سُبل السلام (رسالة عملية تبيّن المهم من أحكام الشريعة بأسلوب عصري)/ ح14
سُبل السلام (رسالة عملية تبيّن المهم من أحكام الشريعة بأسلوب عصري)
الفصل الرابع: فيما يعتبر في التيمم
يشترط في التيمم نية القربة والإخلاص على ما تقدم في الوضوء مقارناً بها الضرب على الأظهر.
(مسألة- 424) لا تجب في التيمم نية البدلية عن الوضوء أو الغسل مادام التيمم بنحو واحد بدلاً عن أي منهما. بل تكفي حينئذ نية الأمر المتوجه إليه. والأفضل أن يعيّن المبدل عنه حينما يكون الأمر متعدداً كما في حالة الإستحاضة المتوسطة.
(مسألة- 425) الأقوى أن التيمم ليس مبيحاً للدخول فيما اشترطت فيه الطهارة فقط بل هو رافع للحدث حال مشروعيته أي حال وجود مسوغاته فلا يحتاج الى تكراره في كل عمل مشروط بالطهارة مالم ينقضه لكن لا تجب فيه نية الرفع ، ولكن الاحوط أن ينوي فيه تهيئة مقدمات الدخول في احد الأفعال المشترطة بالطهارة ولو استحباباً، كقراءة القرآن. فإنه لم يثبت مشروعية التيمم للكون على الطهارة الا اذا كان عاجزاً عن تحقيق هذه الحالة بالماء كمن يستيقظ أثناء النوم ويريد أن يحافظ على النوم متطهراً فيتيمم بالضرب على الفراش ونحوه لكن العجز المسوّغ لهذه الحالة لا ينطبق على العجز المسوّغ للصلاة ونحوها.
(مسألة- 426) يشترط فيه المباشرة والموالاة حتى فيما كان بدلاً عن الغسل، ويشترط فيه أيضاً الترتيب على حسب ما تقدم.
(مسألة- 427) من قطعت إحدى كفيه أو كلتاهما يتيمم بالذراع. ومن قطعت إحدى يديه من المرفق يكتفي بضرب الأخرى أو وضعها والمسح بها على الجبهة ثم مسح ظهرها بالأرض ، وأما اقطع اليدين من المرفق فيكفيه مسح جبهته بالأرض وقد مرّ حكم ذي الجبيرة والحائل في المسالة (422).
(مسألة- 428) العاجز ييممه غيره ، ولكن يضرب بيدي العاجز ويمسح بهما مع الامكان. ولو دار الأمر بين وضع يدي العاجز بنفسه وضربها بغيره ، قدم الأول ، وإن كان الاحوط الجمع رجاء. ومع العجز عن ذلك يضرب المتولي بيدي نفسه ويمسح بهما وجه العاجز ويديه وتكون النية للعاجز على أي حال ، و الاحوط في الصورة الأخيرة ضم نية المتولي أيضاً . ويجب تحصيله مهما زاد الثمن ، ما لم يكن مضراً بحاله.
(مسألة- 429) إذا كانت للإنسان يدٌ زائدة مشتبهة باليد الأصلية وجب الجمع بين المسح بهما معاً والمسح عليهما كذلك، وإذا لم تكن مشتبهة بها لم يجب المسح بها ولا عليها، وأما إذا كان في مواضع التيمم لحم زائد فان كان في الممسوح مسح عليه. وان كان في الماسح مسح به.
(مسألة- 430) الشعر المتدلي على الجبهة يجب رفعه ، سواء كان قليلاً أو كثيراً ، ثم مسح البشرة تحته. و امّا النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسحه.
(مسألة- 431) إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة ، وإن كانت المخالفة لجهل أو نسيان. أمّا لو لم تفت صح إذا أعاد على نحو يحصل به الترتيب.
(مسألة- 432) الخاتم ونحوه حائل عن البشرة ، يجب نزعه حال التيمم.
(مسألة- 433) الاحوط وجوباً اعتبار إباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمم. وإذا كان التراب في إناء مغصوب لم يصح الضرب عليه.
(مسألة- 434) إذا شك في جزء منه بعد الفراغ لم يلتفت ، ما لم يكن هو الجزء الأخير فإنه يأتي به ما لم تفت الموالاة أو لم يدخل في عمل آخر غيره. ولو شك في جزء منه بعد التجاوز عن محله والدخول في الفعل الآخر لم يلتفت كما لو شك في مسح جبهته بعد أن بدأ بمسح ظهر يده اليمنى وإن كان الاحوط استحباباً التدارك.
الفصل الخامس: في أحكام التيمم
لا يجوز التيمم لصلاة موقتة قبل دخول وقتها نعم يمكنه التيمم بنية أخرى كما تقدم في مسألة (425) ولو بقي العذر إلى حين دخول وقتها جازت الصلاة به ويجوز التيمم عند ضيق وقتها. وفي جوازه في السعة إشكال والأظهر الجواز مع اليأس عن التمكن من الماء ، أو أن يأتي به وبالصلاة رجاء المطلوبية فلو اتفق التمكن من الماء بعد الصلاة وجبت الإعادة.
(مسألة- 435) إذا تيمم لصلاة فريضة أو نافلة لعذر ثم دخل وقت أخرى. فإن يئس من التمكن من الطهارة المائية جاز له المبادرة الى الصلاة في سعة وقتها وإلاّ ففيه إشكال إلا أن يأتي بها رجاء. فإن تبين استمرار العجز صحت صلاته، وإلاّ فعليه الإعادة، والاحوط ذلك لليائس أيضاً.
(مسألة- 436) إذا وجد الماء في أثناء العمل المتوقف على الطهارة كالصلاة، بطل عمله، وعليه الاستئناف بعد تجديد الطهارة المائية إن كان في الوقت سعة وإلا استمر بعمله بالطهارة الترابية
(مسألة- 437) المحدث بالأكبر يتيمم بدل الغسل ويجزيه عن الوضوء مطلقاً كالغسل نفسه. فإن أحدث بالأصغر وكان معذوراً عن الوضوء تيمم له. وإن لم يكن معذوراً توضأ. ولا ينقض التيمم بدل الغسل إلاّ بحدث اكبر.
(مسألة- 438) لو اجتمعت أسباب متعددة للحدث الأكبر كفاه تيمم واحد بدل الغسل بنية الجميع . وإذا كان احدها الجنابة أو الحيض فليذكرها في نيته على الاحوط استحباباً.
(مسألة- 439) لم يثبت بدلية التيمم عن الاغسال المستحبة، كما لم يثبت كونه مستحباً استقلالياً كالوضوء، فالاحوط أن لا يؤتي به بهذه النية، ونحوها نية الكون على الطهارة. وسنشرح مشروعية البدلية في المسالة (443) آلاتية بأذن الله تعالى.
(مسألة- 440) لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء أو الغسل إذا كان منحصراً بعد دخول الوقت. وإذا تعمد ذلك أثم ووجب عليه التيمم مع اليأس من الماء وأجزأ ولو تمكن بعد ذلك منه وجبت عليه الإعادة في الوقت على الاحوط دون خارجه.
(مسألة- 441) إذا كان على وضوء خلال الوقت، لا يجوز له إبطاله إذا علم بعدم وجود الماء وانتقال الوظيفة إلى التيمم. ولو أبطله والحال هذه أثم ووجب عليه التيمم.
(مسألة- 442) لا يجوز تعمد إيجاد الحدث الأكبر خلال الوقت إذا علم بفقد الماء، إلاّ أن يأتي أهله. والاحوط تجنب الإنزال بغير الجماع حينئذ ولو أحدث والحال هذه وجب عليه التيمم. وامّا قبل الوقت ولو قليلاً فلا إشكال في تعمد الحدث ولو علم بفقد الماء في الوقت.
(مسألة- 443) يشرع التيمم لكل عمل مشروط بالطهارة من الواجبات والمستحبات من الصلوات وغيرها سواء كانت اشتراطه اصلياً أو بالنذر ونحوه. وكذا كل ما يتوقف كماله على الطهارة إذا كان مأموراً به ولو استحباباً بدليل معتبر. كقراءة القرآن والأدعية والكون في المساجد والمراقد المقدسة. امّا مالم يثبت بدليل معتبر، فلا يستباح به غير ذلك العمل على الاحوط أي ليس له الدخول في الصلاة مثلا بذلك التيمم وكذا الحكم في ما يحرم على المحدث من دون أن يكون مأموراً به، كمس كتابة القرآن وقراءة آيات السجدة والمكث في المساجد.
(مسألة- 444) إذا تيمم المحدث لغاية جازت له كل غاية وصحت منه. فإذا تيمم للصلاة، جاز له دخول المساجد والمشاهد وغير ذلك مما يتوقف صحته أو جوازه على الطهارة. نعم لا يجزي ذلك فيما إذا تيمم لضيق الوقت فانه مع ارتفاع العذر بزوال هذا الضيق تتبع الحالة الجديدة حكمها لو تيمم لصلاة الصبح لضيق الوقت فانه بعد أدائها وشروق الشمس عليه أن يرتب حكم حالته في ذلك الوقت من وجود مسوّغ للتيمم ونحوه.
(مسألة- 445) المستحاضة الفاقدة للماء تتيمم بدل الوضوء أو بدل الغسل حسب تكليفها. نعم، لو ارتفع عذرها عن الغسل بعد التيمم والصلاة، فالاحوط لها الاغتسال للصلاة الأخرى إذا كانت لوقت آخر. فالمستحاضة المتوسطة إن تيممت لصلاة الصبح بدل الغسل، ثم وجدت الماء للظهرين وجب عليها الغسل. وأمّا إذا كانت الصلاة لنفس الوقت فالاحوط تجديد الغسل والصلاة. كالمستحاضة الكبيرة إذا تيممت للظهر وصلت ثم وجدت الماء.
(مسألة- 446) ينتقض التيمم بمجرد التمكن من الطهارة المائية، ويتحقق ذلك بوجدان الماء الكافي في الوقت الكافي لإيجاد الطهارة المائية.
(مسألة- 447) إذا وجد الماء من تيمم تيممين بدل الغسل وبدل الوضوء، وكان كافياً للوضوء خاصة انتقض تيممه الذي هو بدل عنه. وإن كان كافياً للغسل انتقض كلا التيممين على الاحوط.
(مسألة- 448) إذا وجد جماعة متيممون ماء لا يكفي إلاّ لاحدهم، فإن كان ملكاً لاحدهم أو ما بحكمه كما لو أباحه له المالك انتقض تيممه خاصة. وإن كان الماء مباحاً لهم جميعاً فيجب عليهم السعي للحصول عليه فإن لم يتيسر أن يتوضأ احدهم لم يبطل تيممهم جميعاً، وإن تيسر ذلك لم يبطل تيمم الآخرين. وان سعى واحد وتخلف الباقي بطل تيمم السابق. وإن لم يسعوا إليه بطل تيمم الجميع. إلاّ أن الاحوط مع عدم حصول الحدث هو التيمم رجاء المطلوبية. ولا فرق في إباحة هذا الماء بين الإباحة الأصلية أو إباحة المالك.
(مسألة- 449) إذا اجتمع جنب ومحدث بالأصغر وميت، وكان هناك ماء لا يكفي إلاّ لاحدهم فإن كان مملوكا لاحدهم أو بحكم المملوك له تعين صرفه لنفسه. وإلّا فيجب على الجنب والمحدث بالأصغر السعي لتحصيل التمكن من استعماله في تكليف السابق منهما ولو كان ولي الميت المأمور بتغسيله غيرهما وجب عليه السعي معهم.
(مسألة- 450) إذا شك بوجود حاجب في بعض مواضع التيمم، فحاله حال الوضوء والغسل. من أن الحاجب هل هو مسبوق بالوجود أو العدم فيستصحب حالته السابقة. أو ليس كذلك فيجب الفحص حتى يحصل له الاطمئنان بالعدم مما تقدم به في باب الوضوء.
المبحث السادس: الطهارة من الخبث
وفيه فصول
الفصل الأول: في تعداد الأعيان النجسة
وهي عشرة:
الأول والثاني: البول والغائط من الإنسان ومن كل حيوان برياً كان او بحرياً، سواء أكان خروجهما من القُبُل والدُبُر أو من غيرهما بصورة اعتيادية أو غير اعتيادية، ويستثنى من ذلك فضلات ثلاث أصناف من الحيوان:
1- الحيوان المأكول لحمه شرعاً، سواء كان من الطيور أم من سائر الأصناف، كالغنم والبقر والإبل والخيل والبغال والدجاج وغير ذلك، شريطة أن لا يصبح جلّالاً بالعيش على العذرة وإلا حرم أكله وأصبحت فضلاته نجسة مادام متصفاً بالعنوان وكذلك البهيمة التي وطأها الإنسان.
2- الطيور بكل أصنافها من المأكول وغيره والاحتياط بالبناء على نجاسة فضلات غير المأكول حسن.
3- الحيوان الذي ليس له نفس سائلة وسيأتي شرحها بأذن الله تعالى.
(مسألة- 451) ما يشك في انه له نفس سائلة محكوم بطهارة فضلاته. وكذا ما يشك في انه محلل الأكل أو محرمه.
(مسألة- 452) حيوانات البحر مشمولة لنفس الحكم. فما كان منها مأكولاً أو ليس له نفس سائلة أو يشك في ذلك ، فهو طاهر البول والخرء. وإلّا فهو نجس.
(مسألة- 453) ما يكون حشرة مشمول لنفس الحكم سواء الطائر منها والماشي. فإنها جميعاً محرمة الأكل ، فما كان منها ذو نفس سائلة كالفأرة ، فبوله وخرؤه نجس دون ما يشك به أو يعلم بعدمه. وكذلك الحال في الأفاعي والزواحف وأمثالها.
(مسألة- 454) المراد بالنفس السائلة ما يخرج الدم عند قطع أوداجه بتدفق ولو قليلاً. وأمّا ما يكون بتقاطر ورشح فليس له نفس ، فضلا عما ليس له أوداج ، كأكثر الحشرات والزواحف وحيوانات البحر. فضلاً عما ليس له دم أو ليس له لحم عرفاً ، كالقشريات والحشرات وغيرها.
(مسألة- 455) الإنسان بكل أصنافه محرم الأكل وله نفس سائلة فبوله وخرؤه نجسان.
الثالث: المني من كل حيوان له نفس سائلة وان حل أكل لحمه، وأمّا مني ما لا نفس له سائلة فطاهر، والمني هو مادة التوالد وإن لم يكن على شكل مني الإنسان ، كما لو كان اخف أو ارق منه فيشمله الحكم على الاحوط.