القبس/49(وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ) سورة الأنفال:41- إخراج الحقوق الشرعية:الوجوب والإشكالات

| |عدد القراءات : 512
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

(وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ)

موضوع القبس:إخراج الحقوق الشرعية:الوجوب والإشكالات([1])

الآية ظاهرة بل صريحة في وجوب إخراج الخمس من الغنائم، ‏وقد ذكرت العناوين التي يصرف فيها الخمس وهي ستة، ‏لله ولرسوله والذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وقد دلت روايات مفصّلة عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أن الاسهم الثلاثة الأولى تكون لولي الأمر يصرفها في مصالح المسلمين وتقوية الإسلام ونشره، ‏اما الثلاثة الأخرى فهي للمحتاجين من ذرية رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ولذلك سمي النصف الأول (حق الامام) ‏وسمي الثاني (حق السادة) عوضا لهم عن الزكاة التي ‏لا تحل لهم من سائر الناس فأباح الشارع المقدس ‏لهم من الخمس ‏ (ما يستغنون به في سنتهم، ‏فإن فضل عنهم شيء فهو للوالي وأن عجز او نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به، وإنما صار عليه ان يمونهم لان له ما فضل له ما فضل عنه)([2])

‏والآية وأن وقعت في سياق ما حصل في معركة بدر من خلاف على الغنائم إلا أن من المعلوم أن الآيات القرآنية لا تُقّيد بمورد النزول والا أصبح كتابا للماضي وليس خالدا لكل الاجيال، لذا فالاية عامة شاملة.

و(الُغنم) في الأصل ((إصابة الغَنَم والظفر به ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدى وغيرهم)) كما في مفردات الراغب([3])، فيجب الخمس في كل غنيمة يظفر بها الانسان سواء في الحرب وغيرها ولا وجه لتخصيص الوجوب بغنائم الحرب، وقد وردت عشرات الروايات التي تذكر موارد وجوب الخمس وشروطه ونحو ذلك مما ذكر في الرسائل العملية للفقهاء ويكفي ان نذكر رواية واحدة معتبرة، في الكافي بسنده عن سماعة قال (سالت أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمس فقال:في كل ما افاد الناس من قليل او كثير)([4])  وقد بحثنا مفصلا ادلة وجوب الخمس ومستحقيه في موسوعة فقه الخلاف([5])، وسيأتي شيء من ذلك ان شاء الله تعالى.

والنور الذي نريد اقتباسه من الاية هو شكوى الائمة (عليهم السلام) من عزوف الناس عن دفع ما بذمتهم من حقوق شرعية الى مستحقيها، وما يصيب الامة من عاقبة سيئة في الدنيا والاخرة اذا امتنعوا عن ذلك وكيف تقنع الناس بامتثال الواجب الشرعي.

ومن تلك الشكاوى ما جاء في الرسالة الثانية التي وجّهها الإمام المهدي (عليه السلام) إلى الشيخ المفيد (&)، والمؤرخة غرة شوّال سنة اثني عشر وأربعمائة([6])،  أي قبل أكثر من ألف عام:(ونحن نعهد إليك أيها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين([7])، أيّدك الله بنصره الذي أيّدَ به السلف من أوليائك الصالحين إنه من اتقى ربَّه من إخوانك في الدين وأخرج مما عليه إلى مستحقيه كان آمناً من الفتنة المبطلة ومحنها المظلمة المضلّة، ومن بخل منهم بما أعاده الله من نعمته على من أمره بصلته فإنه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته، ولو أن أشياعنا وفّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخّر عنهم اليُمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل).

أسباب حرمان البشرية من لقاء الحجة :

  فالإمام (عليه السلام) يبينُ في هذا المقطع من الرسالة الشريفة أسباب حرمان البشرية وخصوصاً شيعته من طلعته المباركة وألطاف لقائه السنية، ويخصُ شيعته بالتأسف لأنهم مستحقون للفوز بلقائه بما يحملون من ولاء ونصرةٍ واعتقاد راسخ بهم (عليهم السلام)، إلا إنه يمنعهم من ذلك بعض الموانع، أما غيرهم فهم غير مستحقين أصلاً للتشرف بلقائه، وقد جعل من أهم تلك الأسباب امتناعهم عن أداء الحقوق الشرعية التي فرضها الله تبارك وتعالى في أموالهم وإيصالها إلى مستحقيها.

الأمور المترتبة على عدم دفع الحقوق :

وقد رتب (عليه السلام) على ذلك أمرين :

1-    تأخير ظهوره (عليه السلام) وبما يعني استمرار معاناة البشرية من الظلم والاضطهاد والتعسف والانحراف والضلال وكثرة مستحقي النار من البشر.

2-    عدم الأمان من الفتن المضلة، لأن رايات ضلال عديدة تخرج قبل ظهور القائم (عجل الله فرجه الشريف) وتخلط الأوراق على الناس، فيتيهون ولا يستطيعون التمييز بين راية الحق وراية الباطل، وقد عبّر أحد أصحاب الأئمة (عليهم السلام) عن مخاوفه من مثل تلك الفتنة، وسأل عن كيفية النجاة والإصابة في التمييز بين هذه الدعوات المختلطة، فقال (عليه السلام):(والله إن أمرنا لأبين([8])من الشمس)([9])، ومن مقومات هذا الوضوح - بحسب ما أفادته الرسالة الشريفة - أداء الحقوق الشرعية.

كيف يبخل الناس على الله بما رزقهم؟

كما تشير الرسالة ضمناً إلى أن كل ما بأيدي الناس من أموال إنما هو شيء رزقهم الله تعالى إياه، ولو شاء منعهم، فكيف يبخلون عليه تبارك وتعالى بطاعته وتنفيذ أمره في إنفاق البعض اليسير مما رزقهم([10]) لقضاء حوائج المحتاجين الذين ابتلاهم الله بالمنع والفقر كما ابتلى هؤلاء بالعطاء والغنى {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (هود:7).

لماذا نركز حديثنا على الخمس :

 وتندرج تحت عنوان الحقوق الشرعية مصاديق عديدة كالزكاة والخمس والكفارات والنذور وردود المظالم، أما الإنفاق المستحب فمجالاته واسعة جداً، ونحن نركّز في حديثنا هذا عن الخمس لأمرين:

1-     إنه من أهم الفرائض المالية، ويشكل اليوم عنصراً مهماً لحفظ التوازن الاقتصادي في المجتمع بعد أن قلّ دور الزكاة عمّا كانت عليه في صدر الإسلام بسبب تغيّر نمط الحياة الاقتصادية، فبعد أن كانت عُمدَة واردات الناس مستندة إلى الزراعة وتربية الحيوانات التي هي موارد وجوب الزكاة أصبحت اليوم مستندة إلى التجارة والصناعة والحرف مما يخرجها - بحسب المشهور- عن دائرة وجوب الزكاة، فيشملها الخمس، فيكون تشريعه إلى جنب تشريع الزكاة دليلاً على خلود هذه الرسالة وصلاحيتها لتنظيم حياة البشرية إلى النهاية حيث خطط الشارع المقدس لكل تغيرات الحياة.

2-     توالي هجمات التشكيك في وجوب الخمس وصدّ الناس عن أداء هذه الفريضة بأساليب مختلفة تأتي الإشارة إليها بإذن الله تعالى.

مانع الخمس يستحق النار :

والخمس فريضة واجبة كوجوب الصلاة والصوم والزكاة والحج في الموارد التي ذكرها الفقهاء (قده) استناداً إلى القرآن الكريم وسنة النبي العظيم (صلى الله تعالى عليه وعلى وآله الطاهرين) الذين هم عدلُ الكتاب([11])، فمن أخلَّ بشيء منها فقد ارتكب كبيرة يستحق عليها {ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ}(التحريم:6)، {يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}(الحج:2)، وقد عدّت بعض الروايات الشريفة بصراحة حبس الحقوق الشرعية من غير عسر من الكبائر، وقرنها الإمام الرضا (عليه السلام)([12]) إلى الزنا وشرب الخمر واللواط والفرار من الزحف وأكل مال اليتيم والربا، وكذا في حديث عن الإمام الصـادق (عليه السلام)([13]).

ما هو الدليل على وجوب الخمس؟

وقد نصّ القرآن على وجوب الخمس بقوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}(الأنفال:41)، ويراد بالغنيمة مطلق ما يستفيده الإنسان، ولا تختص بغنائم الحرب، قاله الراغب([14])، وأكدته موثقة سماعة، قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمس، فقال:(في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير)([15])، وغيرها.

وقد أجمع علماء الفريقين على أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كان يعمل بها، فيخصّ قرباه من بني هاشم بالخمس حتى وفاته (صلى الله عليه واله وسلم)، ثم منعه القوم على مستحقيه من آل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وجعلوهم كغيرهم (راجع الكشاف في تفسير هذه الآية ومسند أحمد وغيرها من الصحاح)([16]).

وقد عبّر الأئمة  (عليهم السلام) عن لوعتهم لهذه المخالفة الصريحة للكتاب والسنة، فعن أبي جعفر الأحول قال:قال أبو عبد الله (عليه السلام):(ما تقول قريش في الخمس؟ قال:قلت:تزعم إنه لها؟ قال:ما أنصفونا والله، لو كان مباهلة لتباهُلنّ بنا، ولئن كان مبارزة لتبارُزن بنا، ثم يكون هم وعلي سواء)([17]).

   هل يُسقط الأئمة (عليهم السلام) حقهم بسبب الظروف؟

نعم، قد يُسقط الأئمة) عليهم السلام) حقّهم في فترةٍ ما بسبب الظروف التي يمرّون بها، كما في رواية يونس بن يعقوب قال:(كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجل من القماطين فقال:جعلت فداك، تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أن حقّك فيها ثابت، وإنا عن ذلك مقصرون؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام):ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم)([18])، فالسائل كان يعلم بثبوت حق الإمام (عليه السلام) في ماله، لكن الإمام (عليه السلام) أكّد له أنه قد أسقطه عنه اليوم لا مطلقاً.

لكن بعد ثلاثة أجيال يجد الإمام الجواد (عليه السلام) فرصة مناسبة لبيان بعض تشريعات الخمس، فكتب إلى بعض أصحابه:(إن الذي أوجبتُ في سنتي هذه وهذه سنة عشرين ومائتين لمعنى من المعاني، أكره تفسير المعنى كله خوفاً من الانتشار، وسأفسّر لك بعضه إن شاء الله:إن مواليَّ أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصّروا فيما يجب عليهم، فعلمتُ ذلك، فأحببتُ أن أطهرهم وأزكّيهم بما فعلت من أمر الخمس في عامي هذا، قال الله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ، وَسَتُرَدُّونَ إلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}(التوبة:103-105) إلى أن قال (عليه السلام):(فأما الغنائم والفوائد فهي واجبةٌ عليهم في كل عام، قال الله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ}([19]). ويأمر شيعته في نهاية الكتاب بإيصال الحقوق إلى وكلائه. وحرّموا (عليهم السلام) التصرف قبل دفع الحقوق الشرعية، فعن أبي جعفر (عليه السلام):(لا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل إلينا حقّنا)([20]).

وكتب رجل من تجار فارس من موالي الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يسأله الإذن في الخمس، فكان مما قال في جوابه:إن (الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالنا وعلى موالينا، فلا تزووه عنا ولا تحرموا أنفسكم دعانا ما قدرتم عليه، فإن إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم وما تمهّدون لأنفسكم ليوم فاقتكم، والمسلم من يفي الله بما عهد إليه)([21])، وسألهُ جماعة أن يجعلهم في حلٍّ من الخمس، فقال (عليه السلام):(ما أمحل هذا! تمحضونا المودة بألسنتكم وتزوون عنا حقاً جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس، لا نجعل لا نجعل لا نجعل لأحد منكم في حل)([22])، وفي مكاتبة الإمام صاحب العصر (عليه السلام) إلى سفيره محمد بن عثمان العمري (&):(لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من استحلّ من مالنا درهماً)([23]).

الوعيد بحق مانع الزكاة يشمل الخمس أيضاً :

جميع ما ورد من التهديد والوعيد لتارك الزكاة ينطبق على تارك الخمس بوجهين:

1-     إن كليهما فريضتان ماليتان، والغرض منهما واحد، بل إن أمر الخمس أخطر لتعلق حق أهل البيت (عليهم السلام) وذرياتهم فيه بعد أن حُرّمت عليهم الزكاة، قال الصادق (عليه السلام):( إن الله لا إله إلا هو لما حرّم علينا الصدقة أبدل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة)([24])، وإنما صار الاهتمام بالزكاة في صدر الإسلام لما قلناه من أنّ طبيعة الحياة الاقتصادية يومئذٍ كانت مورداً لوجوب الزكاة.

2-     إن كثيراً من موارد ذكر الزكاة أريد بها معناها الأعم، أي مطلق الإنفاق الواجب في سبيل الله تعالى، أي عموم الحقوق الشرعية لا خصوص الزكاة المصطلحة([25])، كما قد يعبّر عن الزكاة الواجبة بالصدقة([26]) في مثل قوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها...}(التوبة:60)، ومما جاء في مانع الزكاة الشاملة لمانع الخمس بالتقريب المتقدم ما ورد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:(ما من عبدٍ منع من زكاة ماله شيئاً إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعباناً من نار مطوّقاً في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب، وهو قول الله عز وجل:{سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ} (آل عمران:180) (يعني ما بخلوا به من الزكاة)([27]).

ويتخذ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إجراءً في حق مانعي الزكاة بإخراجهم من المسجد، كما ورد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:بينما رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في المسجد إذ قال:قم يا فلان، قم يا فلان، حتى أخرج خمسة نفر، فقال:(اخرجوا من مسجدنا لا تصلّوا فيه وأنتم لا تزكّون)([28])، وعن أبي عبد الله (عليه السلام):(من منع قيراطاً من الزكاة فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً)([29])، وفي وصية النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لعلي (عليه السلام) قال:(يا علي، كفر بالله العظيم من هذه الأمة عشرة، وعدَّ منهم مانع الزكاة، ثم قال:يا علي، ثمانية لا يقبل الله منهم الصلاة، وعدَّ منهم مانع الزكاة، ثم قال:يا علي، من منع قيراطاً من زكاة ماله فليس بمؤمن ولا بمسلم ولا كرامة، يا علي، تارك الزكاة يسأل الله الرجعة إلى الدنيا، وذلك قوله عز وجل:{حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ([30])} (المؤمنون:99)([31]).

لعدم دفع الخمس آثارٌ وضعية :

وتكون المشكلة أعظم عندما نعلم إن لعدم دفع الخمس آثاراً وضعية وشرعية ذكرها الفقهاء (قدّس الله أرواحهم)، فإن اللقمة غير المُخمّسة تكون حراماً فتترك آثاراً سيئة في الذرية التي تتكون منها، والملبس غير المخمس لا يكون مباحاً فلا تصح الصلاة فيه، والماء إذا لم يكن مباحاً فالوضوء به باطل، وبذلك تتراكم هذه الذنوب والمشاكل على مانع الحقوق الشرعية.

علاج مشكلة عدم دفع الناس للخمس :

ولما كان العلم بالشيء والاقتناع به هي الركيزة الأساسية للاندفاع نحو العمل والتطبيق، وطالما قلنا([32]):إن علاج أي مشكلة يجب أن يتوجه أصلاً إلى علل المشكلة وأسبابها ومناشئها، لا معلولاتها وآثارها الظاهرية ونتائجها، فإنه عمل غير حكيم([33]).

فالعلاج يكون على مستويين :

المستوى الأول:عام، بمعنى كيف نحفّز الناس على طاعة الله تبارك وتعالى عموماً وليس في الخمس فقط، ونثير فيهم الاستجابة لداعي الله تبارك وتعالى؟ {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ} (الأنفال:2)، {يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ، وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَْرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (الأحقاف:31-32)، وقد فصّلنا القول في ذلك في فصل (ما هي الدروس المستفادة من طريقة القرآن في إصلاح البشرية) من كتاب (شكوى القرآن)، وفي محاضرات (فلنرجع إلى الله)([34]).

وقلنا هناك:إن من الفروق بين الشريعة الإلهية والقوانين الوضعية أن الشرائع الإلهية تربي الإنسان من الداخل أولاً وتبني ذاته، لذا يندفع إلى التطبيق بلا رقابة من الخارج ولا يحتاج إلى أي ضغط للطاعة والامتثال، بينما القوانين الوضعية تحتاج إلى فرض عقوبات وأجهزة مراقبة وردع، ومع ذلك يحاول الشخص بكل وسيلة التحايل والالتفاف عليها، خذ مثلاً الخمس، فإن المؤمن هو وحده يحاسب نفسه ويخرج ما عليه من حقوق ويأتي بكل سرور ليسلمها إلى الحوزة الشريفة أو يصرفها في مواردها، بينما يتهرب بكل الوسائل من الضرائب التي يفرضها عليه القانون، فهذا هو فرق أساسي بين الإسلام والحضارة المادية.

المحفزات التي تدفع المكلف نحو التطبيق :

وألخصُ لكم بعض هذه المحفزات التي يستثيرها الدين ليدفع المكلف نحو الاستجابة، مع تطبيقها على ما نحن فيه، وقد قسمتها هناك إلى ثلاث محاور نفسية وعقلية وقلبية باعتبارها مداخل الإنسان المتعددة ومنها:

1-     إن نعم الله علينا كثيرة {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها} (النحل:18)، سواء في أبداننا أو حياتنا والطبيعة التي من حولنا عموماً، ومن شأن كل عاقل أن يرد الجميل بالجميل {هَلْ جَزاءُ الإِْحْسانِ إِلاَّ الإْحْسانُ} (الرحمن:60)، (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (القصص:77)، ولما كان الله غنياً عن عباده فيكون رد الجميل إليه بطاعته واستعمال نعمه فيما يرضيه تبارك وتعالى، ومن غير الإنصاف والمروءة أن نعصيه بالنعم التي منّ بها علينا ونبخل عليه بحقه، عن أبي جعفر (عليه السلام):( أن الله تعالى يبعث يوم القيامة ناساً من قبورهم مشدودة أيديهم إلى أعناقهم لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيد أنملة، معهم ملائكة يعيّرونهم تعييراً شديداً يقولون:هؤلاء الذين منعوا خيراً من خير كثير، هؤلاء الذين أعطاهم الله فمنعوا حق الله في أموالهم)([35]).

إن كل واحدٍ منا يحب أن تزيد النعم عليه وهي بيد الله سبحانه المنعم الحقيقي، وقد وعدنا سبحانه {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}(إبراهيم:7)، وفي الحديث:(بالشكر تدوم النعم) ([36])، ومن أشكال شكر النعمة أن تؤدي حق الله فيها ليزيدها الله تبارك وتعالى، وقال الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث:(واستنزلوا الرزق بالصدقة)([37])، وعموماً فإن طاعة الله تبارك وتعالى سبب لإفاضة البركات:{وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأْرْضِ} (الأعراف:96).

2-     إنه إذا أخبرنا إنسانٌ ثقة بأن حيواناً مفترساً في هذه الجهة فإننا نهرب بلا  تردد في الاتجاه المعاكس ونحذر منه ونتخذ الإجراءات الواقية من الوقوع في الخطر، فإذا أكّد هذا الخبر ثقة آخر ازداد استعدادنا لذلك وكنّا أكثر حزماً، وقد أخبرنا مائة وأربعة وعشرون ألف نبي ومثلهم من الأوصياء والعلماء وكلهم ثقاة أنه سيكون هناك يوم قيامة، يثاب فيه المطيع على طاعته، ويعاقب العاصي على عصيانه بنارٍ وقودها الناس والحجارة، أفلا يوجب هذا البيان المؤكد الحذر والابتعاد عن كل ما يورّطنا في هذه النار المتأججة ولو احتمالاً؟ وقد وصفها الله تعالى بمشاهد مرعبة، وأخبرنا أنّ معصية الله سبحانه توقعنا فيها، وأن طاعته تورثنا جنةً عرضها السماوات والأرض فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (السجدة:17).

3-     أن نسأل أنفسنا سؤالاً:ماذا يخسر الإنسان لو أطاع الله سبحانه واستقام على الشريعة؟ إنه لا يخسر شيئاً، بل على العكس فإنه يعيش ويتمتع بالحياة كما يفعل البعيد عن الله سبحانه، وفوق ذلك له المكاسب الدنيوية والأخروية التي يحققها له الإيمان بالله سبحانه والسير على شريعته، قال تعالى:{وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ} (النساء:104)، وقال تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآْياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (الأعراف:32)، وقد اتبع هذا الأسلوب الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال لأحدهم:(يا هذا إن كان ما تقول أنت - بأنه لا جنة ولا نار ولا حساب - حقاً فنحن وأنتم سواء، فإننا نأكل كما تأكلون وننكح كما تنكحون، وإن كان الأمر كما نقول - وهو كما نقول - هلكتم ونجونا)([38])، وهو أسلوب لا يستطيع أن يرفضه أي عاقل، وقد جرّب الكثير ممن بدأوا بإخراج الخمس من أموالهم أن ثروتهم ازدادت، حتى أن بعضاً من غير الملتزمين بطاعة الله يخمّسون من أجل زيادة الثروة، فأين الخسارة إذن؟!.

4-      أن نلتفت إلى أنّ الله تعالى مطّلع علينا ولا تخفى عليه خافية في السماوات والأرض، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد، وقد جعل على كل واحدٍ منا ملائكة يحصون الأعمال في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، وجعل الشهود على ذلك من أعضائنا التي نمارس بها حياتنا:{حَتَّى إِذا ما جاؤُوها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ، وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ، وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ ، وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ ، فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} (فصلت:20-24)، فإذا التفتنا إلى هذه الحقائق فسنكون دقيقين في تصرفاتنا وسنحسب ألف حساب قبل أن نورط أنفسنا في المعصية ومخالفة الشريعة، ومنها حبس الحقوق الشرعية وعدم إخراجها من المال.

5-     إن الإنسان الذي يمتنع عن إعطاء شيء من نفسه أو ماله لطاعة الله تعالى فإنه سيدفع أكثر منها في معصية الله وهو راغم، وستكون عليه حسرة يوم القيامـة:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ يُحْشَـرُونَ} (الأنفال:36).

وأنقل لكم الحديث التالي عن الإمام الصادق (عليه السلام) وهو حجة دامغة في وجه كل من يمتنع عن أداء الحقوق الشرعية، قال (عليه السلام) في قول الله عز وجل:{كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسـَراتٍ عَلَيْهِمْ} (البقرة:167)، قال (عليه السلام): (هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله عز وجل بخلاً - وقد عرفت البخيل قبل قليل - ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله أو بمعصية الله، فإن عمل فيه بطاعة الله رآه في ميزان غيره فرآه حسرةً وقد كان المال له، وإن كان عمل به في معصية الله قوّاه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله عز وجل)([39]).

وقد وصف أمير المؤمنين (عليه السلام) مثل هذا الرجل بقوله:( إن أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل جمع مالاً بمعصية الله فمات فورثه رجل دخل به الجنة)([40])، وهذا الحديث كافٍ {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (ق:37)، {وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ} (الحاقة:12)، عن الصادق (عليه السلام) قال: (ما من رجل يمنع درهماً في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه، وما من رجل يمنع حقاً في ماله إلا طوّقه الله به حية من نار يوم القيامة)([41])، وعنه (عليه السلام) (من منع حقاً لله عز وجل أنفق في باطل مثليه)([42]).

6-     إن من يطيع الله سبحانه ويتجنب معصيته يعيش لذة الانتصار على أعدى أعدائه، وهي نفسه التي بين جنبيه الأمارة بالسوء، وكلّما كانت شهوة النفس واندفاعها للفعل قوياً كلما كان الترك أشد لذة، وكلما كانت رغبة النفس في الترك قوية كان الفعل أكثر لذة، مثلاً تعرض أمامك امرأة متبرجة قد أظهرت مفاتنها أو طالبة جامعية أو زميلة في دائرة تبرعت بإنشاء علاقة عاطفية غير مشروعة معك فتنتصر أنت على نفسك الطموحة إلى ذلك فتعيش لذة الانتصار بشكل لا يوصف، وهو ما أشار إليه الحديث:(النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، فمن تركها لله تعالى أبدله الله نوراً وإيماناً يجد حلاوته في قلبه)([43])، والمال من أقوى ما تتعلق به النفس، قال تعالى:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ} (آل عمران:14)، وقال تعالى:{الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا} (الكهف:46)، وقال الإمام الصادق (عليه السلام):(ما بلى الله عز وجل العباد بشيء أشد عليهم من إخراج الدرهم)([44])، لذا كانت لذة الانتصار على هذا العدو عظيمة تستحق أن يبذل المال بإزائها بلطف الله تعالى، عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال:(قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):إذا أراد الله بعبد خيراً بعث إليه ملكاً من خزّان الجنة فيمسح صدره ويسخى نفسه بالزكاة)([45]).

المستوى الثاني:خاص، وذلك بدراسة وتحليل الأسباب التي تؤدي بالناس إلى الامتناع عن دفع الحقوق الشرعية ومن ثمّ وضع العلاج لها.

أسباب عدم دفع الناس الخمس :

ومن تلك الأسباب ما يلي:

1-     الجهل بوجوب الخمس، فبعضهم لا يعلم بوجوبه أصلاً، وبعضهم يظن وجوبه على خصوص الموسرين، وقد رسّخت هذا الجهل الأجيال المتعاقبة من المسلمين بإعراضهم عن امتثال هذه الوظيفة وترفّع العلماء عن المطالبة بها خشية سوء الظن بهم([46]).

2-     حملات التشكيك التي يمارسها أعداء الدين والمذهب ويروّج لها المرتزقة والجهلة السذّج بكل القنوات المتاحة، كالكتب والنشرات والصحف والمجلات وغيرها، فتارة يقولون بعدم وجوبه أصلاً وإنه لم يذكر في القرآن وإنه خاص بغنائم الحرب([47])، أو إنه خاص بزمان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، وهم قبل غيرهم يعلمون زيف هذه الدعاوى، لكنهم يبتغون بذلك تقويض إحدى الركائز المهمة للدين والمذهب.

3-     سوء تصرف بعض الوسطاء والوكلاء في نقل الحقوق الشرعية، مما يقلّل من الثقة بالدفع إليهم، إما لتوسّعهم في أمور المعيشة وترفهم، أو لعدم إيصالها إلى المرجعية المقصودة، أو لعدم نزاهتهم.

4-     النفس الأمّارة بالسوء التي تشحّ بإنفاق المال ومطلق عمل الخير، فالكثير من الناس يؤدي الفرائض التي لا تكلفه مالاً، أما التي تحتاج إلى بذل المال فيتردد فيـها.

5-     الغفلة عن موارد صرف هذا الحق الشرعي، ولو عَلم أنها تصرف في قضاء حوائج المؤمنين وتزويج شبابهم لتحصينهم من الحرام ومعالجة مرضاهم وشؤون الحوزة العلمية الشريفة وحفظ كيانها ومدارسها الدينية التي أنجبت عبر التاريخ آلاف العلماء والمفكرين والكتّاب والخطباء الذين ساهموا في نشر الوعي الديني وحفظ المذهب الشريف والإسلام العظيم طيلة ألف وأربعمائة عام وكأنَّ الدين نزل اليوم، ولو علم الإنسان ذلك لأدّى ما عليه من حقوق بكل سرور، إن كان غيوراً على دينه ومجتمعه ومخلصاً في التزامه.

6-     قلة الثقة بما عند الله، مما يجعله متمسكاً بما عنده من متاع زائل([48]).

هذه بعض الأسباب مما خطر في ذهني القاصر.

علاج عدم دفع الناس الخمس :

وإذا عرفت السبب أمكن التفكير في علاجه من خلال نقاط:

1-     تصدي الحوزة الشريفة لبيان الأدلة الكافية على وجوب هذه الفريضة العظيمة، وشمولها لكل ما يستفيده المرء من مكسب، فيجعل له يوماً في السنة يحاسب فيه نفسه، فيستثني مؤونته الشخصية من مسكن وملبس ومأكل وأثاث لائق بشأنه وواسطة نقل، ثم يخمّس الزائد إن وجد، وتوجد تفاصيله في الرسائل العملية للفقهـاء([49]).

2-     الرد على الشبهات والشكوك التي يُلقيها المضلّون في أذهان البسطاء والسذج، وإلفات الناس إلى المقصود الأساسي لهؤلاء والذي يموّهون عليه بهذه الشبهات.

3-     أن ينتصر المسلم على نفسه الأمَارة بالسوء، فإن اتباع الهوى والانسياق وراء النفس من المرديات، فإنها أعدى أعدائك بميلها لاتباع الشهوات وتمردها على الطاعة، فالمؤمن الشجاع من ملك زمام نفسه ليقودها إلى ما فيه النجاة ويستعين على قهر نفسه بما ذكرناه آنفاً من المحفزات.

4-     الالتفات إلى موارد صرف الخمس التي ذكرناها قبل قليل وتسليمه إلى الثقات الذين يضعون الحقوق في مواضعها، وإطلاع المكلف بنفسه أو مباشرته الصرف على المحتاجين بإذن الحوزة الشريفة، وسيرى نفسه مسروراً بمساهمته في هذه المصارف الجليلة التي وعد الله تعالى من ينفق ماله فيها الأجر الجزيل، والله يضاعف لمن يشاء.

5-     أن يعلم المكلف أنّ كل ما عنده هو مما رزقه الله تبارك وتعالى، والله غني عن العالمين، وإنما يريد بفرض هذه الواجبات المالية ليبتلي المؤمنين منه بلاءً حسناً، فيثيب المحسن ويعاقب المسيء، وليطّهرهم ويزكيهم ويحررَّهم من أسر الشهوات والأهواء، حتى يخلصوا الانقياد والطاعة له تبارك وتعالى، قال عز من قائل:{خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (التوبة:103)، قال الإمام الصادق (عليه السلام):(إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالاً، ما أريد بذلك إلا أن تطهروا)([50])، وقال (عليه السلام):(إنما وضعت الزكاة اختباراً للأغنياء ومعونة للفقراء، ولو أنَّ الناس أدّوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيراً محتاجاً، ولاستغنى بما فرض الله له)([51]).

ومما يحسن الالتفات إليه أن من العوامل المهمة التي حفظت توازن مجتمعنا رغم الحصار([52]) والضيق الذي يمر به منذ أكثر من عشر سنين هو ما يصرف على المحتاجين من مليارات الدنانير من الحقوق الشرعية.

6-     أن تتحلى الحوزة الشريفة والوكلاء والوسطاء بالورع والتقوى والثقة والأمانة وحسن مواساة الناس في الملبس والمأكل ومستوى المعيشة، خصوصاً في زمان العوز والفاقة كالذي نعيش فيه ويتأسوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) الذي رقَّع مدرعته حتى استحيى من راقعها، فقيل له في ذلك وهو رئيس دولة مترامية الأطراف، قـال (عليه السلام):(لكي لا يتبيَّغ بالفقير فقره)([53]) أي تضغط عليه الحاجة ولا يجد من يواسيه فيتمرد ويخرج عن طاعة الله تبارك وتعالى.

أن يحسن العبد الظن بالله تبارك وتعالى، فقد وعده أن يخلف عليه، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):(من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة) ([54])، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام):(من أيقن بالخَلَف جادَ بالعطيّة)([55])، وقال الله عز وجل:{وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ:39)، وقال الصادق (عليه السلام):(من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة:انفق ولا تخف فقراً، وأنصف الناس من نفسك، وأفشِ السلام في العالم، واترك المراء وإن كنت محقاً)([56]).

الآثار الإيجابية المترتبة على دفع الحقوق :

ويضاف إلى كل ذلك ما ذكر من آثار إيجابية في الدنيا والآخرة تترتب على الإنفاق ودفع الحقوق الشرعية ومن نتائج سلبية تترتب على الترك، وأي أجر ذكر للتصدق فهو شامل بالأولوية لدافع الخمس والزكاة، لأن التقرب إلى الله بالفرائض أكثر بما لا يقاس من التقرب بالنوافل والمستحبات،  وفي الحديث:( لا قربة للنوافل إذا أضرت بالفرائض)([57])،كما إننا ذكرنا أن الصدقة بمعناها العام تشمل الزكاة والخمس وكل إنفاق في سبيل الله.

ومن هذه الآثار الإيجابية قوله تعالى{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:261)، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (داووا مرضاكم بالصدقة وحصّنوا أموالكم بالزكاة)([58])، وعن الإمام الصادق (عليه السلام):(ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة)([59])، وقال الإمام الصادق (عليه السلام):(إن الشحيح من منع حق الله وأنفق في غير حق الله)([60]) وتمّمها بحديث آخر (حرام على الجنة أن يدخلها شحيح )([61]) وعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):(لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبدٍ أبـداً)([62]).

وشكى شخص إلى الإمام (عليه السلام) إنه يرى أحلاماً مفزعة في المنام فقال (عليه السلام):(إنك لا تؤدي الزكاة قال بلى أؤديها قال إذن لا تضعها في محلها)([63])، وقال الصادق (عليه السلام):(استنزلوا الرزق بالصدقة)([64]) وقال (عليه السلام):(داووا مرضاكم بالصدقة وما على أحدكم أن يتصدق بقوت يومه، إن ملك الموت يدفع إليه الصك بقبض روح العبد فيتصدق فيقال له:رد عليه الصك)([65]). وقال (عليه السلام):(الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعاً من أنواع البلاء)([66])، وعن رسـول الله (صلى الله عليه واله وسلم):(إن الله ليربّي لأحدكم الصدقة كما يربّي أحدكم ولده حتى يلقاه يوم القيامة وهو مثل أُحد)([67])، وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):(صدقة السر تطفئ غضب الرب)([68]) وعن أبي جعفـر (عليه السلام) قال:(البر وصدقة السر ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان سبعين ميتة سوء)([69]).

كيف نفهم فلسفة هذه الأحاديث ؟

     ويمكن فهم فلسفة هذه الأحاديث من ناحية اقتصادية واجتماعية ونفسية فحينما يقول (عليه السلام) (استنزلوا الرزق بالصدقة) لأن انتشار الفقر يؤدي إلى ضعف القدرة الشرائية وتوقف عجلة الاقتصاد، فبدفع الحقوق الشرعية تتولد قدرة شرائية عند الناس فتتحرك عجلة الاقتصاد وتنمو الثروة.

وحينما يقول (عليه السلام):(حصّنوا أموالكم بالزكاة) لأن الحاجة تدفع إلى السرقة وارتكاب الجرائم وابتزاز الأموال، فإذا قضينا على الفقر بدفع الحقوق الشرعية فسنسدّ بابا عظيماً للجريمة.

وحينما يقول (عليه السلام):(داووا مرضاكم بالصدقة) لأن الأمراض والعقد النفسية والاضطراب وفقدان السعادة هي من أهم أسباب الأمراض، ومنشأها الرذائل النفسية كالطمع والحسد والاستئثار وحب الدنيا والحقد والجشع والكبر، فإذا طهّر نفسه منها فإنه سيعيش في صحة وسلامة وسيكسب الاطمئنان النفسي الذي هو علاج مهم للأمراض.

ويجوز للمكلف أن يستأذن بصرف حقوقه مباشرة إلى المحتاجين لما في ذلك من إيجابيات كثيرة لأنه أحرص على وضع حقوقه في موضعها، ولما ورد من الثواب في تسليم المال إلى الفقير يداً بيد وأن يقّبل المعطي يده بعد العطاء لما ورد من إنها تقع في يد الله تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد الفقير وهو قوله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (التوبة:104)، وفيه روايات عديدة([70]) ولاستحباب مواساة المؤمنين وقضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم وإغاثة ملهوفهم([71]) عن محمد بن عجلان قال:كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل رجل فسلّم فسأله كيف من خلفت من إخوانك، قال:(فأحسن الثناء وزكى وأطرأ فقال له:كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم فقال:قليلة، قال:فكيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم؟ قال:قليلة، قال فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟ قال:إنك لتذكر أخلاقاً قلّما هي فيمن عندنا، قال:فقال:فكيف يزعم هؤلاء أنهم شيعة)([72]) وعن سعيد بن الحسن قال:قال أبو جعفر (عليه السلام):أيجيئ أحدكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه؟ فقلت:ما أعرف ذلك فينا، فقال أبو جعفر (عليه السلام):فلا شيء إذن)(4).

دور الحوزة في توعية المجتمع :

وتقع على الحوزة الشريفة مسؤولية عظيمة بأن تكون أهدافهم سامية، وهو نيل رضا الله سبحانه والقربى منه والزلفى لديه والعمل بكل ما يقرب الناس إلى الطاعة ويبعدهم عن المعصية، وأن يكونوا قدوةً حسنة للناس بأخلاقهم وأعمالهم وإن لم يتحدثوا بألسنتهم تطبيقاً للحديث الشريف (كونوا لنا دعاة صامتين)([73]) وفي حديث آخر (كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً)([74])، فهم ورثة الأنبياء وأولى من يتأسى برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) الذي يتأوه ويتضرع إلى الله سبحانه من أي تقصير محتمل في أدائه للمسؤولية ويقول (أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها أو المرسلة شغلها تقمهما)([75]).

ويأمر أصحابه بمراقبة أفعاله ومحاسبته على تصرفاته وإن كان على رأس دولة واسعة ويقول لهم ما مضمونه (إن خرجت منكم بغير هذه القطيفة التي جئتكم بها من المدينة فأنا خائن) ([76])،وهكذا مضى (عليه السلام) طاهراً نقياً فإذا أردنا الفوز بلقائه (عليه السلام) وصحبته فلا بد من التأسي به ولا تخدعنا العناوين البرّاقة والمواقع الاجتماعية الزاهية فإنها دنيا زائلة لا تسوى عند أمير المؤمنين (عليه السلام)  شسع نعلٍ بالٍ، ولا نكون شيعته حقاً إلا إذا شاركنا الناس في معاناتهم وبذلنا الوسع في قضاء حوائجهم وتفهّم مشاكلهم خصوصاً في هذا الظرف العصيب.

ولنتذكر دائماً أن هذه المواقع التي نحن فيها أمانة في أعناقنا، فهل أديناها إلى أهلها وهو الإمام المهـدي (عليه السلام) ولا يعتبر أحدٌ أن هذه الأموال غنيمة فاز من استكثر منها بل هي مسؤولية يجب الخروج من عهدتها {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ}(الصافات:24)، وحينئذٍ يكون في حلالها حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب فأي هذه النتائج الثلاث تتحملها في ذلك اليوم العصيب يوم القيامة، وأي تقصير في أداء هذه الأمانة يكون خيانة لله والله لا يحب الخائنين قال تعالى {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَْنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (المائدة:119)، وماذا يضرّنا لو كنّا صادقين في أقوالنا وأفعالنا وتخلينا عن كل ما لا يليق بنا حتى من المباحات التي ليس فيها حرمة شرعية إلا إن فيها منقصة أخلاقية.

نسأل الله جلّت آلاؤه العصمة والتسديد في القول والعمل وأن يعيننا على طاعته ويجنبنا معصيته إنه ولي النعم.



([1]) محاضرة ألقيت على حشد كبير من فضلاء وطلبة الحوزة العلمية غصَّ بهم مسجد الرأس الشريف المجاور لمرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) في مناسبة دينية بعد ذكرى ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام) في 13/رجب/1423 هـ الموافق 20/9/2002 م، وكانت هذه المحاضرات والحشود الحاضرة ترعب النظام الصدامي المقبور (راجع تأريخ تلك الفترة في مقدمة المجلد الأول من موسوعة خطاب المرحلة وكتاب (جهاد واجتهاد).   

[2] ) الكافي:1/453، ح4

([3]) مفردات غريب القرآن- الأصفهاني:366

([4]) الكافي:1/457 ، ح11

([5]) فقه الخلاف: 3/9، ط. الأولى

([6]) تجدها في كتاب الاحتجاج للطبرسي:2/ 324 . والذي يظهر من تأريخ التوقيع الثاني أنه وصل إلى الشيخ قبل وفاته بثمانية أشهر تقريباً حيث كانت وفاته في يوم الجمعة لثلاث خلون من شهر رمضان المبارك سنة 413هـ وعمره الشريف 75سنة أو 77 سنة وقبره اليوم في الرواق الكاظمي. وجاء في طرائف المقالات الجزء الثاني عن الشيخ يحيى ابن بطريق الحلي (إن الإمام الحجة (عليه السلام) كتب إلى الشيخ المفيد  (&) ثلاث كتب في كل سنة كتاباً).

([7]) لم يجاهد بسيف بل دفع الكثير من الشبهات عن مذهب أهل البيت (^).

([8]) أصول الكافي- الشيخ الكليني: 1/336/ح3

([9]) إلا إن هذه الأضاليل تمرر على الذين لم يعدوا أنفسهم الإعداد المطلوب لتحمل أمر الإمام  (عليه السلام) (إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان)، أما المؤمن المخلص لله تعالى فسيكون أمر الإمام (عليه السلام) له أوضح من الشمس، وشواهد ذلك في واقعنا المعاصر كثيرة فكم ممن لهم مكانة علمية مرموقة تخفى عليهم أوضح الواضحات وتمرر عليهم الأباطيل، وكم من البسطاء ذوي القلوب النقية تعرف الحقيقة وتهتدي لها بيسر والمعيار في ذلك كله التقوى جاء في نهج البلاغة (واعلموا أنه من يتق الله يجعل له مخرجاً من الفتن ونوراً من الظلم) أنظر: نهج البلاغة: 112-129.

([10]) قال تعالى {قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ} (إبراهيم:31) و Pيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خُلَّةٌ وَ لا شَفاعَةٌ وَ الْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَO(البقرة:254) وPلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَO (البقرة:3).

([11]) ملحق شكوى القرآن, من نور القرآن: 3/284

([12]) وسائل الشيعة:كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ، باب 46 ح 33.

([13])  نفس المصدر ح36 .

([14])  المفردات في غريب القرآن مادة (غنم) . حيث يقول:(والغنم بالضم فالسكون، إصابته والظفر به، ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدى وغيرهم ومن ذلك يظهر، أن المقصود بالغنيمة في اللغة، هو كل ما يكسبه الإنسان ويربحه من أي طريق كان. بمشقة أو غير مشقة، في حرب أو في سلم، من دون تقييد).

([15]) وسائل الشيعة:كتاب الخمس، أبواب ما يجب فيه الخمس ، باب 8 ح6 .

([16]) النص والاجتهاد للسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي، ص 50 .

([17]) كتاب الخمس ، أبواب قسمة الخمس ، باب 1 ح14 / 15 .

([18]) وسائل الشيعة:كتاب الخمس، أبواب الأنفال وما يختص بالإمام، باب4، ح6.

([19]) وسائل الشيعة:كتاب الخمس ، أبواب ما يجب فيه الخمس ، باب 8 ، ح5 .

([20]) أبواب ما يجب فيه الخمس ، باب 1 ح4 .

([21]) وسائل الشيعة:كتاب الخمس، أبواب الأنفال وما يختص بالإمام، باب 3 ح2 .

([22])  نفس الباب، ح7 .

([23]) نفس الباب ح7 .

([24]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة ، أبواب المستحقين للزكاة ، باب 29 ح7.

([25]) كما انه قد يعبر عن الصدقة بالزكاة كما عبر الله تعالى عن تصدق أمير المؤمنين (عليه السلام) بخاتمه بقوله:{إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ} (المائدة:55) .

([26]) قال تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (التوبة:103) .

([27]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة ، أبواب ما تجب فيه الزكاة ، باب 3 ح3 .

([28]) نفس الباب ح7 .

([29]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة، أبواب ما تجب فيه الزكاة ، باب 4 ح5 .

([30]) وتفهم ذلك من خلال قوله تعالى {وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} (المنافقون:10) إذا تمعنت جيداً في هذه الآية الكريمة تدرك ما للصدقة من أهمية بالغة فأول شيء يأتي على ذهن العبد بعد الموت هو (الصدقة).

([31]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة، أبواب ما تجب فيه الزكاة ، باب 4 ح7 .

([32]) ملحق شكوى القرآن, من نور القرآن: 3/282

([33]) بعض مناهج علم الأخلاق تركز على جانب المعلولات ولا تعالج العلة أو السبب لهذه الرذائل فمثلاً عندما يتكلم عن رذيلة من الرذائل فإنه يتناولها من جميع الجهات من حيث معنى الرذيلة وذمها في الأخبار وعلاجها إلا أنه لا يتطرق إلى بيان مناشئ هذه الرذيلة في النفس الإنسانية والنوازع التي تؤدي إلى ظهورها وكيفية إزالة هذه العلل والأسباب واجتناب المرض من أصله (فقد تجد أن سبب الغيبة مثلاً إما الحسد أو الأنانية أو الاستعلاء وكذلك تجد أن الغفلة وراء جميع المعاصي وهكذا) لذا ينبغي عدم الاكتفاء بمعالجة الأعراض الظاهرية للمرض كما أشير إليه بوضوح في كتاب (شكوى القرآن).

([34]) راجع: ملحق قبس/105{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا} (النور:31), من نور القرآن: 3/218

([35]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة ، أبواب ما تجب فيه الزكاة ، باب 6، ح4 .

([36]) مستدرك الوسائل- الميرزا النوري: 12/370

([37]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة ، أبواب الصدقة ، باب 3 ح1.

([38]) قال تعالى:{إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} (النساء:104)، أصول الكافي- الشيخ الكليني: 1/78 وقد تقدم القبس في المجلد الأول ص335.

([39]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة ، أبواب ما تجب فيه ، باب 5 ح5 .

([40]) نهج البلاغة، باب الحكم، رقم 429 .

([41]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة، أبواب ما تجب فيه الزكاة، باب 6 ح1 .

([42]) نفس الباب ، ح2 .

([43])  ميزان الحكمة:9/4.

([44]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة ، أبواب ما تجب فيه ، باب 2 ح14 .

([45]) المصدر السابق، نفس الباب ح16.

([46]) أضف إلى عدم وضوح لغة الرسائل العملية بحيث يصعب على المكلف فهم ما يجب عليه وما لا يجب.

(47) إن الذهاب إلى قصر وجوب إخراج الخمس، على خصوص غنائم دار الحرب، لا ينسجم مع خلود الإسلام وبقائه من ناحية عملية، واستمرار الدولة الإسلامية زمن قيامها، في تحمل الأعباء الضخمة، التي تترتب عليها تجاه الأمة وذلك من وجوه عدة أهمها:

أ. إن الحروب قد أغلقت أكثر أبوابها وانحصرت، وانحسر ظلها، فانحسر بذلك ما قد يترتب عليها، في حال انتصار المسلمين من غنائم.

ب. إن نتائج هذه الحروب، ليست مضمونة إلى جانب المسلمين في كثير من الأحيان. بل بالعكس فقد تكون نتائجها في غير صالحهم، فتكون الغنائم من نصيب أعداء الإسلام.

([48]) قال تعالى:{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} (البقر:61)و{قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَ مَصِيراً}(الفرقان:15)و{وَلَلآْخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأْولى}(الضحى:4).

([49]) التي ينبغي تبسيطها للمكلفين ليسهل فهمها ومعرفة التكليف الشرعي.

([50]) وسائل الشيعة:كتاب الخمس ، أبواب ما يجب فيه الخمس باب 1 ، ح3 .

([51]) كتاب الزكاة ، أبواب ما تجب فيه ، باب 1 ح6 .

([52]) فرض مجلس الأمن الدولي منذ غزو صدام المقبور للكويت عام 1990 قرارات ظالمة على العراق وشعبه ومنها الحصار الذي شمل حتى الغذاء والدواء، وتضرر الشعب العراقي بما لا يوصف ودفع ثمناً باهظاً واضطر لفعل كل شيء من أجل توفير لقمة العيش وإنهاء الاقتصاد، وارتفعت نسبة التضخم إلى أرقام فلكية حتى أصبح الدولار مساوياً لـ 3000 دينار عراقي بعد أن كان الدينار يُصرَّف بأكثر من ثلاثة دولارات، وبقيت رواتب موظفي الدولة عند 4-5 دولارات شهرياً، ولولا بقية من دين وأخلاق لأكل الناس بعضهم بعضاً.

([53]) نهج البلاغة ، باب الحكم رقم 138

([54]) الكافي- الشيخ الكليني: 4/43/ح3

([55]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة، أبواب ما تجب فيه، باب 2، ح9.

([56]) المصدر السابق، نفس الباب، ح8 .

([57]) نهج البلاغة تحت الرقم 39 من قسم الحكم.

([58]) المصدر السابق، باب 1 ح14 .

([59]) المصدر السابق، باب 3 ح9 من أبواب ما تجب فيه الزكاة .

([60]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة، أبواب ما تجب فيه ، باب 5 ح12 .

([61]) المصدر السابق، نفس الباب ح1 .

([62]) المصدر السابق، نفس الباب ح15 .

([63]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة، أبواب المستحقين للزكاة باب 4 ح1 ، 6 .

([64]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة ، أبواب الصدقة ، باب 3 ح1.

([65]) المصدر السابق، نفس الباب ، ح2 .

([66])المصدر السابق، باب 5 ح1 .

([67]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة، أبواب الصدقة ، باب 7 ، ح8 .

([68]) المصدر السابق، أبواب الصدقة باب 13 ح1

([69]) المصدر السابق، أبواب الصدقة ، باب 13 ح9 .

([70]) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة، أبواب الصدقة ، باب 29 .

([71]) راجع محاضرة 13 رجب 1423 بعنوان (صفات المسلم في منظار أهل البيت (^)).

([72]) و (4) وسائل الشيعة:كتاب الزكاة، أبواب الصدقة ، باب 27 ، ح3 ، ح5.

([73]) مستدرك الوسائل- المحدث النوري: 8/310/ح3

 ([74])الأمالي- الشيخ الصدوق: 484

([75]) بحار الانوار:341 /40 باب ح98/ زهده وتقواه وورعه (عليه السلام).

([76]) عن هارون بن عنترة عن أبيه قال: دخلت على علي بن أبي طالب (عليه السلام)بالخورنق وعليه قطيفة وهو يرعد من البرد, فقلت: يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال نصيباً وأنت تفعل بنفسك هذا, فقال: أي والله لا أرزا من أموالكم شيئاً وهذه القطيفة التي أخرجتها من بيتي أو قال من المدينة), (تاريخ دمشق- ابن عساكر: 42/481, البداية والنهاية- ابن كثير: 8/4).