالة العرق وتخفيف الحر ونحوها.
(مسألة 155) : على الإنسان أن يهذب نفسه ويطهر قلبه من أية نيةٍ لغير الله تبارك وتعالى فإنّ كل شيء ما خلا الله باطل. و(إنّما الأعمال بالنيات)، و(لكل امرئ ما نوى)، ومن الحماقة أن يقوم الإنسان بأفعال يستحق بها المقامات الرفيعة لكنه يضيعها بأن يقصد بعمله غير الله تبارك وتعالى فترمى هذه الأعمال في وجهه والعياذ بالله تعالى.
(مسألة 156) : يكفي في النية وجود القصد إلى الفعل في أعماق النفس بحيث لو سئل عما يفعل لأجاب بلا تردد أنّني أتوضأ، ولا يجب فيها قصد تفاصيلها كالوجوب والاستحباب أو كونه وضوءاً تجديدياً على وضوء سابق أو ابتدائياً رافعاً للحدث ولا أي شيء آخر، ويعتبر فيها استمرار القصد إلى نهاية الأفعال.
(مسألة 157) : لو اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كفى وضوء واحد، ولو اجتمعت أسباب متعددة للغسل أجزأ غسل واحد بقصد الجميع، بل بقصد واحد منها ولو كان غير الجنابة، ولو قصد الغسل قربة من دون نية الجميع ولا واحد بعينه فالظاهر الصحة لأنه يرجع ذلك إلى نية الجميع إجمالاً.
(مسألة 158) : الظاهر كفاية الأغسال الواجبة عن المستحبة مع قصدها، وكفاية المستحبة عن الواجبة مع قصدها وكون المستحب وارداً بدليل معتبر كغسل الجمعة بشروطه. كما أنّ الظاهر كفاية الأغسال الواجبة والمستحبة المشار إليها عن الوضوء.
ومنها: مباشرة المتوضئ للغسل والمسح. فلو وضّأه غيره، على نحو لا يستند الفعل إليه، بطل إلا مع الاضطرار أو العجز كما لو لم يتمكن من إيصال يديه إلى رجليه فيوضئه غيره نيابة ولكن بأعضاء المتوضئ الذي يتولى النية كما ينوي الموضِّئ احتياطاً فإن لم يتمكن الموضّئ من أداء الفعل بأعضاء المتوضئ باشرها الموضّئ بيده، والأحوط ضم التيمم إليه.
ومنها: الموالاة، وهي التتابع في الغسل والمسح عرفاً بحيث تبدو أفعال الوضوء وكأنها عملية واحدة وقد ذكر الفقهاء (قدس الله أرواحهم) معايير لذلك كعدم جفاف تمام السابق في الحال المتعارفة فلا يقدح الجفاف لأجل حرارة الهواء أو البدن الخارجة عن المتعارف وعلى العكس من ذلك فإنهم لم يعتدّوا ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن الوجه، بل أي شيء خارج عن حد أعضاء الوضوء من البدن أو الثياب، وكذلك ما كان غسله من باب المقدمة العلمية، والمهم ما ذكرناه من معنى التتابع فلو انقطع التتابع العرفي بطل وإن لم يحصل الجفاف.
ومنها: الترتيب بين الأعضاء بتقديم الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ثم مسح الرأس ثم مسح الرجل اليمنى ثم اليسرى وقد تقدم امكان مسحهما سوية، ويجب الترتيب في أجزاء كل عضو ولو عكس الترتيب عمداً بطل، ولو كان سهواً أعاد على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة وإلا استأنف أي أعاد العمل من جديد.
الفصل الرابع
في أحكام الخلل
(مسألة 159) : من تيقن الحدث وشك في الطهارة تطهر، كما لو علم بأنه لم يكن على طهارة وشك في أنه هل توضأ ام لا ؟ وكذا لو ظن الطهارة ظناً غير معتبر شرعاً، وهو ما كان دون الوثوق، ولم يكن له سبب معتبر كالبينة، ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على الطهارة، وإن ظن الحدث ظناً غير معتبر بالمعنى المشار إليه.
(مسألة 160) : من تيقن أنّه قد أحدث، وتيقن أيضاً أنّه قد توضأ ولكنه لا يدري هل الوضوء متأخر كي يبني على الطهارة، أم الحدث متأخر حتى يجدد الطهور فوظيفته الوضوء حتى وإن علم تاريخ الطهارة وجهل تاريخ الحدث فضلاً عن جهله بتاريخهما معاً.
(مسألة 161) : إذا شك في الطهارة بعد فراغه من الصلاة أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة، بنى على صحة العمل وتطهر لما يأتي مما تشترط فيه الطهارة شريطة احتمال أنّه كان ملتفتاً حين الدخول في الصلاة إلى شروطها، لذا لو علم بأنّ الشك في الوضوء كان لسبب سابق على هذه الصلاة، وأنّه قد غفل عنه حين دخوله في الصلاة، ولو التفت إليه قبل أن يدخل فيها لَشَكَّ فيه ولَمَا أقدم على الصلاة حتى يتوضأ، كما إذا أحدث ثم غفل ثم صلى ثم شك بعد الصلاة في التوضؤ حال الغفلة فعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة في الوقت. واما اذا حصل الشك بعد انتهاء الوقت فلا يجب القضاء.
(مسألة 162) : إذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة أو العمل الذي تعتبر فيه الطهارة، قطعها وتطهر واستأنف، إلا إذا كان بناؤه على الطهارة مجزياً كما لو كانت الحالة مورداً لجريان الاستصحاب.
(مسألة 163) : لو تيقن الإخلال بغسل عضو أو مسْحِهِ أتى به وبما بعده مراعياً للترتيب والموالاة وغيرهما من الشرائط. وكذا لو شك في فعل من أفعال الوضوء قبل الفراغ من الوضوء. أمّا لو شك بعد الفراغ منه لم يلتفت، ويحصل الفراغ على الأحوط وجوباً بالدخول بعمل آخر كالدخول في الصلاة ولا يبعد كفاية مثل غلق الحنفية أو مغادرة مكان الوضوء أو بفوات الموالاة. وكذا لو شك في الجزء الأخير. وان كان الشك قبل الدخول في عمل آخر لزمه الإتيان به.
(مسألة 164) : موارد الاعتناء بالشك تختص بغير الوسواسي، وأمّا الوسواسي فله أن لا يعتني بشكه مطلقاً، بل يجب عليه ذلك لأنّ الاعتناء به عبث بل حرج ومشقة، والمراد به من لا يكون لشكه منشأ عقلائي، والأحوط مع ذلك كون شكه متكرراً عرفاً.
(مسألة 165) : إذا كان مأموراً بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث، إذا نسي شكه وصلى فلا إشكال في بطلان صلاته ظاهراً، فتجب عليه مع الالتفات إلى شكه لاحقاً الإعادة إن تذكر في الوقت والقضاء إن تذكر بعده، ما لم يتذكر أنّه كان على وضوء خلال الصلاة، ولو اطمئناناً.
(مسألة 166) : إذا كان متوضئاً وتوضأ للتجديد وصلى، ثم تيقن بطلان أحد الوضوئين للإخلال به وليس لانتقاضه، ولم يعلم أيهما، لا إشكال في صحة صلاته، ولا تجب عليه إعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضاً.
(مسألة 167) : إذا توضأ وضوئين وصلى بعدهما ثم علم بحدوث حدث بعد أحدهما يجب الوضوء للصلاة الآتية، وأمّا الصلاة فيبني على صحتها، وإذا كان قد صلى بعد كل وضوء صلاة أعاد الوضوء والصلاتين اذا كانت الصلاتان مختلفتين، وإذا كانت الصلاتان متشابهتين في الخصوصيات كعدد الركعات والجهر والإخفات أتى بواحدة بنية ما في الذمة، وقد تكفيه واحدة في غير هذه الحالة كما لو كانت الصلاتان أدائيتين ثم انتهى وقت إحداهما فعليه إعادة الأخرى فقط.
(مسألة 168) : إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء أنّه ترك جزءاً منه ولا يدري أنّه الجزء الواجب أو المستحب، فالظاهر الحكم بصحة وضوئه.
(مسألة 169) : إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنّه خالف في بعض أفعاله كالمسح على العصابة التي تلف يده بدلاً من الغسل، أو مسح على موضع الغسل أو غسل موضع المسح، ولكن شك في أنّه هناك مسوغ لذلك من جبيرة أو ضرورة أو تقية أو لا، فليس عليه إعادة الوضوء، إذا كان ملتفتاً للحالة ولحكمها الشرعي حين الوضوء.
(مسألة 170) : إذا تيقن أنّه دخل في الوضوء وأتى ببعض أفعاله ولكن شك أنّه أتمّه على الوجه الصحيح أم لا، بأن عدل عنه اختياراً أو اضطراراً كما لو عرضت له حاجة فترك وضوءه ولم يكمله فعليه إعادة الوضوء.
(مسألة 171) : إذا شك بعد الوضوء في وجود الحاجب أو شك في حاجبيته كالخاتم أو علم بوجوده ولكن شك بعده في أنّه أزاله أو أنّه أوصل الماء تحته بنى على الصحة، مع احتمال الالتفات حال الوضوء الى ذلك كله. وكذا إذا علم بوجود الحاجب، وشك في أنّه توضأ قبل حدوثه أو بعده بنى على الصحة.
(مسألة 172) : إذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها متنجسة، فتوضأ وشك - بعده - أنّه طهرها أم لا، بنى على بقاء النجاسة فيجب غسلها لما يأتي من الأعمال. وأمّا الوضوء فمحكوم بالصحة، بشرط وجود احتمال أنّه كان ملتفتاً إلى النجاسة ومانعيتها حينما توضأ، وكذلك لو كان الماء الذي توضأ منه نجساً ثم شك بعد الوضوء في أنّه طهّره قبله أم لا، فإنّه يحكم بصحة وضوئه وبقاء الماء نجساً، فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه وبدنه. ويستحب الاحتياط بإعادة الوضوء في الحالتين.
الفصل الخامس
في نواقض الوضوء
إذا توضأ الإنسان فإنّه يبقى في حالة طهور ما لم يطرأ عليه أحد النواقض الآتية فتجب عليه إعادته من جديد لكل فعل مشروط بالطهارة كالصلاة، ويستحب أن يكون الإنسان على طهور باستمرار فقد ورد أنّ مثله إذا مات كان شهيداً.
وحالة انتقاض الوضوء تسمى (الحدث الأصغر)، وهي تحصل بأمور:
الأول والثاني: خروج البول والغائط سواء كان من الموضع المعتاد أو من فتحة مصطنعة لخروجه ما دام يصدق عليه أحد الاسمين المذكورين، ولو أخرجت مكونات البول من الجسم بآلة من دون صدق الاسم فلا يعتبر حدثاً، ويلحق بالبول حكماً - أي اعتباره ناقضاً للوضوء- البلل المشتبه الخارج بعد التبول وقبل الاستبراء.
الثالث: خروج الريح من الدبر أو من فتحة مصطنعة ما دام يصدق عليه الاسم، ولا عبرة بما يخرج من فتحة القبل بالنسبة للأنثى ولو تكرر.
الرابع: النوم الغالب على الوعي من غير فرق بين أن يكون قائماً أو قاعداً أو مضطجعاً، ومع الشك يعرف بغلبته على السمع لأنَّ العين قد تثقل بالنعاس وتنغلق قهراً لكن الشخص يبقى واعياً ويسمع ما يدور حوله فلا ينتقض الوضوء.
(مسألة 173) : يلحق بالنوم حكماً كل ما غلب على الوعي كالجنون والإغماء والسكر والتخدير ونحوها.
الخامس: الاستحاضة على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.
(مسألة 174) : إذا شك في طروِّ أحد النواقض بنى على العدم. وكذا إذا شك في أن الخارج بول أو ودي، فإنّه يبني على عدم كونه بولاً إلا إذا كان بال وخرج قبل الاستبراء منه، فيحكم بأنّه بول من حيث الطهارتين الخبثية والحدثية(1). والاولى توجب غسل الموضع ومالاقاه، والثانية توجب الوضوء.
(مسألة 175) : إذا خرج الماء الذي حقن به الإنسان من فتحة الدبر ولم يكن معه شيء من الغائط لم ينتقض الوضوء، وكذا لو شك في خروج شيء من الغائط معه، وكذا إذا خرج مما لا يصدق عليه عنوان الغائط كالنوى بدون غائط وكذا لو شك في خروجه معها.
(مسألة 176) : لا ينتقض الوضوء بخروج المذي أو الودي أو الوذي وهي سوائل يفرزها العضو الذكري لمنافع فسلجية، والأول ما يخرج عند الملاعبة والثاني ما يخرج بعد خروج البول والثالث ما يخرج بعد خروج المني، وعدم كونها ناقضة للغسل أوضح وأولى.
الفصل السادس
في دائم الحدث
من استمر به الحدث في الجملة كالمبطون والمسلوس ودائم الريح ودائم النوم، له أحوال أربعة:
الأول: أن تكون له فترة تسع الوضوء والصلاة الاختيارية ولو بالاقتصار على الأجزاء الواجبة فقط، وحكمه وجوب انتظار تلك الفترة حتى لو كانت في آخر الوقت والوضوء والصلاة فيها، نعم، إذا كانت الفترة في أول الوقت أو في أثنائه ولم يصلِّ حتى مضى زمان الفترة فإنّه يأثم ويأتي بتكليفه في الوقت المتبقي في ضوء الحالة التي تنطبق عليه.
الثاني: أن لا تكون له فترة أصلاً، أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة وبعض الصلاة ولو ركعة واحدة، وحكمه الوضوء والصلاة وفعل كل ما هو مشروط بالطهارة وليس عليه تجديد الوضوء لصلاة أخرى ما دام على حاله تلك، إلا أن يحدث حدثاً آخر غير مستمر لديه، فيجدد الوضوء له.
الثالث: أن تكون له فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة ولا يكون عليه في تجديد الوضوء في الأثناء مرة أو مرات حرج مع حفظ الموالاة المعتبرة بين أجزاء الصلاة. وحكمه الوضوء والصلاة في الفترة. ولا يجب عليه إعادة الوضوء إذا فاجأه الحدث خلال الصلاة وبعدها إذا كانت الصلاتان مقرونتين عرفاً. وإن كان الأحوط استحباباً إذا أحدث بعد الصلاة أن يتوضأ للصلاة الأخرى.
الرابع: كالثالث، لكن يكون تجديد الوضوء في الأثناء حرجياً عليه. وحكمه الاجتزاء بالوضوء الواحد، ما لم يحدث حدثاً آخر. والأحوط استحباباً أن يتوضأ لكل صلاة مع تجدد الحدث.
(مسألة 177) : كل ما جاز للمسلوس والمبطون ونحوهما أن يصلي بوضوئه جاز له أن يمارس كل ما هو مشروط بالطهارة، كمس كتابة المصـــــحف الشـــريف وغيره ما دام في أجواء الأعمال المرتبطة بالطهارة ولا تترتب عليه أحكام المحدث إلى أن يغادرها أو ينقض وضوءه بحدث آخر مختلف من نوم أو غيره.
(مسألة 178) : حكم صلاة الاحتياط والأجزاء المنسية وسجود السهو يلحق بحكم الصلاة المذكور.
(مسألة 179) : يجب على المسلوس والمبطون التحفظ من تعدي النجاسة إلى بدنه وثوبه مهما أمكن بوضع كيس أو نحوه، ولا يجب تغييره لكل صلاة، وإن وجب احتياطاً تطهير ما تنجس من بدنه لكل صلاة مع التمكن منه كما في بعض الحالات المتقدمة.
الفصل السابع
في بعض أحكام الوضوء
لا يجب الوضوء لنفسه وإنّما يجب لغيره فتتوقف صحة الصلاة عليه واجبة كانت أو مستحبة، وكذا أجزاؤها المنسية بل سجود السهو على الأحوط، ومثل الصلاة الطواف الواجب وهو ما كان جزءاً من حجة أو عمرة واجبة أو مستحبة، ولا يجب الوضوء للطواف المندوب الذي ليس جزءاً من حجة أو عمرة واجبة أو مندوبة، نعم، يستحب له بل هو أحوط، وهو شرط في صحة صلاة الطواف أياً كان.
(مسألة 180) : لا يجوز للمحدث مسّ كتابة القرآن الكريم، حتى المد والتشديد على الأحوط، دون علامات التجويد، ودون الآيات المكتوبة في غير المصحف كالشواهد في كتب النحو، ودون ورق المصحف وغلافه فان مسَّها مكروه.
والأحوط اجتناب لفظ الجلالة وغيره من الأسماء الحسنى الواردة في غير المصحف ولا بأس بمسها إذا كانت جزءاً من أسماء مركبة للأشخاص، ونفس الحكم يجري على أسماء المعصومين (عليهم السلام).
(مسألة 181) : الوضوء مستحب في نفسه لأجل الكون على الطهارة وهذا مبرر كاف للإتيان به، ولا حاجة إلى تعلق واجب به كدخول وقت الصلاة للإتيان به، وحينئذٍ تحل له كل الغايات الأخرى.
(مسألة 182) : لا فرق في جريان الحكم المذكور للمصحف بين الكتابة بالعربية وغيرها ما دام لفظ القرآن موجوداً، كما لا فرق في الكتابة بين الحبر والحفر والتطريز والكاشي وغيرها، كما لا فرق في العضو الماس بين ما تحله الحياة وغيره كالشعر على الأحوط استحباباً.
(مسألة 183) : يجب الوضوء إذا وجبت إحدى الغايات المذكورة آنفاً ويستحب إذا استحبت، وقد يجب بالنذر وشبهه، ويستحب للطواف المندوب، ولسائر أفعال الحج، ولطلب الحاجة، ولصلاة الجنائز، وتلاوة القرآن، وقراءة الأدعية، وزيارة المعصومين (عليهم السلام)، وللكون على الطهارة، ولغير ذلك.
(مسألة 184) : إذا دخل وقت الفريضة جاز الإتيان بالوضوء بقصد فعل الفريضة ويمكن أن يقصد الوجوب، كما يجوز الإتيان به بقصد الكون على الطهارة أو أية غاية أخرى، أمّا قبل الوقت فلا تجوز نية الوجوب للصلاة، نعم، تجوز نية التهيؤ لها استحباباً.
(مسألة 185) : سنن الوضوء على ما ذكره العلماء (رضي الله عنهم): وضع الإناء الذي يغترف منه على اليمين، والتسمية عند البدء، والدعاء بالمأثور، وغسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما الإناء الذي يغترف منه لحدث النوم أو البول مرة وللغائط مرتين، والمضمضة وهي إجالة الماء في الفم، والاستنشاق وهو سحب الماء في الأنف، وتثليثهما (أي فعلها ثلاث مرات)، والدعاء بالمأثور عندهما وعند غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين، وتثنية الغسلات.
والأحوط استحباباً عدم التثنية في اليسرى احتياطاً للمسح بها، وكذلك اليمنى إذا أراد المسح بها من دون أن يستعملها في غسل اليسرى، وكذلك الوجه لأخذ البلل منه للمسح عند جفاف بلل اليد. ويلحق بكل ذلك صب الماء على العضو بعد الاطمئنان من استيعاب غسله، ويستحب أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى والثانية، والمرأة تبدأ بالباطن فيهما، ويكره الاستعانة بالغير في المقدمات القريبة.