محور المرأة

| |عدد القراءات : 7854
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

محور المرأة

 بسم الله الرحمن الرحيم 

موضوع المرأة محبب واثير وهام عند سماحة الشيخ اليعقوبي لان المراة المسلمة في مجتمعنا لم تعط حقها ومكانتها من ناحية، ولم تؤد ما عليها من استحقاقات وواجبات من ناحية ثانية, وبالتالي لم تأخذ دورها الحقيقي في المجتمع مما أوجد ثغرة كبيرة في مجتمعنا يمكن ملؤها او سدها بالتثقيف الحقيقي باتجاه تفعيل دورها بعيداً عن الزيف الذي يحاول الاعداء ان يبثوه في المجتمع تحت عناوين براقة مثل حرية المرأة والمساواة بالرجل وابعادها عن واجباتها وحقوقها الاسلامية التي تجعل منها نواة حقيقية لتكوين مجتمع سليم.

فالمراة من ناحية هي (درع عن النار) للرجل اذا ما اخذت دورها الاسلامي الصحيح فستكون خير عون له في القضاء على نوازع النفس الامارة بالسوء، ومن ناحية اخرى هي (حبائل الشيطان) اذا ما أُسيء التعامل معها بعيداً عن الشروط الشرعية والدور الذي حدده لها الدين الاسلامي الذي منحها رفعة ومنعة، وعلى المراة نفسها ان تعي هذا الدور وعلى الرجل ان يعينها في اخذ مكانتها الحقيقية في المجتمع المسلم.. فان فساد المجتمع أو صلاحه متعلق بالدرجة الاساس بالمرأة.

من هذه الفكرة وهذا المنطلق يركز سماحة الشيخ على قضية المراة المسلمة، وان كثيراً من المفاسد التي نخرت في حياتنا انما مرده الى :

1- تعطيل هذه الشريحة المهمة عن اداء دورها الرسالي العظيم للمراة.

وهو بهذا يخرج المرأة من دورها الثانوي في المجتمع ومن النظرة الضيقة لها من قبل الرجل او المجتمع ويجعل لها دوراً أولياً رسالياً عظيماً عليها ان تصل اليه من خلال الالتزام بالتعاليم السماوية الشرعية ومن خلال المعرفة والعلم الذي يؤهلها للقيام بدورها هذا.. ومن خلال مساعدة الرجل لها على أخذ هذا الدور.

وان النظرة القاصرة السلبية في مجتمعاتنا الاسلامية للمرأة جعلتها ثغرة للغرب المعادي للاسلام الذي يبحث عن هكذا ثغرات لتمرير مؤامراته ومناهجه الهدامة لمجتمعنا فيذكر سماحة الشيخ هذه النقطة الهامة بقوله:

2- تمرير الغرب لمؤامراته في تدمير عقيدة المجتمع من خلال تشويه صورة المراة في الاسلام من خلال التلويح بمصطلحات براقة خادعة كحرية المراة ومساواتها مع الرجل.

وهو بهذا الطرح ينبه الى خطورة هذا الموضوع وان تصبح المرأة مدخلاً للسياسات الاستعمارية الى مجتمعنا الاسلامي لان الاحتلال الاخلاقي والفكري اخطر من الاحتلال العسكري الواضح المعالم.. وان علينا كمجتمع مسلم ان نعزز ونقوي جبهتنا النسوية فبدلاً من ان تصبح مدخلاً للمحتل ومخططاته يمكن ان تصبح مصداً فاضحاً لسياساته حين نُفعل هذه الشريحة التي تكاد تكون معطلة بسب نظرتنا القاصرة لها.

ثم يشير سماحته الى سوء الفهم الحاصل من قبل المرأة نفسها الى احكام الشريعة الاسلامية تجاهها او سوء توصيل المعلومة الشرعية للمراة في هذا المجال أي بسبب التثقيف الاسلامي القاصر تجاهها او سوء تطبيق التعاليم والثقافة الاسلامية وهذا يؤدي كما يذكر سماحة الشيخ الى:

3- نفور عدد من النساء من الشريعة بسبب سوء فهم وجهة نظر الشريعة او سوء التطبيق لجملة من احكامها كقيمومة الرجل على المرأة أو تنصيف حصتها من الميراث أو الشهادة ونحوها.

واعتقد ان هذه هي الثغرة النفسية المهمة التي على المجتمع ان يسدها لكي تتحرر المراة المسلمة من عقدة النقص عن الرجل وتوعيتها بان الله سبحانه وتعالى اعلم بحقوقها وواجباتها واحرص حين حددها في القرآن الكريم وذلك للتركيبة البايولوجية والنفسية للمراة ولكن هذا لا يُضعّف او يقلل من دورها المهم في المجتمع وانها قاعدة البناء الاجتماعية التي تبنى عليها كل الاساسات الاجتماعية الاخرى وتتكامل بها.

فأرى ان هناك خطوتين مهمتين وفاعلتين باتجاه تحرير المراة وتثقيفها وايصالها الى دورها المرجو منها هما:

الاولى: صحة النظرية وتوصيلها.

الثانية: صحة التطبيق او النية والهمة المحققة له.

فبين النظرية والتطبيق غالباً ما تخفق المشاريع الانسانية والتثقيفية البانية للمجتمع.. من هنا أكد سماحة الشيخ على تفعيل التطبيق بأن اوعز منذ بدء هذه المرحلة بتشكيل الروابط والمؤسسات النسوية لهذا الغرض، بل هو اول من طالب بتشكيل وزارة خاصة تعنى بشؤون المراة بالتزامن مع تاسيس مجلس الحكم وأعد بياناً لتسيير مظاهرات نسوية لتأييد هذا المطلب ولكن الخشية كانت من ان الامريكان المهيمنين على العملية السياسية ولا سيما في وقتها من ان يعطوا الوزارة الى امراة منحلة فتكون النتائج عكسية وسلبية لان المحتل يخشى ان يكون للمراة العراقية دور اسلامي طليعي ومهم في المجتمع فيكون ضد اجندتهم وبرنامجهم الذي يتضمن الاحتلال الاخلاقي للمجتمع.

كما ان الظلم والجهل والتخلف الذي لحق بالمراة العراقية لا تنهض به الا وزارة مستقلة كما يرى سماحة الشيخ ويدعو له.

وقد حقق سماحة الشيخ الربط الفاعل بين صحة النظرية وصحة التطبيق وذلك من خلال تاسيس المؤسسات التي ترعى شؤون المراة فنهض مشروعه للعمل النسوي بذراعين رئيسين هما:

1- جامعة الزهراء للعلوم الاسلامية :

وأرى ان هذا هو الجانب النظري او صحة النظرية من خلال توصيل المعلومة الشرعية والعلمية للمراة من قنواتها الصحيحة.

كما ان هذا يؤكد ثقة سماحة الشيخ بعقلية المراة العراقية المسلمة كما ذكرها في حديثه مع وفد اعضاء رابطة فدك النسوية وهو يُقيّم العمل الاسلامي خلال السنين الماضية فيذكرهن بان الامة تجاوزت الكثير من المصاعب والمغريات ووسائل هدم الاخلاق ومسخ الهوية الاسلامية..بقوله (استطيع القول ان حماس النساء وهمتهن في العمل كانت اكثر من الرجال..) وهذا مع كونه احقاق الحق للمراة ومكافأتها على دورها في العمل الاسلامي فهو تعزيز لثقة المراة بنفسها وتقييم منصف لجهودها وامكانياتها العقلية العالية التي تبحث عن قنوات سليمة لتفعيل دورها في المجتمع فيذكر سماحة الشيخ لهن مثالاً حياً وواقعياً على القدرات العقلية العالية للمراة العراقية من خلال بعض الاحصائيات التي نقلت بان عدد المهندسات في العراق يساوي عدد المهندسات في الولايات المتحدة مع ان سكان الولايات المتحدة عشرة اضعاف سكان العراق.

وهذا احد الشواهد التي يؤخذ بها لمعرفة رقي الشعوب..وهو مثال واحد في جانب واحد من جوانب العلم وميدان مهم من ميادين المعرفة ونستطيع ان نقيس عليه في المجالات والميادين الاخرى.

2- رابطة بنات المصطفى :

بفروعها المتعددة واسمائها المختلفة كرابطة فدك ورابطة الامام الجواد.

واعتقد ان هذا هو الجانب التطبيقي الصحيح للنظرية التي تخص العمل النسوي وقد حققها سماحة الشيخ من خلال التآزر والتكامل بين النظرية والتطبيق.. فلهذه الرابطة بيان ورقة عمل تنظم عمل المراة في النشاطات المختلفة حيث يحدد لها مسارها الصحيح في هذه النشاطات منها النشاط الديني المتمثل باقامة الشعائر الدينية وحث المؤمنات من حملة الشهادات على الانتماء الى جامعة الزهراء للعلوم الدينية التي تمثل نظاماً حوزوياً متكاملاً.. والتشجيع على صلاة الجماعة وصلاة الجمعة وتهذيب النفس وإصلاح المجتمع وغيرها.

اما في الجانب الثقافي فالتشجيع على الانفتاح على الساحة الثقافية والفكرية ودعمها والتعامل معها من خلال تنظيم ملفات دروس في المعارف الاسلامية واستضافة شخصيات علمية وفكرية وتشجيع الطاقات القادرة على الكتابة , والقاء المحاضرات في المدارس والمحافل العلمية والاجتماعية لان سماحة الشيخ يشجع على الانفتاح على كل شرائح المجتمع من اجل التعامل معها والاستماع الى آرائها ومتطلباتها ونشر قيم الفضيلة فيها.

كذلك في مجال النشاط الاجتماعي يحث سماحته على المساهمة في حل المشكلات العائلية من خلال تخصيص باحثة اجتماعية والسعي للتوفيق بين الشباب واقامة الحفلات الجماعية للزواج وغيرها من النشاطات.

اما الجانب الانساني والخدمي فيوعز سماحته الى تفقد العوائل المتعففة والارامل والمحرومين وتقديم خدمات ضرورية للمجتمع مثل فتح دروس خصوصية للطلبة،وتعليم الكومبيوتر، ومحو الامية وفتح مراكز صحية.. وفي النشاط الاقتصادي انشاء صناعات مناسبة في مقر الرابطة او في البيوت لتوفير فرص عمل، والدخول في مشاريع استثمارية والتوسط للحكومة لايجاد فرص عمل وفتح محال تجارية واسواق متخصصة بالنساء تديرها النساء.

وفي الجانب السياسي يحث سماحته على المشاركة الفاعلة للمراة في المؤتمرات واللقاءات واعداد ملاكات قادرة على العمل السياسي والترشيح للانتخابات.

وأرى ان هذا البرنامج والنظام الشامل في كل مجالات الحياة التي على المراة ان تساهم في اثرائها هو عمل مؤسساتي ضخم على الدولة العراقية ان تستثمر هذا التخطيط والتوزيع للمهام والنية الصادقة في إفادة كل ابناء المجتمع من خلال المراة الصالحة التي يعدها الاسلام للعمل المثمر في المجتمع.

وان هذا التكامل لا تتيحه الا منظومة فكرية مستندة الى مدد شرعي ولطف الهي وكذلك الى قاعدة شعبية مخلصة مستلهمة ومنفذة لهذه البرامج الاصلاحية الشاملة.

ومنذ بدء التغيير السياسي الكبير في العراق بعد سقوط النظام المباد كان هاجس سماحة الشيخ بهذا الاتجاه فيما يخص شؤون المرأة وتفعيل دورها في الحياة العراقية بشكل عام ففي تاريخ 12/8/2003 يطرح الشيخ موضوعة الاربعين حديثاً في قضايا المرأة مستثمراً حديث الرسول المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) للامام علي (عليه السلام): (يا علي، من حفظ من امتي اربعين حديثاً يطلب وجه الله عز وجل والدار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقاً) فيجعل الشيخ هذا الحديث مبعثاً ومحفزاً لنشاط ثقافي ومعرفي كبير وشامل في شؤون المراة ويعرض عدداً من قضايا المراة يمكن ان تكون محاور لفعاليات اسبوع ثقافي من ندوات ومحاضرات بحيث تصل الى الاربعين محوراً لنكون ممن عمل بالحديث النبوي الشريف ولتكون خطوة لسد هذا الفراغ.. ويذكر الشيخ بان هذا الحديث كان حافزاً لكثير من العلماء لان يؤلفوا الكثير من الكتب تحت عنوان (الاربعين حديثاً) في شتى العلوم والفنون..ولكن سماحته اراد ان يخصص هذه المرة الاربعين حديثاً في شؤون المرأة مستثمراً ذكرى مناسبة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بحيث يكون مولدها الشريف يوماً للمرأة المسلمة.

وهذه فكرة ذكية لتخليد هذا اليوم والتبارك به لان الزهراء (عليها السلام) سيدة نساء العالمين وخير قدوة للمراة المسلمة في كل نواحي حياتها ولكي تصبح هذه المناسبة تقليداً سنوياً تجدد الامة فيه النظر في قضايا المراة وما ينبغي ان تفعله لتأخذ المرأة موقعها الكريم الذي حباه الله تعالى لها.

ويقترح سماحته عناوين ومحاور للبحث فيها واثارة النقاش حولها والعلم بها وحولها : منها الاحكام المختصة بالنساء، فلسفة تشريعات المراة, قيمومة الرجل على المراة,حرية المراة وغيرها ولكي يكمل المؤمنون هذه المحاور بحيث تصل الى الاربعين عاملين بحديث النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم ).

وهذا التفعيل التشريعي والمعرفي في قضايا المراة يحرك من النشاط الثقافي والعملي في موضوع المراة ويوسع من دائرة الاهتمام الاسلامي بها في سبيل الاصلاح والرشاد والمطلوب في هذه المرحلة التاريخية.

ودفاعاً عن حقوق المراة المسلمة في كل مكان من العالم يوجه سماحة الشيخ رسالة الى الرئيس الفرنسي جاك شيراك في 11/10/2003 يطالبه فيها بالسماح للمراة المسلمة بارتداء الحجاب في المدارس والجامعات الفرنسية لانه زي المراة المسلمة الشرعي ولا تستطيع التنازل عنه, لان الحجاب يعني انتهاج السلوك النظيف والعفيف، ويُذكّره بان مريم العذراء كانت عفيفة ومحجبة وان هذا القرار لا يرضيها كما يُذكّره بان علاج الايدز يكون بالعفاف الجسدي اولاً.

كما يهتم سماحته بموضوعة المرأة المسلمة في الغرب وطريقة حياتها بحيث لا تؤثر على اخلاقها ومبادئها الاسلامية.. ففي حوار مع مجلة فيض الكوثر يجيب سماحته على اسئلة حول المراة في الغرب بين الاندماج والذوبان.. وتكمن اهمية هذا الموضوع في كون المراة المسلمة في الغرب مرآة للدين الاسلامي تنعكس عليه قضايا عدة منها قدرة هذه المراة على التعايش في الغرب بشخصيتها الاسلامية المؤمنة وكذلك قدرة الانسان المسلم الذي تمثله المراة هناك على التحاور والتعايش مع الاديان والثقافات الاخرى وكذلك تعكس هذه المراة قدرة المراة المسلمة على تقديم الانموذج النسوي الحضاري بشخصية مستقلة ومؤثرة ايجابياً في المراة الغربية من خلال الاندماج الفاعل والعاكس لكل القيم والمثل الاسلامية العليا.

فلنستمع الى آراء سماحة الشيخ بهذا الشان وهو يفرق بين الاندماج والذوبان في المجتمعات الغربية (وتتسع قائمة مستحقات الذوبان حتى لا تبقى من عناصر شخصية المسلم الا القشور التي تركن في زاوية مظلمة، اما الاندماج فهو معنى مطاط ويمكن ان يعني حالة من التعايش الايجابي المشترك من دون الغاء خصوصيات الهوية الاسلامية..) لكنه يستدرك (وهم لا يتركوننا ان تركناهم) مستشهداً بالآية الكريمة (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) البقرة.

وكان سماحته قد انتقد برنامجاً بعنوان (للنساء فقط) بثته قناة الجزيرة يتطرق الى هذا الموضوع، موضوع المرأة المسلمة في الغرب قائلاً (من الخيانة ان يلقي هذه الشبهات في اذان المجتمع دون جواب ودون ان يستضيف علماء دين ومفكرين واختصاصيين مخلصين وواعين..) وهو انتقاد لاذع للاعلام الذي يناقش بعض القضايا المهمة من وجهة نظر واحدة دون تفعيل الراي بالمختص شرعياً او علمياً بها.

ان سماحة الشيخ يركز على موضوعة المراة ويعدها من اولويات اهتمام المرجعية للاسباب التي ذكرناها سابقاً ويعد لها برامج عمل نظرية وعملية تحصن المراة شرعياً من الانزلاق في شراك النفس الامارة بالسوء , ويهيء لها خط سير واضح المعالم والتفاصيل من خلال منظومة معرفية وعملاتية منسقة بتخطيط مؤسساتي يصلح دليلاً اسلامياً ومرشداً واعياً ومعتمداً للمراة المسلمة من ناحية, ودليل عمل وتنظيم لشؤون الحياة انطلاقاً من تنظيم لشؤون المرأة - ام الحياة - من ناحية ثانية, يكون هذا الدليل صالحاً للدولة لكي تأخذ به وتستثمر التوسع فيه والتنظيم الشرعي والعلمي له لصلاحيته الفعالة للعمل به في كل مجتمع اسلامي او لنقل في أي مجتمع انساني لانه يضمن حقوق المراة ويدافع عنها ويحصنها , وكذلك يوضح واجبات المراة والامكانية الواقعية التي تجعل من المرأة عنصراً فاعلاً وايجابياً يضيء المكان الذي يوضع فيه.

ولا سيما دورها في العراق الجديد بعد ان انفتحت آفاق جديدة للمراة عبر المشاركة في كل الفعاليات الأنسانية.

ولان المراة هي عنصر التربية المهم في المجتمع , كذلك ان نسبة تعداد النساء في المجتمع العراقي اكثر من نسبة الرجال كما هو معلوم...