{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} - ليس لله تعالى مع أحد قرابة

| |عدد القراءات : 227
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18]

ليس لله تعالى مع أحد قرابة[1]

 

قال لله تبارك وتعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [المائدة: 18].

تعالج الآية الكريمة ظاهرة جاهلية تسقط فيها المجتمعات عندما تكبر أنانيتها ولا تستشعر العبودية لله تعالى، وهي الشعور بالاستعلاء والتميّز عن بقية الناس لا لكمالٍ حازوه أو فضيلة اتصفوا بها، وإنما لمجرد انتمائهم إلى عقيدة معينة أو جنس بشري أو اتجاه فكري أو عشيرة أو مدينة معينة ونحو ذلك من أشكال التعصب للانتماء بحيث تشعر الجماعة أنهم شعب الله المختار، وأنهم الجنس البشري الأرقى والأفضل لمجرد هذا الانتماء من دون عمل صالح يستحقون به التقدم على الآخرين.

 ولكي تميّز مثل هذه الجماعة نفسها فإنها تشرِّع لنفسها أحكاماً خاصة بها، كما كانت قريش تسمي نفسها بالحُمُس في الجاهلية فلا تزّوِج نساءها إلى غيرهم لكنهم يتزوجون من الآخرين وغير ذلك، وجرت على ذلك بعض القبائل إلى اليوم.

ولقد فضح القرآن الكريم العقائد المنحرفة لليهود والنصارى التي كانوا يروّجونها ليقنعوا الآخرين بتفوقهم عليهم وأن لهم الكلمة العليا، وعلى الآخرين أن يتّبعوهم، وهم يعلمون قبل غيرهم بطلان هذه الاعتقادات، لكنهم يراهنون على تجهيل الناس للوصول إلى هدفهم وهو تحصيل المزيد من المكاسب الدنيوية والاستئثار بخيرات الناس وإخضاعهم لأهوائهم، وقد تصطدم مصالحهما فيزيّف كل منهما عقيدة الآخر {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقرة: 113].

فتنقل الآية الكريمة عن اليهود والنصارى أنهم لم يكتفوا بجعل العزير والمسيح ابنين لله سبحانه وتعالى عما يصفون {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] وإنما وصفوا أنفسهم أيضاً بأنهم أبناء الله وأحباؤُه، سواء على النحو الذي قالوه في أنبيائهم، أو على نحو الكناية للتعبير عن شرفهم ومنزلتهم الرفيعة وقربهم من الله تعالى، وهو الظاهر، ويكون حينئذٍ قوله تعالى: {وَأَحِبَّاؤُهُ} عطفاً تفسيرياً، وبذلك فإن لهم خصوصية لا يشاركهم فيها أحد كالحصانة من القانون وعدم المحاسبة على أفعالهم مطلقاً لأنهم أبناءٌ مدلّلون محبوبون، فلا يعاملون كسائر الناس، وذكرت كتبهم المقدسة ذلك في مواضع عديدة[2].

وقد أكدت الروايات تبنّيهم هذه الدعوة، فقد روى السيوطي بسنده عن ابن عباس قال: (أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابن أبيّ، وبحري بن عمرو وشاس بن عدي، فكلمهم وكلموه ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته، فقالوا: ما تخوّفنا يا محمد، نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى، فأنزل الله فيهم {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ..} إلى آخر الآية[3].

وفي هذا منتهى الغطرسة والاستعلاء لأن معنى ذلك أنهم أفضل من أنبيائهم الذين حينما نسبوهم إلى الله تعالى كانوا معصومين من الخطأ والخطيئة ومع ذلك تحملوا البلاءات الشديدة، أما هؤلاء فوصفوا أنفسهم بالبنوّة وهم غارقون في المعاصي واتباع الشهوات وملوثون بأنواع الموبقات والجرائم كقتل الأنبياء وتحريف الكتاب السماوي والتمرد على أنبيائهم، فهم أكرم على الله تعالى من أنبيائهم كما في الرواية الآتية عن الإمام الرضا (عليه السلام) مع أخيه زيد، فهم إذن يريدون بهذه الدعوى خداع أنفسهم بأنهم لا يُحاسَبون ولا يعذَّبون لأنهم فوق القانون وأن لهم الجنة خالصة دون غيرهم {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 111] وإذا أراد الله أن يعذب أحداً منهم فلزمن بسيط {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 80]، وهكذا ادعى النصارى أن المسيح افتداهم من العذاب بالصلب فلا يعاقبون على ذنوبهم.

فردَّ الله تعالى دعواهم بجوابين: نقضي وحلّي بحسب المصطلح.

أما النقضي فقوله تعالى: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} [المائدة: 18] إن كنتم أبناء الله وأحباءه فالمفروض أن لكم عند الله تعالى كرامة وخصوصية تقيكم العذاب، وقد عذّب الله تعالى في الدنيا اسلافهم ولعنهم وضرب عليهم الذلة والمسكنة وسلّط عليهم عباده وجعل منهم القردة والخنازير كما تفيد الآيات الكريمة، وكذلك هم، وأقسى أنواع العذاب هو خذلانهم وحرمانهم من التوفيق حتى ارتكبوا الذنوب الكبيرة، فتكون الباء بيانية وليست سببية، فلا ميزة لكم على الناس وإنكم تحاسبون كبقية الناس {بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة : 18] وفي آية أخرى {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الجمعة: 6] وقال تعالى في غيرها: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 94] فمقتضى دعواكم أن لكم النعيم المقيم في الآخرة فلماذا أنتم حريصون على الدنيا وتخافون الموت؟.

والجواب الحلّي ببيان أن الله ليس له قرابة مع أحد ولا يجامل أحداً وأن مقياس التكريم هو تقوى الإنسان وعمله الصالح {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وقال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} [آل عمران: 31]، فمن أراد التوفيق ليكون حبيباً عند الله تعالى فلْيُطع الرسول وليلتزم بما جاء به ليكون حبيب الله حقاً و ليحظى بالكرامة لديه، ويقيه عذاب النار، روى السيوطي بسنده عن أنس قال: (مرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نفر من أصحابه وصبيّ في الطريق، فلما رأت أمّه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ، فأقبلت تسعى وتقول: ابني ابني.. فأخذته، فقال القوم: يا رسول الله، ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ولا الله يلقي حبيبه في النار)[4].

وإنما يجازى كل إنسان بعمله خيراً كان أو شراً {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7- 8] ويخبرهم في آية أخرى بأنّ ما تدّعونه هو مجرد أماني مستحيلة التحقق {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 123].

وتنتهي الآية الكريمة بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} فالله تعالى مالك كل شيء وهو المهيمن على كل شيء، فمِن الحماقة والجهل أن يطلقوا هذه الدعاوى وكأنهم يفرضون على الله تعالى ما يجب فعله، ويريدون تحديد تصرفات الله تبارك وتعالى.

 وحينما تكشف الآيات الكريمة هذه الدعاوى وترد عليها بقوة البرهان فإن الهدف لا يقتصر على فضح هؤلاء المدّعين المتاجرين بالدين من أجل الدنيا، وإنما تهدف أيضاً إلى تحذير المسلمين من الوقوع في مثل هذه الاعتقادات الجاهلية، فقيدت قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] بسبب التفضيل وهو {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110]، ولمجرد أنكم مسلمون بالاسم والكلام من دون أفعال.

وقد حرص الأئمة المعصومون (عليهم السلام) على تحذير شيعتهم من الاغترار بما ورد في فضل الموالين لأهل البيت (عليهم السلام) ومنزلتهم عند الله تعالى كالذي ورد في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] بأنهم علي وشيعته[5] وهكذا في غيرها من الآيات الكريمة، فمن وصية الإمام الباقر (عليه السلام) لجابر: (يا جابر، أيكتفي مَن ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه) إلى أن قال (عليه السلام): (يا جابر، لا تذهبَنَّ بك المذاهب، حسِب الرجل أن يقول: أُحبُّ علياً وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعّالاً؟ فلو قال: إني أحبُّ رسول الله -فرسول الله (صلى الله عليه وآله) خيرٌ من علي (عليه السلام) - ثم لا يتّبع سيرته ولا يعمل بسنته: ما نفعه حبّه إياه شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحدٍ قرابة، أحبُّ العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعمَلهم بطاعته، يا جابر فوالله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة، مَن كان لله مطيعاً فهو لنا ولي ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو، وما تُنال ولايتنا إلا بالعمل والورع)[6].

وروى الشيخ الكليني (رضوان الله تعالى عليه) بسنده عن الإمام الباقر (عليه السلام) أيضاً: (والله ما معنا من الله براءة ولا بيننا وبين الله قرابة ولا لنا على الله حجة ولا نتقرب إلى الله إلا بالطاعة، فمَن كان منكم مطيعاً لله تنفعه ولايتنا، ومن كان منكم عاصياً لله لم تنفعه ولايتنا، ويحكم لا تغتروا، ويحكم لا تغتروا)[7].

فالمقياس هو العمل ولا بد من تقييد الإطلاقات الدالّة على فضل الشيعة أو مَن زار الإمام الحسين (عليه السلام) أو مَن بكى عليه ونحو ذلك بهذا القيد، وهو صريح قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 28].

أشفق طاووس اليماني –وهو من كبار فقهاء التابعين- لمّا رأى كثرة عبادة الإمام السجاد (عليه السلام) وبكائه وتشديده على نفسه فقال له مخففاً: (ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن عاصون جانون، أبوك الحسين بن علي وأمك فاطمة الزهراء، وجدّك رسول الله صلى الله عليه وآله!؟ قال: فالتفت إليَّ وقال: هيهات هيهات يا طاووس دعْ عني حديث أبي وأمي وجدي، خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن، ولو كان عبداً حبشياً[8]، وخلق النار لمن عصاه ولو كان ولداً قرشياً، أما سمعت قوله تعالى {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ} والله لا ينفعك غداً إلا تقدمة تقدّمها من عمل صالح)[9].

وكان الأئمة (عليهم السلام) أكثر تشديداً على من انتسب إليهم لأن ضررهم على الدين أخطر إن أساؤوا، روى الشيخ الصدوق في كتابه العيون بسنده عن الوشاء قال: (كنتُ بخراسان مع علي بن موسى الرضا عليه السلام في مجلسه وزيد بن موسى[10] حاضر قد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول: نحن ونحن، وأبو الحسن عليه السلام مُقبل على قومٍ يحدّثهم، فسمع مقالة زيد فالتفت إليه فقال: يا زيد أغرّك قول ناقلي[11] الكوفة: أن فاطمة عليها السلام أحصنت فرجها فحرّم الله ذريتها على النار؟ فوالله ما ذاك إلا للحسن والحسين وولد بطنها خاصة، فأما أن يكون موسى بن جعفر عليهما السلام يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله وتعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيامة سواء؟ لأنت أعز على الله عز وجل منه، إّن علي بن الحسين عليه السلام كان يقول: لِمُحسننا كِفلان من الأجر ولِمُسيئنا ضِعفان من العذاب)[12].



[1] - قبس قرآني من درس التفسير الأسبوعي لسماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) ألقاه يوم الأربعاء 12/رجب/1445 الموافق 24/1/2024.

[2] نقل الآلوسي في تفسيره (روح المعاني: مج 3، 371) مقاطع مما جاء في كتبهم، وذكر السيد الطباطبائي في (الميزان: 5/ 253) مواضع هذه الدعوى في الأناجيل والتوراة ومزامير داوود.

[3] - الدر المنثور: 3/ 44.

[4] - الدر المنثور: 3/ 45.

[5] - راجع القبس القرآني المتعلق بالآية في تفسير من نور القرآن:5/283.

[6] - الكافي، للشيخ الكليني: 2/ 74-75، الأمالي، للصدوق:725، بحار الأنوار: 67/ 97.

[7] - الكافي: 2/ 76، بحار الأنوار: 67/ 102.

[8] - الإمام (عليه السلام) ليس في مقام التفضيل أو التقسيم الطبقي وإنما في مقام النقض على ما قاله السائل.

[9] - بحار الأنوار، للعلامة المجلسي: 46/ 82.

[10] - ثار زيد بن الإمام الكاظم (عليه السلام) على المأمون العباسي في البصرة وقتل العباسيين وأحرق دورهم، فأرسل المأمون إليه جيشاً فأخمد ثورته واعتُقل وأرسل إليه، وأراد المأمون بخبث أن يخدع الناس بأن أهل البيت (عليهم السلام) طُلاب دنيا ورئاسة وأنهم لا يتورعون عن القتل وإيذاء الناس للوصول إلى هدفهم فعرض على الإمام الرضا (عليه السلام) أن يطلق سراح أخيه إكراماً له، لكن الإمام (عليه السلام) كان له بالمرصاد، روى الشيخ الصدوق: (لمّا حمل زيد بن موسى بن جعفر إلى المأمون وقد كان خرج بالبصرة وأحرق دور ولد العباس وهب المأمون جرمه لأخيه علي بن موسى الرضا عليهما السلام وقال له: يا أبا الحسن لئن خرج أخوك وفعل ما فعل لقد خرج قبله زيد بن علي فقتل، ولولا مكانك مني لقتلته فليس ما أتاه بصغير، فقال الرضا عليه السلام: يا أمير المؤمنين لا تقس أخي زيداً إلى زيد بن علي فإنه كان من علماء آل محمد غضب لله عز وجل فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله) عيون أخبار الرضا: 172، باب 25، ح 1.

[11] - في معاني الاخبار: 106 (بقّالي) وهو الأقرب.

[12] - عيون أخبار الرضا: 447، باب 58، مؤسسة أنصاريان.