الرياضة المهذَّبة في الإسلام

| |عدد القراءات : 3974
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرياضة المهذَّبة في الإسلام (1)

 

يتصور البعض ان موقف الشارع المقدس من الرياضة سلبي مطلقاً، وهذا التصور خاطئ ولعل منشأه سوء فهم هذا الموقف من الالعاب الرياضية وقد قلنا مراراً ان جوهر الكثير من مشاكلنا هو ثقافي أي في فهم الافكار والمعاني بالشكل الصحيح ، فاذا خُلطت الاوراق وحُرِّفت الكلمات عن معانيها الحقيقية حصلت الشبهات والفتن والضلالات وسيق الناس للوقوع فيها ، كالعنف والارهاب الذي يساق اليه الجهلة والغوغاء والمتحجرون بتحريف كلمات القرآن واحكام الشريعة عن معانيها.

 

فالشارع المقدس هذّب حالة الرياضة ونقّاها من الممارسات المنافية لمبادئه العامة وهذا لايعني رفض الحالة كلياً ، كما انه هذّب حالة تناول الطعام أو العلاقة الزوجية او حالة التخلي فجعل لها محرمات و مكروهات وهذا لايعني الغاءها بالمرّة وهي حاجات حياتية وإنما هو تهذيب للحالة وتنظيمها لتقع في طريق التكامل وتنتج السعادة والفلاح للانسان في الدنيا والاخرة.

 

وهكذا فقد وُضعِت في الاسلام حدودً للرياضة المنتجة والمثمرة ومنها :

 

1.  ان تكون عقلائية أي تساهم في تحقيق الاهداف الانسانية التي تطلب من ممارسة الرياضة ولذا تحرم رياضة الملاكمة الضّارة بالانسان وقيادة السيارات الموجبة للهلاك ومصارعة الثيران ونحوها وان مجرد تحقيق الاثارة للمشاهدين لا يُعدُّ مبرراً كافياً لممارستها.

 

2.    ان لا تتضمن محرمات مخالفة لاحكام الشريعة كظهور النساء بوضع غير محتشم أو مثير للفتنة .

 

3.  ان لا تؤدي الى تفويت الواجبات سواء كانت فردية كالصلاة أو أجتماعية كأعمار البلاد و اِصلاح الفساد واِقامة العدل واِنصاف المظلومين ، فلا يصح أن تنشغل الشعوب بأهداف كرة القدم عن أهدافها الحقيقية ، وقد سمعنا في حينها أن سبب نكسة حزيران عام 1967 كانت انشغال الشعب المصري بكرة القدم وأم كلثوم.

 

4.  أن لا تسبب في إحداث امور نهى الشارع المقدس عنها كإزهاق الارواح وهدر الاموال وحصول التفرقة والتناحر بين ابناء المجتمع بسبب التعنصر لهذا الفريق او ذاك والوقوع في محرمات كالغيبة والمهاترات الكلامية وغيرها.

 

وإنما جعلت هذه الضوابط لان الله تبارك وتعالى كرّم الانسان وفضلّه على كثير ممن خلق وجعله خليفته في الارض وطلب منه إعمار الحياة لذا فان الله تبارك وتعالى يريد أن ينزّه الانسان عن كل مالا يناسب هذا التكريم فضلاً عمّا يؤدي الى عرقلة حركته نحو الكمال ،قال تعالى{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}(الإسراء:70)، وقال تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}(البقرة:30) ، وقال تعالى {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ}(هود:61).

 

أما اذا كانت ممارسة الالعاب الرياضية ضمن الاطر العامة التي وضعها الشارع المقدس فلا بأس بها بل حثّ على جملة منها كالسباحة وركوب الخيل والعدو والرماية باعتبارها انواعاً متداولة يومئذٍ ويشمل الاستحباب كل انواع الالعاب التي تساعد على بناء جسم صحيح الذي يكون خير معين على طاعة الله تبارك وتعالى والسعي لمرضاته كما ورد في الدعاء (اللهم أجعل قوتي في طاعتك ،ونشاطي في عبادتك ) ومن طرق تحصيل القوة والنشاط ممارسة الالعاب الرياضية النافعة .

 

هذا إضافة الى ما توفره الالعاب الرياضية من فوائد روحية واجتماعية وتدريب على العمل الجماعي وتحقيق الانسجام والوحدة والتكاتف وتذويب الخلافات والشفافية في التعامل حتى ضرب المثل لمن يكون شفافاً وعلاقته طيبه مع الاخرين أنه يمتلك روحا رياضيه.

 

اننا نفهم ان المنهمكين في الحياة المادية والساعين وراء اشباع شهواتهم ونزواتهم والنهمين في جمع المال يتفننون في ابتكار رياضات وفعاليات أخرى لا قيمة لها سوى شد الناس وجذبهم للاستمرار في استدرار اموالهم فما إن يأفل نجم رياضة ويعزف عنها الناس حتى يبتكروا غيرها وربما كان بعضها يشبه افعال المجانين لا العقلاء .

 

وتوجد خلفهم مؤسسات تخدم مصالح استكبارية تريد للشعوب أن تبقى غافلة لاهية مشغوله عن قضاياها المصيرية وأهدافها الحقيقية ولا يلتفتون الى مكائد المستكبرين ونهبهم لثروات الشعوب فعلى هذه الشعوب ان لا تنخدع بهم.

 

وعلى أي حال فعليكم أن توجهوا ممارسة الالعاب الرياضة في الاتجاه الصحيح وتستثمروها لتحقيق الفوائد التي ذكرناها ، وقد جعلت المرجعية جزءاً من مشروعها لدعم هذا الاتجاه ، لان فيه إضافة الى ماذكرنا احتضانا للشباب وتصريفا لطاقاتهم الكامنه الوثّابة التي يجب أن يفكّر المسؤولون والمربّون في إيجاد المنافذ المفيدة لا ستيعابها .

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

(1) تقرير بتصرف لكلمة سماحة الشيخ اليعقوبي مع مجموعة من رياضيي مدينة الصدر ببغداد زاروا سماحته يوم 13/ذي الحجة/1428هـ المصادف 24/12/2007م.