في الاستحاضة
في الاستحاضة
دم الاستحاضة - في الغالب- أصفر بارد رقيق يخرج بلا لذع وحرقة عكس دم الحيض. وربما كان بصفاته ولا تشترط فيه الشروط العامة للحيض. فلا حد لكثيره ولا لقليله، ولا للطهر المتخلل بين أفراده. ويتحقق قبل البلوغ وبعده وبعد اليأس. وهو ناقض للطهارة بخروجه ولو بمعونة القطنة، إذا عرفت أن فيه قابلية الخروج، وإلا لم يكن خروجه بالقطنة ناقضاً وهو يخرج من فتحة الفرج المؤدّية إلى الرحم سواء كانت بوضعها الطبيعي أو الاصطناعي. وإذا خرج من غيرها فلا يبعد القول معه بالطهارة. ويكفي في بقاء حدثيته بقاؤه في باطن الفرج بحيث يمكن إخراجه بالقطنة ونحوها. وإن كان الظاهر عدم كفاية ذلك في انتقاض الطهارة به ابتداءً كما تقدم.
والاستحاضة على ثلاثة أقسام: قليلة ومتوسطة وكثيرة.
فالقليلة: ما يكون الدم فيها قليلاً بحيث لا يغمس القطنة.
والمتوسطة: ما يكون الدم فيها أكثر من ذلك بحيث يغمس القطنة ولا يسيل.
والكثيرة: ما يكون الدم فيها أكثر من ذلك بأن يغمسها ويسيل منها.
(مسألة 260) : الأحوط وجوباً الاختبار للصلاة بإدخال القطنة في الموضع المتعارف، والصبر عليها بالمقدار المتعارف ولا ينبغي الإبطاء بها، ثم تنظر إلى القطنة فتجد بها أحد الأوصاف السابقة فتبني عليها. وإذا تركت الاختبار عمداً أو سهواً وعملت، فإن طابق عملها الوظيفة اللازمة أو زاد عليها بحسب ما سيأتي من الوظائف، وتوفرت منها النية القربية إلى الله تعالى صح، وإلا بطل.
(مسألة 261) : حكم القليلة وجوب تبديل القطنة أو تطهيرها وتطهير ظاهر المكان إذا تنجّس، ووجوب الوضوء لكل صلاة فريضة كانت أو نافلة دون الأجزاء المنسية وصلاة الاحتياط وسجود السهو المتصل بالصلاة، فلا يحتاج فيها إلى تجديد الوضوء وغيره. وإنّما تحتاج إلى تجديد الطهارة الحدثية والخبثية في موردها مع إحراز نزول الدم ولو إلى باطن الفرج، أمّا بدونه فلها الاستمرار في عباداتها إلى حين حصول هذا الإحراز.
(مسألة 262) : حكم المرأة المستحاضة بالاستحاضة المتوسطة - مضافاً إلى ما تقدم من تبديل القطنة وتطهير ظاهر المكان إذا تنجّس والوضوء لكل صلاة- غسل واحد في اليوم يكون وقته قبل الوضوء لأول صلاة فريضة يحصل قبلها الحدث، وفي الأيام التالية يكون قبل وضوء صلاة الصبح، فإذا أصبحت المرأة مستحاضة بالوسطى قبل صلاة الفجر وجب عليها أن تغتسل لصلاة الفجر ثم تتوضأ فتصلي، وإن لم تغتسل لصلاة الصبح لسبب أو لآخر فعليها أن تغتسل لصلاة الظهرين وهكذا، كما أنّ عليها إعادة الصبح حينئذٍ، وإذا ابتليت المرأة بالاستحاضة الوسطى بعد صلاة الصبح وجب عليها أن تغتسل وتتوضأ فتصلي الظهرين، وإذا حصلت لها الاستحاضة الوسطى بعد صلاة الظهر فتغتسل وتتوضأ وتصلي صلاة العصر، هذا في اليوم الأول أمّا في الأيام التالية فتغتسل قبل وضوء صلاة الصبح، وإن أحدثت أثناء الصلاة وجب استئنافها بعد الغسل والوضوء، ولا يغني هذا الغسل عن الوضوء إذا كان غسل الوظيفة، وإنّما يغني عن الوضوء إذا كان غسل انتهاء الحدث بأن لم يعقبه خروج الدم أو نزوله إلى باطن الفرج.
(مسألة 263) : حكم الكثيرة مضافاً إلى ما سبق غسلان آخران، أحدهما للظهرين تجمع بينهما والآخر للعشاءين كذلك، ولا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين من الفرائض اليومية بغسل واحد، نعم، يكفي للنوافل أغسال الفرائض بل لكل الأعمال الواجبة والمستحبة كالطواف والزيارة وقراءة القرآن. وغسلها يكفي عن الوضوء ما لم تحرز خروج الدم، كما سبق.
(مسألة 264) : إذا حدثت الكبرى بعد صلاة الصبح، وجب غسل للظهرين وآخر للعشاءين، وإذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل للعشاءين. وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخرة منهما بنية الرجاء أو الاحتياط مع ضم الوضوء إليه.
(مسألة 265) : إذا انقطع دم الاستحاضة وأصبحت المرأة نقية منه قبل الأعمال من وضوء أو غسل وجب عليها أن تقوم بتلك الأعمال، وكذلك إذا انقطع الدم أثناء عملية الطهارة أو أثناء الصلاة أو بعد الفراغ منها إذا كان الوقت متسعاً للطهارة من الحدث - بالغسل- والصلاة، فإنّه يجب عليها في كل تلك الحالات أن تستأنف وتعيد الطهارة والصلاة.
(مسألة 266) : إذا علمت المستحاضة أنّ لها فترة تسع الطهارة والصلاة وجب تأخير الصلاة إليها، وإذا بادرت وصلّت قبلها بطلت صلاتها، ولو مع الوضوء والغسل، وإذا كانت الفترة في أول الوقت فأخّرت الصلاة عنها - عمداً - عصت، وعليها الصلاة بعد فعل وظيفتها، وأما إذا أخّرت الصلاة عنها نسياناً أو لعذرٍ آخر فلا إثم، ولكن عليها أن تؤدي عملية الطهارة على الوجه المقرّر لها شرعاً وتصلي، وإذا لم تكن المرأة على علم بهذه الفرصة وصلّت وفقاً لوظيفتها ثم انقطع الدم لأمدٍ معين يتسّع للطهارة والصلاة وجب عليها أن تقوم بعملية الطهارة من جديد وتصلي.
(مسألة 267) : إذا انقطع الدم انقطاع برء وجددت الوظيفة اللازمة لها، لم تجب المبادرة إلى فعل الصلاة، بل حكمها حينئذٍ حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة.
(مسألة 268) : إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين أو العشاءين ولم تجمع بينهما عمداً أو لعذر، وجب عليها تجديد الغسل للأخرى على الأحوط وجوباً وتتوضأ بعده.
(مسألة 269) : إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى، كالقليلة إلى المتوسطة أو إلى الكثيرة، وكالمتوسطة إلى الكثيرة. فإن كان قبل الشروع في الأعمال فلا إشكال إنّها تعمل عمل الأعلى للصلاة الآتية. أمّا الصلاة التي فعلتها قبل الانتقال فلا إشكال في عدم لزوم إعادتها، وإن كان بعد الشروع في الأعمال فعليها أن تضيف ما يجب عليها للزائد، وكذا إذا كان الانتقال في أثناء الصلاة مع إحرازه أولاً وسعة من الوقت للزائد ثانياً، فتعمل الزائد وتستأنف الصلاة على الأحوط وجوباً، ولكن لا يجب الاستئناف لو كان التكليف متحداً كما في الغسل لصلاة الصبح المشترك وجوبه بين المتوسطة والكثيرة. فإن انتقلت المتوسطة إلى الكثيرة أجزأها العمل إذا كانت نيتها خلال الغسل غير مقيدة بالمتوسطة لا غير وإن كان الأحوط استحباباً خلافه.
(مسألة 270) : إذا حصلت الزيادة في حال المستحاضة في وقت لا يسع الزائد سواء بعد العمل وقبل الصلاة أو خلالها، أجزأها عملها، نعم، لو وسع الوقت للتيمم بدل الغسل الزائد لزم وتستأنف الصلاة. وإذا قصرت وجب القضاء.
(مسألة 271) : إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى، فإن كان خلال العمل لم يجب الزائد من أعمال الحالة السابقة على وظيفة الحالة اللاحقة، وإن كان بعد العمل صلّت به وتعمل عمل الأدنى للصلوات الآتية.
(مسألة 272) : قد عرفت أنّه تجب المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء والغسل لكن يجوز لها إتيان الأذان والإقامة قبل الصلاة، وكذلك ما يتوقف عليه فعل الصلاة كتحضير المصلى وملابس الصلاة ولو من جهة لزوم العسر بدونه، والأولى لها جداً عدم التسامح بالمبادرة حتى بترك المستحبات والأدعية، ولكن أن فعلتها في وقت متعارف فالظاهر صحة صلاتها.
(مسألة 273) : يجب عليها التحفظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة وشده بخرقة ونحو ذلك، بمعنى أن تعمل ما يمكنها، فإن لم يمكن عذرت عن الزائد. وأمّا إذا قصرت وخرج الدم أعادت الصلاة.
(مسألة 274) : الظاهر توقف صحة الصوم من المستحاضة على فعل الأغسال النهارية في الكثيرة، حتى غسل العشاءين في الليلة التي قبل نهار الصوم على الأحوط وجوباً، أما غسل الليلة الآتية فاشتراطه استحبابي، وأمّا المتوسطة فيتوقف صحة صومها على غسل الفجر على الأحوط وجوباً، وإذا اغتسلت المستحاضة بالكبرى والوسطى جاز لزوجها مقاربتها. أمّا دخول المساجد وقراءة العزائم ومس المصحف فيجوز لها مطلقاً وإن كان الأولى لها فعل ذلك بعد أداء وظيفتها بحسب نوع الاستحاضة.