المقصد الخامس : أحكام الأموات

| |عدد القراءات : 4943
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

المقصد الخامس

 أحكام الأموات

 موعظة:

في الموت موعظة ما بعدها موعظة وبه تظهر سلطة الله على عباده وقد حثَّ المعصومون (عليهم السلام) على تذّكره لإحياء القلب وإزالة ما يصيبه من أدران بسبب الخوض في أمور الدنيا وإطاعة النفس واتّباع أهوائها وشهواتها، وكثيراً ما كانوا (سلام الله عليهم) يذكّرون الناس بـ(هادم اللذات) يعني الموت.

 خرج الإمام الكاظم (عليه السلام) في تشييع جنازة فلما أنزلوها إلى القبر وقف على شفيره وقال (إنّ شيئاً هذا آخره - وهي الدنيا- لحقيق أن يُزهَد في أوله، وإنّ شيئاً هذا أوله - وهي الآخرة- لحقيق أن يخاف من آخره).

وقد ورد الحث على عيادة المرضى وتشييع الجنائز لما فيها من تذكير وتقليل من غلواء النفس الطامحة التي تغفل عن هذه الحقائق المروّعة، وإنّ الليل والنهار يبليان كل جديد ويقضمان العمر بسرعة، ولا يحسّ الإنسان إلا وقد أشرف على الموت ولا ينفعه الندم على التقصير والإساءة لأن الفرصة لا تعوّض ولا يقبل عذر الإنسان لأن الحجج والمواعظ والنذر تتوالى عليه.

وقد حفل القرآن الكريم ونهج البلاغة وجوامع الحديث وكتب الموعظة والأخلاق بالكثير منها، ولا ينبغي للمؤمن أن يغفل عنها لأنّه يقع حينئذٍ في فخ الغفلة (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ، وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ، لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (ق : 19-22). 

 

وفي هذا المقصد فصول:

الفصل الاول

في أحكام الاحتضار

 (مسألة 281) : يجب على الأحوط توجيه المحتضر إلى القبلة بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إليها، بل الأحوط وجوب ذلك على المحتضر نفسه إن أمكنه ذلك ويعتبر في غير توجيه الولي إذن الولي على الأحوط استحباباً ما لم ينافِ الفورية في التوجيه فيسقط.

(مسألة 282) : إذا لم يوجه الميت حال احتضاره لم يجب توجيهه بعد موته وأن كان أحوط أكيداً ما لم ينافِ الإسراع بالتجهيز.

(مسألة 283) : ذكر العلماء رضوان الله عليهم أنّه يستحب نقله إلى مصلاه إن اشتد به النزع، وتلقينه الشهادتين والإقرار بالنبي والأئمة (عليهم السلام) وسائر الاعتقادات الحقة، وتلقينه كلمات الفرج ويكره أن يحضره جنب أو حائض، وأن يمس حال النزع. وإذا مات يستحب أن تغمض عيناه ويطبق فوه ويشد لحياه وتمد يداه إلى جانبيه وساقاه. وينبغي الإسراع في ذلك قبل جفاف جسمه ويغطى بثوب وأن يقرأ عنده القرآن ويسرّج في المكان الذي مات فيه إن مات في الليل، وإعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته، ويعجّل في تجهيزه إلا إذا شك في موته فينتظر به حتى يعلم موته. ويكره أن يثقل بطنه بحديد أو غيره وأن يترك وحده.

 

الفصل الثاني

في الغسل

 تجب إزالة النجاسة عن جميع جسد الميت قبل الشروع بالغسل على الأحوط. والأقوى كفاية إزالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه، ولا يكفي الإزالة بنفس الغسل.

(مسألة 284) : يغسل الميت ثلاثة أغسال:

الأول: بماء السدر .

الثاني: بماء الكافور.

الثالث: بالماء الصافي، كل واحد منها كغسل الجنابة الترتيبي. ولابد فيه من تقديم الجانب الأيمن على الأيسر ومن النية على ما عرفت في الوضوء.

(مسألة 285) : إذا كان المغسل غير الولي فلا بد من إذن الولي مع إمكانه، بحيث لا يؤدي إلى التأخير الكثير المسبب فساد البدن أو الوقوع في ذلة غير مناسبة للميت. والولي هو الزوج بالنسبة إلى الزوجة، ثم الطبقة الأولى في الميراث وهم الأبوان والأولاد، ثم الثانية وهم الأجداد والأخوة، ثم الثالثة وهم الأعمام والأخوال، ثم المولى المعتق، ثم ضامن الجريرة، ثم الحاكم الشرعي على الأحوط وجوباً.

(مسألة 286) : البالغون في كل طبقة مقدمون على غيرهم. وفي تقديم الأب في الطبقة الأولى على الأولاد، والجد على الأخ، والأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما، والأخ من الأب على الأخ من الأم، والعم على الخال إشكال. والأحوط الاستئذان من الطرفين، وهو احتياط وجوبي في الأخوة مع اختلاف الانتساب وأمّا في صورة الأب والجد فهو استحبابي.

(مسألة 287) : إذا تعذر استئذان الولي لعدم حضوره مثلاً أو امتنع عن الإذن أو عن مباشرة التغسيل، وجب تغسيله على غيره ولو بلا إذن.

(مسألة 288) : إذا أوصى أن يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول إذا كان بالإمكان الإيصاء إلى غيره ولم يكن في القبول حرج عليه، لكن إذا قبل لم يحتج إلى إذن الولي، وإذا أوصى أن يتولى تجهيزه شخص معين جاز له رد الوصية في حياة الموصي وليس له الرد بعد ذلك إلا في الظرف المتقدم، ولكنه إذا لم يرد وجب الاستئذان منه دون الولي.

 

شروط الغسل

(مسألة 289) : تجب على المغسِّل المباشر النية بعناصرها المصححة لها، وهي قصد القربة لله تعالى والإخلاص فيها، أي عدم خلطها بما يشوبها من رياء ونحوه، وأن يكون ملتفتاً إلى ما يفعل، ولو اضطر إلى أن يتولى الغسل غير المسلم فيتولاها الآمر له.

(مسألة 290) : يجب في التغسيل طهارة الماء وإباحته، وإباحة السدر والكافور، بل الفضاء الذي يشغله الغسل على الأحوط، ومجرى الغسالة على الأحوط استحباباً، ومنه السدة التي يغسل عليها إذا كان ماء الغسل يجري عليها، أمّا إذا كان لا يجري عليها فمع عدم الانحصار يصح الغسل عليها، أمّا معه فيسقط الغسل، لكن إذا غسل حينئذ صح الغسل. وكذلك التفصيل في ظرف الماء إذا كان مغصوباً.

(مسألة 291) : يجزي تغسيل الميت قبل برده بعد إحراز خروج روحه.

(مسألة 292) : إذا تعذر السدر والكافور، فالأقوى وجوب تغسيله ثلاث مرات بالماء القراح، وينوي في الأوّلين البدلية عن الغسل بالسدر والكافور، والأحوط استحباباً ضم التيمم إليهما. ومنه يتضح حكم ما لو تعذر أحدهما.

(مسألة 293) : يعتبر في كل من السدر والكافور أن لا يكون كثيراً بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة، ولا قليلاً بحيث لا يصدق أنّه مخلوط بالسدر والكافور. ويعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما، فلا بأس بأن يكون فيه شيء منهما إذا لم يصدق الخلط. ولا فرق في السدر بين اليابس والأخضر مع صدق الخلط.

(مسألة 294) : إذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل - ولو قليلاً- يمّم على الأحوط وجوباً ثلاث مرات، ينوي بكل واحد منها ما في الذمة أو رجاء المطلوبية، وينوي في الأول البدلية عن الغسل الأول، وفي الثاني عن الثاني، وفي الثالث عن الثالث.

(مسألة 295) : يجب على الأحوط الجمع بين أن يكون التيمم بيد الميت مع الإمكان وبيد الحي.

(مسألة 296) : يشترط في الانتقال إلى التيمم الانتظار إذا احتمل تجدد القدرة على التغسيل، فإذا حصل اليأس جاز التيمم. لكن إذا اتفق تجدد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل، وكذا إذا تجددت بعد الوضع في القبر. وإذا تجددت بعد الدفن لم يجب. وكذا الحكم فيما إذا تعذر السدر والكافور.

(مسألة 297) : إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجية أو منه وجب تطهيره، ولو بعد وضعه في القبر، نعم، لا يجب ذلك بعد الدفن.

(مسألة 298) : إذا خرج من الميت بول أو منيّ لا تجب إعادة غسله ولو قبل الوضع في القبر، نعم، يلزم التطهير كما ذكرنا في المسألة  السابقة. ولو خرج في أثناء الغسل فالأحوط استحباباً الإعادة والأحوط منه الإتمام والإعادة.

(مسألة 399) : لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت، ويجوز أخذ العوض على بذل الماء ونحوه مما لا يجب بذله مجاناً.

(مسألة 300) : إذا كان الميت مصاباً بجروح ينزف منها الدم، ولم يمكن الانتظار حتى ينقطع الدم فإن أمكن حشو الجروح وغسل الظاهر بعد التطهير فيجب وإلا جمع بين الغسل بالماء الجاري أو الكثير والتيمم.

 

شروط المغسّل

(مسألة 301) : يجوز أن يكون المغسل صبياً مميزاً إذا كان تغسيله على الوجه الصحيح.

(مسألة 302) : يجب في المغسّل أن يكون مماثلاً للميت في الذكورة والأنوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثى ولا العكس، ويستثنى من ذلك صور:

الصورة الأولى: أن يكون الميت طفلاً لم يتجاوز الست سنوات، فيجوز للذكر والأنثى تغسيله، سواء أكان ذكراً أم أنثى، مجرداً عن الثياب أم لا، وجد المماثل له أم لا. والأحوط اقتصار الجواز على ثلاث سنين.

الصورة الثانية: الزوج والزوجة. فإنّه يجوز لكل منهما تغسيل الآخر، سواء أكان مجرداً أم من وراء الثياب، وسواء وجد المماثل أم لا، من دون فرق بين الدائمة والمنقطعة. وكذا المطلقة الرجعية إذا كان التغسيل في أثناء العدة.

الصورة الثالثة: المحارم بنسب أو رضاع. والأحوط استحباباً اعتبار فقد المماثل وكونه من وراء الثياب.

(مسألة 303) : إذا اشتبه ميت بين الذكر والأنثى لظلام ونحوه، أو لكونه مقطعاً، أو لكونه خنثى مشكل، غسّله كل من الذكر والأنثى من وراء الثياب.

(مسألة 304) : إذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي، أمره المسلم أن يتطهر أولاً، ثم يغسل الميت. والمغسل هو الذي يتولى النية بتعليم المسلم إياه، والأحوط استحباباً ضم نية الآمر المسلم. وإذا أمكن التغسيل بالماء المعتصم
- كالكر والجاري- تعين ذلك على الأحوط استحباباً. وإذا أمكن المخالف قدّم على الكتابي، وإذا أمكن المماثل أعاد الغسل على الأحوط وجوباً إذا كان السابق كتابياً، والأحوط
استحباباً إن كان السابق مخالفاً.

(مسألة 305) : إذا لم يوجد المماثل حتى المخالف والكتابي سقط الغسل، لكن الاحتياط لا يترك بتغسيل غير المماثل من وراء الثياب من غير لمس ونظر، ثم ينشّف بدنه بعد التغسيل وقبل التكفين.

(مسألة 306) : إذا دفن الميت بلا تغسيل - عمداً أو خطأ - جاز، بل وجب نبشه لتغسيله أو تيممه، ما لم يكن فيه هتك للميت أو ضرر على الأحياء، وكذا إذا ترك بعض الأغسال ولو سهواً أو تبين بطلانها أو بطلان بعضها.

(مسألة 307) : إذا مات محدثاً بالأكبر كالجنابة أو الحيض لم يجب إلا  غسل الميت خاصة.

(مسألة 308) : إذا كان محرماً لا يجعل الكافور في غسله الثاني، بل يغسل بماء خالص بدله، إلا أن يكون موته بعد السعي في الحج أو العمرة، وكذلك لا يحنط بالكافور، بل لا يقرب إليه طيب آخر. ولا يلحق به المعتدة للوفاة والمعتكف.

(مسألة 309) : يجب تغسيل كل مسلم لم يحكم بكفره عدا صنفين:

الأول: الشهيد المقتول في جهاد مشروع في الإسلام. ويشترط أن يكون خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب أو بعدها بقليل ولم يدركه المسلمون وبه رمق، فإن أدركه المسلمون وبه رمق وجب تغسيله.

(مسألة 310) إذا كان في المعركة مسلم وكافر واشتبه أحدهما بالآخر وجب الاحتياط بتغسيل كل منهما وتكفينه ودفنه، وكذا لو اشتبه الفرد بين المسلم والكافر، هذا في صورة عدم سقوط الغسل عن المسلم لعدم توفر الشرطين أعلاه.

الثاني: من وجب قتله برجم أو قصاص، فالمشهور أنّه يغتسل غسل الميت المتقدم تفصيله ويحنط ويكفن كتكفين الميت، ثم يقتل فيصلى عليه ويدفن بدون تغسيل. غير أن الأحوط وجوباً - إن حصل ذلك- إعادة كل هذه الوظائف بعد موته. أمّا لو حصل بقتله دم وتخرق الكفن أو نحوه وجب تطهيره وتدارك ذلك بلا إشكال.

(مسألة 311) : قد ذكروا للتغسيل سنناً مثل أن يوضع الميت في حال التغسيل على مرتفع، وأن يكون تحت الظلال وأن يوجه إلى القبلة كحالة الاحتضار، وأن ينزع قميصه من طرف رجليه، وإن استلزم فتقه بشرط إذن الوارث. ويجب أن تستر عورته بنحو لا يمنع من وصول الماء إليها. ويستحب أن تلين أصابعه برفق وكذا جميع مفاصله مع الإمكان، وأن يغسل رأسه برغوة السدر وفرجه بالأشنان، وأن يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كل من الغسلات الثلاث ثلاث مرات، ثم بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر. ويغسل كل عضو ثلاثاً في كل غسل، ويمسح بطنه في الأوّلين، إلا  الحامل التي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك، وأن يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميت، وأن يحفر للماء حفيرة خاصة به ولا يسلط على الكنيف، وأن ينشف بدن الميت بثوب نظيف أو نحوه وذكروا أيضاً: أنّه يكره إقعاده وترجيل شعره وقص أظافره وحلق رأسه أو عانته أو شاربه. بل الأحوط وجوباً ترك القص والحلق ويدفن بالجسم الذي مات به، ويكره جعل الميت بين رجلي الغاسل وتخليل ظفره، ما لم تتوقف عليه صحة الغسل، وغسله بالماء الساخن بالنار، بل مطلقاً إلا  مع الاضطرار، والتخطي عليه حين التغسيل.

 

الفصل الثالث

في التكفيـن

  يجب كفاية تكفين الميت بثلاثة أثواب:

الأول: المئزر، ويجب أن يكون ساتراً ما بين السرة والركبة.

الثاني: القميص، ويجب أن يكون ساتراً من المنكبين إلى نصف الساق.

الثالث: الإزار، ويجب أن يغطي كل البدن.

(مسألة 312) : الأحوط وجوباً في كل هذه الأثواب أن يكون ساتراً لما تحته غير حاكٍ عنه وإن حصل الستر بالمجموع.

(مسألة 313) : لابد في التكفين من إذن الولي على نحو ما تقدم في التغسيل، ولا يعتبر فيه نية القربة.

(مسألة 314) : إذا تعذرت القطعات الثلاث، اقتصر على الميسور، وإذا دار الأمر بينها يقدم الإزار، وعند الدوران بين المئزر والقميص يقدم المئزر، وإن لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة تعين الستر به. وإذا دار الأمر بين ستر القبل وستر الدبر تعين الأول.

(مسألة 315) : لا يجوز اختياراً التكفين بالحرير ولا بالنجس حتى إذا كانت نجاسته معفواً عنها في الصلاة، بل الأحوط وجوباً أن لا يكون مذهّباً ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، بل ما يؤكل لحمه أيضاً على الأحوط استحباباً. وأمّا وبره وشعره فيجوز التكفين به. وأمّا في حال الاضطرار فيجوز الجميع. فإذا انحصر في واحد منها تعين ولو باعتبار تعذر تطهير المتنجس.

(مسألة 316) : إذا دار الأمر بين التكفين بالمتنجس والتكفين بغيره من تلك الأنواع فالأحوط اختيار الطاهر، وإذا دار الأمر بين الحرير وغير المتنجس قدم غير الحرير، ولا يبعد التخيير في غير ذلك من الصور.

(مسألة 317) : لا يجوز التكفين بالمغصوب حتى مع الانحصار، وفي التكفين بجلد الميتة إشكال. ومع الانحصار فالأحوط وجوباً الاقتصار على ستر العورة به.

(مسألة 318) : يجوز التكفين بالحرير غير الخالص، بشرط أن يكون الخليط أزيد من الحرير، وإن كان للتكفين بما تجوز به الصلاة وجه.

(مسألة 319) : إذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت أو من غيره وجب إزالتها ولو بعد الوضع في القبر بغسل أو بقرض، إن كان الموضع يسيراً ولا يلزم منه انكشاف شيء من البدن. وإذا لم يمكن ذلك وجب تبديله مع الإمكان، هذا إذا لم يستلزم نبش القبر، ومعه لا يجب لو ترك التطهير عمداً.

(مسألة 320 ) : القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدين والوصية، وكذا ما وجب من مؤونة تجهيزه ودفنه من السدر والكافور وماء الغسل وقيمة الأرض وما يأخذه الظالم من الدفن في الأرض المباحة وأجرة الحمال والحفار ونحوها.

(مسألة 321) : كفن الزوجة على زوجها وإن كانت صغيرة أو مجنونة أو منقطعة أو غير مدخول بها، وكذا المطلقة الرجعية ولا يترك الاحتياط في الناشز دون البائن. ولا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر والكبر والجنون والفلس وغيرها، ويتولى وليّه مع قصوره عن التصرف.

(مسألة 322) : يشترط في وجوب الكفن على الزوج أن لا يقترن موتها بموته، فضلاً عما إذا مات قبلها ولو بلحظة، ولو شك في تقدمها لم يجب. كما يشترط عدم تعيينها الكفن بالوصية.

(مسألة 323) : كما أن كفن الزوجة على زوجها، كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر والكافور وغيرهما مما عرفت على الأحوط وجوباً، بل هو الأقوى.

(مسألة 324) : الزائد على المقدار الواجب من الكفن وسائر مؤن التجهيز لا يجوز إخراجه من الأصل إلا مع رضا الورثة. وإذا كان فيهم صغير أو غير رشيد لا يجوز لوليّه الإجازة في ذلك، فيتعين حينئذ إخراجه من حصص الكاملين برضاهم وكذا الحال في قيمة القدر الواجب، فإنّ الذي يخرج من الأصل ما هو أقل قيمة، ولا يجوز إخراج الأكثر منه إلا مع رضا الورثة الكاملين، فلو كان الدفن في بعض المواضع لا يحتاج إلى بذل مال وفي غيره يحتاج إلى ذلك لا يجوز للولي مطالبة الورثة بذلك ليدفنه فيه، ما عدا ما سنشير إليه في المسألة  الآتية.

(مسألة 325) : ما ذكرناه في المسألة  السابقة هو المشهور. ولا يبعد الجواز، بل الوجوب فيما لا يؤدي إلى إهانة الميت، بل لا يبعد الجواز فيما يناسب شأنه من التجهيز، وخاصة فيما إذا كانت الخلة بدرجة موجبة للخلة للورثة القاصرين أيضاً، فيجوز لوليّهم الإذن في الصرف من حصصهم، نعم، لو لم يوصِ أو كان يبقى من الثلث بقية بعد تنفيذ الوصية فلا يبعد تعين الصرف منه دون مجموع التركة. ويظهر الأثر فيما إذا كان تجهيزه المناسب زائداً على الثلث، أمّا التجهيز أكثر من المناسب، وكذلك ما زاد على التجهيز من الفاتحة والإطعام ونحوها من الأمور العرفية فيخرج من حصص الكاملين برضاهم. ولا يجوز صرفه من حصص القاصرين.

(مسألة 326) : كفن واجب النفقة من الأقارب في ماله لا على من تجب عليه النفقة، نعم، لو لم يكن له مال فالأحوط وجوبه على المنفق، وإن كان لا يبعد كونه جزءاً من الوجوب الكفائي.

(مسألة 327) : إذا لم يكن للميت تركة لم يجُز دفنه عارياً، فإن اتفق هناك بعض الوجوه المالية الشرعية المنطبقة على مورده صرف عليه منها وإلا وجب على الأحوط كفاية الصرف عليه، ولو بنية الإقراض للوارث أو لبيت المال. فإن تعذر كل ذلك دفن عارياً، مستور العورة مع الإمكان.

(مسألة 328) : ذكروا من سنن هذا الفصل: أنّه يستحب في الكفن العمامة للرجل ويكفي فيها المسمى، والأولى أن تدار على رأسه مرة أو مرتين ويجعل طرفاها تحت حنكه على صدره، الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن، والمقنعة للمرأة ويكفي فيها المسمى أيضاً، ولفافة لثدييها تشد إلى ظهرها، وخرقة يعصب بها وسط الميت ذكراً كان أو أنثى، وخرقة أخرى للفخذين تلف عليهما، ولفافة فوق الإزار يلف بها تمام البدن، والأولى كونها برداً يمانياً، وأن يجعل القطن أو نحوه عند تعذره بين رجليه يستر به العورتين، ويوضع عليه شيء من الحنوط، وأن يحشى دبره ومنخراه وقُبُل المرأة إذا خيف خروج شيء منها، وأن يكون من القطن، وأن يكون أبيض، وأن يكون من خالص المال وطهوره، وأن يكون ثوباً قد أحرم فيه أو صلى فيه، وأن يلقى عليه الكافور والذريرة وأن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة، وأن يكتب على حاشية الكفن: فلان بن فلان يشهد أن لا إله إلا  الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً رسول الله، ثم يذكر الأئمة (عليهم السلام) واحداً بعد واحد، وأنّهم أولياء الله وأوصياء رسوله، وأن البعث والثواب والعقاب حق، وأن يكتب على الكفن دعاء الجوشن الصغير والكبير. ويلزم أن يكون ذلك كله في موضع يؤمن عليه من النجاسة والقذارة، فيكتب في حاشية الإزار من طرف رأس الميت.

(مسألة 329) : يستحب أيضاً في التكفين أن يجعل الطرف الأيمن من اللفافة على أيسر الميت والأيسر على أيمنه، وأن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث، وإن كان هو المغسل غسل يديه من المرفقين، بل المنكبين ثلاث مرات ورجليه إلى الركبتين. ويغسل كل موضع تنجس من بدنه. والأفضل من ذلك أن يغتسل غسل مس الميت قبل التكفين. وأن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة. والأولى أن يكون كحال الصلاة عليه.

(مسألة 330) : يكره قطع الكفن بالحديد وعمل الأكمام والزرور له ولو كفن في قميصه قطع أزراره، ويكره بَلّ الخيوط التي تخاط بها بريقه، وتبخيره وتطييبه بغير الكافور والذريرة، وأن يكون أسود بل مطلق المصبوغ، وأن يكتب عليه بالسواد، وأن يكون من الكتّان، وان يكون ممزوجاً بإبريسم، والمماكسة في شرائه، وجعل العمامة بلا حنك، وكونه وسخاً، وكونه مخيطاً.

(مسألة 331) : يستحب لكل أحد أن يهيء كفنه قبل موته، وأن يكرر نظره إليه.

 

الفصل الرابع

في التحنيط

يجب إمساس مساجد الميت السبعة بالكافور، وهي الجبهة وباطن الكفين والركبتين ورأس إبهامي القدمين، ويكفي المسمى. والأحوط استحباباً أن يكون المسح باليد، بل بالراحة. والأفضل أن يكون وزنه سبعة مثاقيل صيرفية ويساوي (33) غرام. ويستحب سحقه باليد. كما يستحب مسح مفاصله ولبته وصدره وباطن قدميه وظاهر كفيه.

(مسألة 332) : محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم قبل التكفين أو في أثنائه. وفي جواز تأخيره بعد التكفين وجه.

(مسألة 333) : يشترط في الكافور أن يكون طاهراً مباحاً جافاً مسحوقاً. والأحوط استحباباً أن تكون له رائحة، وإن كان الأقوى إجزاء ما فقد رائحته ما دام يصدق عليه الاسم. كما يشترط في الميت أن لا يكون محرماً وإلا لم يقربه الكافور الا ان يكون موته بعد الانتهاء من السعي كما تقدم في المسألة (308).

(مسألة 334) : يكره إدخال الكافور في عين الميت وأنفه وأذنه وعلى وجهه.  


 

الفصل الخامس

في الجريدتين

يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان إحداهما عن الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والإزار، والأولى أن تكونا من النخل، فإن لم يتيسر فمن السدر، فإن لم يتيسر فمن الخلاف أو الرمان، والرمان مقدم على الخلاف، وإلا فمن أي عود رطب.

(مسألة 335) : إذا تركت الجريدتان لنسيان ونحوه، فالأولى جعلهما فوق القبر، واحدة عند رأسه والأخرى عند رجليه.

(مسألة 336) : الأولى أن يكتب عليها ما يكتب على حواشي الكفن مما تقدم، ويلزم الاحتفاظ عن تلوثهما بما يوجب المهانة، ولو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن ونحوه.

 

الفصل السادس

في الصلاة على الميت

تجب الصلاة وجوباً كفائياً على كل مسلم، ذكراً كان أم أنثى، مؤمناً أم مخالفاً، عادلاً أم فاسقاً. ولا تجب على أطفال المسلمين إلا إذا بلغوا ست سنين فصاعداً. وتستحب على من كان دون ذلك وقد تولد حياً. وكل من وجد ميتاً في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهراً، وكذا لقيط دار الإسلام، وكذا المحكوم بإسلامه إمّا لإسلام أحد عموديه، أي عمود الآباء وعمود الأمهات ولو ارتد بعد ذلك، وإمّا لاعترافه بالإسلام إذا كان طفلاً مميزاً، ولو كان أبواه كافرين.

(مسألة 337) : لا تجوز الصلاة على الكافر بأقسامه، ولا على المحكوم بكفره ممن انتحل الإسلام، ولا على المرتد ملّيّاً كان- وهو من كان بالأصل غير مسلم ثم أسلم- أو فطرياً - وهو من تولّد على فطرة الإسلام- وعدم الجواز هنا تشريعي لا ذاتي، أي إنّ الصلاة غير مشروعة ولا يعني ترتب العقاب على من يخالف.

(مسألة 338) : محل الصلاة بعد الغسل والتكفين، فلا تجزي قبلهما ولا تسقط بتعذرهما كما لا تسقط بتعذر الدفن أيضاً.

(مسألة 339) : أولى الناس بالصلاة على الميت أولاهم بميراثه، فليس لأحد مزاحمته عليها فيما لو أراد مباشرتها بنفسه أو إيكالها لشخص يعيّنه، بل الأحوط وجوباً توقف صحتها مطلقاً على إذنه مع إمكان حصوله.

(مسألة 340) : الأحوط وجوباً في كيفيتها أن يكبر أولاً ويتشهد الشهادتين، ثم يكبر ثانياً ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم يكبر ثالثاً ويدعو للمؤمنين، ثم يكبر رابعاً ويدعو للميت، ثم يكبر خامساً وينصرف. والأحوط استحباباً الجمع بين الأدعية بعد كل تكبيرة بنية رجاء المطلوبية. ولا قراءة فيها ولا ركوع ولا سجود ولا تسليم.

(مسألة 341) : أقلُّ ما يجزي من الصلاة أن يقول المصلي: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا  الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، الله أكبر، اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، الله أكبر، اللهم اغفر للمؤمنين، الله أكبر، اللهم اغفر لهذا ويشير إلى الميت، ثم يقول: الله أكبر، وينصرف.

(مسألة 342) : ذكروا في الصلاة المطولة أن يقول: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا  الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أو يقول - بعد قوله: ودين الحق-  بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة.

ثم يقول: الله أكبر، اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وارحم محمداً وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وصلِّ على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

ثم يقول: الله أكبر، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وتابع بيننا وبينهم بالخيرات إنّك مجيب الدعوات قاضي الحاجات وأنت على كل شيء قدير.

ثم يقول: الله أكبر، اللهم أن هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك. نزل بك وأنت خير منـزول به، اللهم إنّا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه واغفر له. أو يقول: فتجاوز عن سيئاته، واغفر لنا معه فإنّا لا نقيم بعده إلا قليلاً. اللهم اجعله عندك في أعلى علّيّين وارزقه شفاعة أوليائه المعصومين(عليهم السلام)، وأخلف على أهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين.

ثم يقول: الله أكبر وينصرف.

(مسألة 343) : يجب في الصلاة على الميت أمور:

منها: النية.

ومنها: حضور الميت، فلا يصلى على الغائب.

ومنها: استقبال المصلي القبلة.

ومنها: أن يكون رأس الميت إلى جهة يمين المصلي ورجلاه إلى جهة يساره.

ومنها: أن يكون مستلقياً على قفاه على الأحوط استحباباً.

ومنها: كون الميت بين المصلي والقبلة.

ومنها: وقوف المصلي محاذياً لبعضه، إلا أن يكون مأموماً، وقد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة.

ومنها: أن لا يكون المصلي بعيداً عنه على نحو لا يصدق الوقوف عنده، إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة.

ومنها: أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار. ولا يضر الستر بمثل التابوت ونحوه.

ومنها: أن يكون المصلي قائماً فلا تصح صلاة غير القائم إلا مع عدم التمكن من صلاة القائم.

ومنها: الموالاة العرفية بين التكبيرات والأدعية.

ومنها: أن يكون الميت مستور العورة، ولو بحجر أو ورق الشجر، إن تعذر الكفن. والظاهر أنّ هذا وجوب تكليفي وليس شرطاً في صحة الصلاة.

ومنها: إباحة مكان المصلي على الأحوط وجوباً.

ومنها: إذن الولي، إلا  إذا أوصى الميت بأن يصلي عليه شخص معين فإن لم يأذن له الولي، فله أن يبادر بدون إذنه.

(مسألة 344) : لا يعتبر في الصلاة على الميت الطهارة من الحدث والخبث وإباحة اللباس وستر العورة، وإن كان الأحوط استحباباً اعتبار جميع شرائط الصلاة بما فيها ترك الكلام والضحك والالتفات عن القبلة، بل لا يترك الاحتياط فيها إلا  إذا كانت ماحية لصورة الصلاة فتبطل.

(مسألة 345) : إذا شك أنّه صلى على الجنازة أم لا بنى على العدم، وإذا صلى وشك في صحة الصلاة بنى على الصحة، وإذا علم ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه الصحيح، وكذا لو أدّى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها.

(مسألة 346) : يجوز تكرار الصلاة على الميت الواحد وخاصة إذا كان من أهل الشرف في الدين. والنية فيها الاستحباب والأحوط استحباباً قصد الرجاء.

(مسألة 347) : لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة فلا يجوز نبش قبره للصلاة عليه وإنّما يؤتى بها رجاء المطلوبية على قبره وجوباً مالم يتلاش جسمه إذا كان التاخير عمداً، وإلا بمقدار يوم وليلة وجوباً وما بعده استحباباً.

(مسألة 348) : يستحب أن يقف الإمام والمنفرد عند وسط الرجل وصدر المرأة.

(مسألة 349) : إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة، فتوضع الجميع أمام المصلي مع المحاذاة بينها، والأولى مع اجتماع الرجل والمرأة أن يجعل الرجل أقرب إلى المصلي ويجعل صدرها محاذياً لوسط الرجل، ويجوز جعل الجنائز صفاً واحداً فيجعل رأس كل منهم عند إليَة الآخر شبه الدرج، ويقف المصلي وسط الصف، ويراعي في الدعاء بعد التكبير تثنية الضمير وجمعه.

(مسألة 350) : يستحب في صلاة الميت الجماعة، ويعتبر في الإمام أن يكون جامعاً لشرائط الإمامة، من البلوغ والعقل والإيمان، بل تعتبر فيه العدالة أيضاً على الأحوط وجوباً، بل الأحوط وجوباً اعتبار شرائط الجماعة من انتفاء البعد والحائل وأن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم وغير ذلك.

(مسألة 351) : إذا حضر شخص في أثناء الصلاة كبّر مع الإمام وجعله أول صلاته وتشهد الشهادتين بعده. وهكذا يكبر مع الإمام ويأتي بما هو وظيفة نفسه. فإذا فرغ الإمام أتى ببقية التكبير بلا دعاء وإن كان الدعاء أحوط. والنية في هذه البقية هي الرجاء دعا أم لم يدعُ، على الأحوط.

(مسألة 352) : يتضح من المسألة  السابقة أن الإمام في صلاة الميت لا ينوب عن المأمومين في القراءة، بمعنى أن السكوت خلفه لا يجزيهم كما في الصلوات اليومية. وإنّما هي مجرد المتابعة. وإنّما تجب المتابعة في التكبيرات، دون الدعاء.

(مسألة 353) : لو صلى الصبي المميز على الميت أجزأت صلاته إذا كانت صحيحة، وإن كان الأحوط استحباباً العدم.

(مسألة 354) : إذا كان ولي الميت امرأة جاز لها مباشرة الصلاة والإذن لغيرها ذكراً كان أم أنثى.

(مسألة 355) : إذا كان الميت مستضعفاً قال المصلي بعد التكبيرة الرابعة: اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. وإن كان مستحقاً للعن لعنه ودعا عليه، وإن كان الميت طفلاً غير بالغ قال: اللهم اجعله لأبويه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً.

(مسألة 356) : إذا كان الميت رجلاً أتى بالضمائر مذكرة وإن كان امرأة أتى بها مؤنثة. وكذلك جميع ما يناسب من ألفاظ الأدعية. وإن جهل ذلك تخيّر. فله أن يذكر بقصد الميت ويؤنث بقصد الجنازة. وليس له ذلك مع علمه بنوعها على الأحوط وجوباً. وكذلك الحال في التثنية والجمع ولو جهلهما جمع.

(مسألة 357) : ذكروا للصلاة على الميت آداباً:

منها: أن يكون المصلي على طهارة ويجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة أن توضأ أو اغتسل، بل مطلقاً، مع قصد الرجاء في غير حالة العذر.

ومنها: رفع اليدين عند التكبير.

ومنها: أن يرفع الإمام صوته بالتكبير والأدعية.

ومنها: اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع.

ومنها: اختيار المواضع المقدسة كالمساجد والمراقد.

ومنها: أن تكون الصلاة بالجماعة.

ومنها: أن يقف المأموم خلف الإمام.

ومنها: الاجتهاد في الدعاء للميت المؤمن والمؤمنين ولو بزيادات على الدعاء ينشؤها من عنده.

ومنها: أن يقول قبل الصلاة: الصلاة ثلاث مرات.

ومنها: أن يقف المصلي -لاسيما الإمام-  في مكانه حتى ترفع الجنازة.

ومنها: أن يقول بعد الصلاة: ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

 

الفصل السابع

في التشييع

 يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه، ويستحب لهم تشييعه وله آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة، مثل أن يمشي المشيع خلف الجنازة خاشعاً متفكراً حاملاً الجنازة على الكتف، قائلاً حين الحمل: بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات. ويكره الضحك واللعب واللهو والإسراع في المشي والركوب والمشي قدام الجنازة والكلام بغير ذكر الله تعالى والدعاء والاستغفار. ويكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة، فإنّه يستحب له ذلك وأن يمشي حافياً. ويستحب لمن رأى جنازة أن يقول: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم أو يقول: الله أكبر، هذا ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا إيماناً وتسليماً، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت.

 

الفصل الثامن

في الدفن

 يجب على المجتمع دفن الميت المسلم ومن بحكمه، وهو مواراته في الأرض بحيث يؤمن على جسده من السباع وإيذاء رائحته للناس. ولا يكفي وضعه في بناء أو في تابوت وإن حصل الأمران.

(مسألة 358) : يجب وضع الميت في القبر على الجانب الأيمن موجها وجهه إلى القبلة، وهي بمقدار ما يجب استقباله في الصلاة. وإذا اشتبهت القبلة عمل بالظن على الأحوط وجوباً، ومع تعذره يسقط وجوب الاستقبال إن لم يمكن التأخير.

(مسألة 359) : إذا كان الميت في البحر، ولم يمكن دفنه في البر ولو بالتأخير، غسل وحنط وصلي عليه ووضع في خابية كالكيس ونحوه وأحكم رأسها وألقي في البحر أو ثقِّل بشد حجر أو نحوه برجليه ثم يلقى في البحر. والظاهر أن اشتراط خوف التأخير مبني على الاحتياط الاستحبابي.

(مسألة 360) : لا يجوز دفن الميت المسلم في مقبرة الكافرين، وكذا العكس. ويشمل هذا الحكم من حكم بكفره، ممن انتحل الإسلام على الأحوط استحباباً.

(مسألة 361) : إذا ماتت الحامل الكافرة ومات في بطنها حملها من مسلم دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر مستدبرة القبلة، وكذلك الحكم أن كان الحمل لم تلجه الروح، وهو الأحوط وجوباً حتى لو كان من زنا.

(مسألة 362) : لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة والبالوعة، ولا في المكان المغصوب أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس والمساجد والحسينيات المتعارفة في زماننا والخانات الموقوفة لغير الدفن وإن أذن الولي.

(مسألة 363) : لا يجوز الدفن في الأرض المجهولة المالك، وهي المحياة بمال مجهول المالك، أو نحوها، إلا بإذن الحاكم الشرعي. وليس لصاحب اليد الإذن به، كما انّه لا حجية في إذنه.

(مسألة 364) : لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه وصيرورته تراباً، نعم، إذا كان القبر منبوشاً وأزيل عنه الميت جاز الدفن فيه على الأقوى، ما لم تكن أرض القبر مملوكة شرعاً للغير.

(مسألة 365) : يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة، وأن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن الجلوس فيه وتسد الفتحة، وفي الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر ويجعل فيه الميت ويسقف عليه ثم يهال التراب، ويمكن جعل اللحد بطرق أخرى منها: أن تستثنى مسافة من قعر الحفيرة وتسقف، بعد جعل الميت على أرضها، ومنها: أن تبنى حول الميت بعد وضعه على أرض الحفيرة شبه الغرفة وتسقف، ويهال التراب على المجال الباقي. وأمّا طم الجسد في التراب فهو مرجوح ومخالف لسيرة المتشرعة.

(مسألة 366) : الظاهر جواز ما عليه سيرة حفاري القبور في أيامنا من بناء لحود على جانبي سرداب كبير، إذا كان اللحد تحت سطح الأرض المتعارف بمعنى أن يصل سقفه إليها أو دونها.

(مسألة 367) : ذكروا:  أنّه يستحب أن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة، والذِّكر عند تناول الميت وعند وضعه في القبر، والتحفي وحل الأزرار وكشف الرأس للمباشر لذلك، وأن يحل عقدة الكفن من طرف الرأس بعد وضعه في القبر، ويكشف عن وجهه ويجعل خده على الأرض، ويعمل له وسادة من تراب، وأن يوضع شيء من تربة الحسين (عليه السلام) معه، وتلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمة (عليهم السلام)، وأن يسد اللحد باللبن، وأن يخرج المباشر من طرف الرجلين، وأن يهيل الحاضرون التراب بظهور الأكفّ غير ذي الرحم، وطم القبر وتربيعه، يعني جعله مربعاً أو مستطيلاً لا مثلثاً ومخمساً ولا غير ذلك، ورش الماء عليه دوراً، يستقبل القبلة ويبتدأ من عند الرأس، فإن فضل شيء صب على وسطه، ووضع الحاضرين أيديهم عليه غمزاً بعد الرش، ولا سيما إذا كان الميت هاشمياً أو أنّ الحاضر لم يحضر الصلاة عليه، والترحم عليه بمثل قوله: اللهم جافِ الأرض عن جنبيه وصعد روحه إلى أرواح المؤمنين في علّيّين وألحقه بالصالحين، وأنّ يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعاً صوته، وأن يكتب اسم الميت على القبر أو على لوح أو حجر وينصب على القبر.

(مسألة 368) : يكره دفن ميتين معاً في قبر واحد، أمّا دفن الثاني بعد دفن الأول فقد علمت حرمته، ونزول الأب في قبر ولده وغير المحرم في قبر المرأة، وإهالة الرحم التراب، وفرش القبر بالساج من غير حاجة كالرطوبة الشديدة، وتجصيص القبر وتطيينه إلا أن يكون الميت من أهل الشرف، وتعليته وتسنيمه والبناء عليه والمشي عليه والجلوس والاتكاء.

(مسألة 369) : يكره نقل الميت من بلد إلى آخر، إلا المشاهد المشرفة، والمواضع المحترمة، فإنّه يستحب ما دام لم يدفن ولا سيما الغري والحائر، وفي بعض الروايات أن من خواص الأول إسقاط عذاب القبر ومحاسبة منكر ونكير.

(مسألة 370) : إذا اتفق ظهور جسد الميت لسبب أو لآخر او نبش قبره لأحد المبررات الآتية فانه لا يجب دفنه في نفس المكان، ويجوز نقله كجوازه قبل الدفن اصلاً.

(مسألة 371) : لا يجوز نبش القبر وإخراج الميت لنقله ودفنه في المشاهد المشرفة فضلاً عن غيرها حتى إذا كان بإذن الولي ولم يلزم هتك حرمة الميت، إلا إذا أوصى بذلك. أو أن الميت قد انكشف جسده بسببٍ ما كانفجار قنبلة أو جرفته السيول، وحينئذٍ لا يجب إعادته إلى نفس القبر فيجوز نقله إلى مكان آخر بشرط عدم حصول حالة الهتك لكرامته.

(مسألة 372) : يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده، إلا مع العلم باندراسه وصيرورته تراباً، من دون فرق بين الصغير والكبير والعاقل والمجنون.

ويستثنى من ذلك موارد:

منها: ما إذا كان النبش لأجل تنفيذ وصية الميت بالنقل إلى المشاهد المشرفة ونحوه.

ومنها: ما إذا كان لأجل رفع مفسدة مهمة عن جسد الميت، ولا يمكن تلافيها بإخفاء قبره ونحو ذلك، أمّا لكونه مدفوناً في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة، أو في موضع يتخوف على جسده من سيل أو سبع أو عدو.

ومنها: ما لو عارضه أمر راجح أهم في نظر الشرع، كما لو توقف دفع مفسدة على رؤية جسده، أو توقف عليه حكم قضائي معين.

ومنها: ما لو لزم من ترك النبش ضرر مالي معتد به، كما إذا دفن في ملك غيره بغير إذنه ولم يمكن استرضاؤه، أو دفن معه مال غيره من خاتم ثمين ونحوه.

ومنها: ما إذا دفن بلا غسل ولا تكفين أو تبين بطلان غسله أو بطلان تكفينه، أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي لوضعه في القبر على غير القبلة ونحو ذلك، مع إمكان تدارك ذلك باحتمال معتد به من دون هتك لحرمته، وإلا  لم يجُز النبش ويعرف ذلك عادة بمضي المدة.

(مسألة 373) : لا يجوز الإيداع المتعارف عند بعض الشيعة (أيدهم الله تعالى) بوضع الميت في موضع والبناء عليه ثم نقله إلى المشاهد المشرفة، بل اللازم أن يدفن على الوجه الشرعي، بحيث لو استمر فيه لم يكن فيه إشكال، ثم إذا أريد نقله إلى المشاهد المشرفة جاز في بعض الموارد المتقدمة.

(مسألة 374) : إذا وضع الميت في سرداب جاز فتح بابه وإنزال ميت آخر فيه إذا لم يظهر جسد الأول، أمّا للبناء عليه أو لوضعه في لحد داخل السرداب. وأمّا إذا كان بنحو يظهر جسده ففي جوازه إشكال.

(مسألة 375) : إذا مات ولد الحامل دونها، فإن أمكن إخراجه صحيحاً وجب. وإلا جاز تقطيعه، ويتحرى الأرفق فالأرفق وتتولى ذلك طبيبة مختصة، وإلا فطبيب مختص يقتصر على مقدار الضرورة. وإن ماتت هي دونه شق بطنها وأخرج، ثم يخيط هذا الجرح ما لم يوجب الهتك والتأخير الزائد فيكون الاحتياط بالتعجيل.

(مسألة 376) : إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر غسل وحنط وكفن وصلي عليه ودفن. وكذا إذا كان الصدر وحده بحيث يصدق عليه أنّه بدن ميت لكنه مقطوع الرأس واليدين والرجلين، أو بعضه مما يصدق عليه الصدر، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم أو معظمها بشرط أن تكون فيها عظام صدره، على الأحوط وجوباً. وفي حالة وجود الصدر أو بعضه فقط يقتصر في التكفين على القميص والإزار، ويضاف إليهما المئزر أن وجد محل معتد به.

(مسألة 377) : إذا وجد غير عظم الصدر مجرداً كان أو مشتملاً على لحم، غسل ولف بخرقة ودفن ولم يصلَّ عليه. فإن كان للتحنيط محل وجب على الأحوط، وإذا لم يكن فيه عظم لف بخرقة ودفن وجوباً.

 

(مسألة 378) : السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل وحنط وكفن ولم يصلَّ عليه. وإذا كان لدون ذلك لكنه بحيث يصدق عليه اللحم والعظم عرفاً، لف بخرقة ودفن على الأحوط وجوباً، لكن لو ولجته الروح حينئذٍ فالأحوط -إن لم يكن أقوى- جريان حكم الأربعة أشهر عليه. وأمّا إذا كان السقط بحيث يصدق عليه أنّه دم وليس بلحم وعظم عرفاً، فلا يجب فيه شيء.