ولاية أهل البيت (عليهم السلام) حصن الإسلام وأعظم أركانه

| |عدد القراءات : 76
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

ولاية أهل البيت (عليهم السلام) حصن الإسلام وأعظم أركانه[1]

 

إمامة أهل البيت (عليهم السلام) وولايتهم أعظم أركان الإسلام وأسسه، قال الإمام الباقر (عليه السلام): (بني الاسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم ينادَ بشيء كما نودي بالولاية)[2].

وقد أكّد القرآن الكريم هذا المعنى حيث جعل الولاية كمال دين الإسلام وتمام نعمة الله تعالى به وأمر الله رسوله (صلى الله عليه وآله) بتبليغ هذا الأمر وان يأخذ البيعة من الأمة عليه، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] و أمر جماعة المؤمنين أن يتبعوا أهل البيت (عليهم السلام) مرأمر  قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] وأوجب مودتهم وجعلها أجراً للرسالة قال تعالى: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] وبلّغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك كله بأوضح بيان وأقوى حجة، قال (صلى الله عليه وآله): (إن الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي وإني سائلكم غداً عنهم)[3] وقرن (صلى الله عليه وآله) في حديث الثقلين بين القرآن والعترة وأخبر عن عدم افتراقهما إلى يوم القيامة.

وإذا كانت الولاية بهذه المرتبة السامية العظيمة وإن وجود الإسلام وديمومته وصيانته من التحريف والبدع والضلالات منوط بوجودهم (عليهم السلام) وممارستهم لدورهم في قيادة الأمة، فإن تضييع الولاية وعدم التمسك بها يضيّع الإسلام النقي الأصيل ويصيب الدين بالتشوه، وهو ما أخبر الله تعالى عن وقوعه وأنه سيحصل فور وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144][4].

وحذّرَ منه النبي (صلى الله عليه وآله) وبيَّن معالمه، قال (صلى الله عليه وآله): (وهو -أي علم الميراث- أول شيء ينتزع من أمتي)[5] وقال (صلى الله عليه وآله): (فإني أمرؤ مقبوض وسيقبض العلم وتظهر الفتن حتى يختلف الرجلان في فريضة لا يجدان من يفصل بينهما)[6].

وهذا ما حصل فعلاً حينما حرموا السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) من ميراثها، ثم سرى التحريف والتشويه حتى إلى الصلاة، روى البخاري بسنده عن الزهري قال: ((دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال: لا أعرف شيئاً مما أدركت -أي على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما في حديث آخر- إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضُيِّعت))[7].

لقد كانت الأيام التي تلت وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) عصيبة على أهل البيت (عليهم السلام) ليس فقط من أجل الظلم الذي وقع عليهم خاصة، بل لما يرونه من المخالفة الصريحة لكتاب الله تعالى وسنن نبيه (صلى الله عليه وآله) فيما يمس أصول العقيدة وأحكام السيرة وسياسة الأمة وينذر بمستقبل مظلم ترجع فيه الأمة إلى جاهليتها، قال الإمام الباقر (عليه السلام): (لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) بات آل محمد (صلى الله عليه وآله) بأطول ليلة حتى ظنوا أن لا سماء تظلهم، ولا أرض تقلهم، لان رسول الله (صلى الله عليه آله) وتر الأقربين والأبعدين في الله)[8].



[1] - من لقاء سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) مع جمع من زوار الأربعينية من تركيا واوزباكستان يوم الأربعاء 16/صفر/1466 الموافق 21/8/2024.

[2] - الكافي: ج ٢ - ص١٨.

[3] - رواه الطبري في الذخائر ص25، وابن حجر في الصواعق ص102 وص136، والسمهودي في جواهر العقدين.

[4] - راجع تفسير من نور القرآن: / ج1/ ص197 القبس 15 عند هذه الآية.

[5] - سنن الدارقطني: 4/67 ح1، سنن ابن ماجه: 2/908 ح2719، سنن البيهقي: 6/209، المستدرك للحاكم: 4/332.

[6] - سنن الدارقطني: 4/84 ح45، سنن البيهقي: 6/208 وغيرهما.

[7] - صحيح البخاري: 67 كتاب 9 مواقيت الصلاة، باب 7 ح529، 530.

[8] - بحار الأنوار: ج ٢٢ - ص٥٣٧.