لتعرف المرأة مكانتها العظيمة حتى لا تُخدَع
بسمه تعالى
لتعرف المرأة مكانتها العظيمة حتى لا تُخدَع[1]
للمرأة مكانه عظيمة في الإسلام حيث اعتبرها من أعظم نعم الله تعالى، بحيث قرنتها الأحاديث الشريفة مع نعمة الإسلام التي هي الأعظم على الإطلاق لأن فيه سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، روى الإمام الصادق (A) عن آبائه عن رسول الله (صلوات الله تعالى عليهم أجمعين) قال: (ما استفاد أمرؤ مسلم فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله)[2].
والمرأة من نعم الجنة التي زيّن الله تعالى بها الدنيا وقد مرّ بي حديث شريف مضمونه ((أن الله تعالى جاء ببعض نعم الجنة إلى الدنيا ليتذوقوها فتشتاق نفوسهم إلى الجنة)) ويندفعون إلى العمل الصالح الذي يوصلهم إليها، وقد صرّح القرآن الكريم كثيراً بأن الحور العين من نعم الجنة فتكون مصداقاً لهذا الحديث الشريف.
وكيف لا تكون كذلك وهي تمارس أعظم وظيفة وهي صناعة الإنسان أي أنها تشبه وظيفة القرآن الكريم من هذه الناحية، وحينما يفتخر الإنسان بأنه ألّف كتاباً أو أبدع شيئاً أو أبتكر نظرية علمية وتقام احتفالات لتكريمه، فإن المرأة أولى بهذا الاهتمام لأنها تصنع أهم عنصر في الموجودات وهو الإنسان، وكمؤشر لعظمة المرأة فقد جعل الله تعالى نسل نبيّه الأكرم محمد (J) كله من امرأة وهي الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء ($)، ووصفها بالكوثر لأن منها الخير الكثير وأمتنّ الله تعالى على نبيه الكريم (J) بها فقال: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر : 1] وكان في هذا كسر لشوكة الجاهلية التي كان وأد البنات من عاداتها وقال الله تعالى فيهم {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل : 58].
وللمرأة قدرة على الارتقاء في سلَّم الكمال بحيث تستطيع التفوق على كثير من الرجال، حتى أن الله تعالى ضرب مثلاً للمؤمنين رجالاً ونساء في بلوغ الدرجات الرفيعة امرأتين وهما زوجة فرعون ومريم بنت عمران[3]، قال تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ*وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم : 11-12].
وقد أهتم الإسلام بالمرأة في جميع مراحل حياتها، منذ ولادتها حتى اكتمالها مروراً بتربيتها، فعلى صعيد الفرح إذا رزق مولودة أنثى روى الشيخ الصدوق بسنده عن الإمام الصادق (A) قال: (البنات حسنات والبنون نعمة، والحسنات يثاب عليها والنعمة يسأل عنها)[4] ونقل الإمام الصادق (A) عن جده رسول الله (J) قال: (نعم الولد البنات، ملطفّات مجهزات مؤمنات مباركات مفليات)[5].
وزجر الإسلام بقوة من يكره كون المولودة أنثى، ففي الكافي أنه (أُتِىَ رجل وهو عند النبي صلى الله عليه وآله فأخبر بمولود أصابه فتغير وجه الرجل فقال له النبي صلى الله عليه وآله: مالك؟ فقال خير، فقال: قل، قال: خرجت والمرأة تمخض فأخبرت أنها ولدت جارية، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: الأرض تقلها والسماء تظلها، والله يرزقها وهي ريحانة تشمها)[6] وأضاف الإمام الصادق (A): (وكان رسول الله (J) أبا بنات)[7].
وفي ثواب رعاية البنات وتربيتهن روى الإمام الصادق (A) عن جده رسول الله (J) قال: (من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة، فقيل يا رسول الله: واثنتين؟ فقال: واثنتين، فقيل: يا رسول الله: وواحدة، فقال (J): وواحدة)[8] وروى الإمام الرضا (A) عن جده رسول الله (J) قال: (إن الله تبارك وتعالى على الإناث أرأف منه على الذكور، وما من رجل يدخل فرحة على امرأة بينه وبينها حرمة إلا فرحه الله تعالى يوم القيامة)[9].
وعندما تنقل المرأة إلى بيت زوجها فقد كثرت الآيات والروايات في إكرام الزوجة وحبّها واحترامها كقوله (J): (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم) وقال (J): (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)[10]وبيان الثواب العظيم لكل عمل تقوم به مهما كان بسيطاً كمناولة زوجها شربة ماء فضلاً عن الأعمال العظيمة كإنجاب الأطفال وتربيتهم.
وفي تقاسم المسؤوليات بين الرجل والمرأة روي عن الإمام الصادق (A) قوله: (تقاضى علي وفاطمة إلى رسول الله (J) في الخدمة، فقضى على فاطمة بخدمة ما دون الباب، وقضى على علي بما خلفه، قال: فقالت فاطمة: فلا يعلم ما داخلني من السرور إلا الله بإكفائي رسول الله (J) تحمل رقاب الرجال)[11] أي كفاني رسول الله (J) الخروج من الدار والاختلاط بالرجال مع ما يسبّبه ذلك من نقص في الكمال.
من هنا تعرف أن التصرفات السيئة التي تصدر من بعض المسلمين وفيها ظلم للمرأة أو حرمان لحقوقها فهي ليست من الإسلام في شيء وفاعلها له عذاب أليم وقد أمرت الآيات الكريمة كما في سورة الطلاق والأحاديث الشريفة الكثيرة بأن يراقب الرجل تقوى الله تعالى في علاقته بالمرأة، وقد تنسب بعض هذه التصرفات زوراً أو جهلاً إلى الإسلام كممارسة التسلط غير المشروع على المرأة مستنداً إلى قوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء : 34] وهو نابع من الجهل أو التعسف في فهم الآية الكريمة لأنها لا تمنح الرجل الاستبداد والتعالي بل هي تنظم الأسرة ادارياً لأنها نواة تكوين المجتمع فتجعل الرجل هو المدير وتذكر مبررين لذلك {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا} [النساء : 34] فهو أمر تنظيمي صرف لا يبيح أي ظلم وعدوان.
هذه إطلالة سريعة على المكانة العظيمة للمرأة ودورها الكبير في هذا الوجود، فعليها أن تلتفت إلى قدرها ومكانتها حتى تحفظ قيمتها وتمنع نفسها من الابتذال والضياع في التفاهات والانقياد وراء الشهوات والانخداع بمكر الشياطين الذين يريدون خداع المرأة بعناوين جذابة كالحرية وتمكين المرأة ونحو ذلك وهدفهم هتك حجابها وسلب عفّتها وحيائها لتتحول إلى سلعة بيد الرجال ووسيلة لإشباع شهواتهم ولتدمير المجتمعات وافسادها وتحويلها إلى تجمعات حيوانية يسهل قيادها وأسسوا لذلك ما سموها بمنظمات المجتمع المدني وخدعوا الحكومات بتأسيس قسم تمكين المرأة في كل مؤسسات الدولة ووضعوا قوانين وتشريعات تشّجع على تفكيك الأسرة وتهديم الأواصر الاجتماعية وتجريم أساليب التربية الصالحة واعتبارها عنفاً أسرياً يحاسب عليه.
وإن من أهم الوسائل التي تقوّي صمود الإنسان خصوصاً المرأة أمام المغريات وعدم تعريض النفس للذنوب والمعاصي الموجبة للشقاء هو هذا الالتفات إلى القيمة الكبرى للنفس والغرض الأسمى التي خُلِقت من أجله وأنه خليفة الله تعالى في أرضه قال أمير المؤمنين (A): (من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته)[12].
ويوصي الإمام (A) بأن لا يشغل الإنسان نفسه إلا بما يوجب له الجنة والسعادة الأبدية، قال الإمام علي (A): (إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها إلا بها)[13].
[1] - من حديث سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) مع أعضاء هيئة محمد الأمين (J) النسوية في كربلاء يوم الجمعة 13/رمضان/1446 الموافق 13/3/2025.
[2] - الكافي: 5/ 327.
[3] - فصلنا الكلام في القبس القرآني 163 من نور القران: ج5 ص97.
[4] - ثواب الأعمال: 239 ح1، الكافي: 6/6 ح8، الفقيه: 3/ 310 ح5.
[5] - الكافي: 6/ 5 ح5.
[6] - الكافي: 6/ 5 ح6.
[7] - الكافي: 6/6 ح6.
[8] - الكافي: 6/6 ح10، الفقيه: 3/311 ح1501.
[9] - الكافي: 6/6 ح7.
[10] - وسائل الشيعة: ج ٢٠ - ص ١٧١.
[11] - مستدرك الوسائل: 13/ 48.
[12] - نهج البلاغة: قسم الحكم، 446.
[13] - البحار: 78 / 13 / 71.