مبادرة تهذيب الرياضة في الاسلام

| |عدد القراءات : 1238
مبادرة تهذيب الرياضة في الاسلام
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

الرياضة المهذَّبة في الإسلام ([1])

يتصور البعض أن موقف الشارع المقدس من الرياضة سلبي مطلقاً، وهذا التصور خاطئ ولعل منشأه سوء فهم هذا الموقف من الألعاب الرياضية وقد قلنا مراراً أن جوهر الكثير من مشاكلنا هو ثقافي أي في فهم الأفكار والمعاني بالشكل الصحيح، فإذا خُلطت الأوراق وحُرِّفت الكلمات عن معانيها الحقيقية حصلت الشبهات والفتن والضلالات وسيق الناس للوقوع فيها ، كالعنف والإرهاب الذي يساق إليه الجهلة والغوغاء والمتحجرون بتحريف كلمات القرآن وأحكام الشريعة عن معانيها.

فالشارع المقدس هذّب حالة الرياضة ونقّاها من الممارسات المنافية لمبادئه العامة وهذا لا يعني رفض الحالة كلياً ، كما انه هذّب حالة تناول الطعام أو العلاقة الزوجية أو حالة التخلي فجعل لها محرمات و مكروهات وهذا لا يعني إلغاءها بالمرّة وهي حاجات حياتية وإنما هو تهذيب للحالة وتنظيمها لتقع في طريق التكامل وتنتج السعادة والفلاح للإنسان في الدنيا والآخرة.

وهكذا فقد وُضعِت في الإسلام حدودٌ للرياضة المنتجة والمثمرة ومنها :

1.     أن تكون عقلائية أي تساهم في تحقيق الأهداف الإنسانية التي تطلب من ممارسة الرياضة ولذا تحرم رياضة الملاكمة الضّارة بالإنسان وقيادة السيارات الموجبة للهلاك ومصارعة الثيران ونحوها وإن مجرد تحقيق الإثارة للمشاهدين لا يُعدُّ مبرراً كافياً لممارستها.

2.     أن لا تتضمن محرمات مخالفة لأحكام الشريعة كظهور النساء بوضع غير محتشم أو مثير للفتنة.

3.     أن لا تؤدي إلى تفويت الواجبات سواء كانت فردية كالصلاة أو اجتماعية كأعمار البلاد و إصلاح الفساد وإقامة العدل وإنصاف المظلومين ، فلا يصح أن تنشغل الشعوب بأهداف كرة القدم عن أهدافها الحقيقية ، وقد سمعنا في حينها أن سبب نكسة حزيران عام 1967 كانت انشغال الشعب المصري بكرة القدم وأم كلثوم.

4.     أن لا تسبب في إحداث أمور نهى الشارع المقدس عنها كإزهاق الأرواح وهدر الأموال وحصول التفرقة والتناحر بين أبناء المجتمع بسبب التعنصر لهذا الفريق أو ذاك والوقوع في محرمات كالغيبة والمهاترات الكلامية وغيرها.

وإنما جعلت هذه الضوابط لأن الله تبارك وتعالى كرّم الإنسان وفضلّه على كثير ممن خلق وجعله خليفته في الأرض وطلب منه إعمار الحياة لذا فإن الله تبارك وتعالى يريد أن ينزّه الإنسان عن كل ما لا يناسب هذا التكريم فضلاً عمّا يؤدي إلى عرقلة حركته نحو الكمال ،قال تعالى: [وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً] (الإسراء:70)، وقال تعالى [وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً] (البقرة:30)، وقال تعالى: [هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ] (هود:61).

أما إذا كانت ممارسة الألعاب الرياضية ضمن الأطر العامة التي وضعها الشارع المقدس فلا بأس بها بل حثّ على جملة منها كالسباحة وركوب الخيل والعدو والرماية باعتبارها أنواعاً متداولة يومئذٍ ويشمل الاستحباب كل أنواع الألعاب التي تساعد على بناء جسم صحيح الذي يكون خير معين على طاعة الله تبارك وتعالى والسعي لمرضاته كما ورد في الدعاء (اللهم أجعل قوتي في طاعتك، ونشاطي في عبادتك ) ومن طرق تحصيل القوة والنشاط ممارسة الألعاب الرياضية النافعة.

هذا إضافة إلى ما توفره الألعاب الرياضية من فوائد روحية واجتماعية وتدريب على العمل الجماعي وتحقيق الانسجام والوحدة والتكاتف وتذويب الخلافات والشفافية في التعامل حتى ضرب المثل لمن يكون شفافاً وعلاقته طيبه مع الآخرين أنه يمتلك روحا رياضيه.

إننا نفهم أن المنهمكين في الحياة المادية والساعين وراء إشباع شهواتهم ونزواتهم والنهمين في جمع المال يتفننون في ابتكار رياضات وفعاليات أخرى لا قيمة لها سوى شد الناس وجذبهم للاستمرار في استدرار أموالهم فما إن يأفل نجم رياضة ويعزف عنها الناس حتى يبتكروا غيرها وربما كان بعضها يشبه أفعال المجانين لا العقلاء.

وتوجد خلفهم مؤسسات تخدم مصالح استكبارية تريد للشعوب أن تبقى غافلة لاهية مشغولة عن قضاياها المصيرية وأهدافها الحقيقية ولا يلتفتون إلى مكائد المستكبرين ونهبهم لثروات الشعوب فعلى هذه الشعوب أن لا تنخدع بهم.

وعلى أي حال فعليكم أن توجهوا ممارسة الألعاب الرياضة في الاتجاه الصحيح وتستثمروها لتحقيق الفوائد التي ذكرناها ، وقد جعلت المرجعية جزءاً من مشروعها لدعم هذا الاتجاه ، لان فيه إضافة إلى ما ذكرنا احتضانا للشباب وتصريفا لطاقاتهم الكامنة الوثّابة التي يجب أن يفكّر المسؤولون والمربّون في إيجاد المنافذ المفيدة لاستيعابها.

 

 ــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) تقرير بتصرف لكلمة سماحة الشيخ اليعقوبي مع مجموعة من رياضيي مدينة الصدر ببغداد زاروا سماحته يوم 13/ذي الحجة/1428هـ المصادف 24/12/2007م.