شروط وجوب فريضة: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

| |عدد القراءات : 893
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

شروط وجوب هذه الفريضة:

ذكر المشهور إنه يشترط في وجوب الامر بالمعروف والنهي من المنكر، امور وهي قابلة للمناقشة واكثرها شروط للواجب لا للوجوب الذي هو مطلق ومعنى كونها شروط للواجب أي ان من يمتثل الفريضة يجب ان تتوفر فيه وقد فصل البحث في كتاب (فقه الخلاف) وسنذكر في ضمن المسائل ما يشير الى ذلك باختصار:

الامر الاول: معرفة المعروف والمنكر ولو اجمالا. فلو جهل الفرد ان هذا الفعل قائم على المنكر لم يجب النهي عنه. واما معرفة الحكم الشرعي كقاعدة عامة, فقد اشرنا الى وجوب تعلمها. نعم، لو كان الفرد قاصرا أو عاجزا أو مكرها أو مضطراً ونحوه, لم يجب التعلم.

(مسألة 1764) : لا يجب الاستعلام والفحص عن ان هذه الحادثة أو تلك قائمة على المنكر يجب النهي عنها, بل يكفي الشك في الوجوب لسقوطه.

الامر الثاني : احتمال تأثير الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, اما بانجاز ما يقول الآمر واما بتعلم الفاعل وتأثره النفسي والعقلي بالامر, وان لم يطبق عملياً. ويكفي الاحتمال في ذلك ولا يجب العلم بالتأثير، وعليه فيجب الامر بالمعروف مع احتمال التأثير فقط. نعم، لو علم ان الشخص الفاعل لا يبالي بالامر والنهي, ولو لاستصغاره للمخاطب، أو انه يعتبره جاهلا بالحكم، أو لآن الفاعل لا يبالي بالدين اصلا، أو عازم على العصيان وان النصيحة تزيده استكباراً وإصراراً على الإثم, عندئذ لا يجب على الآمر شيء، والمراد بذكر هذا الشرط بيان هذا المسقط للوجوب وليس شرطية الاحتمال المذكور للوجوب، فان التأثير وتحقيق النتائج بيد الله تبارك وتعالى مدبّر الأمور، وعلى الانسان أن يمحض في النصيحة معذرة إلى ربه.

الامر الثالث : ان يعلم الفرد ان حكم المعروف أو المنكر منجز في حق الفاعل، بحيث لا يعذر في تركه وعصيانه, فان كان الفاعل معذورا في فعله المنكر أو تركه المعروف يقيناً أو احتمالا, لم يجب الامر ولا النهي، وانما يكون معذورا لاعتقاد ان ما فعله ليس بحرام, أو ان ما تركه ليس بواجب، اما بالعنوان الاولي يعنى في اصل الشريعة, أو بالعنوان الثانوي يعني للاضطرار أو التقية أو غيرهما. سواء كان الفاعل صادقاً في هذا الاعتقاد أم مشتبها اشتباها معذورا فيه اجتهادا أو تقليداً. فلو علم الفرد الامر بذلك أو احتمله في حق الفاعل, لم يجب الامر بالمعروف أو النهي عن المنكر، لكن هذا لا ينافي الوجوب من ناحية أخرى وهي تعليم الجاهل وهداية الضال.

الامر الرابع : المشهور فقهياً اشتراط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, بان يكون الفاعل مصرا على ترك المعروف أو ارتكاب المنكر، الا ان ذلك بمجرده ليس بصحيح, بل يجب الامر والنهي بمجرد مشاهدة الاقدام على الفعل أو الترك من قبل الفاعل مع اجتماع الشرائط الاخرى. نعم، يرتفع هذا الوجوب مع احراز الندامة والترك، يعني ان يعلم الآمر بندامة الفاعل ونحوها من الاسباب الموجبة لتركه العصيان, ولا يكفي احتمال الندامة أو الاقلاع على الاحوط .

(مسألة 1765) : المراد بالاقدام على العصيان شروع الفاعل في بعض مقدماته, بحيث يراه العرف مشارفا على الوقوع فيه وارتكابه, عندئذ يجب نهيه. واما بمجرد النية والعزم على العصيان, فالنهي عنها ان كان واجبا فهو ليس من باب وظيفة النهي عن المنكر, بل من وظيفة تبليغ الاحكام الشرعية.

الامر الخامس : ان لا يلزم من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر على النفس أو العرض أو المال على الآمر أو على غيره من المؤمنين, بل المسلمين. فاذا لزم الضرر عليه أو على غيره من المسلمين لم يجب شيء, والظاهر انه لا فرق بين العلم بلزوم الضرر والظن به والاحتمال المعتد به عند العقلاء لصدق الخوف. ولا يفرق بين ان يكون مصدر الضرر هو المأمور بالمعروف، أو عشيرته، أو متعلقيه، أو من شخص متنفذ في المنطقة أو في غيرها، وهذا الشرط خاص بافعال الافراد التي لا تعم تأثيراتها غيرهم. أما المظالم الاجتماعية العامة والفساد الذي يعم بضرره الآخرين ونحوها فستأتي الاشارة اليها بإذن الله تعالى.

(مسألة 1766) : قد يكون الامر والنهي احيانا غير مشترط بهذا الشرط الاخير, وذلك عند احراز بل احتمال اهمية الفعل او الفاعل, اعني من حيث تأثيره الضار في المجتمع, وعندئذ فقد يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر، فضلا عن الظن به أو احتماله، كالتحرك لازالة الظلم والفساد أو للمطالبة بحقوق الأمة، أو للمحافظة على كيان الدين من المحو والزوال ونحوها.

(مسألة 1767) : لا يختص وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بصنف من الناس دون صنف, بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة على العلماء، وغيرهم، وعلى العدول والفساق، وعلى السلطان والرعية، وعلى الأغنياء والفقراء، الى غير ذلك. كما لا يختص المأمورون بالمعروف والمنهيون عن المنكر بصنف من الناس أيضا, بل يسري هذا الوجوب على كل مكلف آمراً كان أو مأموراً، مع اجتماع الشرائط.