المستوى الحوزوي

| |عدد القراءات : 9465
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

من عطاء المرجعية الرشيدة

 

المستوى الحوزوي



يرى سماحة الشيخ (دام ظله) ان المشروع الحوزوي يحتوي على الكثير من النقائص سواء في النظام والترتيب والادارة او في المواد والمناهج الدراسية كما يرى قصورها عن مواكبة تحديات العصر واستيعاب ثقافاته ومواجهة المد الحضاري الذي يستهدف ثقافة المجتمع المسلم واخلاقه وتقاليده، لذلك بادر سماحته (دام ظله) الى معالجة تلك النقائص والتقصيرات وتطوير الحوزة العلمية بما يجعلها قادرة على اداء المسؤوليات الملقاة على عاتقها بافضل صورة.
فكان لسماحة الشيخ (دام ظله) العديد من الاعمال في هذا المجال، نذكر ابرزها في النقاط الاتية:

1-
استمراره بقيادة مشروع جامعة الصدر الدينية، هذا المشروع الحوزوي الكبير الذي نظ`ـر له السيد الشهيد الصدر الاول (قد)، واوجده على ارض الواقع السيد الشهيد الصدر الثاني (قد)، اما سماحة الشيخ (دام ظله) فقد تقلد منصب العميد لهذه الجامعة في زمن السيد الشهيد الصدر الثاني (قد) بعد ان احاطت بالمشروع الكثير من العوائق والاشكالات، فتسلم سماحته الجامعة وبدأ بتخطي هذه الاشكالات عمليا ً واسس نظاما ً اداريا ً ناجحا ً لها وعين الاساتذة الكفوئين وحدد المناهج الدراسية الملائمة لهذه الطبقة من طلبة العلوم الدينية والذين يحملون الشهادات الاكاديمية ويتميزون بالوعي وعمق التفكير.
واستمر سماحته بالعناية والمتابعة لهذا المشروع الكبير في جميع مفاصله وجزئياته بعد رحيل استاذه الشهيد الصدر (قد)، حيث تعرضت الجامعة لظروف امنية قاهرة على ايدي جلاوزة النظام الذين حاولوا افشال المشروع كونه المعلـَم الوحيد الذي بقي عقب استشهاد السيد (قد) بعد ان منعوا اقامة صلاة الجمعة وغلقوا البراني، لكن سماحة الشيخ (دام ظله) بشجاعته وحكمته استطاع ان يقف بوجه هؤلاء وان يحافظ على كيان الجامعة حتى بائت مخططاتهم بالفشل.
وقد كان هذا العمل انجازا ً عظيما ً في ذلك الوقت العصيب ومن ثم واصل (دام ظله) رعايته لطلبة الجامعة حتى اصبح ابا ً روحيا ً لهم، وهم متعلقون به وملتزمون بتوجيهاته ووصاياه فكان يزورهم بين الحين والاخر ويستمع اليهم ويحل مشاكلهم ويلقي عليهم المحاضرات الدينية في الوعي الاسلامي والاخلاق الفاضلة.
اما بعد سقوط الطاغية فقد بدأ سماحته (دام ظله) بتوسيع دائرة هذا المشروع خارج مدينة النجف وذلك بفتح فروع متعددة لها في بغداد والمحافظات الاخرى حتى ناهز عدد فروعها العشرون، حيث يدرس فيها مئات الطلبة من الأكاديميين والمثقفين والواعين، وهو مستمر برعايته الابوية لجميع الفروع, ولا زال سماحته بصدد توسيع فروع هذه الجامعة لتشمل جميع محافظات العراق بل حتى خارج العراق.
فما اجله من عمل وما اعظمه من مشروع سوف يكون له الاثر الكبير في نشر الفكر الاسلامي عندما يتخرج منه في كل سنة مئات من المفكرين والمبلغين والخطباء لينتشروا في المجتمع يعظون ابناءه ويربونهم بالتربية الاسلامية الاصيلة التي ارادها الله لهم ورسوله والائمة ، ولا نريد الخوض في تفاصيل هذا المشروع وجزئياته فانها موكولة الى كتاب (جامعة الصدرالدينية:الهوية والانجازات) وكتاب (المعالم المستقبلية للحوزة العلمية).

2-
استخدامه العلوم العصرية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء في الاستنباط الفقهي للاحكام الشرعية، حيث استفاد سماحته من هذه العلوم في حل الكثير من الاشكالات الفقهية، وتوصل باستخدامها الى نتائج لم يتوصل اليها من سبقه من العلماء ويظهر هذا جليا ً في بعض مؤلفاته كـ (الرياضيات للفقيه) و(القول الفصل في احكام الخل).
فيرى سماحته (دام ظله) ان العلوم ترتبط ببعضها ارتباطا ً وثيقا ً بحيث يتطلب التخصص في علم ما الاحاطة بما - يناسب - بمجموعة من العلوم الاخرى تؤخذ على نحو المبادئ التصورية او التصديقية، وعلم الفقه هو احد صغريات هذه القاعدة فلا بد ان يحتاج الفقيه لكي يبدع في اختصاصه الى الالمام بعلوم عديدة.
ولا زال سماحته سائرا ً على هذا النهج محاولا ً الربط بين العلوم العصرية والعلوم الدينية لما يراه من النتائج العظيمة التي يمكن تحصيلها كأكتشاف الكثير من اسرار التشريع الالهي وحكمه ومصالحه مما يساعد على تثبيت الايمان في نفوس شريحة معتد بها في المجتمع وهي تلك التي تؤمن بالنتائج العملية، وكذلك امكان تحصيل نتائج ومعلومات مهمة لا يستطيع الفقيه المجرد من هذه العلوم تحصيلها والتوصل اليها.
وكذلك يرى سماحته ان العالم الديني الذي يملك هذه الادوات المتعددة من العلوم يكون تأثيره في المجتمع اكبر وفهمه للواقع المعاش اوسع ورؤيته انضج كما ان تلقي الناس منه واقبالهم عليه يكون افضل حينما يعلمون شهادته العلمية، ومما تجدر الاشارة اليه في هذا الصدد هو ان سماحة الشيخ (دام ظله) حاصل على شهادة اكاديمية عالية (بكالوريوس هندسة مدنية) والتي كان لها اثر كبير في صقل شخصيته العلمية وفي عمق تفكيره حتى انه تجاوز مراحل الدراسة الحوزوية بكل سهولة.
كما كان لها اثرها في توجهه نحو استخدام العلوم العصرية في الاستنباط الفقهي الذي كان له دوره في توجه الحوزة نحو التجدد والانفتاح على العلوم الاخرى وهذا ما نراه واضحا ً في مناهج جامعة الصدر الدينية.

3-
احياءه للتراث الفكري لاستاذه السيد الشهيد الصدر الثاني (قد)، فبحكم علاقته الوثيقة مع السيد (قد) التي بدأت بالعلاقة الروحية المتمثلة بالمراسلات السرية في منتصف الثمانينات ومن ثم العلاقة المباشرة والتي تطورت فيما بعد الى علاقة الطالب باستاذه، فقد حصل سماحته على الكثير من العلوم والمعارف العقلية والالهية التي كان السيد (قد) يغذيه بها مما لم يطلع عليه احد غيره حيث ان الظروف المعاشة انذاك لم تكن تسمح بنشر تلك الافكار.
ولكن ما ان زال الظالمون وزال ظرف التقية حتى بادر سماحة الشيخ (دام ظله) الى اخراج تلك الافكار والمعارف من عالم الكتمان الى عالم الوجود والانتشار من خلال اعادة تنظيمها وطباعتها ونشرها في سلسلة من الكتب حملت تسمية (سلسلة مالم ينشر من تراث السيد الشهيد الصدر الثاني( قد)).
وقد اكمل سماحته الى حد الان خمسا ً منها وهي: 1- حديث الروح مع الشهيد الصدر الثاني / ج1.
2-
حديث الروح مع الشهيد الصدر الثاني / ج2.
3-
تعليقة على منهاج الصالحين للسيد الخوئي.
4-
نظرة في فلسفة الاحداث.
5-
قناديل العارفين.
ولا زالت هذه السلسلة مفتوحة لنشر كتب اخرى، وهذه الكتب تحتوي على معارف مفيدة جدا ً لا سيما في الوقت الحاضر ونحن نمر بهذا الصراع مع قوى الغرب الكافرة، وبالخصوص كتاب (نظرة في فلسفة الاحداث) فانه يمثل خلاصة رأي السيد ونظرته حول تحرك القوى السياسية العالمية الكبرى (امريكا واسرائيل وحلفائهم) ومن هو المحرك الاساسي لها وما هي اساليبهم ومخططاتهم في السيطرة على العالم سياسيا ً وفكريا ً واقتصاديا ً ولا نريد التفصيل اكثر لان الكتاب موجود وهو من الكتب الثمينة والمفيدة للمؤمن الرسالي.
واما كتاب (قناديل العارفين) فانه يحتوي على الكثير من المعارف الالهية والنفحات العرفانية والتوجيهات الاخلاقية العالية التي يحتاجها الانسان الماضي في طريق الجهاد الاكبر ومحاربة النفس الامارة بالسوء والرقي في درجات الكمال والقرب الالهي.

4-
تصديه لملأ الفراغ المرجعي والابوي الحاصل بعد استشهاد السيد الصدر(قد) وقيامه ببعض المسؤوليات التي كان يؤديها (قد) شعورا ً منه باهمية هذا العمل الذي يحفظ كيان الحوزة ويحفظ علاقته بالمجتمع والتي بلغت ذروتها في مرجعية السيد الشهيد (قد)، فكان سماحة الشيخ (دام ظله) يجيب على المسائل ويلقي المحاضرات الواعية في المناسبات الدينية ويدرس العلوم الحوزوية العالية كدرس الكفاية الذي اكمله بعد استشهاد السيد (قد) حتى تأهل عدد كبير من طلبة السيد (قد) الى مرحلة البحث الخارج وقد كان سماحته (دام ظله) بارعا ً في تدريس هذه المادة حتى قيل عنه بانه اكفأ من يدرس الكفاية في النجف الاشرف.
كما انه كان يرعى ويدير جامعة الصدر الدينية ويُصدر الكتب النافعة ويرعى عوائل الشهداء الى غيرها من الاعمال التي تبناها سماحته انذاك، ولكن هذا العمل لم يكن بمسمع ومرئى الجميع الا انه كان عملا ً جبارا ً في ذلك الوقت وكان يكلفه الكثير من الخطورة من قبل جلاوزة البعث الكافر.



5-
القاءه الدروس العالية في البحث الخارج وهي اعلى مرحلة دراسية في النظام المعمول به في الحوزات العلمية حيث يتم تأهيل الطلبة لنيل درجة الاجتهاد وقد حضر بحثه العشرات من اساتذة وفضلاء الحوزة العلمية في النجف الاشرف، وقد اختار سماحته (دام ظله) موضوعا ً لبحثه (بحوث استدلالية في مسائل خلافية)، حيث يساهم هذا البحث في تنشيط الحركة العلمية وترقية اساتذتها. وقد باشر به في بداية شهر شعبان من عام 1427 ولا زال مستمرا ً به.
6 -
تأسيسه لمشروع جماعه الفضلاء, ان هذا المشروع كثيرا ً ما لاقى من الطعن والاعتراض من بعض ابناء مجتمعنا من دون ان يحملوا فكرة عنه او عن اهدافه او اغراض تأسيسه، لكن سماحه الشيخ (دام ظله) اوضح في مناسبات عديدة الاسباب التي دعته الى تأسيس هذا المشروع, ففكرة الجماعة مرتبطة بمتطلبات المرحلة الراهنة التي نعيشها بكل ما تتضمنه من تحديات واخطار بحيث لا يستطيع فرد او جهة مهما كثر عدد افرادها ان تنهض بها بل لابد من تظافر الجهود واجتماع القلوب والانتقال من العمل الحوزوي الفردي الى العمل المجموعي المؤسساتي وهذا ما لايرفضه عاقل.
كما انها خطوة لتوحيد الحوزة وتوحيد مواقفها ازاء القضايا العامة والمصيرية التي تواجه الامة، كما انها أسست لتضم فضلاء واساتذة من جميع الجهات المرجعية بحيث يصبح لها كل الحق في ان تتحدث باسم الحوزة وتعبر عن مطالبها، كما يمكن عن طريق هذا التشكيل استقطاب الطاقات والكفاءات والنخب المثقفة وجعلهم ضمن اطار ينتمون اليه وبالتالي عدم انخراطهم في الاحزاب والتنظيمات غير المرتبطة بالحوزة وهذا يؤدي الى ضياعهم وتشتتهم، فأي اهداف اعظم وانبل من تلك الاهداف التي دعت سماحة الشيخ (دام ظله) الى هذا التأسيس، هذا مضافـا ً الى الانشطة المتعددة التي يمكن ان تمارسها الجماعة على المستوى الثقافي كنشر الكتب والنشرات التي تزيد من وعي الامة وتنبهها على الاخطار المحدقة بها، وعلى المستوى الاعلامي كاصدار الصحف والمجلات والاقراص لتثقيف الامة.
وعلى المستوى الاجتماعي كرعاية اسر الشهداء وقضاء حوائج المؤمنين وتزويج الشباب وعلى المستوى الديني كانشاء الجوامع والحسينيات واقامة صلاة الجمعة والشعائر الدينية وعلى المستوى الحوزوي كفتح حوزات علمية لتدريس مختلف العلوم الاسلامية كما يمكنها احاطة المرأة والطفل برعاية خاصة واعداد مناهج الدراسة وبرامج عمل لتوعيتهم وتربيتهم, هذا بالاضافة الى الانشطة السياسية التي يمكن ان تمارسها الجماعة، كما ان الجماعة لها العديد من الفروع في مختلف الاقضية والنواحي في اغلب المحافظات العراقية .